اخبار متفرقة > وزني يتخوّف من الإستمرار في الإنفاق على القاعدة الإثني عشرية/
غبريل يدعو لصدمة سياسية إيجابية بحجم «اتفاق الدوحة»
مريام بلعة : الشرق 31-12-2012
تذهب «سكرة» العام 2012 وتأتي «فكرة» الـ2013 مستيقظين على استحقاقات ليست أقل دقة وخطورة من تلك التي شهدها لبنان في السنوات الأخيرة، خصوصاً أن الأجواء الإقليمية والداخلية لا تزال ملبّدة ما يجعل التكهّنات لمستقبل الإقتصاد الوطني ضبابية.
تحديات إقتصادية ومالية عديدة تنتظر لبنان في العام 2013، على وقع الإستحقاق الإنتخابي الربيعي، في ظل خريف اقتصادي تتساقط فيه الآمال بتحقيق المطالب الملحة كافة مع غياب مصادر التمويل.
هذا الواقع، سلّط عليه الضوء الخبير المالي والإقتصادي غازي وزني الذي حدّد عبر «الشرق» الإستحقاقات التي سيواجهها لبنان في العام المقبل:
أولاً: اقتصاد 2013 سيكون غير واضح ويتسم بالضبابية والقلق، نظراً الى ارتباطه بتداعيات الازمة السورية وانعدام الإستقرار الداخلي، سياسياً وامنياً، إضافة الى استحقاق الإنتخابات النيابية.
ثانياً: متابعة استحقاقات العام 2012، وهي:
1- ملف سلسلة الرتب والرواتب للقطاع العام، التي على الحكومة إقرارها وإحالتها على مجلس النواب.
2- مشروع موازنة 2013 والذي على الحكومة أيضاً، إقراره وإحالته على المجلس.
3- إطلاق تراخيص ومناقصات التنقيب عن النفط في المياه اللبنانية.
4- ملف الكهرباء: ضرورة إنهاء مناقصة إنشاء معمل دير عمار وتأهيل معملي الزوق والجية.
5- معالجة ملف ضروري وحيوي، يتعلق بأولويات الناس الإجتماعية والحياتية، كالكهرباء والمياه والطرقات، إضافة الى غلاء المعيشة نتيجة ارتفاع اسعار المواد الغذائية والاقساط المدرسية...إلخ.
6- التعيينات الإدارية في الوزارات والمؤسسات العامة والجامعة اللبنانية، اضافة الى التعيينات القضائية والديبلوماسية.
الاستحقاقات المالية: 12،2 مليار دولار
وحدد قيمة الإستحقاقات المالية المرتقبة للعام 2013، بـ 12،2 مليار دولار موزّعة على استحقاقات ديون بالليرة اللبنانية والدولار الأميركي بقيمة 9 مليارات دولار، إلى جانب العجز في المالية العامة والبالغ 3،2 مليارات دولار.
وأوضح ان «الحكومة لن تجد صعوبة في تمويل هذه الاستحقاقات، لان القطاع المصرفي اللبناني سيغطي مصادر التمويل، لكن المصارف ستحاول في المقابل، الإفادة من هذا الإستحقاق، وتطلب رفع معدلات الفوائد وخصوصاً على الليرة اللبنانية.
وإذ لفت الى ان «على الحكومة المقبلة التحضير لمشروع موازنة العام 2014»، تخوّف وزني من «أن يبقى الوضع في 2013 على ما كان عليه في 2012، من حيث الإنفاق على القاعدة الإثني عشرية».
غبريل: 0،6 % توقعات النمو للعام 2012
من جهته اعتبر رئيس قسم الأبحاث والدراسات الإقتصادية في بنك بيبلوس الخبير المالي والإقتصادي نسيب غبريل في حديث لـ»الشرق» أن «التحدي الأساس للإقتصاد الوطني في 2013 يكمن في استعادة نسبة النمو المرتفعة التي شهدها بين العام 2007 و2010 حيث كان يسجَل نمو سنوي 8%، بينما تراوح في 2011 بين 1،5% و1،8%، وفي العام الجاري لم تتخطَ نسبة النمو 1%، حيث تشير التوقعات إلى 0،6% للعام 2012». وعزا هذا الإنخفاض في النمو إلى تراجع ثقة اللبناني المغترب والمقيم كما المستثمر العربي والأجنبي، بالسياسات الإقتصادية المعتمدة في لبنان.
ورأى أن «استعادة نسبة النمو المرتفعة تكمن في رفع معدل ثقة المستهلك اللبناني واستعادة ثقة المستثمر العربي والأجنبي، هذا هو التحدي الأهم فيما الباقي يصبّ في هذه الخانة». وقال غبريل: «تتأثر ثقة المستهلك بالوضعين السياسي والأمني. وعندما يتأمّن الإستقرار على هذين المستويين، تصل ثقة المستهلك إلى مستوى مرتفع، ما يشجع الإستثمار المباشر ويرفع بالتالي معدل النمو الإقتصادي في البلد. والعكس هو الصحيح، حيث عند غياب الإستقرار المشار إليه، تتراجع ثقة المستهلك وحركة الإستثمار، ويتراجع معدل النمو».
وذكّر بالفترة «التي شهد فيها الإقتصاد الوطني ارتفاعاً في ثقة المستهلك - بحسب مؤشر بيبلوس - بفعل اتفاق الدوحة في أيار 2008»، وقال «إن لبنان بحاجة إلى صدمة سياسية إيجابية بحجم تلك التي أحدثها اتفاق الدوحة». ولم يغفل الإشارة إلى ان من شأن التطورات السياسية الإيجابية رفع ثقة المستهلك، في حين أن الأحداث الأمنية أدّت إلى تراجعها. والواضح في لبنان أن ثقة المستهلك تتأثر شبه كلياً بالأوضاع السياسية والأمنية».
وتابع غبريل في معرض حديثه عن تحديات العام 2013، بالإشارة الى وجود تحديات مصرفية ومالية، حدّدها بـ»العجز المستفحل في الموازنة العامة والذي سجل ارتفاعاً ملحوظاً هو الأكبر عالمياً»، موضحاً أن عجز الموازنة العامة في لبنان بلغ 8% من الناتج المحلي، ونسبة خدمة الدين وصلت إلى 135% من الناتج وهي ثالث أعلى نسبة في العالم، وقال: «هذه الأرقام تشكّل عبئاً على القطاع المصرفي اللبناني، لذلك على الحكومة العمل على خفض معدل العجز من خلال خفض حجم النفقات والحدّ من الهدر وزيادة الواردات، وليس من خلال زيادة الضرائب. إضافة إلى تحفيز الجباية ومكافحة التهرّب الضريبي».
وأكد غبريل أنه «في حال توفرت الإرادة السياسية لتطبيق ذلك، تمّ الإستغناء عن الضرائب الجديدة»، لافتاً إلى أن «التقديرات تشير إلى تأمين نحو مليار دولار أميركي سنوياً للخزينة العامة، في حال تم خفض معدل العجز وتحفيز الجباية ومكافحة التهرّب الضريبي، إضافة إلى إدخال الإقتصاد الرديف (الذي يؤمّن بين 7 و14 مليار دولار للخزينة) إلى الإقتصاد الرسمي من خلال إعطاء حوافز للشركات غير المسجلة تمهيداً لإدخالها في الإقتصاد الرسمي».
ورداً على سؤال عن السبب الذي يمنع الحكومة من اعتماد هذه الحلول، عزا غبريل ذلك إلى اللامبالاة السياسية اتجاهها، وقال: منذ 12 سنة والحديث جارٍ عن ضرورة القيام بالإصلاحات البنيوية، وذلك على لسان مسؤولي البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية ومؤسسات التصنيف والمصارف الإستثمارية العالمية كما اللبنانية والخبراء كافة، لاعتبارهم أن من شأن هذه الإصلاحات خفض كلفة الأعمال على الشركات، وتحسين المناخ الإستثماري، وتطوير بيئة الأعمال، لأن هدف الإصلاحات رفع مستويات النمو الإقتصادي لخلق وظائف جديدة.
أضاف: «ليس هناك من سرّ في عدم تطبيق تلك الإصلاحات والحلول المرجوة، إنما الإرادة السياسية غير موجودة ولا التوافق السياسي على ذلك. ولو توفر ذلك، لجنّبنا لبنان التداعيات التي يواجهها راهناً جراء أحداث المنطقة لا سيما ما يجري في سوريا، ولكان تأثير ذلك على الإقتصاد اللبناني أقل ما هو عليه اليوم».