الصفحة الرئيسية البحث البريد الالكتروني RSS
فلاشات إخبارية
 
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق طباعة الصفحة

مقالات صحفية مختارة > ماذا عن فرص العمل والنمو في لبنان؟





صالح منير النصولي   السفير  30-11-2013 


يواجه الاقتصاد اللبناني تحديات كبيرة. البطالة مرتفعة ومتزايدة؛ النمو الاقتصادي في انخفاض؛ التضخم في تصاعد؛ والاستثمار الإجمالي والادخار القومي الإجمالي في تدنّ؛ الميزان الخارجي للمدفوعات يزداد ضعفا؛ الاستثمار الأجنبي المباشر في انخفاض؛ ونسبة الدين الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي التي كانت سابقا واحدة من أعلى المعدلات في العالم وفي تراجع، ازدادت من نحو 168 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2010 إلى حوالي 175 في المئة في عام 2012. ومع ذلك، فقد أظهر الاقتصاد اللبناني مرونة مستغربة على مر السنين، فالنظام المصرفي قوي، وسعر صرف العملة مستقر. ولكن هذه العناصر الإيجابية، ليست كافية للحد من المخاوف التي أثارتها المؤشرات السلبية. وبالتالي، هناك حاجة ملحة لمعالجة المشاكل الاقتصادية الخطيرة. 
مرّ لبنان بعد حرب السبعينيات في مرحلة ناجحة لإعادة الإعمار، والإصلاح المالي وتعزيز واستقرار العملة. ولكن، في السنوات القليلة الماضية، تعثر التقدم على الجبهة الاقتصادية، وتفاقم الوضع الاقتصادي بسبب تاثير الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية وتداعياتها، وانعدام الثقة في الاوضاع الإقليمية السياسية، وانعكاسات الازمة السورية، بالاضافة الى الانقسامات السياسية الداخلية التي أدت إلى شلل في اخذ القرار، ولا يمكن بالتالي لاي اقتصاد أن يزدهر في هكذا ظروف.
ان ارتفاع العجز في الموازنة واستمراره بالازدياد هو في صميم المشاكل والعوائق التي تواجه الاقتصاد اللبناني اليوم، بالاضافة الى تضاعف الاختناقات الهيكلية العديدة واثارها الرجعية من اختلالات الموازنة والتأثير السلبي على النمو والقدرة التنافسية. وتشمل هذه الاختناقات الهيكلية نظام كهرباء مكلف وغير فعال؛ وشبكات اتصالات مكلفة وضعيفة؛ وحالة تدنّ في البنية التحتية للطرق ومرافق إمدادات المياه العامة. بالإضافة إلى ذلك، إن سوء الإدارة، وتأثير التوجه الطائفي للخدمة المدنية، والمستوى العالي من الفساد تمثل عقبات قوية للاستثمار.
ان تحقيق النمو وخلق فرص عمل جديدة بشكل دائم يمكن أن ينبثق فقط عن طريق قطاع خاص ناشط. تحقيقا لهذه الغاية، من الضروري اعداد برنامج شامل على المدى المتوسط للإصلاح والتكييف الهيكلي. ولتوفير الموارد اللازمة لدعم استثمارات القطاع الخاص، فان الأولوية القصوى يجب أن تعطى لتعزيز وضع الموازنة على المدى المتوسط، وبالتالي خفض عبء الدين العام المرتفع في لبنان. ومن حيث الإيرادات، يعتبر إصلاح وتحديث النظام الضريبي وتعزيز الإدارة الضريبية امرا حاسما وضروريا. 
ومن جهة النفقات، فإن التركيز يجب أن يكون على ترتيب أولويات النفقات، وإصلاح الخدمة المدنية، والتقليص من الدعم غير المباشر وذات المفعول الرجعي والمكلف، وتعزيز شبكة الأمان الاجتماعي، والزيادة في الإنفاق على البنية التحتية. ولتعزيز الكفاءة والشفافية، من الضروري إنشاء نظام حديث للخدمة المدنية خاضع للمساءلة ويعتمد نظام مكافأة مرتبط بالجدارة وقطاع عام خاضع للمحاسبة. كذلك، سوف تكون هناك حاجة إلى مجموعة من التدابير لإعادة هيكلة قطاع الكهرباء لوقف استنزاف الموازنة العامة، يرافقه الدعم الموجه إلى المزيد من المستهلكين المحتاجين.
ولأن الاقتصاد اللبناني موجه إلى الخارج، فانه من الضروري الحفاظ على القدرة التنافسية، حيث أن القطاع الخارجي هو مصدر مهم للنمو. وحتى الآن، فان مصرف لبنان تمكن بمهارة من ادارة سياسة سعر صرف العملة اللبنانية لتعزيز الاستقرار. ومع ذلك، فان اتباع سياسات إدارة الطلب بهدف احتواء الضغوط التضخمية وتحقيق الإصلاحات الهيكلية لتخفيف الاختناقات المؤسسية، تشكل أهمية متزايدة لدعم استقرار سعر الصرف.
يستحق الحفاظ على الصلابة الحالية للنظام المصرفي اهتماما خاصا. وقد زادت الأزمات الأخيرة في بلدان منطقة اليورو من حساسية المودعين. وبرغم أن الأصول الأجنبية الاجمالية للبنوك التجارية ومصرف لبنان تشير إلى أن لبنان يمكن أن يتحمل صدمة كبيرة للنظام المصرفي، فان حلقات اخيرة من هروب مفاجئ وضخم لرؤوس الاموال في بلدان أخرى تجعل من المحافظة على الثقة من خلال سياسات الاقتصاد الكلي المستدامة أمرا بالغ الأهمية. وتعتبر الوساطة المالية الفعالة ايضا مفتاحا لتعزيز استثمارات القطاع الخاص والنمو.
ويعتبر تحسين الإدارة والحوكمة وبيئة الأعمال أمرا أساسيا للحد من التشوهات وتعزيز الاستثمار وتحقيق النمو المستدام. 
إن الإصلاحات المذكورة أعلاه في نظام الخدمة المدنية تعتبر محورية لتعزيز الشفافية وضمان مراعاة واحترام فعّال للقوانين. وفي السياق نفسه، سيكون من الضروري تحديث القوانين التجارية، وتبسيط وتسهيل الإجراءات البيروقراطية، وتعزيز الشفافية وتفعيل القضاء.
وفي حين تشكل الايرادات المحتملة من موارد الطاقة الطبيعية عنصرا ايجابيا للمستقبل، فإنه ليس من الممكن التأكد حاليا من مدى هذه الموارد حتى تبدأ عمليات الاستكشاف والتنقيب. وهكذا، فانه لا ينبغي المبالغة في تقدير الفوائد الفورية والمستقبلية من هذا المصدر، كما يجب ان لا يشكل ذلك عذرا لعدم معالجة المشاكل الاقتصادية الأساسية.
وينبغي أيضا ألا يسمح الوضع السياسي الحالي لحجب الأخطار التي تواجه الاقتصاد اللبناني واهمية التحرك بسرعة وبشكل حاسم. وكلما طالت فترة الانتظار للإصلاح، كلما ازداد الوضع الاقتصادي سوءا، مما ينعكس سلباً على البيئة السياسية المعقدة، كما تصبح التدابير التصحيحية اللازمة في نهاية المطاف اكثر الماً وتكلفة.
([) مدير سابق في صندوق النقد الدولي


الصفحة الرئيسية
تعريف بالاتحاد
الجمهورية الاسلامية في ايران
المخيم النقابي المقاوم 2013
معرض الصور
ركن المزارعين
موقف الاسبوع
متون نقابية
بيانات
دراسات وابحاث
ارشيف
اخبار متفرقة
مراسيم -قوانين - قرارات
انتخابات نقابية
مقالات صحفية مختارة
صدى النقابات
اخبار عربية ودولية
اتحادات صديقة
تونس
الجزائر
السودان
سوريا
العراق
سجل الزوار معرض الصور
القائمة البريدية البحث
الرئيسة RSS
 
Developed by Hadeel.net