الصفحة الرئيسية البحث البريد الالكتروني RSS
فلاشات إخبارية
 
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق طباعة الصفحة

مقالات صحفية مختارة > «المجلس الاقتصادي والاجتماعي»: الأزمة والدولة العميقة








الوفاء : 21-9-2013 

اسماعيل بدران

إذا كان من فضائل «اتفاق الطائف» قبل ما يقرب من ربع قرن مضى، أنه على المستوى السياسي الوطني، وضع حدّاً للحروب اللبنانية، ولو بصيغتها العسكرية على الأقلّ، ثمّ تحوّل الى دستور للبنان ما بعد تلك الحروب، فاتحاً السبيل أمام خيارات خارج العنف الناري، فإنّ ذلك الاتفاق تميّز بفضيلة أخرى على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي، بإقراره لأول مرّة في تاريخ البلاد إنشاء «المجلس الاقتصادي والاجتماعي»، كمؤسسة دستورية في الدولة اللبنانية فاتحاً السبيل أيضاً نحو إمكانية الحوار الاجتماعي. 
وإذا كان من باب الإنصاف القول أنّه لولا مبادرة بعض المتنوّرين المشاركين في صياغة ذلك الاتفاق في حينه، ما كان ليشهد المجلس النور، فإنّه من الضروري التذكير بأنّ إنشاء «مجلس اقتصادي واجتماعي» في لبنان كان مطلباً نقابياً وطنياً منذ إنجاز الاستقلال العام 1946، وتشهد على ذلك أدبيات وبرامج الحركة النقابية العمالية على مدى السنوات الأربعين التي سبقت إقرار الاتفاق. بل أكثر من ذلك فإنّ هذا المطلب لطالما تبنّته ودعمته فئات متعدّدة من مكوّنات المجتمع المدني وبعض الجهات الاقتصادية البعيدة النظر.
الصفة الاستشارية وقوّة التمثيل
لم يكن المطالبون بإنشاء هذه المؤسسة أو الداعمون لهذا المطلب، يريدون إضافة هيئة دستورية جديدة تضفي بعض الحداثة والديكور على صورة الدولة اللبنانية، بل كان الهدف بداية إصلاح ديموقراطي في مؤسسات الدولة والمجتمع، من خلال المشاركة الواسعة لأطيافه في الحوار والبحث، وبين فئات متباينة المصالح بل وحتى متناقضة المواقف للتوصّل إلى حدٍّ أدنى من توجهات ومشاريع قرارات تمهّد لاتخاذ القرار الملائم والمدروس في الهيئات الدستورية المنتخبة.
وخلافاً لما يراه البعض كنقطة ضعف لجهة أنّ هذا المجلس لا يرقى إلى اتخاذ القرار بسبب كونه هيئة استشارية، فإنّ قوّة هذه الهيئة الاستشارية وفعالية استشارتها تكمن في أنّها تمثّل أوسع مروحة بدءاً من الاتحاد العمالي العام والهيئات الاقتصادية على تنوّعها مروراً بالمنظمات النسائية والطلابية والتربوية والجامعية والخبراء المتخصّصين وصولاً إلى تجمّعات اللبنانيين المغتربين. 
وعليـــه، فإنّ إجماع هذه الفئات المتنوّعة على توجّه ورأي يجعل عدم الأخذ بــــه أو تجاهــــله خروجاً عن المصلحة الوطــــنية العامة بحدّ ذاتــــه.
الدولة العميقة؟
لم يسلم إنشاء المجلس بعد تأخير سنواتٍ عشر في إقراره من دون مبرّر من مرض النظام السياسي الطائفي وعقلية المحاصصة، فضلاً عن الرغبة السلطوية في الحدّ من دوره وصولاً إلى تعطيله.
فعلى الرغم من محاولة جعل هذا المجلس مركز تكتلات سياسية وحزبية ومراكز قوى، فضلاً عن النظام الداخلي البالغ التعقيد والمعرقل لآليات اتخاذ القرار (وهي قضايا لا يتّسع المجال للخوض فيها الآن) على الرغم من ذلك، وبسبب من وجود كفاءات وفعاليات مؤمنة بدور هذا المجلس وإيجابياته وفي مقدّمها رئيس المجلس الأستاذ روجيه نسناس فقد استطاع على مدى ولايته في السنوات الثلاث بين 2000 و2003 احتلال حيّز لا مجال لتجاهله سواء على مستوى تفعيل الحوار داخل لجانه أو الدراسات التي انبثقت عنه والاقتراحات والتوصيات التي رفعها أم في العلاقات العربية والدولية التي نسجها والخبرات التي اكتسبها.
إنّ ذلك يطرح سؤالاً مبرّراً لا جواب عليه حتى الآن. فإذا كان أركان السلطة من رئاسة الجمهورية إلى المجلس النيابي والحكومات المتعاقبة، وإذا كانت الأطراف السياسية بمختلف اتجاهاتها ومعها هيئات المجتمع الممثّلة في المجلس أو خارجه تجمع على ضرورة وأهمية إعادة تفعيل دوره وتعديل نظامه الداخلي ودعم وجوده، فلماذا يستمرّ التغاضي لأكثر من عشر سنوات على تعطيله؟
فهل السبب في كلّ ذلك ما اصطلح عليه من تعابير مستحدثة رفض «الدولة العميقة»؟!!!
الأهمية الراهنة لاستعادة دور المجلس
منذ أكثر من عشر سنوات والوضع الاقتصادي والاجتماعي خاصةً يتراجع ولا داعي لتعداد مظاهر هذا التراجع ومدى تعمّق الأزمات وتجذّرها في مجالات فرص العمل وتراجع قطاعات الإنتاج الحقيقية وأزمات التعليم والصحة والنقل والمخاطر المحدقة بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وحتى بالعملة الوطنية إذا ما استمرّ الوضع في هذا المسار الانحداري، بل إنه حتى في السنوات التي شهدت فيها البلاد نمواً اقتصادياً بين الثمانية والعشرة بالمائة فإنّ ذلك النمو لم ينعكس سوى خراب في مصالح الفئات المتدنية الدخل وذوي الدخل المحدود وفي قطاعات الصناعة والزراعة والخدمات التي تشكّل أساس مرتكزات العمل والعيش في لبنان.
ومن المدهش حقاً على سبيل المثال أن تخرج الحكومة المستقيلة قبل استقالتها باختراع لجنة للحوار الاقتصادي والاجتماعي برئاسة رئيس الوزراء وعضوية عدد من الوزراء مع الاتحاد العمالي العام وهيئات أصحاب العمل وهي لجنة خارج أي مفهوم دستوري أو قانوني فيما يستمرّ تجاهل إحياء عمل المجلس الاقتصادي والاجتماعي!!! 
بالأمس القريب أقدمت هيئات أصحاب العمل على تنفيذ إضراب ليوم واحد وصفها مراقبون عديدون أنها كانت خطوةً في الفراغ ولا تزال هيئة التنسيق النقابية تصارع في المجهول من أجل إقرار سلسلة الرتب والرواتب وتعلو صرخة الألم مع بداية العام المدرسي من جهة الفقراء ومتوسطي الدخل والخدمات الصحية وصندوق الضمان في أسوأ الأحوال، والبلاد تختنق بأزمات السير وحوادثه والأزمة الناتجة عن النزوح السوري تتضاعف وتتفاقم المشكلات الموجودة أصلاً... وغير ذلك ممّا يطول الحديث فيه.
أفلا يستدعي كلّ ذلك استعادة المجلس الاقتصادي والاجتماعي بما يمثّله من مصالح غالبية اللبنانيين للبحث والتفكير في التخفيف مــــن أثر هذه الأزمات للبـــحث والاستشارة فقط!!!


الصفحة الرئيسية
تعريف بالاتحاد
الجمهورية الاسلامية في ايران
المخيم النقابي المقاوم 2013
معرض الصور
ركن المزارعين
موقف الاسبوع
متون نقابية
بيانات
دراسات وابحاث
ارشيف
اخبار متفرقة
مراسيم -قوانين - قرارات
انتخابات نقابية
مقالات صحفية مختارة
صدى النقابات
اخبار عربية ودولية
اتحادات صديقة
تونس
الجزائر
السودان
سوريا
العراق
سجل الزوار معرض الصور
القائمة البريدية البحث
الرئيسة RSS
 
Developed by Hadeel.net