اخبار متفرقة > ميقاتي: لنجعل الاقتصاد أولوية فتكون السياسة هي الآلية المحفزة والداعمة
افتتاح المؤتمر المصرفي العربي: «الاستقرار الاقتصادي في مرحلة انعدام اليقين»
عدنان حمدان : السفير 17-11-2012
اكد رئيس مجلس ادارة اتحاد المصارف العربية عدنان يوسف، لـ «السفير» انه لم تجر مقاطعة المؤتمر المصرفي العربي «الاستقرار الاقتصادي في مرحلة انعدام»، من قبل دول عربية، خصوصا الخليجية، واعطى دليلا الحضور الكثيف في حفل الافتتاح، وقال هذا يدل ايضا على الترابط بين المصارف العربية اينما كانت في العالم العربي. وردا على سؤال حول الخطة التي تعدها المصارف العربية من خلال اتحادها لمواجة الاعباء المالية والتداعيات الاقتصادية التي يمكن ان تتركها التطورات الجارية في العالم العربي، لا سيما في دول ما يسمى «الربيع العربي»، اجاب يوسف بالقول: «الكثير من البنوك العربية التي مرت في مراحل سياسية مشابهة رفعت من السيولة لديها، وزادت من ابتعادها عن القطاعات التي فيها مخاطر، مثل السياحة، وحافظت على ارتفاعات ملاءات رأس المال لمواجهة الديون المتعثرة، وايجاد سيولة للمؤسسات المعنية، ففي 45 في المئة تقريبا من هذه البنوك سيولتها جيدة، وتعتبر بمقياس العيار الدولي جيدة. وحول ما اذا كان المؤتمر حقق اهدافه من انعقاده في لبنان، اجاب: انه كان في المؤتمر حوالى 300 شخص، (ولو ان الافتتاح ليس معيارا) يقول يوسف: المصارف العربية كانت كلها موجودة، 220 شخصا مصرفيا من الخارج، من كل الدول وعلى رأسها البحرين الممثلة بشخصي. اما رئيس مجلس ادارة البنك الاهلي المصري طارق عامر، فيشير الى «السفير» بأنه تعود ان يكون في بيروت بصورة دورية لمتابعة المؤتمرات بالرغم من الظروف، ونشعر دائما اننا نعمل من اجل القطاع المصرفي العربي، وفوجئت بالحضور في المؤتمر على الرغم من الاوضاع في لبنان، وهذا يدل على نجاح المؤتمر، وارجو من اخواننا اللبنانيين الاقتصاديين والماليين التخفيف من وطأة الاحدث السياسية والامنية في المنطقة وخصوصا في الدول العربية». وردا على سؤال عن تأثيرات ثورة 25 يناير وعودة الحياة الدستورية الى مصر في القطاع المصرفي، ينفي عامر تأثرها سلبا بأي وجه من الوجوه، وهي كانت دخلت في السنوات العشر السابقة مرحلة اصلاح، فلما جاءت ظروف الثورة والازمة المالية العالمية، استطاعت المصارف المصرية استيعاب هذه الظروف بكاملها، وبالتالي عادت المصارف للعمل طبيعيا، اما من ناحية الاقتصاد المصري فليس بالقدر الذي يتصوره البعض، فبعض القطاعات تأثرت ايجابا، وبعضها سلبا، فالصادرات حققت مقدارا ايجابيا، في الاشهر التسعة الماضية، انما السياحة تأثرت بنسبة 25 في المئة، لكن في هذا العام الحياة طبيعية ومنتظمة.
يوسف: تأثيرات الاضطرابات
افتتح اتحاد المصارف العربية المؤتمر المصرفي العربي السنوي «الاستقرار الاقتصادي في مرحلة انعدام اليقين»، قبل ظهر امس في فندق فينسيا برعاية رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي وحشد من المصرفيين اللبنانيين والعرب ورجال المال والاعمال اللبنانيين. تناول رئيس اتحاد المصارف العربية عدنان يوسف في كلمة الافتتاح التطورات العربية السياسية والامنية بالقول: «لقد كان للاحداث والثورات والاضطرابات التي شهدها ويشهدها بعض الدول العربية، تأثير مباشر وواضح على النمو الاقتصادي للمنطقة العربية، فنسبة النمو بلغت 4,7 في المئة عام 2011، كما بلغت هذه السنة 3,3 في المئة، ومن المتوقع ان تنخفض الى 3 في المئة حتى نهاية العام الجاري، ولا بد من الاشارة الى تراجع الاستثمار المباشر في الدول العربية، حيث سجلت استثمارا واردا بلغ حوالى 50 مليار دولار عام 2011 مقابل حوالى 66 مليارا عام 2010. ويتوقع ان يرد هذه المنطقة استثمارات مباشرة حوالى 53 مليار دولار خلال العام الحالي». اضاف: تشير تقديراتنا الى ان موجودات القطاع المصرفي العربي بلغت حوالي 2,1 تريليون دولار بنهاية 2011 وودائعه حوالي 1,45 تريليون دولار وقروضه حوالى 1,3 تريليون ورأسماله 285 مليار دولار». وتساءل: «لماذا الاستقرار الاقتصادي في مرحلة انعدام اليقين» مجيبا ان «الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي يمثل عاملا اساسيا في دعم عملية انتقال السلطة وتجنب الاضطرابات الاجتماعية. ودعا الحكومات الى ضبط الإنفاق وتعزيز شبطة الامان الاجتماعي. ودعا المصارف المركزية ان تحفظ الاستقرار النقدي الذي قد يتطلب في بعض الحالات المزيد من المرونة في سعر الصرف للتخفيف من التأثر بالعوامل الخارجية. كما يتطلب التغلب على ارتفاع معدلات البطالة زيادة كبيرة في وتيرة النمو الاقتصادي وتعميم شبطات الامان والتركيز على نظم التعليم.
طربيه: خلل امني
تحدث رئيس جمعية المصارف جوزف طربيه عن الظروف المحلية والاقليمية البالغة الدقة والخطورة، حيث ان نتائج الربيع العربي في حلوها وفي مرّها لا تزال في جزء كبير منها في مرحلة المخاض، ولن تتخذ مفاعيلها النهائية الا بعد مسيرة يشوبها الكثير من الحذر وعدم اليقين. وسيزداد الوضع تعقيداً بسبب تفاقم الأزمات الاقتصادية العالمية، وقال: ليست الكفاءات البشرية هي التي تنقصنا، وانما تعزيز الاستقرار الأمني والسياسي كي نمهّد لمناخات الاستثمار في عالمنا العربي ولتفعيل العلاقات الاقتصادية البينية. وبعدما اشار الى الازمة الاوروبية، دعا «مصارفنا الى ان تزيل المخاطر وتسهر على تطبيق قوانين مكافحة تبييض الأموال وتمويل الارهاب، وتطبيق العقوبات الاقتصادية المفروضة على بعض الدول، اضافة الى إيجاد حلول لازدياد وتيرة الديون المتعثرة في هذه الأوضاع غير الطبيعية».ولفت الى ان لبنان، مدعوماً بإرادة دولية وعربية واضحة، ابتعد، ولو بصعوبة، عن العواصف الضاربة في المنطقة، ومن شظاياها ما حصل مؤخراً من خلل أمني ترك انعكاسات سياسية لا بد من احتوائها ومعالجة أسبابها، حتى تعود مسيرة الحياة الاقتصادية الى طبيعتها. فلا اقتصاد من دون أمن، ولا أمن من دون تشاور وحوار وتضافر جهود. اما على الصعيد المصرفي، فأضاف طربيه، تواصل مصارف لبنان أداءها الجيد على رغم الظروف الداخلية وظروف المنطقة الصعبة.
القصار: إعداد رؤية اقتصادية
واعتبر رئيس الهيئات الاقتصادية الوزير السابق عدنان القصار»إن الدول العربية كغيرها من دول العالم، تواجه اليوم قدراً من التراجع في مسيرة النمو والتنمية بفعل تباطؤ الاقتصاد العالمي. وهذا يستلزم السعي الى تأمين الافادة الكاملة من فرص التنمية المتاحة وتحسين ظروف الحياة لشعوبها. أن الإرادة الصلبة للبنانيين قد أكسبت الاقتصاد اللبناني ما يشبه جهاز المناعة لاستيعاب الصدمات الأمنية القاسية. ولا شك أن القطاع الخاص اللبناني قد عمل بكل كفاءته المعهودة من أجل بناء الهيكلية للقطاع المصرفي وتطوير إمكاناته بحيث استطاع أن يحوز على الثقة من الخارج والداخل. ولا بد من التنويه في هذا المجال بكفاءة مصرف لبنان بقيادة الحاكم رياض سلامة. ان لبنان يبقى وعلى رغم كل ما يمرّ به بلداً آمناً، وتبقى بيروت عاصمة العرب، كل العرب». وإذ شدد القصارعلى «أهمية توجيه الاستثمارات العربية بالأولوية نحو الاقتصادات العربية، فهو في صدد إعداد رؤية في هذا الشأن يرفعها إلى القمة الاقتصادية والاجتماعية والتنموية العربية المقرر انعقادها في الرياض مطلع 2013. ولن ندّخر وسعاً بالتعاون مع جامعة الدول العربية لتنفيذ كل المشروعات المهمة التي أقرّت في قمتي الكويت وشرم الشيخ، في طريق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة».
سلامه: المصارف اللبنانية في سوريا خسرت 400 مليون دولار
في مستهل كلمته، عدد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الأسباب المؤدية إلى القلق على المستقبل الاقتصادي والمالي عالميا وفي المنطقة. ومن أهمّها: أزمة الديون السيادية في أوروبا والانكماش في التسليف في هذه القارة، محاولة الولايات المتحدة مرة أخرى رفع سقف مديونيتها، التراجع في النمو لدى الدول الناشئة، فقدان الدول العربية غير النفطية احتياطاتها من العملات الأجنبية وانزلاقها نحو النمو الاقتصادي السلبي. لكنه لفت الى ان لبنان يبقى قادرا على تحقيق النمو الذي نتوقّع أن يبلغ 2 في المئة هذا العام. واكد الحاكم على ان مصرف لبنان يعمل على ترسيخ الثقة بالنموذج المصرفي اللبناني، وعلى الاستمرار في تدعيم رسملة المصارف اللبنانية إلى ما يفوق متطلبات بازل -3. وقال: «تجاوزنا مرحلة الشك بالتزام مصارفنا احترام القواعد الدولية لمكافحة تبييض الأموال، كما الالتزام بتطبيق العقوبات التي أقرّت في الأمم المتحدة أو في الجامعة العربية، أو إفراديا في دول نتعامل بعملاتها أو مع مصارفها. ويعمل مصرف لبنان أيضا على تعزيز وتحفيز التسليف بهدف زيادة الطلب الداخلي حيث ستنمو التسليفات بنسبة 10 في المئة هذا العام وذلك إدراكا منا بأن النمو وفرص العمل يأتيان من النجاح في توسيع حجم الاقتصاد اللبناني. واعلن ان مصرف لبنان «سيطلق قريبا مبادرات جديدة لتوفير التسليف للإسكان وللطاقة البديلة وللقطاعات الإنتاجية. يترافق ذلك مع توصية للقطاع المصرفي بمقاربة مرنة ومهنية للمدينين لا سيما لهؤلاء المدينين بكفالة مؤسسة كفالات وفي القطاع السياحي». وقال سلامة «لرويترز» على هامش المؤتمر»: إن البنوك اللبنانية في سوريا خسرت 400 مليون دولار خلال الصراع الدائر هناك منذ 20 شهرا.» وأشار إلى أن لبنان لم يستفد كثيرا من تحويل الاموال والاستثمارات من سوريا وانما «كانت الحركة طبيعية». بعده تحدثت عبر الشاشة، برسالة، رئيسة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد.
ميقاتي: الاستقرار السياسي والاجتماعي
اكد رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي ان لبنان، وعلى الرغم من تأثره سلباً بالأوضاع السياسية والامنية والاقتصادية الجارية في منطقتنا العربية والعالم ، الا أنه كان من اقل الدول تعرضاً لتأثيرات الأزمة المالية العالمية. واشار الى ان الحكومة تقوم بدراسة خطة عمل للاصلاح الاقتصادي والاجتماعي تتمحور حول تدعيم الاطار الاقتصادي، مساعدة القطاع الخاص، وإعادة تأهيل البنى التحتية من طاقة ومياه وصرف صحي، وتنمية وحماية الإنسان عبر التعليم والرعاية الصحية والحماية الاجتماعية، ودعم التنمية المناطقية والبلدية، والعمل على الإصلاح المؤسساتي والإداري. وهذه الخطة التي تمتد على أمد متوسط تتضمن منظومة من حوالى ثمانين إجراءً ومشروعاً في شتى القطاعات. كذلك عملت الحكومة على العديد من الملفات الاقتصادية بما في ذلك إحالة 80 مشروع قانون الى المجلس النيابي منذ حزيران 2011. ونذكر من هذه المشاريع والقوانين: قانون الأسواق المالية التي جرى تعيين أعضاء هيئتها. كما تعمل الحكومة على توحيد الرؤية حول دور القطاع الخاص وامكانية تفعيله اكثر، وعلى إصدارّ قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص. وقال: يقوم حاكم مصرف لبنان بمعاونة سلطات الرقابة المصرفية بتدعيم مناعة القطاع المصرفي والامتثال الى المعايير الدولية الجديدة، في ما يتعلق بإدارة المخاطر ومعدلات الملاءة والسيولة. وفي هذا الإطار تعمل الحكومة على تفعيل دور هيئة الاسواق المالية التي تم تشكيلها كي ينمو قطاع السندات والأسهم فتكتمل بذلك هيكلية القطاع المالي الذي يجب الا يقتصر على القطاع المصرفي وحده. اما في قطاع الاتصالات فنحن في صدد وضع آلية ترسم سياسة واضحة لتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات قائمة على تطبيق القانون الرقم 431 والعمل على «تعزيز التماسك والتضامن الاجتماعي وتوفير التغطية الصحية لجميع المواطنين المقيمين، كما نتابع اقتراح قانون تعويضات نهاية الخدمة للعاملين في القطاع الخاص «. وقال: «اننا بحاجة اليوم الى وضع حوافز جديدة تساعد على استعادة الثقة الى اقتصاداتنا، وعلى رأس هذه الحوافز، الاستقرار بمعناه السياسي والاجتماعي. لا يجب ان نستخدم الاقتصاد من أجل اهداف سياسية، ولنجعل من الامور الاقتصادية أولوية، فتكون السياسة هي الآلية المحفزة والداعمة لها». وتوجه الى جميع السياسيين، في الموالاة والمعارضة بالقول: «نحن لسنا بصدد الهروب من الواقع والعيش في حلم الاستقرار الوهمي، الا اننا نرفض ان نستسلم أمام أول مشكلة او ازمة، مهما كبر حجمها».