الصفحة الرئيسية البحث البريد الالكتروني RSS
فلاشات إخبارية
 
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق طباعة الصفحة

متون نقابية > العالم الرأسمالي والأزمة الاقتصادية: الفوضى قادمة!


عقيل الشيخ حسين
كان وليام شكسبير متفائلاً جداً عندما وضع نهاية سعيدة لمسرحيته الشهيرة "تاجر البندقية": وجد مخرجاً للتاجر"أنطونيو" الذي كان قد اقترض مالاً من المرابي اليهودي "شايلوك" بعد أن وافق على شرطه القاضي بأن يعطيه رطلاً من لحمه في حال عدم تسديد الدين في موعده المحدد.
ملاحظة عابرة: دُور النشر لم تعد تجرؤ على إعادة طباعة تلك المسرحية، والطبعات الجديدة تأتي "منظفة" من كلمة "يهودي" خوفاً من الملاحقة القانونية بتهمة معاداة السامية!.
مدينة البندقية الإيطالية التي كانت قبل خمسة قرون مسرحاً لمسرحية شكسبير اتسعت اليوم وصار العالم الرأسمالي كله عبارة عن بندقية مترامية الأطراف. بدأءاً بإيطاليا وشقيقاتها من بلدان منطقة اليورو، اليونان، البرتغال، إسبانيا، إيرلندة. ومن دون توقف أمام أسوار فيينا أو باريس أو لندن أو برلين... وواشنطن طبعاً.
سكين "شايلوك" بدأ فعلاً باقتطاع اللحم من جسد شعوب العالم الرأسمالي: رئيس الوزراء اليوناني، لوكاس باباديموس، خيّر شعبه مؤخراً بين أمرين، كلاهما شديد المرارة: الرضوخ لإجراءات التقشف أو الفوضى. وأضاف "أن لا خيار أمامه غير ذلك".
وبالطبع، لا شيء عند بقية قادة العالم الرأسمالي أفضل مما عند لوكاس باباديموس.
إجراءات التقشف هي ما تضعه الجهات "المانحة" (البنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي) كشرط لتقديم القروض إلى البلدان الأوروبية التي تضربها أزمة الديون السيادية والتي لا تجد وسيلة لسداد الديون غير المزيد من الاقتراض.
والبديهي أن الجهات "المانحة" ليست جمعيات خيرية. إنها هراوات ضخمة يسلطها النظام الرأسمالي اليوم على شعوب الغرب بعدما هشم بها معظم اقتصادات العالم الثالث. وإجراءات التقشف التي يشترطها "المانحون" هي النسخة العصرية عن الرهونات التي يفرضها المرابون على المستدينين ليضمنوا مسبقاً وفاءهم بسداد ما يحصلون عليه من قروض.
فقد وافق البرلمان اليوناني مؤخراً على خطة التقشف المقترحة من قبل المانحين وذلك للحصول على قروض جديدة بقيمة 130 مليار يورو ضرورية من أجل سداد ما يستحق عليها من ديون في آذار/ مارس المقبل.
وبموجب هذه الخطة، سيتم خفض الحد الأدنى للأجور بنسبة 22 بالمئة، إضافة إلى صرف 15 ألف موظف في القطاع العام وإلى اقتطاعات من رواتب المتقاعدين. ومع تخلي ستة من وزراء الحكومة الائتلافية عن حقائبهم الوزارية تكون الأزمة السياسية التي تضرب اليونان قد اتجهت نحو المزيد من التفاقم
لكن التفاقم الأهم هو ذاك الذي يضرب اليونان من الناحية الاجتماعية كانعكاس مباشر لخطط التقشف التي تستلزم المزيد من خطط التقشف. فأرقام البطالة ارتفعت من أقل من 10 بالمئة عام 2006 إلى حوالي 25 بالمئة من مجموع الأيدي العاملة، وتدني الأجور يدفع بغالبية اليونانيين نحو الفقر.
وفي هذا المجال يلاحظ المراقبون أن هنالك اتساعاً كبيراً في ظواهر التشرد الناجم عن عجز المستأجرين عن دفع أجور مساكنهم، والبحث عن الطعام في مكبات النفايات... وصولاً إلى الانتحار الذي يلجأ إليه الآباء خصوصاً تحت وطأة العجز عن الوفاء بمتطلبات أسرهم.
وسواء تعلق الأمر باليونان أم بغيره من بلدان العالم الرأسمالي، فإن المتضررين يخرجون إلى الشوارع ويتظاهرون، وتقع صدامات بينهم وبين رجال الأمن. وفي الصدامات لا يندر سقوط القتلى، لكن الأمور تقف حتى الآن عند حدود الإصابة بالجروح والاعتقالات. ويحدث للعنف أن يأخذ شكل استهداف المحال التجارية حرقاً أو نهباً.
خياران كلاهما مرٌّ وليسا في الحقيقة غير خيار واحد: التقشف لا يحمي من الفوضى، بل يشكل رافعة للفوضى. والفوضى مفتوحة على "عواقب مفجعة" على ما قاله رئيس الوزراء اليوناني، أو على "الحبل الملتف حول عنق البلاد"، وفق تعبير آرمينيو كارلوس، رئيس الاتحاد العام لعمال البرتغال.
الرئيس الأميركي طلب من الكونغرس تخصيص 700 مليون دولار لتعزيز عمليات ما أسماه بالإصلاح في الشرق الأوسط. 700 مليار دولار لا يمكنها أن تحل مشكلة اليونان أو أن تخفف من أزمة ديون أميركا البالغة 60 ترليون دولار، لكنها تكفي وتزيد عن المطلوب عندما يتعلق الأمر بملء بطون الناشطين الحقوقيين وغيرهم من عملاء وكالات الاستخبارات... على أمل أن تؤدي الإصلاحات المنشودة إلى سقوط الشرق الأوسط غنيمة باردة في أيدي الأميركيين.
أما المندوبة السامية لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، فإنها لا تلحظ الجرائم التي تمارس بحق شعوب العالم الرأسمالي لأنها تكرس كل اهتمامها لنصرة الإصلاحات التي يريدها أوباما في الشرق الأوسط.
ومن جانبهم، توجه الأوروبيون ممثلين برئيس الاتحاد الأوروبي ورئيس المفوضية إلى الصين بحثاً عن القروض. ما يعني أن ديون أوروبا السيادية ستزداد، وخطط التقشف ستتصاعد، ولو أن شكسبير عاش في أيامنا لما كان بمقدوره أن يضع نهاية سعيدة لمشكلة العالم الرأسمالي مع سادته المرابين.
الصفحة الرئيسية
تعريف بالاتحاد
الجمهورية الاسلامية في ايران
المخيم النقابي المقاوم 2013
معرض الصور
ركن المزارعين
موقف الاسبوع
متون نقابية
بيانات
دراسات وابحاث
ارشيف
اخبار متفرقة
مراسيم -قوانين - قرارات
انتخابات نقابية
مقالات صحفية مختارة
صدى النقابات
اخبار عربية ودولية
اتحادات صديقة
تونس
الجزائر
السودان
سوريا
العراق
سجل الزوار معرض الصور
القائمة البريدية البحث
الرئيسة RSS
 
Developed by Hadeel.net