الصفحة الرئيسية البحث البريد الالكتروني RSS
فلاشات إخبارية
 
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق طباعة الصفحة

دراسات وابحاث > بقاء الحاكم شرطه التغيير

الوفاء : 26-32-2012

غسان ديبة
أصبح معروفاً للجميع أن جلسة مجلس الوزراء الاولى اليوم (الخميس) ستجدد لحاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، لولاية رابعة. ربما سيُكتب ويُقال الكثير حول هذا القرار، من ناحية صوابيته وملاءمته للديموقراطية والتغيير والاصلاح في اجهزة الادارة اللبنانية، إلا انه آنياً، وفي هذه اللحظة التاريخية المحددة، حيث ينتظر الناس من السلطة السياسية الجديدة إحداث تغيير جذري في السياسات الاقتصادية والاجتماعية المتبعة منذ عام 1993، اي منذ تأليف حكومة الرئيس رفيق الحريري الاولى وولاية رياض سلامة الاولى، من المهم ان يترافق هذا التجديد مع سلة من التعديلات الاساسية في عمل المصرف المركزي وهيكليته وأهدافه، حتى لا يصبح هذا التجديد بمثابة موافقة لمرة جديدة على السياسات النقدية لما بعد الحرب. فبهذا ترتكب هذه الحكومة الخطأ المميت نفسه، الذي وقعت فيه حكومة الرئيس سليم الحص عام 1998، حينما أعلنت منذ اليوم الاول على لسان رئيسها أنها لن تُغيّر في السياسة النقدية المتبعة، وعندها انسحب عدم التغيير على اكثر السياسات الاقتصادية والاجتماعية المتبعة، بل ان تلك الحكومة اتبعت سياسة التقشف المالي، مما اتاح ظهور ثنائية حزب النمو وحزب التقشف آنذاك، وكان احد الاسباب الدعائية للسقوط المدوي لهذا النهج في انتخابات عام 2000.
لا شك في أن المراقب الموضوعي يعرف ان الظروف الاقتصادية تغيّرت، وأن ما كان ممكناً عام 1998 من ناحية التخلي عن سياسة تثبيت سعر الصرف باتجاه سياسة اكثر مرونة من التضخم المدار ومرونة مضبوطة لسعر الصرف اصبح اكبر كلفة الآن، لأسباب عديدة منها، ارتفاع مستوى الدين العام بالعملات الاجنبية، وربما ايضاً لم يعد هذا الخيار ملحّاً بسبب زيادة تنافسية السلع اللبنانية في بعض الاسواق نتيجة ارتفاع اليورو باتجاه الدولار. وهنا لا أريد أن اعطي الانطباع بأن سياسة التثبيت هذه هي المُثلى، إذ انها كلفت لبنان الكثير اقتصادياً منذ عام 1993 من ناحية تأثيرها على الاقتصاد الحقيقي، اي على التوظيف والنمو وتراجع القطاعات الانتاجية ووقوع الاقتصاد اللبناني فريسة الريع والريعيين (الأعداء الاساسيين للرأسمالية المنتجة)، فضلاً عن ابقاء لبنان مهدداً بسيف الانهيار النقدي الذي أنقذتنا منه، في اكثر الاحيان، التدخلات النقدية الخارجية من ودائع عربية وآسيوية في مصرف لبنان منذ عام 1997 وبحزمة الإنقاذ المالي في باريس ـ 2 عام 2002.
وفي هذا الاطار قد تكون هناك انتهازية كامنة في قرار الحكومة هذا، من حيث انها تغسل يديها من أية مسؤولية في حال حدوث أزمة نقدية في المستقبل، رغم انه في هذه المرحلة من عمر التثبيت النقدي (وهو الاطول في العالم) ستتضاءل اهمية الفرد وتبرز الظروف الموضوعية والاقتصادية ـــــ السياسية الى الواجهة في تحديد مستقبل هذه السياسة. ومن هنا، فإن قرار التجديد لسلامة لن يكون صائباً من دون أن يقترن مع سلسلة من المواقف المعلنة للحكومة، التي تلبّي الحاجة الى التوفيق بين السياسة النقدية والسياسات المالية والانمائية والاجتماعية، والاهم أن تطرح سلسلة من التعديلات على قانون النقد والتسليف، الذي يعطي المصرف المركزي استقلالية كبيرة، كما يعطي الحاكم صلاحيات مطلقة غير خاضعة للرقابة الديموقرطية. فقد أُنجز هذا القانون في عام 1963 تحت ضغط شديد من المصارف اللبنانية، فهذه الاخيرة لم تقبل بإنشاء مصرف عام مركزي يقود السياسة النقدية الا بعد منحه درجة عالية من الاستقلالية عن الدولة! فعلى سبيل المثال، مارست المصارف ضغوطاً كبيرة لجعل حتى ممثلي الدولة في المجلس المركزي لمصرف لبنان يمثّلون انفسهم لا الحكومة. كذلك فإن اهداف المصرف المركزي وضعت من اجل خدمة ومراعاة كون لبنان مركزاً مالياً، فكان الهدف الاساسي المحافظة على قيمة النقد لتأمين اساس للنمو الاقتصادي والاجتماعي، وبالتالي استُبعد هدفا النمو والتوظيف بما هما هدفان مباشران لسياسة مصرف لبنان، وكانت الممارسة اللاحقة له تجسّد هذه السياسة المنحازة الى الريع وليس الى الاقتصاد الحقيقي المنتج. لذلك فإن الحكومة مدعوة الى طرح تعديلات على قانون النقد والتسليف تجعل سياسات وهيكلية مصرف لبنان اكثر ملاءمة مع سياسات الدولة العامة ومع الصالح العام، وهي تتلخص في خمسة عناوين:
أولاً: تحويل ممثلي الحكومة في المجلس المركزي الى ممثلين فعليين للحكومة وسياساتها واختيارهم من خارج ملاك الدولة، وتكون مدة خدمتهم ست سنوات.
ثانياً: اخضاع سياسات المصرف المركزي للمحاسبة الديموقراطية من مجلس النواب عبر جلسات استماع دورية للحاكم امام اللجان المشتركة المعنية بالمال والاقتصاد.
ثالثاً: تشريع الشفافية في عمل المصرف المركزي عبر النشر الشهري لمحاضر جلسات المجلس المركزي ليطّلع النواب والرأي العام على كيفية ادارة السياسة النقدية وتحديد الفوائد من جانب مصرف لبنان.
رابعاً: توسيع التمثيل في اللجنة الاستشارية لمصرف لبنان بحيث يتساوى تمثيل النقابات العمالية في القطاعات المختلفة مع ممثلي اصحاب العمل، بالاضافة الى زيادة عدد الخبراء الاقتصاديين المستقلين في هذه اللجنة.
خامساً: تعديل المادة 70 من القانون بما يعزز تعديل عام 1973 بحيث تضاف اهداف النمو الاقتصادي والمحافظة على درجات عالية من التوظيف في الاقتصاد بما هي اهداف مستقلّة تتساوى مع هدف المحافظة على قيمة النقد الوطني.
ان التجديد لحاكم مصرف لبنان على الرغم من الحاجة السياسية اليه في هذه المرحلة الدقيقة، لا يُعفي الحكومة من اعادة النظر في الاسس والاجراءات التي تعمل في اطارها حاكمية مصرف لبنان، وذلك من اجل إرساء نمط اقتصادي جديد يكسر مع الماضي ويؤسس لاقتصاد منتج وعصري.
الصفحة الرئيسية
تعريف بالاتحاد
الجمهورية الاسلامية في ايران
المخيم النقابي المقاوم 2013
معرض الصور
ركن المزارعين
موقف الاسبوع
متون نقابية
بيانات
دراسات وابحاث
ارشيف
اخبار متفرقة
مراسيم -قوانين - قرارات
انتخابات نقابية
مقالات صحفية مختارة
صدى النقابات
اخبار عربية ودولية
اتحادات صديقة
تونس
الجزائر
السودان
سوريا
العراق
سجل الزوار معرض الصور
القائمة البريدية البحث
الرئيسة RSS
 
Developed by Hadeel.net