الصفحة الرئيسية البحث البريد الالكتروني RSS
فلاشات إخبارية
 
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق طباعة الصفحة

مقالات صحفية مختارة > كتاب مفتوح الى وزير الصناعة حسين الحاج حسن




موسى فريجي
السفير  : تاريخ المقال: 24-03-2014

رسالاتُكم المتتالية منذ تبَوُّئِكم منصب وزير الصناعة في حكومة المصلحة الوطنية، نَسَفَت كل المعايير التي صنعت السياسة الاقتصادية في لبنان منذ 1992 حتى يومنا هذا. رسالاتكم المتتالية عَرَّت تلك المعايير والسياسات الاقتصادية تعرِية ما بعدها من تعرية.
أنتم على عِلم كم جاهَدَت قِلّة قليلة من المَعنِيّين بالشأن الاقتصادي، وأنا أحدُهم، منذ 1992 لإيقاف الوزراء المعنِيّين في الشأن الاقتصادي، من الانجرار الى تبنّي سياسة الانفتاح المُفرِط من دون جدوى. فكل رؤساء الوزارات ووزراء المالية والاقتصاد الذين تعاقبوا على وضع وإقرار سياسة الانفتاح المُفرِط، فَعَلوا ذلك لا لِقناعةٍ منهم بجدوى هذه السياسة، بل بسبب جهلِهِم وقلّة دِرايَتِهِم، وبسبب انجرارِهم وراء إلحاح البعثات الديبلوماسيّة الغربيّة، لِفتح أسواق لبنان أمام المُنتجات المُستوردة، عن طريق تخفيض الرّسوم الجمركيّة ،لأنّهم يعتبرون أنّ كل "فرَنجي برِنجي" وأنّ المُدافعين عن حماية الإنتاج الوطني، ما هُم إلاّ جهلة لا يَرقون الى مصاف الخبراء الأوروبيّين والأميركيّين، فلم الاستماع إليهم؟
لقد خفيَ على رؤساء الوزارات ووزراء المالية والاقتصاد منذ 1992، أنّ هؤلاء الخبراء الأوروبيّين والأميركيّين، إنّما هم تلامذة الصهيوني المجرم، الاقتصادي ميلتون فريدمان أستاذ الاقتصاد بجامعة شيكاغو، الذي خّرَّجَ العشرات من المجرِمين الذين توزّعوا على العديد من دول أوروبا اللاتينيّة، ودمّروا اقتصادَها، وقتلوا وشرَّدوا الآلاف مِمّن قاوم سياسة الانفتاح المفرط، التي بشّروا بها، سواء كانوا نقابِيّين أو حِرَفيّين أو مزارِعين أو صناعيّين. ميلتون فريدمان هذا، حاول الوصول بأفكارِهِ الى الاتحاد السوفياتي، فنجح في إقناع غورباتشوف بتَبنّي سياسة الانفتاح، لكنّ الصين كشفت أمرَه، وأعادته الى الولايات المتحدة صِفرَ اليدَين ونجَت من سمومه. أمّا معظم دول أميركا اللاّتينيّة، ففاقَت لِنفسِها بعد حين، وانقلبت على كل ما خلَّفه ميلتون فريدمان من سياسات تدميريّة لاقتصادِها، وها هي أصبحت متحرِّرَة من الهَيمنة الأميركية. وكي لا أكون ظالماً لأحد من الوزراء المتعاقبين على وزارة الماليّة، أستثني منهم الدكتور جورج قرم، الذي وإن آمَنَ بحماية الإنتاج الوطني، لكنّه تخاذلَ وضَعفَ أمام إصرار رؤساء الوزارات ووزراء الاقتصاد، وفشل في تحقيق قناعاته، ولم يذهب بعيداً في إبقاء الرّسوم الجمركيّة على المستوردات مرتفعة، حمايةً للإنتاج الوطني، فكان شاهداً كغيرِه على إقفال الصناعات، والتوقُف عن معظم الزراعات واحدةً تِلوَ الأخرى.
وَثبَتُكُم اليوم يا معالي الوزير، هي وثبة مقاومة بامتياز، وهي لا تقلّ أهميّة عن مقاومة العدوان الإسرائيلي المُتمادي. ذلك أنّ الضائقة الاقتصاديّة في لبنان، تحتاج الى جرأة واندفاع وتضحيات. ثِقوا بأنّ توفير فرص العمل، عن طريق تحفيز الاستثمارات في القطاعات الإنتاجية، صناعية وزراعية، هي الحلّ لِمُعضِلة البطالة وهجرة الكفاءات والرّساميل.
لا تصدِّقوا من يقول إنّ الوضع السياسي والأمني، هما العاملان الأكثر تأثيراً على إحجام اللبنانيّين عن الاستثمار. فاللبنانيون يهاجرون الى أصقاع المعمورة الآمنة وغير الآمنة، سعياً وراء العمل والكسب، غير آبِهين بالمخاطر الجسيمة.
لا تصدِّقوا من يدّعي بأنّ سياسة الانفتاح ضروريّة، لِتحفيز الابتكار والابتعاد عن الرّتابة. فالابتكار لن يأتي من عدم العلم والخبرة، وكلاهما يتطلّبان التدرُّج في العمل والمعرفة، وتراكُم الخبرات والانتقال التدريجي من السهل الى الصعب، فالأصعب وصولاً الى الابتكار المنشود.
عندما كنتم وزيراً للزراعة، على مدى ثلاث سنوات، تردَّدتُم في المواجهة كما تفعلون الآن. آثرتُم الاعتماد على سياسة الدّعم المادي للمُنتجات الزراعيّة إنتاجاً وتصديراً. كانت سياسة خاطئة، لأنّها لم تُفِد إلا حفنة معروفة من التُّجار المُصدِّرين، واستغلّها تُجّار آخرون بلباس مزارعين. فذهبت أموال الدّعم بعيداً عن جيوب المزارعين المَغلوب على أمرِهم.
انظُروا حولَكم لِتَرَوا من هم المستفيدون من السياسة الاقتصادية منذ 1992 حتى يومنا هذا. إنّهم أصحاب المصارف الذين جنوا ويجنون معظم أرباحهم من سندات الخزينة، التي يتمّ تسديد فوائدها عدّاً ونقداً، فيَتراكَم الدَّين العام. إنّهم أصحاب الاحتكارات من مصانع الإسمنت والكابلات الكهربائيّة، لأنّهم مَحمِيّون بمنع الاستيراد، وليس بوضع رسوم جمركيّة مرتفعة. إنّهم أصحاب الوكالات الحصريّة، التي مُنِعَت في معظم بلدان العالم إلا في لبنان. إنهم شركاء طيران الشرق الأوسط، التي أُعطِيَت امتياز تحديد أسعار تذاكر السفر على شركات الطيران الأخرى، التي تحط وتطير من مطار بيروت، الشركاء الذين وقفوا بوجه اعتماد سياسة الأجواء المفتوحة حتى الآن. كل هؤلاء ليسوا مُبتَكِرين ولا مُختَرِعين، بل مُستَنِدون الى الامتيازات التي يدفع ثمنها المكلّف اللبناني.
المُضحك المُبكي أنّه كلّما لاحَت في الأفق صَيحَة، حول الحالة الاقتصاديّة المأزومة، نرى مُمَثِّلي الهيئات الاقتصاديّة يعقدون المؤتمرات والاجتماعات، ويُردِّدون الشعارات الجوفاء ذاتها، التي لم تصِل بنا يوماً، منذ ربع قرن، الى أيّ حلّ يؤدّي الى تحفيز الاستثمار، واستيعاب القِوى العاملة المتعلّمة وإيقاف هجرة الكفاءات والخبرات والرّساميل، وترك لبنان يتخبّط وحيدًا. عفّى على معظم هؤلاء المُمثلين الزمن. جلّهم سايروا المسؤولين، لأنّ أجِندَتهم كانت وصلاً إلى السلطة وليس خدمةً لمنسوبيهِم. لم يتجرّأوا على ذِكر كلمة الحماية الجمركيّة للإنتاج الوطني، لأنّ معظمهم تجار ومُحتكِرون وأصحاب امتيازات وليسوا صناعيّين أو مزارعين.
أُذكِّركم يا معالي الوزير بأنّ خمسين في المئة من اللبنانيين يعتاشون من الصّناعة والزراعة، ولو أنّ دخلهم القومي لا يتعدّى الرّبع، لكنّهم مواطنون مُنتشرون بكل أرجاء لبنان. أُذكِّركم بأنّ كل الدول المصدِّرة الى لبنان تعتمد سياسة الدّعم المادي لإنتاجها ولصادراتها، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية ومجموعة الدول الأوروبية والصين وتركيا، وبذلك تصِلنا منتجاتها بأقل من كلفة إنتاجها. فهمُّ هذه الدول هو رفاه ومصلحة مواطِنيها على حساب الدول الأخرى. أذكِّرُكُم بأنّ هذه الدول ذاتها تضع المواصفات القياسية التعجيزية لتمنع وصول معظم المنتجات إليها من الدول الأخرى، وخصوصاً الدول النامية والفقيرة. أُذكِّركم بأنّ مُباحثات منظمة التجارة العالمية في الدوحة قد فشلت، ومنذ عقدَين من الزمن، في الوصول إلى اتفاقات لِتبادل التجارة الحرّة في المواد الزراعية والغذائية، بسبب تَعَنُّت الدول الكبرى. أُذكِّركم بأنّ الولايات المتحدة الأميركية تفرض على الدول العربية بأن تُدخِل في الصناعات المصدرة إليها من دون جمارك ما قيمته 11 في المئة مدخلات مستوردة من إسرائيل بموجب قانون QUIZ دعمًا لاقتصاد إسرائيل.
معالي الوزير،
إنني على يقين بأنّ تصديكُم للسياسة الاقتصادية السيّئة تجاه القطاعات الإنتاجية لن يكون سهلاً. فالعقم والمصالح الخاصة والوصولية والاحتماء وراء المناصب لحماية المنتفعين، كلّها مُستَشرِية في لبنان، الأمر الذي سيدفع بهؤلاء جميعاً لِعرقلة جهودِكم في تصويب البوصلة. إنّ الوسيلة الوحيدة لتصحيح الوضع الاقتصادي في لبنان هي من خلال:
1 ـ إعادة الرسوم الجمركية إلى مستوياتها التي كانت في عام 1997.
2 ـ إلغاء كل اتفاقات التبادل التجاري الحرّ مع الدول الأخرى.
3 ـ وقف العمل باتفاقية المنطقة الحرّة العربية.
4 ـ وقف العمل باتفاقية اليورو متوسطية.
5 ـ التوقف عن الانضمام لمنظمة التجارة العالمية.
6 ـ تعديل قانون حماية المستهلك وقانون حماية الإنتاج الوطني، وكلاهما وُضِعا خدمةً لتسهيل الاستيراد وعرقلة الإنتاج الوطني.
7 ـ إيقاف كل التشريعات المُرسَلة من وزارة الاقتصاد الى مجلس النواب وإعادة دراستها بدقة مُتناهية.
تحتاج التدابير أعلاه ثورة حقيقية، كالتي حصلت في دول أوروبا اللاتينيّة، ضد التشريعات التي فرضها ميلتون فريدمان الصهيوني. قد تكون وسيلتكم الفُضلى هي إقناع وزير المالية الحالي، في تبنّي وجهة النظر أعلاه، بإعادة العمل بالرّسوم الجمركية التي كانت قبل عام 1997، ورَفع توصِية مُلِحَّة ومُدَوِّيَة لمجلس الوزراء لِتَبَنّيها. وهذه الخطوة كفيلة بوضع حد للعمل بالخطوات الأخرى المقترحة، كونها تتسبّب بإيقاف العمل بها تلقائياً.
إنه تحدٍّ كبير لكنّه المُنقذ لاقتصاد لبنان، والمُحفّز للاستثمار في قطاعاته الإنتاجية، والمستوعب لـ 20,000 فرصة عمل سنوياً، وواضع الحد لهجرة الكفاءات والرّساميل، والمهيّئ لتوازن حقيقي في مصادر الاقتصاد، والمُعمِّم للعمل في كل المناطق اللبنانية، والمُعمِّم لاستفادة كل اللبنانيين بغض النظر عن انتماءاتِهم السياسية أو الطائفية أو المذهبية.
أخذ الله بيدِكم وأعانَكُم على كسر الاحتكارات ووضع لبنان على طريق التصنيع والإنتاج.
المهندس والخبير الزراعي
موسى فريجي
الصفحة الرئيسية
تعريف بالاتحاد
الجمهورية الاسلامية في ايران
المخيم النقابي المقاوم 2013
معرض الصور
ركن المزارعين
موقف الاسبوع
متون نقابية
بيانات
دراسات وابحاث
ارشيف
اخبار متفرقة
مراسيم -قوانين - قرارات
انتخابات نقابية
مقالات صحفية مختارة
صدى النقابات
اخبار عربية ودولية
اتحادات صديقة
تونس
الجزائر
السودان
سوريا
العراق
سجل الزوار معرض الصور
القائمة البريدية البحث
الرئيسة RSS
 
Developed by Hadeel.net