فقيه: لسلّم متحرك للأجور... وشمّاس يحذر من توقعات في غير مكانها
عدنان حمدان : السفير : 5-9-2012
تعقد «لجنة مؤشر غلاء المعيشة» أول اجتماع لها في وزارة العمل غدا الخميس، للبدء بدرس تحديد معدّل ارتفاع الأسعار (التضخّم) خلال عام، أي بين تموز 2011 وتموز 2012، وفق ما ينص عليه قانون العمل حول تحديد الحد الأدنى للأجور واحتساب معدل التضخم، تمهيداً لتصحيح الأجور بالنسبة نفسها. وتأتي دعوة اللجنة للاجتماع بعد الأخذ والرد الطويلين بين «الاتحاد العمالي العام» وأصحاب العمل من جهة، ووزير العمل آنذاك شربل نحاس، من جهة ثانية، واللذين انتهيا بتوقيع اتفاق بين طرفي الإنتاج في القصر الجمهوري، ومن ثم استقالة نحاس. إن اجتماعات التفاوض الطويلة على مدى أشهر حول تصحيح الأجور والجدل الطويل وإضاعة الوقت أدّت إلى ارتفاع كبير في الأسعار سبق الزيادة والتهم الأجور فما أعطي باليد اليمنى أخذ باليسرى حتى قبل تحقيق الزيادة. الا ان البارز اليوم هو حملة التخويف بأن الاقتصاد معرّض للانهيار وأن المصانع والمؤسسات سوف تقفل أبوابها وتسرّح عمالها. كل ذلك بسبب المطالبة بتصحيح الأجور المتآكلة وذوبانها في آتون التضخّم وغليان الأسعار. وبالرغم من كل ذلك، لم تؤدّ المفاوضات السابقة إلى أية حلولٍ دائمة إيجابية ترفع العبء المعيشي عن العمال وتريح حركة الأسواق وتؤمّن استقرار الاقتصاد وتحقّق السلم والأمان، ولم تستطع الأجور التي صححت ان تلحق بالأسعار في سباق غير متكافئ، ما يستدعي إقرار السلم المتحرك للأجور لتحقيق التعادل بين ارتفاع الأسعار وتصحيح الأجور. وأعلن وزير العمل سليم جريصاتي في اتصال مع «السفير» ان «الاجتماع الأول للجنة سيكون بمثابة وضع أطراف اللجنة في أجواء الأرقام والإحصائيات التي تقول بها مديرية الإحصاء المركزي، حتى يكونوا على بيّنة من معدل ارتفاع الأسعار ومعدل التضخم من تموز 2011 حتى تموز 2012». وردا على سؤال حول دعوة «هيئة التنسيق النقابية» إلى الاجتماع أفاد جريصاتي ان الدعوة وجهت إلى أعضاء اللجنة وفق مرسوم تشكيلها. فيما نفى عضو هيئة التنسيق نعمة محفوض تلقي أي دعوة لحضور لجنة المؤشر. واستيضاحا للوزير السابق للعمل شربل نحاس حول إصداره مرسوم ضم أعضاء من هيئة التنسيق، وفق ما اتفق مع رئيس مجلس الوزراء، فنفى ان يكون فعل ذلك، بسبب ما رافق الأجواء بين نحاس و«الاتحاد العمالي العام» وأصحاب العمل، وما تلى ذلك من استقالة من الوزارة.
شمّاس يحذّر
يحذّر أحد ممثلي أصحاب العمل في اللجنة رئيس «جمعية تجار بيروت» نقولا نحاس، من ان يكون طرح الموضوع في ظل الأزمات التي تعاني منها «الهيئات الاقتصادية»، في غير أوانه. ويقول نحاس لـ«السفير» انه لم يتوقع اجتماع لجنة المؤشر «قبل منتصف العام 2013. فمجرد اجتماعها يثير توقعات في غير مكانها وأوانها، ويعطي انطباعاً خاطئاً عن حقيقة الوضع الاقتصادي الذي لا يخفى على احد». يبرّر شماس تحذيره بالقول إن الدولة عاجزة عن دفع تصحيح الأجور السابق، الذي اقر في أوائل العام الجاري، وهي لم تدفع الزيادة حتى اليوم، بالإضافة إلى ان نسبة الأعمال في تراجع كبير في كل القطاعات الاقتصادية، لا سيما التجارية منها. وهناك معاناة مالية حقيقية في كل شركة ومؤسسة، وفي أحيان كثيرة لا تجد معظم الشركات سبيلاً لدفع الزيادة السابقة، ووزارة العمل على بيّنة من ملفات الصرف الجماعي والافرادي وعدم القدرة على دفع رواتب المستخدمين». ويتساءل: لماذا تجتمع لجنة المؤشر اليوم؟ هل الاجتماع بهدف دراسة أرقام التضخم الذي احد أسبابه الأساسية تصحيح الأجور؟ ويجيب ان هذه الأرقام تصدر شهريا عن مديرية الإحصاء المركزي وهي لا تتجاوز ستة في المئة من سنة إلى سنة، أي من تموز إلى تموز». واعتبر شماس اننا «ندور في حلقة مفرغة، كنا حذرنا منها أول العام الجاري، وقلنا ان زيادة الأجور في غياب زيادة النمو تعتبر بمثابة لحس المبرد، اذ ان زيادة الاجور تؤدي الى صرف موظفين ومستخدمين، إذا ما عولجت بالشكل العلمي، تخلق اوجاعا جديدة، وبالتالي تصحيح الأجور غير المستند الى وقائع علمية قاطعة، يحدث معضلة اقتصادية ومعاناة اجتماعية». ودعا شماس الى وجوب «التخفيف من التوقعات»، داعياَ «وزارة العمل، التي على رأسها إنسان حكيم وعادل، والاتحاد العمالي العام إلى عدم المغالاة في المطالبات الاجتماعية خارج أوانها، لأنها قد تؤذي الاقتصاد في ظل الكساد الحالي الذي تشهده كل القطاعات».
فقيه: لتصحيح دوري
يرد نائب رئيس «الاتحاد العمالي العام» حسن فقــيه على دعـوة شماس، حول عدم المغالاة في المطالبات الاجتماعية خارج اوانها، بالقول: «حسماً لصراعات غير مبرّرة وغير مفيـدة وتطبيقاً لــقانون العــمل، فرضت الحركة النقابية الطريق القـانوني الذي كان يجب أن يعتمد منذ وقت طويل حيث دعيت لجنة المؤشر الى اجتماع في السادس من شهر أيلول المقبل للإطلاع على مؤشر الأسعار والتعامل مع هذه المسألة على قاعدة التصحيح - الدوري، وبما يجعل من الأجور تتحرك مع سلم الأسعار كي لا يتراكم التضخّم ويصبح مشكلة لدى العمال في تآكل مداخيــلهم، وعبئاً على الدولة وأصحاب العمل نتيجة ذلك التراكم. ونأمل أن يكون هذا الاجتماع جزءاً من الاجتماعات الدورية وفتح مسار جديد ومختلف في موضوع الأجور». وحول رقم المؤشر، لم يشأ فقيه طرح أي رقم للمؤشر، لكنه يؤكد على «ان اجتماع يوم الخميس المقبل للجنة المؤشر هو تمهيدي لاجتماعات لاحقة يطرح فيها كل طرف ما لديه من ارقام وفق دراسات علمية». وتجدر الإشارة إلى ان الرقم القياسي لأسعار الاستهلاك في لبنان لشهر تموز وفق مديرية الإحصاء المركزي سجل ارتفاعاً قدره 25,9 في المئة عن شهر الأساس كانون الاول 2007، وسجل مستوى تضخم الأسعار بين تموز 2012 وتموز 2011 ارتفاعا وقدره 8,9 في المئة. كما سجل مستوى تضخم الاسعار بين شهري تموز 2012 وحزيران 2012 ارتفاعا قدره 6,6 في المئة.