الصفحة الرئيسية البحث البريد الالكتروني RSS
فلاشات إخبارية
 
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق طباعة الصفحة

متفرقات > «قانون سلامة الغذاء»: معارك غير معلنة حول الصلاحيات بين 8 وزارات

الاتفاق على روح المشروع يحتاج إلى معجزة والأرضية لا تزال صالحة لتفشي الفساد


 
كامل صالح    :  السفير  6-10-2012

توقع اللبنانيون بعد «الفورة» و«النشاط» الذي دبّ فجأة، في مفاصل الأجهزة الحكومية والجهات المعنية لضبط عملية سلامة الغذاء أخيراً، ألا يمر سوى أسابيع قليلة، ويصدر «قانون سلامة الغذاء».
وتسارعت الاجتماعات واللقاءات بمواكبة عمليات الدهم والمصادرة لعدد من المخازن والمحلات التجارية، إلا أن كل هذا الزخم بدأ يتراجع تدريجا، ولم يصدر القانون الموعود الذي يلحظ تشكيل «الهيئة الوطنية لسلامة الغذاء»، ومن مهماتها الرئيسة توحيد الجهود بين الوزارات المعنية بالملف، بدلا من تشعبها وتوزعها على أكثر من جهة.
المؤكد أنه أسبوعياً، تسجل عشرات حالات التسمم، بسبب تناول أطعمة فاسدة أو منتهية الصلاحية، فضلا عن عدم صلاحية معظم المياه المعبأة. ويؤكد في هذا الإطار، رئيس «جمعية حماية المستهلك» د. زهير برو لـ«السفير»، «وجود مجزرة حقيقية في سلامة المياه واللحوم».
الصورة قاتمة، ومشوشة، والسبب تقاسم صلاحيات متابعة هذا الموضوع بين كل من وزارات: الاقتصاد، الزراعة، الصحة، السياحة، الصناعة، الداخلية (البلديات)، البيئة، والمالية (إدارة الجمارك).. ما يحتاج إلى معجزة للاتفاق على «روح القانون» أولاً، قبل الولوج بالتفاصيل مع أجهزة رقابية ينقصها العديد والعدة والإدارة، وتحديد الأوليات.

« كمن يدافع عن شرف ابنته»

لعل التعبير المناسب والدقيق لوصف الوضع، يختصره وزير السياحة فادي عبود: «هناك معركة غير معلنة بين 8 وزارات في موضوع قانون سلامة الغذاء»، مضيفا لـ«السفير» «المشكلة تكمن في أن كل وزارة من هذه الوزارات، تريد اقتطاع الجزء الأكبر من صلاحيات الهيئة لمصلحتها، وتدافع عن ذلك كمن يدافع عن شرف ابنته. ومن هنا، فإن الأطراف المعنية غير مستعدة حتى الآن، التنازل عما يخصّ وزاراتها لمصلحة اقرار القانون وتشكيل الهيئة».
وعلى الرغم من هذه الاشكالية، يشير مدير «برنامج الجودة في وزارة الاقتصاد» د. علي برو، إلى أن «الجهود ناشطة على أكثر من صعيد لانجاز الصياغة النهائية لمشروع القانون، وإرساله إلى مجلس الوزراء».

مظلة «الهيئة الوطنية للمراقبة» لمن؟

وبينما يتجنب تحديد المهلة الزمنية لعملية الانجاز، يوضح برو لـ«السفير» أن «وزارة الاقتصاد تبحث المشروع مع الوزارات المعنية، ومنها تشكيل فريق عمل مع وزارة الزراعة، وقد توصلنا إلى صيغة توافقية. كذلك جرى نقاش مع وزارة السياحة، وطرحت بعض التعديلات، ويبقى هناك البحث مع وزارات الصحة والصناعة والداخلية (البلديات)، لاستكمال الصورة».
لكن، يتوقف برو أمام عدد من الأسئلة، منها: «تحت أية مظلة ستكون الهيئة الوطنية لمراقبة سلامة الغذاء؟ هل ستكون مستقلة، أو ستكون تحت رئاسة مجلس الوزراء، أو تحت إدارة احدى الوزارات المعنية؟».
يعود وزير السياحة ليوضح أن «الوزارة وضعت الملاحظات المتعلقة بها على مشروع القانون، لكن المزعج في الأمر، تضارب الرؤى حول الصلاحيات، فكل وزارة تريد ربط عمل الهيئة بها».

قطاع السياحة.. و20 قوة ضاربة!

ويضيف عبود «ما بين أجهزة وزارات الزراعة والاقتصاد والصحة والسياحة.. أصبحت المؤسسات السياحية تخضع لعشرين قوة ضاربة، إذ يقدر أي جهاز: حماية المستهلك، شرطة الآداب والبلدية، مفتشو الصحة، وغيرهم.. الدخول إلى الفندق أو المؤسسة السياحية ليبلّ يده، كما يقال».
في حين يؤكد أن «الشرطة السياحية أصبحت مدربة لمتابعة سلامة الغذاء في المؤسسات السياحية، لكن صلاحياتها تتوقف عند المسألة التقنية، التي تعود المسؤولية فيها لمديرية حماية المستهلك، ومنها أخذ عينات من المضبوطات، لفحصها في المختبر».
وبعدما يحذر من نقل صلاحيات وزارة ما إلى وزارة أخرى، يفيد عبود «من ضمن الاقتراحات التي قدمناها، وباستثناء الموضوع الأمني، المطالبة بحصر رقابة سلامة الغذاء في قطاع السياحة، بالوزارة، وتجهيزها بما يلزم من عناصر ومختبر لفحص العينات، على أن تبقى هناك مساعدة من قبل الجهات المعنية. لكن فوجئنا أن كل وزارة من الوزارات المعنية غير مستعدة لإعادة النظر بالموضوع».
أمام هذا الوضع، يضيف عبود، «وانطلاقا من أن فاعلية كل عمل تقوم به الدولة فاشلة، كان هناك نصيحة أن تلجأ الحكومة إلى القطاع الخاص عبر شركة مختصة لتنفذ عمليات الكشف والرقابة والمتابعة، ولعل ذلك يكون لمصلحة الاقتصاد الوطني، وأسلم وأسهل، من دون أن ننسى أن قابلية الرشى أقل في القطاع الخاص.. لكن حتى الآن لم أتلق الجواب الشافي».

«لا خارطة طريق واضحة»

وبلغة تشاؤمية، يقول عبود: «هناك مشكلة.. لم ألمس خارطة طريق واضحة للسير في المشروع»، مرجحاً ألا يصدر القانون، «إلا إذا جرى الاتفاق على أن تكون الهيئة الوطنية مستقلة، بمساعدة الوزارات المعنية».
من جهته، يتريث رئيس «نقابة أصحاب الصناعات الغذائية» جورج نصراوي التعليق على الموضوع، مشيرا إلى أن «المعطيات المتوفرة لدينا أن هناك بحثا جديا من قبل الجهات المعنية، خصوصا في وزارتي الاقتصاد والزراعة، لانجاز مشروع القانون».
أما نقيب «أصحاب المطاعم والمقاهي والباتيسري» بول عريس، فيعتبر أن العوائق التي تواجه اقرار مشروع القانون مشكلة الوزارات المعنية، مشيرا إلى أن «المطاعم ملتزمة بتطبيق معايير سلامة الغذاء، والدليل أنه لم تسجل حالة تسمم واحدة طوال موسم الصيف».

المماطلة المتعمدة.. وغياب القرار

في هذا الوقت، يطلق رئيس «جمعية حماية المستهلك» صرخة تحذيرية، معتبرا أن «هناك مماطلة متعمدة في موضوع قانون سلامة الغذاء، وليس هناك من قرار جدي ونهائي لاصدار القانون»، مضيفاً «وزارة الزراعة مثلا، وعلى الرغم من اجراءاتها الجدية في الحدّ من الفساد الغذائي، لن تستطيع السير بتغيير جذري في مسألة سلامة الغذاء»، مشيرا إلى أن «الوزارة تعتبر أن القانون يقلّص من صلاحياتها، ونحن نقول: صحيح هناك جزء يتعلق بها، لكن هناك أجزاء تتعلق بوزارات أخرى، ويجب معالجة الموضوع سريعا، فتركه على هذه الحالة، والتأخير في اقراره، يوفر الأرضية الصالحة لتفشي الفساد الغذائي».
ويكشف أن «هناك أنواعا عديدة من الميكروبات والجراثيم رصدت في عينات من اللحوم أخيراً، كذلك هناك خطر حقيقي من المياه المعبأة في لبنان، فبعد تحليل 50 عينة تشمل معظم شركات المياه المرخصة وغير المرخصة، تبين أن معظمها غير مطابق للمواصفات وغير صالحة للشرب. واللافت للانتباه أن بعضها يعود إلى شركات أساسية ومعروفة.. ما ترجمته عدم جود تحسن فعلي في سلامة الغذاء».
ويسأل «كيف يمكن للأمر أن يستقيم وصلاحياته موزعة بين أكثر من ثماني إدارات مختلفة، إذ يكفي ألا تقوم إدارة واحدة بواجباتها حتى تضرب سلسلة الغذاء وتضرّ المستهلكين صحياّ.. والجميع يدرك هذا الأمر».
ويرى أن «المدخل الوحيد لمعالجة تفاقم هذه المشكلة، وجود مرجعية واحدة لسلامة الغذاء يقرّها قانون سلامة الغذاء، ومن مهامها التنسيق بين الوزارات والإدارات المركزية المعنية، ومعالجة الوضع من المصدر، إذ لا معنى لكل الاجراءات إذا كان المصدر فاسدا»، مشددا في هذه النقطة على «أهمية أن تتمتع هذه المرجعية بالصلاحيات الكاملة، لتتمكن من محاسبة كل إدارة معنية تخلّ بواجباتها، كذلك أن تتمكن من الإشراف اليومي ومتابعة مسار المنتج».
بعيدا عن هذا الصورة، يذكّر مدير «برنامج الجودة في وزارة الاقتصاد» بما حدث أخيرا، «عندما هرع التجّار وأصحاب المحلات إلى رمي ما لديهم من مواد غير صالحة»، مؤكدا أن «هذا لم يكن ليحدث لو لم يلمسوا جدية لدى أجهزة الدولة، في متابعة الموضوع».

30 خطوة موازية للمشروع

ويلفت الانتباه إلى أن «اللجنة الوطنية لسلامة الغذاء التي عقدت برئاسة رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي أقرّت 30 خطوة اجرائية وموازية لمشروع القانون، بغية الحد من المخاطر والتثبت من استيفاء الشروط الصحية، من ضمنها تنظيم المستودعات الغذائية ومراكز توزيع اللحوم وبيعها، عبر وجوب تسجيلها رسميا، واخضاعها للتدقيق بما فيها مراقبة التخزين، والحرارة، والنظافة، وتوفير الكهرباء البديلة، مع وضع آلة لتسجيل الحرارة. كذلك ابلاغ وزارتي الزراعة والاقتصاد تفصيلياً عن كل الكميات المستوردة، وموعد انتهاء صلاحيتها للتحقق من اتلافها في الوقت المحدد».
ويستدرك قائلا: «لكن هذه الخطوات تحتاج إلى وضع عقوبات رادعة للمخالفين»، مذكرا بما حدث أخيرا مع تاجر لحوم، «أصدرت المحكمة في حقّه غرامة بدفع 50 مليون ليرة وسجنه 30 يوماً، لكن تمكن من خفض العقوبة إلى مليون ليرة وإلغاء عقوبة السجن.. أي كأننا نقول لهؤلاء أكملوا فسادكم».
ويكشف أنه «لسد هذه الثغرة، عقد لقاء بين الوزراء المعنيين ركّز على ضرورة تشدد وزارة العدل في العقوبات، ومنع تخفيف الحكم عن تجّار الأغذية الفاسدة». ويعلن أن «الجهات المعنية بملف الغذاء، تصدر حالياً قرارات وزارية تشكل خطة بديلة لقمع المخالفات، لحين صدور القانون، ومنها وجوب حصول كل مؤسسة تعنى بالغذاء على ترخيص».

مستويان للمتابعة و4 مبادئ أساسية

علمت السفير» بأن هناك مستويين من المتابعة في مشروع القانون المقترح، الأول يتعلق بوزارة الزارعة، إذ تبقى هي المسؤولة عن سلامة غذاء المنتج حتى باب المزرعة، والثاني: عند خروج المنتج من المزرعة، يصبح من مسؤولية «الهيئة الوطنية لسلامة الغذاء» التي يلحظها مشروع القانون.
ويركز المشروع على أربعة مبادئ أساسية، هي: تحليل المخاطر، إدارة المخاطر، الإعلام بالمخاطر، وسلسلة التتبع (أي تتتبع الهيئة الوطنية المنتج من المزرعة، بما فيها مراقبة مصدر الحبوب وأصلها مثلا، وصولاً إلى المستهلك، مروراً بالتصنيع والنقل والتوزيع، والتبريد، وبائعي الجملة والتجزئة). وتعدّ هذه الخطوة أساسية، لأنه في حال حدوث أي مشكلة، تتمكن الهيئة من تحديد مكمن الخلل ضمن سياق السلسلة، وتعمل على معالجته مباشرة. وفي هذا الإطار، يشير مدير «برنامج الجودة في وزارة الاقتصاد» أن «الاتحاد الأوروبي وافق على دعم مشروع قدمته الوزارة لإنشاء نظام سلسلة التتبع المتكامل، وتضع حاليا دفتر الشروط»، موضحا أن «الوزارة مسؤولة عن هذا المشروع إلى حين صدور القانون وتشكيل الهيئة الوطنية».
كامل صالح
الصفحة الرئيسية
تعريف عن الاتحاد
الجمهورية الاسلامية في إيران
موقف الأسبوع
اتحادات صديقة
متون نقابية
المخيم النقابي المقاوم
معرض الصور
أخبار عربية
أخبار دولية
متفرقات
بيانات
قطاعات اقتصادية
إنتخابات نقابية
مقالات صحفية مختارة
تشريعات
منصة إكس
ارشيف
أنشطة عمالية وأخبار نقابية
القطاع العام
صدى النقابات
الأجندة
دراسات وابحاث
نافذة على العدو
فرص عمل
سجل الزوار معرض الصور
القائمة البريدية البحث
الرئيسة RSS

لتلقي الأخبار العمالية

إضغط على أيقونة الواتساب أدناه

 

 

أدخل على حساب الفيسبوك 

 

لمتابعة حسابنا على منصة إكس 

إنقر على الأيقونة أدناه

 

يمكنكم الدخول إلى قناة اليوتيوب

لاتحاد الوفاء بالضغط على الأيقونة أدناه

     

 
Developed by Hadeel.net