متفرقات > «التنسيق»: معركتنا مفتوحة لتحويل السلسلة ولن نتردّد في التصعيد
تظاهرة مركزية لآلاف المعلمين والموظفين وسط إقفال المدارس والإدارات
عماد الزغبي : السفير 11-10-2012
«لا صوت يعلو فوق صوت الحق» لافتة كبيرة رفعتها «هيئة التنسيق النقابية» أمس في مقدمة التظاهرة المركزية المطالبة بإحالة مشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب من مجلس الوزراء إلى مجلس النواب من دون تقسيط مع تعديل الدرجات وإنصاف المتقاعدين والمتعاقدين والأجراء ومن دون ضرائب على ذوي الدخل المحدود، وللرد على «الهيئات الاقتصادية» و«المؤسسات التربوية» الرافضة لإحالة السلسلة. جاءت التظاهرة وسط إضراب عام وشامل، أقفلت معها المدارس الرسمية أبوابها، وعدد كبير من المؤسسات التربوية الخاصة، في حين لم تلتزم «المدارس الكاثوليكية» وبعض المدارس الخاصة بالإضراب، وألتزم موظفو الإدارة العامة بدعوة هيئة التنسيق، فتعطل العمل الإداري في القسم الأكبر من إدارات الدولة الرسمية، في العاصمة والمناطق. تأخر بضع دقائق موعد انطلاق التظاهرة من أمام مبنى وزارة التربية والتعليم العالي- الاونيسكو، بغية تنظيم الصفوف، وإفساح المجال أمام القوى الأمنية لقطع السير، وتسهيل حركة المتظاهرين. وسار أكثر من أربعة آلاف أستاذ ومعلم وموظف (وفق مصدر أمني)، يتقدمهم رؤساء الروابط والمكاتب النقابية، وحملة الاعلام اللبنانية ولافتات تدعو مجلس الوزراء الى الإسراع في إحالة السلسلة إلى مجلس النواب وتطالب بعدم تمييع الموضوع، وأخرى تهدد بالشلل التام في المدارس والمعاهد وإدارات الدولة في حال عدم إحالتها، ولافتات تدعو الى «عدم التضليل والتهويل في هذه القضية والى رفع الأيدي عن جيوب الفقراء وذوي الدخل المحدود». وأطلقت هتافات منادية بسرعة تحويل السلسلة الى مجلس النواب من دون تعديل، «لا تقسيط ولا تأجيل.. السلسلة بدا تحويل.. والإيرادات من الأموال المهدورة في البناء والمرفأ ومن التجار..». وهتف المتظاهرون للقوى الأمنية المنتشرة على جانبي الطريق، «خلي العسكر ينزل معنا.. هني معنا ونحن معهم، وعن حقهم ما تراجعنا ووجعنا وجعهم»، في إشارة إلى أن السلسلة تطال أيضا الأسلاك العسكرية، وليس فقط المعلمين والموظفين، ولاقت هذه الهتافات ارتياحاً وابتسامات من قبل العناصر الأمنية المنتشرة. وعلى وقع الهتافات سلكت التظاهرة الطريق الممتد من تلة الخياط - عائشة بكار - إلى الصنائع، حيث كان ينظم إلى المتظاهرين المئات من الموظفين والمعلمين والمتقاعدين. وأمام غرفة التجارة والصناعة، توقفت المسيرة لبضع دقائق، وعلت الهتافات المناهضة للهيئات الاقتصادية وللوزراء جبران باسيل ونقولا نحاس وفادي عبود: «يا باسيل ويا عبود ويا نحاس.. هيدي هي حقوق الناس»، في إشارة إلى حجم التظاهرة الكبيرة، لتوجه بعدها التحية لهيئة التنسيق «تحيا الحركة النقابية والهيئة التنسيقية»، ومن ثم تتابع المسيرة باتجاه شارع «سبيرز»، وأمام جسر «الرينغ» طلبت القوى الأمنية تبديل خط السير باتجاه ساحة رياض الصلح، ففعلت مقدمة التظاهرة، وسار الجميع داخل نفق «الرينغ» بعدما ألقيت نظرة على حجم المتظاهرين الذين غطوا الشارع بأكمله، وصولاً إلى الصنائع، فردّدوا «بص شوف التنسيق بتعمل أيه»، حتى أن بعض الهتافات رددت «مليونية» في إشارة إلى أن التظاهرة هي الخطوة الأولى للتحركات المليونية. وفي ساحة رياض الصلح، استقبلت المسيرة بالتصفيق الحاد من قبل المئات من المعلمين والموظفين الذين كانوا ينتظرونهم، كما كانت القوى الأمنية تنتظر بتدابيرها والحواجز والأسلاك المعدنية، التي وضعتها قبالة السرايا الحكومية.
كلمات تصعيدية
وبعد استراحة قصيرة، وأحاديث عن حجم التظاهرة التي بلغ عدد المشاركين فيها الآلاف، استهل عضو «هيئة التنسيق النقابية» محمد قاسم، الكلمات بالتأكيد أن التظاهرة هي لقطع الطريق أمام الهيئات الاقتصادية، والمؤسسات التربوية والمصارف الذين يشجعون على إلغاء السلسلة، وإطلاق صرخة من أن تأخر السلسلة يهدد بمشاكل كثيرة، وإلى شلل القطاع العام والمدارس في التعليم الرسمي والخاص. وتوجّه نقيب المعلمين نعمة محفوض، «بالتحية الخاصة الى المعلمين في المدارس الخاصة الذين تحدّوا بعض إدارات المدارس من أجل لقمة عيشهم»، منتقدا هذه الإدارات «التي لم تسمح لمعلميها بالمشاركة في التظاهرة». وأشار الى «أن معلمي المدارس الخاصة هم الوحيدون الذين لم يقبضوا الأربع درجات وأيضا لا يمكن قبض غلاء المعيشة إلا بعد صدور السلسلة». ورأى «أن حشد اليوم يشكل رسالة الى الحكومة ورئيسها، وتوجه إلى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي «الموجود في السرايا» بالقول: «بعد 13 شهراً لم يعد في إمكانه الحديث عن النفقات والواردات أو عن التوازن المالي، خصوصا بعدما نفذت هيئة التنسيق كل الوعود التي قطعتها، من التراجع عن مقاطعة تصحيح الامتحانات وبدء عام دراسي طبيعي، في حين أن ميقاتي لم يف بأي من وعوده». وهدد محفوض «بتصعيد التحركات حتى الاعتصام المفتوح أمام السرايا، وتطويقها وشل البلد في حال لم ترسل الحكومة سلسلة الرتب والرواتب الى مجلس النواب في أسرع وقت». ولم يوفر الاتحاد العمالي العام ولا الهيئات الاقتصادية، متهماً إياها «بالشراكة مع الحكومة في تأخير إقرار السلسلة». وتوجه إلى رئيس الجمهورية بالقول: «منذ عامين طلبت من المجتمع المدني والهيئات النقابية الوقوف إلى جانبك، والآن عليكم الوقوف إلى جانب الهيئات النقابية».
أيوب: نحارب من يحاربنا
ورأى رئيس «رابطة التعليم الأساسي» محمود أيوب أن «التظاهرة بالآلاف هي لنقول للمسؤولين وللتجار وللهيئات الاقتصادية أننا شركاء في هذا الوطن، ولنسمع من في آذانهم صمم، أن السلسلة ليست ترفا ماديا لنا، بل هي استعادة لحقوق سلبها التضخم وغلاء الأسعار وجشع التجار وهدر المسؤولين وصفقاتهم التي يعرفها القاصي والداني، وأن السلسلة ليست منة من أحد، إنها بدل أتعاب تعليم وتربية وتنشئة لأجيال». وختم: «من كان مع إقرار السلسلة سنكون معه، وسيكون الشعب الى جانبه، ومن يتخذ موقفا مائعا سنتخذ منه موقفا مغايراً. وإن من يقف مع حقوقنا نقف معه، ومن يحاربنا في لقمة عيشنا وكرامة عائلاتنا سنشهر به على رؤوس الأشهاد».
حيدر: للكف عن التهويل
ودعا رئيس «رابطة موظفي الإدارة العامة» د. محمود حيدر «الهيئات الاقتصادية وأرباب المال وكبار التجار وممثليهم في الحكومة وخارجها إلى وقف هجمتهم على السلسلة». وقال: «كفوا عن سياسة التهويل والتعمية التي تتبعونها حيال السلسلة، لأننا نعرف جيداً من أوصل البلد إلى ما وصل إليه من أوضاع مالية واقتصادية صعبة». وأعتبر أن ربط الحكومة إحالة السلسلة ببدعة توفير الإيرادات «ما هو إلا حجج تتذرع بها من أجل فرض ضرائب جديدة تطال ذوي الدخل المحدود والفقراء، ولتتجاوز مأزقها في تأمين واردات لتغطية نفقاتها الإضافية في الموازنة التي تفوق الـ 13 مليار ليرة». وحذر من التمادي في التأخير بإحالة السلسلة التي أقرّت، برغم خروجها عن الاتفاق الذي تمّ مع هيئة التنسيق، لأن «عدم إحالتها سريعاً سيدفع الموظفين الإداريين والأساتذة والمعلمين إلى تنفيذ خطوات تصعيدية كبيرة ربما تصل إلى الإضراب العام الشامل والمفتوح».
الحركة: ممنوع المسّ بالحقوق
تلاه رئيس «رابطة اساتذة التعليم المهني والتقني» فاروق الحركة، مؤكداً «أننا لا نطمع ولا نعمل على إسقاط الحكومة، بل على العكس، إننا متمسّكون بها لأنها هي من عمل على إعداد مشروع هذه السلسلة وتعهّدت إقرارها. وأقرّت السلسلة، ولكن نقضت الوعود والاتفاقات، والآن ننتظر إحالتها على المجلس النيابي». وقال: «إننا نستغرب ونستهجن سياسة المماطلة غير المبررة من الحكومة، والتي فيها بعض الريب والشك. والأكثر استغراباً، أنه عند أي تحرك، يفاجئنا دولة الرئيس بسؤاله لماذا يضربون ويتظاهرون ونحن نحقق ما يريدون؟ لماذا لا تحققون يا دولة الرئيس ما نريده من دون أن نقوم بأي خطوة تصعيدية ديموقراطية؟ إننا نلجأ الى هذه الخطوات كلما أحسسنا بالخطر يداهم كرامتنا ويعتدي على حقوقنا». أضاف: «قد نصل، إذا استمر أداء هذه الحكومة بالاستلشاق والاستخفاف بنا، الى الإضراب العام المفتوح، وننصح الحكومة بألا تضطرنا الى استخدام هذه الورقة». وختم: «نعاهدكم أننا لن نسكت ولن نقف مكتوفي الأيدي، ونحذر الجميع من المساس بحقوقنا لأننا لسنا من النوع الذي يفرط بحقوقه ويخون من أولونا ثقتهم».
غريب: معركتنا مفتوحة
ثم ألقى رئيس «رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي» حنا غريب كلمة باسم هيئة التنسيق قال فيها: «أتينا لنقول: كلنا معاً في هذه المعركة المفتوحة منذ عام ويزيد، في أروع وحدة نقابية تضامنية حاولوا ضـــربها ولم يفلحوا. فتحية لوحدتكم يا بناة حركة نقابية ديمـــوقراطية مســتقلة، تحية لصـــمودكم ولتــصميمكم على انتزاع حقكم كاملاً في سلسلة الرتب والرواتب». أضاف: «كلنا معاً في هذه المعركة لإحالة سلسلة الرتب والرواتب باعتبارها أولوية على ما عداها، أحيلوها ولا تتذرعوا بالتمويل، ولا تهولوا بعجز الخـــزينة ولا بخــدمة الدين العام يا أرباب العمل، فأنتم من خلق كل هــذه المشاكل، وأنتم آخر من يحق له الــكلام عنها، لأنكــم أول المستفيـدين من نتـائجها، ونحن أول المتضررين». تابع: «خراب الاقتصاد وعجز الخزينة سببه أنتم، سببه الهدر والفساد، والسرقات والصفقات والتهريب والمحاصصة والنظام الضريبي المنحاز والمضاربات العقارية والريوع المصرفية واغتصاب الأملاك البحرية والنهرية، وتدني الرواتب لتهجير الشباب وكفاءاتهم إلى الخارج». وأكد أن «هذه السياسة هي التي ضربت البلاد واقتصادها، وعنها تسكتون، لأنكم فيها متورطون. سلسلة الرتب والرواتب حق والحق يعلو ولا يعلى عليه، ولها الأولوية، كافحوا الفساد تؤمنوا 1,5 مليار دولار أميركي، افرضوا الغرامات على الأملاك البحرية والنهرية تؤمنوا 500 مليون دولار سنوياً، أوقفوا التهريب على المرفأ تؤمنوا 700 مليون دولار، افرضوا ضرائب على الريوع المصرفية تؤمنوا 500 مليون دولار، افرضوا ضرائب على الريوع العقارية تؤمنوا 720 مليون دولار، افرضوا ضرائب على الكماليات تؤمنوا 250 مليون دولار». وقال: «أحيلوا السلسلة على مجلس النواب من دون إبطاء أو تأخير، فتلك هي مصادر إيراداتها، فكفى مماطلة وتأخيراً، وكلفتها لا تتعدى الـ1500 مليار ليرة، بعد ست عشرة سنة من التضخم، وهي أقل مما تدفعه الخزينة لعجز الكهرباء سنوياً، البالغ ملياراً ونصف مليار دولار أميركي». ودعا غريب إلى إحالة السلسلة إلى المجلس النيابي، فـ«كلفتها من إجمالي كلفة الرواتب لا تتجاوز 33 في المئة خلافاً لما تدعون أنها ستون في المئة وتضللون الناس به، وكلفة الرواتب لموظفي القطاع العام وملحقاتها لا تتجاوز 22 في المئة من الناتج المحلي، بينما في دول العالم تتجاوز الستين في المئة». تابع: «لا للتقسيط لأننا لن نبيع حقوقنا للسنوات الخمس المقبلة بحقوق مستحقة عن السنوات الست عشرة السابقة. أحيلوا السلسلة مع تعديل الدرجات للأساتذة والمعلمين لقاء الزيادة في ساعات العمل. أحيلوها مع إعطاء المتقاعدين من الأساتذة والمعلمين حقهم في الزيادة من السلسلة على قدم المساواة مع غيرهم من المتقاعدين. أحيلوها وأعطوا الأجراء والمتعاقدين حقهم في رفع أجر الساعة بما يساوي نسبة الزيادة عينها». وشدّد على أن «لا مبرر على الإطلاق التأخير والمماطلة في إحالة السلسلة، ولن نسمح بذلك على الإطلاق، ومن يؤخر إحالة السلسلة هو الذي يتحمّل المسؤولية عن تصعيد التحرك وإضرابات واعتصامات وتظاهرات مفتوحة. هو الذي يتحمل مسؤولية الشلل في القطاع العام وإداراته ومؤسساته التعليمية، ومسؤولية الشلل في الاقتصاد والحياة العامة». وختم غريب: «يكفي أن ندعو الى اعتصامات في الشوارع وأمام أبواب الثانويات والمدارس والوزارات والإدارات العامة والبلديات، أساتذة ومعلمين وإداريين وطلاباً، فلا تدفعونا دفعاً الى اتخاذ هذا القرار الذي يشل البلاد بطولها وعرضها، فلن نتردد في اتخاذه إذا لم تجر إحالة السلسلة». وقبل انتهاء تفرق المتظاهرين ألقى عصام عزام كلمة بإسم رابطة متقاعدي أساتذة التعليم الـثانوي، عرض فـيها للظلم اللاحق بالمتقاعدين، والحسوم الكبيرة التي تطال رواتبهم التقاعدية.