نصف اللبنانيّين يرون برامج الإعانة غير فعّالة على الإطلاق
اللبنانيون هم الأقل رضى عربياً عن الجهود الحكومية لمساعدة الفقراء (هيثم الموسوي) 80% من سكّان المنطقة يرون أنّ حكوماتهم هي المسؤولة عن إعالة الفقراء والفئات الهشّة. لكن العديد منهم يرون تلك الحكومات غير فعالة في الوقت نفسه. اللافت هو إعراب اللبنانيين عن أسوأ ثقة بفعالية الحكم بين أربعة بلدان مجاورة حسن شقراني الاخبار 28-11-2012 هل تذكرون «قضايا» المازوت الأحمر؟ تلك المادة الحيوية في فصل الشتاء تشكّل في كلّ موسم دعم مادّة دسمة لتحقيق المنافع، أكانت عبر محطات التوزيع أم مباشرة عبر صهاريج الحفظ. الأرجح أن الجميع يذكرها لكونها أحد الأمثلة المباشرة عن الدعم المخصّص للفئات الهشّة. آلياته مشوّهة وتقوم على نماذج رثّة وغير شفافة لتحقيق الأمان الاجتماعي. ليس غريباً أن يُشفط المازوت المدعوم في لبنان من مدافئ الفقراء، في عكار إلى جيوب المحظيين. فهذا البلد موجود في منطقة الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا حيث 25% فقط من المنتفعين من شبكات الأمان الاجتماعي التي تقدّم دعماً للأسعار _ وفي هذه الحالة المحروقات _ يأتون من أفقر 20% من السكان، وفي المقابل يمثّل الخمس الأغنى من الشعب 15% من إجمالي المنتفعين! هكذا يذهب قسم كبير من الدعم الشامل للأسعار إلى غير الفقراء. هي بعض البيانات التي يستند إليها فريق البنك الدولي الذي أعدّ تقرير: «الدمج والمرونة: الطريق إلى الأمام لشبكات الأمان الاجتماعي في منطقة الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا» الذي يُفترض أن يصدر قريباً. يُشدّد التقرير على الآتي: «توجد في الوقت الحالي فرصة لا مثيل لها أمام دول المنطقة من أجل تحسين أنظمة شبكات الأمان لديها بغرض تشجيع الدمج، السبل المعيشية والمرونة». ويُشير إلى أنّ 80% من الدول النامية في العالم تقريباً تخطّط لإعداد أو تعزيز شبكات الأمان الاجتماعي. وفي حالة بلدان المنطقة _ ولبنان بينها _ تُصبح الفرص أكبر لإحداث التغيير الإيجابي. فعبر التاريخ، يقول التقرير، «ساهمت الفترات الانتقالية والأزمات في معظم الأحيان في إتاحة المجال أمام إقامة شبكات الأمان». ويلفت إلى أنّ بدء تنفيذ تلك البرامج انطلق عقب المرور بفترات انتقالية رئيسية مثل استقلال دول الاتحاد السوفياتي عقب انهياره، التحول الديموقراطي في النيبال، تطبيق اللامركزية في أندونيسيا، تغيّر الأنظمة السياسية في البرازيل والبرتغال. وحتّى في الآونة الأخيرة دفعت الأزمة الاقتصادية العالمية إلى إعداد برامج اجتماعية جديدة أكثر كفاءة. يستند التقرير في جزء مهمّ منه إلى تشريح الواقع القائم في المنطقة وإلى مسح أجرته الشركة العالمية «Gallup» في ربيع عام 2012، شمل عينة من 4 آلاف شخص في أربعة بلدان مهمّة في المنطقة هي: مصر، تونس، الأردن ولبنان؛ البلدان الأوّلان أتمّا عملية تحوّل دموية في عام 2011، أما الآخران فلهما خصوصيات من الحكم الملكي إلى دولة الطوائف. وفقاً للمسح، أعرب 83% من اللبنانيين عن أنّ الحكومة هي المسؤولة عن تأمين المساعدات للفقراء، فيما رأى 7% أنّ «المنظمات الدينية» هي المسؤولة عن هذه المهمّة _ وهي النسبة الأعلى مقارنة ببلدان أخرى شملها المسح؛ والنسبة نفسها ترى أنّ هذا النشاط هو من واجب المؤسسات الخيرية. وأكثر من ذلك، حتّى لدى حصول هذا الدعم الحكومي فإنّ اللبنانيين هم الأكثر تشاؤماً في فعاليته، إذ إنّ 48% منهم _ أي النصف تقريباً _ يرونه «غير فعال على الإطلاق»، فيما نسبة 5% فقط ترى أنّه «فعال جداً». ولا يجدر بهذه البيانات المحدثة أن تثير الاستغراب. فبحسب مسح أجرته الشركة نفسها في عام 2011، يتبيّن أنّ اللبنانيين هم الأقل رضى عن الجهود الحكومية لمساعدة الفقراء. فقد أعرب 22% فقط من المستطلعة آراؤهم عن هذا الرضى، في مقابل نسب تصل إلى أربعة أضعاف هذا المعدل في بلدان خليجية. وحتّى في الأردن وتونس يصل المعدّل إلى 65% تقريباً. وفي الواقع، فإنّ الإنفاق المخصص لشبكات الأمان الاجتماعي يُمثّل دون 1% من الناتج المحلي الإجمالي في لبنان؛ وهو المعدّل الأدنى المسجّل بين بلدان المنطقة وأدنى من المعدّل الإجمالي للمنطقة بمجملها (6.5%). من هذه النتائج (راجع الجدول المرفق) يُمكن استخلاص أنّ شعوب هذه البلدان تتوق إلى دور أكبر وأكثر فعالية للحكومات في تأمين الدعم الاجتماعي للفقراء. كما تفترض النتائج أنّ معظم البالغين في البلدان الممسوحة يفضّلون أن تستهدف برامج الإعانة الاجتماعية الفقراء تحديداً، وعلى أساس الأموال وليس السلع أو الخدمات. والأهم هو أنّ الأرقام تفيد بأنّ الحاجة إلى هذا التحوّل تظهر أساسية في لبنان، مقارنة ببلدان التحوّل أخيراً _ مصر وتونس.
