الصفحة الرئيسية البحث البريد الالكتروني RSS
فلاشات إخبارية
 
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق طباعة الصفحة

متون نقابية > هل يتقدم الحوارالاجتماعي في بلد تُقرِّر جماعاتُ الضغط فيه أهمَّ سياساته



بمعزل عن النتائج، حدث تغير في الأدوار أملاه تطور المقاربةالرسمية تجاه تصحيح الأجور. في الماضي القريب، كانت الهواجس المالية والنقدية هيقاعدة النقاش. وفي خضم الإعداد لزيادة 2008 مثلاً حضر الشأن الاقتصادي للتحذير فقط؛ من الآثار الضارة لإقرار علاوات كبيرة بنظر طرف، ومنصفة بنظر الطرف الآخر. ركزالعمال حينها على العواقب الاجتماعية الخطيرة للتآكل المتراكم في الأجور بسببالتضخم، لكنهم كانوا يبحثون في أدراج وزارة العمل والهيئات الاقتصادية لا فيأدراجهم هم عن تصحيح يقبله هؤلاء، مقرين ضمناً بأنهم الطرف الأضعف على الطاولة.أرباب العمل كانوا الأكثر اطمئناناً إلى دور الحكومة التي تلتقي معهم على أمور عدةومن بينها الخوف من زيادة ترهق الخزينة. نظر الجميع إلى التصحيح من منظار ساكن لامن منظار اقتصادي ديناميكي متعدد الأبعاد.

«التوتر الحيوي» هو الوصف المناسب لمشهد الحوار الاجتماعيالذي دار في الأشهر الثلاثة الماضية. التعبير هو استعارة من شارل تايلور الذي وجدأن الانقسامات السياسية ذات المعالم الواضحة يمكن ان تدفع العجلة إلى الأمام. لمتعد فوضى الأدوار عندنا هي نفسها، صارت الفوارق بين أطراف الإنتاج الثلاثة محددةعلى نحو يبشر بحوار جدي، هذا على الرغم من تداخل صاخب في الأدوار جعل النتائجمخيبة للآمال.

 تحول الأجر إلى شأنيرتبط بالسياسات الحكومية كلها مع ترتيب متأخر للشأنين المالي والنقدي. وتحقق نجاحجزئي في محاولة إخراج مسألة الأجور من الدائرة المغلقة، فلم يعد ما يربحه أحدالأطراف يخسره حكماً الطرفان الآخران. تقدمت الدولة من دور المراقب السلبي الذيينحاز غالباً إلى أرباب العمل إلى شريك يحاول أن يكون فعالاً في صنع التسويات،والمساهمة في تحمل بعض أثمانها. لم ينجح الأمر تماماً لكن فُتحت آفاق جديدة جعلتقضية الأجور جزءاً لا يتجزأ من جهد إصلاحي أوسع موضوعه تصحيح عمليات التوزيعوإعادة التوزيع. طرحت أسئلة تتخطى الجدل في مقدار الزيادة، ومن بينها هذا السؤالالمحوري: هل التقديمات الاجتماعية حق شامل يقوم على مبدأ التكافل؛ أم عنصر حمايةمن المخاطر موجه للفئات الضعيفة فحسب؟ إذا كانت جزءاً من منظومة الحقوق فإن طرحمفهوم الأجر الاجتماعي هو في محله، اما إذا كان المطلوب تدخل الدولة للحد منالمخاطر فقط فإن أنظمة الحماية الاجتماعية وشبكات الأمان تكفي.

ومفهوم الأجر الاجتماعي الذي أطلقه الديموقراطيونالاجتماعيون في أوروبا في النصف الثاني من القرن الماضي، ليس ميراثاً يسارياً كمايُعتقد، وكان قصد هؤلاء منه رفع مستوى معيشة العمال دون ان يتحمل أرباب العملبالضرورة كلفة ذلك. فبدلاً من الزيادات الدورية للأجر، تتولى الدولة مسؤولية تحسينأوضاع عموم المواطنين من خلال زيادة المنافع التي تقدمها لهم دون مقابل. هذا يسهمفي تهدئة التوترات بين طرفي الإنتاج ويتعارض مع صراع الطبقات.

يختلف الأمر عن مبدأ الحماية الاجتماعية الذي يشمل حسبتعريف الأمم المتحدة حماية الأفراد من المخاطر التي يتسبب فيها توقف الدخل أوانخفاضه الحاد، ويختلف كذلك عن شبكات الأمان التي تهدف على ما يقول البنك الدولي،إلى حماية الأفراد من أسوأ الآثار الناتجة من فقر الدخل ونقص الاستهلاك. لا نغفلهنا عقم تجربة شبكات الأمان في لبنان واندماجها في الزبونية السياسية ولا عن الخللالمشهود في أداء أنظمة الحماية التي يعتمدها.

سؤال محوري آخر وسع أفق الحوار: هل يمكن إنصاف العمال فيإطار النموذج الاقتصادي القائم؟ الواقعية تفترض صوغ السؤال على نحو مختلف بعضالشيء: هل يُنصف العمال دون اعادة النظر بنمط النمو الاقتصادي؟ لا يمس السؤال أصلالليبرالية اللبنانية وفصلها، بل يبحث عن سبل ترشيد سياسات الأجور لتكون منسجمة معالأداء الاقتصادي العام. تكشف المؤشرات في الاقتصادات الناشئة كما المتقدمة عنوجود ارتباط عكسي قوي بين مستوى النشاط الاقتصادي وبين حصة الأجور من الناتج،فالأرباح تنكمش في أوضاع الركود وتزيد من ثم الحصة النسبية للعمل. في لبنان كانتالأجور عرضة للتآكل في حالتي الرواج والركود على حد سواء، بسبب تركز النمو فيقطاعات لا تولد إلا قليلاً من فرص العمل. نتج من ذلك أيضاً انفصال نمو الإنتاجيةعن نمو الأجر. فبين عامي 1996 و2011 راكم الاقتصاد اللبناني نمواً اسمياً لا يقلعن 140% بينما زادت الأجور في المدة نفسها بأقل من نصف هذه النسبة. وللمقارنة نمتالأجور اسمياً في آسيا بمتوسط سنوي يساوي 7.5% تقريباً بين عامي 2000 و2009، فيماتكشف الإحصاءات عن وجود ارتباط معتدّ به بين نمو الأجر ونمو الإنتاجية على مستوىالعالم.

نجح النقاش الأخير في توسيع أفق الحوار الاجتماعي لكنه لميفلح في تشكيل الظروف المطلوبة للتوصل الى توافقات إيجابية. زاد من صعوبة انجاز المهمة-الىالأسباب السياسية المعروفة- تنوع المداخيل واختلاف وتائر نموها، فلم تعد ثنائيةالعمال/ أرباب العمل قادرة على تلخيص مشهد يضم على الأقل خمسة أنواع من المداخيل:أرباح ريعية سريعة النمو (حيث زادت نسبة الفوائد الى الناتج من 15% الى أكثر من25% خلال عقد ونصف)؛ أرباح شبه ريعية تنمو باطراد أيضاً، أرباح من أنشطة تنافسيةبطيئة النمو، الأجور والرواتب في القطاع النظامي وفي القطاع غير النظامي التي عانتوتعاني من الركود.

هناك سبب آخر لعدم تحقيق نتائج مرضية وهو ضيق مساحة الحوارالاجتماعي واقتصاره على المعنيين مباشرة بنتائجه. وهذا حرم الأفكار الجديدة منفرصة اختبارها خارج النقاش الرسمي، كما منع عنها الدعم الكافي، في بلد تقرر جماعاتالضغط فيه أهم سياساته ويتكون مجاله السياسي من حصيلة التدافع في ما بينها.

عبد الحليم فضل الله – الاخبار

الصفحة الرئيسية
تعريف بالاتحاد
الجمهورية الاسلامية في ايران
المخيم النقابي المقاوم 2013
معرض الصور
ركن المزارعين
موقف الاسبوع
متون نقابية
بيانات
دراسات وابحاث
ارشيف
اخبار متفرقة
مراسيم -قوانين - قرارات
انتخابات نقابية
مقالات صحفية مختارة
صدى النقابات
اخبار عربية ودولية
اتحادات صديقة
تونس
الجزائر
السودان
سوريا
العراق
سجل الزوار معرض الصور
القائمة البريدية البحث
الرئيسة RSS
 
Developed by Hadeel.net