الصفحة الرئيسية البحث البريد الالكتروني RSS
فلاشات إخبارية
 
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق طباعة الصفحة

مقالات صحفية مختارة > عمّال على «لائحة الموت»



هل ينتشلهم مشروع التغطية الصحية للمتقاعدين وتاركي العمل؟
 
المشاريع الاجتماعية «تغتال» الواحد تلو الآخر (مروان بو حيدر)
يقترح المدير العام للضمان محمد كركي، مشروعاً لشمول تاركي العمل بالتغطية الصحية. 8.6 مليارات ليرة هي كلفة المشروع في عام 2013 وترتفع إلى 471 ملياراً بعد 20 عاماً. مشكلة الاقتراح أنه حلّ يعالج مشكلة المضمونين فقط، ويحتاج إلى توافق مع أفرقاء الإنتاج لتمويله... ما يوازي بين الممكن والمستحيل!
محمد وهبة
كل سنة ينضمّ 3000 أجير إلى «لائحة الموت». عنوة تُدرج أسماؤهم ضمن هذه اللائحة فيتحوّلون من ناشطين اقتصادياً إلى متقاعدين لا حول لهم ولا قوّة، وتتخلى الدولة والمجتمع عنهم بسهولة، فيما هم في عزّ حاجتهم إليهما . غالبية المنتهية خدماتهم يمضون أكثر من عقدين في خدمة مؤسسة في القطاع الخاص فيكدّون في الإسهام بزيادة أرباح أصحاب العمل ورأس مالهم، وبالنموّ الاقتصادي ورفاه المجتمع، لينتهوا في المجهول بلا معاش تقاعدي ولا ضمان صحّي . يصفّون تعويضاتهم من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بلا خيارات وأفق . أما تحالف الدولة مع رأس المال، فقد قضى على أي فرصة لتغيير مصيرهم، فيما أجهضت المشاريع التي كان يمكن أن يستفيدوا منها ... آخر نسخة من هذه المشاريع هو «الضمان الصحي للمتقاعدين وتاركي العمل» ، فهل يُجهض أيضاً؟
مشروع جديد
قبل أسابيع، قدّم المدير العام للضمان الاجتماعي محمد كركي، إلى هيئة مكتب مجلس إدارة الصندوق، مسوَّدة مشروع «التغطية الصحية للمضمونين الذين سيتركون العمل». أراد كركي إعادة إطلاق الحياة في صندوق الضمان بعد يأس على مدى سنوات من مشاريع اجتماعية لا تبصر النور . خلاصة المشروع أن المضمونين الذين تركوا العمل بداعي بلوغ السن، والذين تركوا العمل مؤقتاً، سيحصلون على ضمان صحي. الفئة الأولى ستحصل على ضمان صحّي إلزامي مدى الحياة، والفئة الثانية ستحصل عليه لمدّة سنة واحدة كنوع من الدعم حتى يجد هؤلاء عملاً جديداً . أما كلفة المشترك الواحد في هذا النظام، المقدّرة على أساس أن هناك نحو 3000 مضمون سيتركون العمل سنوياً، وسيزداد عددهم بمعدل 1% سنوياً، فتبلغ 2.9 مليون ليرة في عام 2013، تضاف إليها كلفة تضخم مالي بنسبة 3% سنوياً وتضخم الكلفة الطبية بنسبة 4%، لتصبح الكلفة الإجمالية للمنتسبين إلى هذا النظام 8.6 مليارات ليرة في عام 2013 و 471.5 مليار ليرة في عام 2037.
أما المنتسب إلى هذا النظام، فيستحق عليه يدفع 239 ألف ليرة شهرياً، أي ما يعادل 35.4% من الحدّ الأدنى للأجر ! ويضاف إلى ذلك أن المضمون يدفع مساهمة في الطبابة والاستشفاء محدّدة بنسبة 10% للاستشفاء، و20% للطبابة، «ما يمثّل عبئاً إضافياً على المشترك».
عقدة العقد : التمويل
لا يذكر المشروع مصادر التمويل، لكن كركي يوضح أن هناك أكثر من مصدر محتمل لتمويل هذا المشروع . ففي البدء يجب ألا ننسى أن نظام الضمان هو التكافل والتضامن بين أفرقاء الإنتاج (دولة، أصحاب عمل، عمال) ، وبالتالي يجب على الجميع الإسهام في تمويل هذا المشروع، «ويجب علينا العمل لتفادي ما وقع فيه الصندوق والمضمونون في قسم الضمان الاختياري بعدما تبيّن أن قيمة اشتراكاتهم لا تكفي لتغطية قيمة تقديماتهم، ما أوقع الصندوق في عجز أدّى إلى فشل هذه الصيغة». لذا، يقترح كركي خياراً على النحو الآتي :
ــ يدخل هذا المشروع في النظام العام للمضمونين، رغم أن محاسبته الداخلية في صندوق الضمان ستبقى مستقلة عن باقي حسابات الأقسام، أي إن التوازن المالي لفرع الضمان الصحي سيُحتَسب على أساس الكلفة الإجمالية، ومن ضمنها الضمان الصحي للمتقاعدين وتاركي العمل، وبالتالي لن يكون توازنه المالي مستقلاً مثل الضمان الاختياري. هكذا، يكون على المضمون أن يسهم في سداد كلفة التغطية الصحية بنسبة تحدّد بنحو 6% من قيمة الحدّ الأدنى للأجور (الحد الأدنى يساوي اليوم 675 ألف ليرة، والنسبة تعادل 40500 ليرة).
ــ بالنسبة إلى الاشتراكات المفروضة على أفرقاء الإنتاج من أجل تمويل هذا المشروع، المطلوب في الحدّ الأدنى لتمويل 23 عاماً من التوازن المالي أن تزاد الاشتراكات الحالية على العاملين بمعدل 2.5% تتوزّع : 1% على العامل، 1% على صاحب العمل، و 0.5% على الدولة، أو أن تزاد الاشتراكات بمعدل 3% لتحقيق التوازن المالي لمدّة 35 سنة وتتوزّع مناصفة على الأفرقاء الثلاثة.
بهذه الطريقة «يكون الجيل الجديد يعمل في إطار التكافل الاجتماعي لتمويل الجيل السابق»، يقول كركي. لكن إذا كان هناك توافق لدى الجميع على إقرار مشروع أشمل للتغطية الصحية، «فالضمان جاهز لخيار كهذا».
ويلحظ المشروع أن كلفة الفئة المستهدفة مرتفعة جداً؛ «فمن هم فوق سن الرابعة والستين يكونون في حالة صحية تحتاج إلى الرعاية الطبية المستمرة داخل المستشفى وخارجها، فضلاً عن أن الأمراض والعوارض الصحية غالباً مزمنة ومكلفة في آن واحد، فيما الاشتراك اللازم لتغطية هذه التقديمات يفوق قدرة هؤلاء الأفراد وإمكاناتهم».
«الأمن الاجتماعي للموتى»
هذا المشروع هو من النوع الذي لم يُطبخ في قصور السياسيين، بل في المؤسسة التي تأسّست في العصر الشهابي: صندوق الضمان الاجتماعي. فمنذ عام 1963، أي حين أنشئ صندوق الضمان، وقبل أن تستولي عليه الطوائف وحساباتها السياسية، يحمل الصندوق شعار «الأمن الاجتماعي»، لكنه اليوم المؤسسة التي تخرّج الموتى بعد فناء عمرهم الاقتصادي. فقانون الصندوق لا يسمح للذين أنهوا خدماتهم حيث يعملون، بالاستمرار في استفادة من الضمان الصحي، رغم أن أغلبهم أمضوا 20 سنة في الخدمة أو بلغوا الرابعة والستين من العمر، أي إنهم باتوا في حاجة إلى رعاية صحية مستمرّة مع أزواجهم ومن هم على عاتقهم . وبحسب إحصاءات الصندوق، فإن المضمونين والمستفيدين على عاتقهم الذين تجاوزوا سن الستين هم الأكثر كلفة في الضمان؛ فأرقام عام 2011 تشير إلى أن التقديمات الإجمالية لفرع ضمان المرض والأمومة ارتفعت إلى 554.7 مليار ليرة موزّعة بنسبة 40.5% للنفقات خارج المستشفى (زيارة طبيب، أدوية، مختبرات، علاج أشعة...) و 49.5% داخل المستشفى. ومن أصل كل النفقات خارج المستشفى البالغة 224.9 مليار ليرة، بلغت كلفة المضمونين والمستفيدين الذين تجاوزوا سن الستين 70 مليار ليرة، أي ما نسبته 31.1% من الكلفة خارج المستشفى، وبمعدل وسطي لكل مستفيد من هذه الفئة العمرية يبلغ 950 ألف ليرة سنوياً... أما في الاستشفاء فالكلفة أكبر بكثير.
… ونحن اللاحقون؟
واللافت أن هذا المشروع يأتي بعد تعداد طويل لمشاريع غير مقرّة لم تبدأ مع «طموح» الرئيس إميل لحود بإقرار مشروع التقاعد والحماية الاجتماعية، وما سبقه لجهة مشروع «المسنّين» على يد النائب وزير العمل السابق ميشال موسى ... وأخيراً كان مشروع «التغطية الصحية الشاملة» هو «زهرة أحلام» وزير العمل السابق شربل نحاس... كلها مشاريع ألغتها السلطة السياسية من «منهجها» إما لغايات خاصة بحساباتها، أو بناءً على ضغط أصحاب العمل الذين يرفضون اعتبار العامل شريكاً في تحقيق الأرباح، وبالتالي يرفضون الإسهام في «مسؤوليتهم الاجتماعية» تجاه العمال الذين يسهمون في جزء كبير من تحقيق هذه الأرباح... ورغم ذلك يتراقص زعماء الدولة على أنغام شعار «دولة الرعاية الاجتماعية» المسجّل حصراً في البيان الوزاري للحكومة.
مشروع كركي الذي لم يناقش بعد في مجلس إدارة الصندوق، يمثّل اختباراً جديداً أمام السلطة السياسية. وبحسب المعلومات المتداولة، فإن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي استعجل كركي إنجاز المشروع لإقراره سريعاً، وإن رئيس مجلس النواب نبيه بري وضع في أجواء المشروع وأبلغ المعنيين في الضمان موافقته عليه... وكأنما هناك شبه إجماع سياسي على إقرار المشروع قبل الانتخابات النيابية في صيف 2013.
هذا الاستعجال لم يتحقق إلا على جثة المشاريع السابقة الأكثر شمولاً والأوسع تغطية، وكأن الدولة تقصد «تنقيط» المجتمع بجرعات من التقديمات الاجتماعية تمتدّ على عقود! وستتركه يتعلّق بها لسنوات قبل أن تقدّم له القليل من حقوقه الاجتماعية. فبحسب الوزير السابق شربل نحاس، المشكلة الرئيسية في هذا المشروع وغيره من المشاريع الاجتماعية هي في إيجاد مصادر التمويل، «ففي السابق قدمنا لمجلس الوزراء مشروعاً متكاملاً للتغطية الصحية الشاملة مع مصادر التمويل، لكن رئيس الحكومة ووزير الصحة وزملاءهما رفضوه... فمن أين سيأتي الضمان بالتمويل لمشروع كهذا؟».
________________________________________
التسييس أيضاً وأيضاً
مشكلة هذا المشروع أنه يعالج، حصراً، مشكلة الأجراء الذين سيتقاعدون وأولئك الذين يُصرفون من العمل؛ «لأن الدولة معنيّة بمعالجة مشكلة اللبنانيين عموماً ولم تتوصل إلى حلّ واضح حتى الآن، لكن هناك مطالبة متواصلة لصندوق الضمان بضرورة معالجة مشكلة المضمونين بعد سن الـ 64 حين يكونون بحاجة ماسّة إلى التغطية الصحية في هذا العمر، علماً بأن غير صناديق ضامنة تقدّم للمنتسبين إليها تغطية صحية خلال فترة ما بعد التقاعد»، يقول المدير العام للضمان محمد كركي. إزاء هذا الوضع، هناك أسئلة كثيرة يمكن طرحها: هذا المشروع يجب أن يقرّ بقانون، وبالتالي يحتاج إلى دراسة وافية في مجلس النواب حيث يخضع الأمر للتسييس، فضلاً عن أن المقارنة بينه وبين مشروع التقاعد والحماية الاجتماعية، تشير إلى أن الثاني أوسع وأكثر شمولاً فلماذا يبقى في أدراج اللجان المشتركة في مجلس النواب، وهل من أفضلية تعطى للمشروع الجديد على حساب القديم؟
اقتصاد
العدد ١٨٨٤ الاثنين ١٧ كانون الأول
الصفحة الرئيسية
تعريف بالاتحاد
الجمهورية الاسلامية في ايران
المخيم النقابي المقاوم 2013
معرض الصور
ركن المزارعين
موقف الاسبوع
متون نقابية
بيانات
دراسات وابحاث
ارشيف
اخبار متفرقة
مراسيم -قوانين - قرارات
انتخابات نقابية
مقالات صحفية مختارة
صدى النقابات
اخبار عربية ودولية
اتحادات صديقة
تونس
الجزائر
السودان
سوريا
العراق
سجل الزوار معرض الصور
القائمة البريدية البحث
الرئيسة RSS
 
Developed by Hadeel.net