الصفحة الرئيسية البحث البريد الالكتروني RSS
فلاشات إخبارية
 
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق طباعة الصفحة

مقالات صحفية مختارة > إيران تكثّف التصنيع لمواجهة العقوبات


طهران ــ الأخبار  : 20-11-2012

 
تحوي قزوين نحو 3500 مصنع تُنتج 2500 سلعة من اللمبات إلى الأقراص المدمجة (الأخبار)
في إيران هناك قلق، لكن، هناك أيضاً ابتكار وصمود في وجه العقوبات. بين طهران وقزوين تظهر قدرة هذا المجتمع على تحقيق الاكتفاء الذاتي. قدرة يصعب على الكثيرين ابتلاعها

«عندما وافقنا على الانضمام للوفد التجاري اللبناني إلى طهران، اضطررنا إلى الكذب، قلنا للمحيطين بنا إننا مسافرين إلى الأردن بدلاً من إيران. نحن نخاف من ردود الفعل على علاقتنا بكم ونريد منكم مقابلاً لمثل هذه التضحية». هذه العبارات التي أدلى بها أحد أعضاء الوفد التجاري اللبناني أمام وزير التجارة والصناعة والمعادن الإيراني، مهدي غضنفري، كانت كافية لإثارة امتعاضه ودفعه إلى الرد بانفعال.
ردَّ غضنفري بنبرة حازمة: «التجارة لا تُبنى بالحب بل بالمصالح. تأتون إلينا نذهب إليكم، لا تأتون لا نذهب. هكذا تُبنى التجارة، ولا علاقة للأمر بجوائز الترضية ولا بالمواقف العاطفية».
طبع منطق «تربيح الجميلة» سلوك معظم أعضاء الوفد وتصريحاته أمام المضيفين الإيرانيين طيلة الأيام الخمسة التي أمضوها بين طهران وقزوين، في إطار زيارة نظّمتها السفارة الإيرانية في بيروت بالتعاون مع مجلس الأعمال اللبناني الايراني لحضور المؤتمر الأول لتعزيز التبادلات التجارية بين البلدين ومعرض للسلع الإيرانية القابلة للتصدير الى لبنان ولقاءات مع الصناعيين. ضمّ الوفد نحو 45 تاجراً وممثلاً لغرف التجارة ووزارتي الاقتصاد والتجارة والصحّة.
صحيح أنّ تطور الصناعة الايرانية أدهش أعضاء هذا الوفد، غير أنّ ما شاهدوه لم يكن كافياً لتعديل الانطباعات السلبيّة المسبقة. بقيت نظرة من لم يكن على علاقة سابقة مع إيران أو على علاقة «إيديولوجية» سلبية معها ــ لأنه لم يتعرّف إلى نمط الحياة الاجتماعية القائم فيها ــ نظرة اندهاش؛ اندهاش من رؤية امرأة «سافرة» في الفندق، مع تساؤل عمّا اذا كانت أجنبيّة!
ولكن فيما علق معظم أعضاء الوفد في قالب الرؤية المسبقة لهذا البلد، أمّنت الزيارة رؤية محدّثة لهذا البلد، بين عاصمته التي تضجّ بالحياة والقلق في الوقت نفسه، وبين مدينة صناعيّة تلعب دوراً هاماً في تحقيق «الاكتفاء الذاتي».
بداية مع طهران حيث يذكّر مشهد أسواقها التجارية بالمشهد الذي عرفه اللبنانيون في مرحلة انهيار سعر صرف الليرة بين الثمانينيات وبداية التسعينيات. الإيرانيون يقبلون بقوّة على حمل الدولار الاميركي بسبب تذبذب أسعاره ووجود سوقين لصرفه، رسمي وغير رسمي.
في أحد الأيام كان السعر الرسمي لصرف الدولار يساوي 2400 ريال، في حين ان الفندق يشتريه بنحو 2500 ريال، أمّا في متجر لبيع السجاد والحرفيات فكان التاجر على استعداد لاحتساب السعر بنحو 2900 ريال، ولدى محلات الصرافة تراوح السعر بين 2700 ريال و2850 ريالاً رغم أنّ المحلين متلاصقان.
يبدو واضحاً تأثّر الإيرانيين بانهيار سعر الصرف. قيمة الحدّ الأدنى للأجور تراجعت لا شكّ، وعندما أقرّت الحكومة تسديد مساعدة نقدية عن كل فرد محتاج كانت قيمة هذه المساعدة تقدّر بنحو 50 دولاراً وتراجعت إلى اقل من 30 دولاراً حالياً. كما ارتفع خطّ الفقر ــ كلفة الحاجات الغذائية لعائلة من 4 افراد ــ إلى أكثر من 500 دولار حالياً.
وتعاني إيران بشدّة من نقص العملات الأجنبية لديها، وقد اضطرت الحكومة الى وضع اولويات مع البنك المركزي لفتح الاعتمادات بالعملات الأجنبية تشمل الأدوية اولا والسلع الغذائية ثانياً. ما أوجد مشكلة في تأمين الاحتياجات الى بعض السلع، كالورق المستخدم للصحف، اذ تستورد ايران 70% من حاجاتها وتخشى الصحف اليوم من فقدان هذه السلعة وارتفاع أسعارها بوتيرة تفوق قدرتها على التحمّل، بحسب أحد المسؤولين في مؤسسة صحافية رئيسية.
غير أنّ المسؤولين الإيرانيين يُشدّدون على قدرتهم على التحمّل. وبحسب كلمات مهدي غضنفري نفسه أمام الوفد اللبناني: «لا بد أنكم شاهدتم بأم العين أن الحظر والعقوبات لم تلو ذراع ايران ولم تؤثّر على تجارتها الخارجية. لقد حصل ابني على آخر إصدار من هاتف iPhone في الوقت نفسه لعرضه في نيويورك».
شدّد الوزير المضيف على أنّ «الحظر المفروض على إيران هو كالليل، يخيف الأطفال فقط والضعفاء». وتابع: «نحن أقوياء وندرك ان الكوابيس التي يراها الاطفال في الليل لا يبقى منها شيء عند طلوع الشمس».
ورغم بعض الإسقاطات عن دور الدولة الحديدي في الاقتصاد والمجتمع، من الأهمية بمكان التشديد على الحضور القوي للقطاع الخاص بقوّة في التفكير الرسمي، وهذا ما يمكن اكتشافه من اللحظة الأولى عند العبور على الطريق السريع بين مطار الخميني ومدينة طهران.
الدولة ترتكز بوضوح على القطاع الخاص في مجالات البنية التحتية وهي تفرط في اللجوء إلى أشكال مختلفة من الخصخصة، ولا سيما عقود الـBOT. في طهران هناك عدد كبير من الأثرياء من أصحاب المليارات، وتعاني العاصمة من مضاربات عقارية مرهقة، إذ يبلغ سعر المتر المربّع المبني في الأحياء المتوسطة أكثر من 5 آلاف دولار ما يتجاوز كثيرا السعر في بيروت مثلاً.
لقد تباهى الوزير الإيراني بأن حجم التجارة الدولية لبلاده يبلغ نحو 200 مليار دولار سنوياً رغم الحصار الغربي والعقوبات المفروضة على النظام المصرفي تحديداً.
في الواقع، لا تزال إيران تعتمد بشكل كبير على صادراتها النفطية، إلّا أنّها تصدّر سلعاً غير النفط بنحو 45 مليار دولار، وتستورد سلعا بقيمة 60 مليار دولار. أي أن عجزها في مجال تبادل السلع غير النفط يبلغ نحو 15 مليار دولار، وهي تخطط لردم هذه الفجوة خلال السنوات الخمس أو العشر المقبلة عبر تكثيف عمليات التصنيع في المجالات المختلفة لإنتاج السلع والخدمات.
تنتج إيران حالياً نحو 1.5 مليون سيارة، و75% من أسطول السيارات الكبيرة والصغيرة على الطرقات هو من صناعة إيرانيّة خالصة. وباتت تصدّر نحو 100 ألف سيارة سنوياً. أبرز المستوردين: بيلاروسيا، السنغال، العراق، سوريا، مصر وأفغانستان.
«الطائرات المدنية والحواسيب الإلكترونية، هي السلع الوحيدة التي لا يتم إنتاجها في إيران اليوم» وفقاً للملحق التجاري في السفارة الإيرانية في بيروت عباس عبد الخاني. أوضح خلال مرافقته الوفد إلى مدينة قزوين الصناعية في زيارة ضمن فعاليات البرنامج: «لا شك أن هذا التعبير مجازي ومبالغ فيه، إلّا أنّه يعبّر عن طموح ايران الواضح لتحقيق قدراً كبيراً من الاكتفاء الذاتي».
تبعد مدينة قزوين نحو 200 كيلومتر عن العاصمة. هي ليست أكبر المدن الصناعية في إيران، إذ تبلغ مساهمتها نحو 1.5% فقط من الناتج القومي إلا أن فيها نحو 3500 مصنع تنتج نحو 2500 نوع من السلع، وتستقطب نحو 500 مليون دولار من الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
هذه المدينة هي أكبر منتج في الشرق الأوسط للأقراص المدمجة ومتعددة الاستعمال (CD & DVD)، هي لمنطقة الوحيدة المنتجة لآلات الخياطة في إيران وتصدّر جزءاً من هذه الآلات إلى ألمانيا، وتزدهر فيها صناعة زجاج المباني والسيارات وقطع الغيار ومساحيق الغسيل والأواني الزجاجية والأدوات الكهربائية.
تسنى للوفد اللبناني زيارة واحد من أكبر مصانع عدّادات الكهرباء في الشرق الأوسط، مصنع «SKI» الذي شمله بالمناسبة برنامج الخصخصة الواسع. دُهش أعضاء الوفد بنوعية هذه العدّادات وارتكازها على التكنولوجيا الحديثة في عمليات القراءة عن بعد؛ تُصدر إلى بلدانٍ أوروبية وهناك اتفاقات مع شركات عديدة على هذا الصعيد.
رغم الشرح بقي الوفد يبحث عن «جائزة» لقدومه الى إيران من دون أن تسفر الزيارة عن أي نتائج فعلية، باستثناء وعد من الوزير غضنفري بمتابعة طلب أحد تجّار الموز اللبنانيين بأن تدعم الحكومة الإيرانية استيراد الموز من لبنان.
جاء هذا الوعد انطلاقاً من مصلحة إيرانية فيه وليس مسايرة. كان اهتمام غضنفري بهذه المسألة نابعاً من معايير تجارية بحتة، إذ طالبه «تاجر الموز» باستيراد نحو 100 الف طن من الموز اللبناني بدلاً من الموز الاكوادوري، «لأنّنا مع المقاومة في حين ان الاكوادوريين لا يهمهم أمرها».
ردّ وزير التجارة والصناعة والمعادن جاء بسيطاً أيضاً ومباشراً: «قدّموا لنا المعلومات، وإذا كانت الأسعار والنوعية جيّدتين فلا مانع لدينا من استيراد الموز من لبنان، لأن فاتورة استيراد الموز الإيرانية تصل إلى 700 مليون دولار سنوياً».
اقتصاد
العدد ١٨٦٣ الثلاثاء ٢٠ تشرين الثاني
الصفحة الرئيسية
تعريف بالاتحاد
الجمهورية الاسلامية في ايران
المخيم النقابي المقاوم 2013
معرض الصور
ركن المزارعين
موقف الاسبوع
متون نقابية
بيانات
دراسات وابحاث
ارشيف
اخبار متفرقة
مراسيم -قوانين - قرارات
انتخابات نقابية
مقالات صحفية مختارة
صدى النقابات
اخبار عربية ودولية
اتحادات صديقة
تونس
الجزائر
السودان
سوريا
العراق
سجل الزوار معرض الصور
القائمة البريدية البحث
الرئيسة RSS
 
Developed by Hadeel.net