الصفحة الرئيسية البحث البريد الالكتروني RSS
فلاشات إخبارية
 
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق طباعة الصفحة

مقالات صحفية مختارة > محاصرة الملامح الإيجابيّة القليلة




 كتب محمد زبيب  في جريدة الاخبار بتاريخ 15-8-2012


كثيرون لا يعيرون أهمية للمشهد النقابي ــ العمالي القائم اليوم. لا شك أن الأحداث والتطورات الخطيرة التي يمر بها لبنان والمنطقة تدفع معظم المشتغلين في الشأن العام الى إهماله أو الابتعاد عن الغوص في قراءة آثاره وتداعياته على الحياة السياسية عموماً، إلا أن نظرة فاحصة على ما حصل ويحصل على أكثر من جبهة (منذ دفع الوزير شربل نحّاس الى الاستقالة من مجلس الوزراء وتسليم حقيبة وزارة العمل الى الوزير سليم جريصاتي) تدعو الى التنبّه من خطأ هذا الإهمال... ففي ظلّ القلق المتزايد من انهيار الضوابط المتبقية لإدارة الصراع في لبنان، يعمل «البعض» في السلطة (الفعلية والشكلية) على محاصرة الملامح الإيجابية التي ظهرت أخيراً، خوفاً من أن تساهم في بلورة مصالح اجتماعية متناقضة مع المصالح الراسخة في النموذج الاقتصادي القائم. هذا «البعض» لا يتصرّف بالقدر نفسه من الإهمال، بل على العكس تماماً، يستنفر قواه وقدراته الهائلة لتفادي أي ضغوط تلزمه بالتنازل عند أي تغيير قد يطرأ محلياً:
 1- سطّر المياومون في مؤسسة كهرباء لبنان أطول انتفاضة عمّالية في تاريخ لبنان الحديث، ونجحوا الى حدّ بعيد في التصدّي لكل محاولات شق صفوفهم على أسس طائفية، إلا أنهم وثقوا أكثر من اللزوم برئيس مجلس النواب نبيه بري، فخسروا معركة تثبيتهم في ملاك المؤسسة لصالح مشروع الخصخصة. لقد كان الرئيس بري واضحاً منذ البداية، فهو لم يعارض نقل المهمات التي يقومون بها الى الشركات الخاصة، بل كان مؤيّداً لها على الرغم من إدراكه بأن ذلك سيشرّد مئات منهم. مشكلة الرئيس بري أن وزير الطاقة والمياه جبران باسيل لم يأخذ بالاعتبار حصّته في توزيع العقود، فأطاح شركة «موركوري» المحسوبة عليه لصالح شركة «دباس» المحسوبة على تيار المستقبل وشركة «نزار يونس» المحسوبة على باسيل نفسه وشركة «خطيب وعلمي» المحسوبة على الجميع تقريباً... تمّ إجهاض هذه الانتفاضة بمجرد بلوغها سقفاً يهدد مشروع الخصخصة، فسارع بري الى عقد «الاتفاق المكتوم»، بحسب وصف باسيل. هذا الاتفاق ينص على ضمان انتقال بعض مهمات مؤسسة كهرباء لبنان الى الشركات الخاصة، وبعدها لكل حادث حديث. لقد أدرك جميع اللاعبين أن مواصلة المياومين لانتفاضتهم ستسمح بكشف المزيد من المخاطر المترتبة على تطبيق القانون 462 الرامي الى خصخصة قطاعي التوزيع والإنتاج في مؤسسة الكهرباء، لذلك اختاروا الذهاب الى اتفاق سري بينهم ومارسوا شتى الضغوط على لجنة المتابعة التي تمثّل المياومين وفرضوا عليها إنهاء هذه الانتفاضة، من دون إطلاعها على مضمون الاتفاق.
 2- ما حصل مع المياومين حصل أيضاً مع هيئة التنسيق النقابية، التي تمثّل المعلمين والأساتذة والموظفين والمتقاعدين في الإدارات العامّة، فقد تم تهديد الهيئة بوحدتها في حال استمرارها بمقاطعة تصحيح الامتحانات الرسمية وتعليق إعلان نتائجها، وأيّد الوزراء، ما عدا الوزير وائل أبو فاعور، استخدام المادة 15 من قانون الموظفين ضد الناشطين في الهيئة، والتي تحظر على الموظف «أن يلقي أو ينشر، دون إذن خطي من رئيس إدارته، خطباً أو مقالات أو تصريحات أو مؤلفات في أي شأن كان، وأن ينضم الى المنظمات أو النقابات المهنية، وأن يضرب عن العمل أو يحرّض غيره على الإضراب»... رضخت الهيئة للتهديد، وعاد الأساتذة والمعلمون الى تصحيح الامتحانات وتم إعلان النتائج، فخسرت الهيئة أداة الضغط الوحيدة المتاحة لها في هذه الأيام... فماذا كان الهدف؟ لقد تنبّه اللاعبون الى أن الاستجابة لمطالب الهيئة تفرض على مجلس الوزراء البحث عن مصادر لتمويل الكلفة، ما يعني فرض ضرائب جديدة عشية الانتخابات النيابية المفترضة في العام المقبل، وبما أن بعض القوى تدرك مخاطر القبول بفرض المزيد من الضرائب على الاستهلاك في مثل هذه الظروف، ذهب الى خيار الانتقاص من حقوق المعلمين والأساتذة والموظفين لأن الخيار الآخر يمسّ مصالحه وينطوي على فرض ضرائب على المضاربات المالية والعقارية المعفاة تقريباً من أي تكليف ضريبي، لذلك انتهت معركة هيئة التنسيق النقابية الى مشروع قانون لتعديل سلسلة الرتب والرواتب يقوم على تقسيط الزيادات الطارئة على الرواتب حتى عام 2014، وكذلك تقسيط الدرجات الست بمعدّل درجتين كل سنة، فضلاً عن تخفيض نسبة الزيادة التي كانت ملحوظة في المشاريع السابقة، فانخفضت الكلفة من 2200 مليار ليرة الى 1500 مليار ليرة تقريباً، وهو ما أتاح طرح بدائل ضريبة لتمويل الكلفة لا تمس المصالح الكامنة، إذ سيناقش مجلس الوزراء اقتراحاً خطيراً وضعه رئيسه نجيب ميقاتي يقضي بالسماح بزيادة استثمار مسطّحات الأبنية (أي زيادة طوابق على الأبنية القائمة) في مقابل رسوم محددة تسدد للخزينة العامّة، وكذلك فرض رسم إضافي مقطوع للخزينة العامّة على رخص البناء بمعدّل يتراوح ما بين 75 ألف ليرة في بيروت و50 ألف ليرة في جبل لبنان و25 ألف ليرة في بقية المناطق.
 3- تجرى محاولات حثيثة لوأد الجنين النقابي في شركة «سبينيس»، الذي تكوّن في رحم الصراع بين الموظفين والعمّال ومدير الشركة الإنكليزي مايكل رايت على خلفية امتناع الأخير عن تطبيق مرسوم تصحيح الأجور الصادر عن مجلس الوزراء. فالإعلان عن تأسيس نقابة العاملين في «سبينيس» شكل علامة فارقة في هذه الأوقات، إلا أن ضغوطاً تُمارس اليوم على الموظفين والعمّال لمنعهم من الانتساب الى النقابة أو دفع المنتسبين إليها للاستقالة، وكل ذلك يحصل تحت عيني وزير العمل سليم جريصاتي، الذي لم يحرّك ساكناً لحماية حق هؤلاء بالتنظيم النقابي المكفول في الدستور والاتفاقيات الدولية والقوانين المرعية الإجراء، بل إن هناك معلومات تتردد في أروقة وزارة العمل تفيد بأن الوزير جريصاتي سيأخذ بالعريضة التي دبّجتها إدارة الشركة وفرضت على بعض موظّفيها التوقيع عليها للاحتجاج على إنشاء النقابة، بمعنى أنه سيتذرّع بهذه العريضة ـــ الفضيحة ليمتنع عن توقيع الترخيص المطلوب لإنشاء نقابة تستوفي الشروط القانونية. لقد رفض جريصاتي حتى الآن اتخاذ أي تدبير بحق الشركة (أو غيرها من الشركات المخالفة)، بل تغاضى عن مخالفات تخص مايكل رايت نفسه، ومنها أن هذا الرجل لا يمتلك أي إجازة للعمل في لبنان ولا تأشيرة إقامة، يأتي ويذهب ويستغل العمّال ويفعل ما يحلو له ويجاهر بمخالفاته للقوانين اللبنانية من دون أي رادع... سوى أنه يدير استثماراً أجنبياً!



اقتصاد

العدد ١٧٨٤ الاربعاء ١٥ آب
الصفحة الرئيسية
تعريف بالاتحاد
الجمهورية الاسلامية في ايران
المخيم النقابي المقاوم 2013
معرض الصور
ركن المزارعين
موقف الاسبوع
متون نقابية
بيانات
دراسات وابحاث
ارشيف
اخبار متفرقة
مراسيم -قوانين - قرارات
انتخابات نقابية
مقالات صحفية مختارة
صدى النقابات
اخبار عربية ودولية
اتحادات صديقة
تونس
الجزائر
السودان
سوريا
العراق
سجل الزوار معرض الصور
القائمة البريدية البحث
الرئيسة RSS
 
Developed by Hadeel.net