الصفحة الرئيسية البحث البريد الالكتروني RSS
فلاشات إخبارية
 
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق طباعة الصفحة

مقالات صحفية مختارة > التعيينات الإدارية: النأي بالنفس أيضاً وأيضاً!



كتب سيمون كشر  في جريدة الاخبار بتاريخ 25-5-2012


«إن اللبنانيين سئموا أقوالاً ويريدون أفعالاً...»؛ بهذه الجملة ختمت الحكومة الحالية بيانها الوزاري. إلا أن هذا البيان الوزاري، كما بيانات كل حكومة، بقي حبراً على ورق.
أي نظام حكم في أي بلد، بغض النظر عن توجهاته السياسية، لا يمكن أن يفرط بإدارته العامة؛ لأنها أساس عمل الحكومة التنفيذي. فالإدارة هي الساعد الأيمن للحكومات. هذا أمر بديهي. أما الادعاء أن الحكم استمرارية، فهو صحيح أيضاً وفي مكانه؛ لأن استمرارية الحكم في الأساس هي استمرارية العمل الإداري المتراكم من أجل الوصول إلى ما يصبو إليه هذا الحكم. إذاً، الاستمرارية هي إدارية وليست سياسية. لكن كيف يحصل ذلك عندما يكون الوضع الراهن للإدارة العامة اللبنانية في حال اهتراء تام؟ وكيف يكون ذلك عندما يتقدم عنصر المحسوبية على عنصر الكفاءة في التعيينات؟ وكيف يكون ذلك عندما تسعى الجهات المعنية، عن قصد أو عن غير قصد، إلى إفراغ الإدارة من العنصر البشري بدل السعي إلى ملء الشواغر؟ هذا فضلاً عن بدعة الـ 6x6 مكرر المعتمدة في وظائف الفئة الأولى وإلى ما هنالك من بدع وحجج لا يمكن أن يتصورها المرء إلا في بلد مثل لبنان... هذا كله يحصل باسم النأي بالنفس عن الإصلاح الإداري.
بات الجميع ينظرون في هذه الأيام إلى الحاجة الملحة لإعادة بناء الإدارة العامة وتحديثها وفقاً لمتطلبات النمو، واعتماد التقنيات الحديثة والمكننة ومكافحة الفساد وتعزيز عمل هيئات الرقابة وتطويره، ألخ...
ليس هذا بالشيء الجديد؛ فالكل يحفظون تلك النظريات ويبشرون بها لمدة طويلة، ولم تأت حكومة إلا تكلمت على ذلك. لكن قبل دخول المعركة هناك المقدمة والتخطيط، فهل فكرت الحكومات المتعاقبة في هذا؟
هل بادرت الحكومة الحالية إلى فتح مجلد القانون الإداري اللبناني المنسيّ منذ سنوات طويلة ونفض الغبار عنه وتعديله تماشياً مع مصلحة الإنتاجية الإدارية؟ فهذا مدخل مهم جداً وباب أساسي للإصلاح الإداري حيث لا يمكن مقاربته بالنأي بالنفس!
ينص القانون الإداري اللبناني على أنه يجب على أي مرشح لملء وظيفة في الفئة الأولى أن يكون مجازاً في الحقوق أو ما يعادلها، ولبنانياً منذ أكثر من عشر سنوات! بهذه الشروط تكون قد تساوت تقنياً وظيفة المدير العام للطرق والمباني مع وظيفة المدير العام لوزارة الإعلام؛ فالاثنان مجازان في الحقوق أو ما يعادلها. الأول مسؤول عن البنى التحتية والطرق والجسور والمباني في كل لبنان، والثاني مسؤول عن إدارة وزارة لا يصل فيها عدد الموظفين إلى عشرة.
هاتان الوظيفتان مختلفتان في المسؤوليات فقط ومتساويتان في كل شيء حتى في ما يعرف بسلسلة الرتب والرواتب؛ وهنا يكمن المدخل إلى الشق الثاني من المشكلة؛ فسلسلة الرتب والرواتب هي الآلية التي تضعها الدولة لتنظيم وتحديد أجور الموظفين العامين. وإذا أردنا أن نربطها بالإصلاح الإداري المرجو، فما لا شك فيه أننا لن نجد سبيلاً تقودنا إلى إمكانية الربط. فكيف يمكن أن تتساوى في الرتب والرواتب وظيفة المدير العام للطرق والمباني مع المدير العام لوزارة الإعلام، على سبيل المثال لا الحصر؟
بداية الحل تكون بتعديل القانون الإداري وبتحديد «وصف وظيفي» مفصل لكل وظيفة بمفردها، وهذا من مسؤوليات مجلس الخدمة المدنية، لكونه مرتبطاً إدارياً بمجلس الوزراء، الذي نأمل ألا يكون هو أيضاً ينأى بنفسه! فلا يجوز أن يطلب من مجاز في الحقوق ملء وظيفة المدير العام لوزارة الصحة العامة أو المدير العام لوزارة التربية الوطنية.
بعد النظر في القانون الإداري، المطلوب من الجهات المختصة إعادة النظر في سلسلة الرتب والرواتب؛ فهذان شرطان متعلق أحدهما بالآخر؛، إذ من غير المنطقي التطلع إلى توظيف خريجي أكبر المدارس الإدارية والهندسية والحقوقية والتخصصية العالمية في الإدارة العامة، في ظل قانون سلسلة الرتب والرواتب الحالي الذي لن يجذب خبرات القطاع الخاص إلى الإدارة.
إذا قاربت الحكومة الحالية هذين الموضوعين معاً، ووجدت لهما الحل المناسب واعتمدتهما في كل الوظائف العامة، عندها يمكن أن نأمل بشيء من التقدم؛ لأن المستوى العام يكون قد ارتفع باتجاه الإصلاح الجدي.
نستنتج من هذا كله، أن الأمر يتعدى صياغة بعض السطور في بيانٍ وزاري، ويتعدى حدود التنظير من أجل الاستهلاك الإعلامي والدعاية السياسية؛ فالإدارة العامة هي الأداة لقيام الدولة، إن كانت سليمة البنية وصحية سلم الحكم وأصبح أكثر صحة، والحكم يعني السياسة والاقتصاد والأمن والقضاء والتشريع وما يلزم من متطلبات يومية لاستقرار عجلة الدولة واستمرارها.
الحلول المطروحة هي حلول بسيطة، لكنها جذرية؛ لأنها تصل إلى أعماق المشكلة الأساسية في الإدارة: القانون الإداري وسلسلة الرتب والرواتب. إذا توصلت الحكومة إلى إيجاد حل نهائي في هذا الشأن، تكون قد نأت بنفسها عن النأي بالنفس المعتمد سياسياً، والذي لا يجوز أبداً إدارياً.
في فترة مقاعد الدراسة، وضمن إحدى الحصص في درس الإدارة العامة، سألت أستاذ المادة، وهو أميركي عالم بحضارات الشرق الأوسط وسياساته، وسبق له أن زار لبنان، وختمت سؤالي بوصفه بالبلد الجميل، فما كان منه إلا أن بادرني فوراً بالإجابة بأنه متأكد من أن لبنان «مكان» جميل جداً، لكنه لا يستطيع الجزم بأنه «بلد»... لم ينأَ بنفسه البروفيسور عن قول الحقيقة أمام جميع زملائي! فيا أيها المتربعون على عرش الحكومة، هل منكم من يسمع ويقرأ ولا ينأى بنفسه عن السير بالتعيينات الإدارية والإصلاح مدخلاً لبناء الدولة المرجوّة؟
اقتصاد
العدد ١٧١٦ الجمعة ٢٥ أيار
الصفحة الرئيسية
تعريف بالاتحاد
الجمهورية الاسلامية في ايران
المخيم النقابي المقاوم 2013
معرض الصور
ركن المزارعين
موقف الاسبوع
متون نقابية
بيانات
دراسات وابحاث
ارشيف
اخبار متفرقة
مراسيم -قوانين - قرارات
انتخابات نقابية
مقالات صحفية مختارة
صدى النقابات
اخبار عربية ودولية
اتحادات صديقة
تونس
الجزائر
السودان
سوريا
العراق
سجل الزوار معرض الصور
القائمة البريدية البحث
الرئيسة RSS
 
Developed by Hadeel.net