الصفحة الرئيسية البحث البريد الالكتروني RSS
فلاشات إخبارية
 
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق طباعة الصفحة

مقالات صحفية مختارة > عمّال وعاملات «سبينيس»



محمد زبيب
«في زمن العبوس... ثمة ناس ما انفكوا يعدوننا ببسمة»... هكذا نظر البعض الى عاملات وعمّال شركة «سبينيس»، وهم ينتفضون من اجل كرامتهم الانسانية فيما كان الكثيرون غارقون في العجز واليأس والقلق... آمنوا بأن لهم حقوقاً لا بدّ من استردادها. وبدأوا تحرّكا لم يهدأ حتى الآن في سبيل ذلك. لم يطالبوا في البداية بأكثر من تطبيق مرسوم صادر عن مجلس الوزراء في شباط الماضي يقضي بتصحيح الأجور، فتم تدفيعهم ثمناً باهظاً في المحاولة المستمرة لتركيعهم واخضاعهم مجددا... تم طرد رئيس الهيئة التأسيسية للنقابة ميلاد بركات وعضو الهيئة ايلي ابي حنّا والناشط النقابي سمير طوق، وتم استخدام العنف الجسدي المباشر ضد امين سر الهيئة مخيبر حبشي، وتم اخضاع الكثيرين بالتهديد المباشر، ليس بفقدان الوظيفة والاجر فقط، بل باستخدام سطوة بعض القوى والزعامات المحلية لبثّ الذعر والخوف من فقدان الحماية والامن، تمّ اقتياد بعض المناصرين الى مقار احزابهم لابلاغهم قرارات عليا بعدم التورّط في العمل النقابي، واستدعى نواب حاليون وسابقون «رعاياهم» لتوبيخهم على عدم حفظ الجميل بتأمين وظيفة لهم... واتخذت ادارة الشركة اجراءات انتقامية مبرمجة استهدفت نقل العديد من مراكز عملهم الى مراكز اخرى بعيدة عن مساكنهم وكلّفتهم وظائف لا تسمح لهم بالاختلاط مع عمّال وعاملات آخرين، واكرهت 700 عاملة وعامل على توقيع عرائض ورفعها الى وزارة العمل يقرّون فيها رفضهم لتأسيس نقابة ويشكرون ادارة الشركة على كرمها معهم! ومارست الادارة شتى انواع الضغوط على اعضاء الهيئة التأسيسية للنقابة الوليدة، فأكرهت عددا منهم على الاستقالة وعزل محاميهم في سباق مع موعد اول انتخابات لمجلس النقابة المقرر في الثامن عشر من الشهر الجاري... بمعنى ما، ساد «الارهاب» في اروقة متاجر «سبينيس»، وهو ما دفع بلجنة اصدقاء العمال للتحرّك مجددا، فدعت الى اعتصام تضامني مع العاملات والعمّال عند الخامسة من بعد ظهر اليوم امام فرع الشركة في الاشرفية.
هذه الوقائع المعروفة والمتداولة استجدّت عليها نيّة ادارة الشركة نقل المواجهة الى مستوى اكثر فظاعة: قررت ببساطة ان تضع العاملات والعمّال في مواجهة بعضهم بعضاً، وبدأت منذ يوم الجمعة الماضي بعقد اجتماعات في بعض الفروع (ضبية والاشرفية والجناح والحازمية) لبث الشائعات والتحريض على النقابة بذريعة ان السماح بنشاطها قد يدفع المساهم الاكبر (شركة ابراج الاماراتية) الى انهاء عمل الشركة في لبنان وصرف الجميع من العمل، وبالتالي انطلقت دعوة للقيام بتحرّكات مضادة بذريعة الدفاع عن ديمومة العمل! وطلب مديرو هذه الفروع وبعض معاونيهم من جميع العاملات والعمّال التجمّع في فرع الاشرفية بعد ظهر اليوم، وعُلّقت الاجازات وأعيد تنظيم دوام العمل بما يسمح بحشد اكبر عدد ممكن منهم... اعترض البعض على خطّة ادارة الشركة، الا ان سياسة «الترهيب» فعلت فعلها لدى الكثيرين ممن عبّروا عن اضطرارهم للاستجابة خوفا من ان تطالهم الاجراءات الانتقامية التي تم التلويح بها.
هذا التوجّه المستجد والخطير وما سبقه من انتهاكات واعتداءات يجعل المواجهة تتجاوز حدود «نزاعات العمل» المعهودة، بل يجعلها تتجاوز حدود شركة «سبينس» نفسها، لتتحوّل الى مواجهة عامّة ترتّب مسؤوليات واضحة على الكثيرين: الدولة اولا، باداراتها واجهزتها ومؤسساتها الدستورية التي يجب عليها التحرّك فورا لمنع الانزلاق الى هذا الدرك، وبالتالي فرض تطبيق احكام الدستور والقوانين المرعية الاجراء التي تحمي حرية العمل النقابي وتحدّ من التعسّف... وثانيا، هيئات المجتمع المدني الراغبة بالتغيير السياسي والاجتماعي، من احزاب ونقابات وجمعيات ومنظمات ومجموعات ناشطات وناشطين في الشأن العام، التي يجب عليها التصدّي سريعا وبقوّة لمثل هذا الانزلاق نظرا لآثاره المترتّبة على اكثر من صعيد.
هناك قناعة راسخة بأن مسار التغيير في لبنان نحو الافضل لا يمكن تحقيقه من دون ولادة تشكّلات سياسية تؤمن بالدولة والديموقراطية والحريات، والاهم تؤمن بالعدالة والكرامة الانسانية... وأفعل التشكّلات واكثرها تأثيراً هي الاحزاب والنقابات العمّالية في القطاعين العام والخاص، فهما الاداتان الرئيستان للتأثير في الشأن العام من خلال الانتخابات ومن خلال محاولة فرض بعض التوازن بين القوى الاجتماعية الذي تخلّ به مصالح فئة منظّمة وقوية تميل الى حماية «النظام السائد»، بما في ذلك حماية المحاصصة الطائفية والاقطاعيات التي بنيت داخل الدولة وفي الاقتصاد... من هذا المنطلق، اصبح انقاذ تجربة انشاء نقابة العاملين في «سبينس» مهمّة ملحّة. فهذه التجربة مهددة بالانهيار والفشل بفعل «صناعة القلق»، وهي صناعة حقيقية تسيطر على المجتمع اللبناني عموماً. فادارة الشركة، كما السلطة عموماً، لم تكن لتنجح لولا شعور العاملات والعاملين بأنها تمتلك قوّة ونفوذاً يتجاوزان كثيراً قدرتهم على مواجهتها من دون تقديم تضحيات كبيرة جدّاً... القلّة تقاوم، لكن الاكثرية ترضخ، تتخذ موقف المتفرّج او تلجأ الى «زعاماتها» لرهن الولاءات في مقابل الحماية... اليس هذا ما يحصل في لبنان دائما ويمنع فرص التغيير بالوسائل الديمقراطية؟ الاعتصام مساء اليوم ليس اعتصاما تضامنياً. في الواقع انه اعلان الانخراط في المواجهة العامّة... هذا ما يردده المنظمون والمنظمات الآن.
اقتصاد
العدد ١٨٥٧ الاثنين ١٢ تشرين الثاني
الصفحة الرئيسية
تعريف بالاتحاد
الجمهورية الاسلامية في ايران
المخيم النقابي المقاوم 2013
معرض الصور
ركن المزارعين
موقف الاسبوع
متون نقابية
بيانات
دراسات وابحاث
ارشيف
اخبار متفرقة
مراسيم -قوانين - قرارات
انتخابات نقابية
مقالات صحفية مختارة
صدى النقابات
اخبار عربية ودولية
اتحادات صديقة
تونس
الجزائر
السودان
سوريا
العراق
سجل الزوار معرض الصور
القائمة البريدية البحث
الرئيسة RSS
 
Developed by Hadeel.net