اخبار عربية ودولية > الأمين العام للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب يواصل كتاباته عن تجربة"سحر الشيخ"
..ويؤكد حكومة الإمارات ترفض تأسيس تنظيم نقابي ..والعمال هناك يعانون الأجور المتدنية و النساء يشتكين من التحرش الجنسي و محاولات الاغتصاب
معتوق وكالة أنباء العمال العرب:5-7-2014
"تقول السيدة " سحر شيخ " البريطانية من أصول باكستانية الناشطة التي تبنت مبادرة الدفاع عن حقوق العمال المهاجرين في دولة الإمارات العربية ، واستطاعت ان تنتزع اعتراف الحكومة الإماراتية ومنظمة اصحاب العمل بمبادرتها .. تقول عن فكرتها كيف جاءت ؟ . ..." وقفت في طابور انتظار مع طفلي الصغير في احد محال التسوق ، وكان أمامي عامل لم يكن يملك ما يكفي من النقود ليدفع ثمن كيس من الخبز وقارورة صغيرة من اللبن الرائب ، وتساءلت في نفسي عما يمكن ان افعله لمساعدة هذا العامل ؟ عندها توجهت اليه قائلة : يصادف اليوم عيد ميلاد طفلي ، واحتفالا بهذه المناسبة يمكنك ان تشتري ما ترغب به من هذا المتجر ، فتوجه العامل من جديد الى داخل المتجر وخرج بيده قارورة من الحليب بنكهة الفراولة ، ولم يحاول استغلالي ، بل كان لطيفا ومتواضعا " . .. " وبعد هذه الواقعة بتسع سنوات عمدت الى تاسيس هذه المبادرة ". ونحن هنا لا نريد ان نناقش مصداقية هذه القصة ، خاصة وأننا لا نشك بان هذا العامل اما ان يكون باكستاني او هندي ، وليس من هؤلاء من له حق البقاء في دولة الإمارات عاطلا عن العمل وبدون دخل لا يمكنه من شراء قارورة لبن رائب ويقف في الطابور امام متجر منتظرا عطف هذه السيدة او غيرها .. ولا نريد ان نسال أنفسنا لماذا بعد تسع سنوات من هذه الواقعة جاءت هذه المبادرة التي روجت لها وسائل أعلام عربية وكأنها إنجاز العصر ، ولا كيف حازت مبادرة هذه السيدة اعتراف حكومة الإمارات ودعمها لها ..!! لا شك اننا نؤيد هذه المبادرة كيفما كانت ظروف ومبررات تأسيسها لانها تستهدف خدمة عدد كبير من العمال الأجانب العاملين في دولة الإمارات العربية المتحدة الذين ليس لهم ابسط الحقوق في الدفاع عن أنفسهم أمام صلف وتغول صاحب العمل ولا يملكون الحق بقوة القانون ان يؤسسوا اي شكل من أشكال التنظيم الذي يستطيعون به الدفاع عن أنفسهم . ذات مرة كنت في طريقي الى بلد آسيوي ، وكان لابد لي ان اقضي بضع ساعات انتظارا في مطار دبي ، ففكرت ان أستفيد من الوقت وان اطرح بعض الأسئلة على عمال أجانب في المطار وهم كثر ، وبدأت في الحديث مع عمال النظافة الذين وجدت ان حالة من الخوف تنتابهم عندما أبدا معهم النقاش ، ويرفضون الحديث معي حرصاً على عدم فقدان وظيفتهم ، ولكن ما ان اقدم لهم بطاقة تعريفي ويتأكدون بأنني لست من جهاز التفتيش او الأمن حتي يطلبون الاختلاء بي في أماكن غير ظاهرة للكاميرات ، ويسترسلون في طرح شكاواهم ، وكانت المفاجأة بالنسبة لي انهم صاروا يبلغون بعضهم البعض حتي ان العدد الذي التقيته فاق ما كنت انا مقدر ان التقيه . بينما تنوعت الشكاوى من المعاملة السيئة من رب العمل ، او من الكفيل ، ومن تأخر دفع الأجور والرواتب وعدم الحصول على أية مزايا ومن الأجور المتدنية ، وعدم توفر شروط بيئة العمل الى التهديد بالتسفير لمجرد الاعتراض على أية ممارسة من قبل رب العمل ، بينما النساء منهم كن يشتكين من التحرش الجنسي وحتي محاولات الاغتصاب . وغيرها من الممارسات التي لا يستطعن البوح بها .. رجاءهم جميعا كان ان اكون أمينا وصادقا في وعدي معهم بان لا أتطرق لمثل هذا الكلام مع اي مسؤول إماراتي وإلا تعرضوا لما لا يحمد عقباه . في لقاء مع وزير العمل الإماراتي وبعض أركان الوزارة تم على هامش مؤتمر العمل العربي الذي انعقد في العاصمة البحرينية المنامة عام 2010 ، حاولت ان أوضح لمعالي الوزير بعض ما يتعرض له العمال الأجانب في الدولة ولا أظن انه كان مقتنعا بما قلت ، وطلبت منه التعاون في الإسراع بإعلان سماح حكومة الدولة ببناء التنظيم النقابي .. وأكد لي ان ذلك يحتاج الى تعديل القانون الذي يحتاج الى موافقة مجلس شورى الدولة ، ولكنه شكك في إمكانية ان مثل هذا قانون يمكن ان يحظى بموافقة المجلس . ولكنه وعد بان يبذل جهده خاصة عندما لمس ان طرحنا فيه خدمة لأمن واستقرار الدولة بقدر ما فيه خدمة للعمالة الوافدة للدولة والتي تقدر بما نسبته 96 بالمائة من عدد السكان حسبما أفاد به هو شخصيا . ولكن ومع كل أسف ورغم تكرار مثل هذا اللقاء في اكثر من مناسبة ، الا ان حكومة الدولة لم تتقدم قيد أنملة في الاستجابة لضغوطنا وضغوط المنظمات الدولية ، ولم تف بوعودها التي عبرت عنها منذ سنوات طويلة مضت ! حكومة الإمارات تعيش خارج العصر فيما يتعلق بهذا الحق ! وهي تري انها اكبر من ان تستجيب للمجتمع الدولي برمته لهذا المطلب ، ابسط رد يقولونه " اي دولة مش عاجبها ظروف عمالها لدينا من حقها ان تعيدهم اليها " وهذ ممارسة للابتزاز السياسي والمالي من أوسع أبوابه حتى ولو كان ضحيته ملايين من البشر ! وللحديث عودة . *بقلم الأمين العام للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب رجب معتوق
