سجّلت نقابة مزارعي التبغ في الجنوب تراجع محصول التبغ في المناطق الجنوبية خلال السنوات الأخيرة بحدود 700 ألف كيلوغرام من أصل سقف الإنتاج الذي كانت قد حددته الإدارة المذكورة، والبالغ خمسة ملايين وأربعمئة ألف كيلوغرام، وذلك يعود لإقلاع المئات من المزارعين عن هذه الزراعة جراء المعاناة التي يتكبدونها، إذ تكاد الأكلاف التي يدفعونها على المحصول لا تعادل مردود الإنتاج نهاية الموسم. وتطالب النقابة إدارة الريجي بزيادة رخص الزراعة لتعويض النقص الحاصل في كمية الإنتاج على مستوى المنطقة، بعدما باتت زراعة التبغ في الجنوب ملجأ لآلاف المزارعين، خصوصاً في المناطق التي لم تصل إليها مشاريع الري، إذ تحولت إلى مصدر وحيد للدخل، وبالتالي إلى عامل مهم في تثبيت المزارع في أرضه، ما دام مطمئناً إلى ثبات هذا الدخل، مع انسحاب هذا الأمر على القرى والبلدات التي كانت ترزح تحت الاحتلال الاسرائيلي، والتي لم يتخلَ أهلها عن زراعة التبغ طيلة سنوات الاحتلال، بالرغم من الظروف الأمنية الصعبة التي كانت تحيط بهم. وكانت الأسعار التشجيعية المدعومة من الدولة قد دفعت الآلاف من المزارعين الذين كانوا قد تخلوا عن هذه الزراعة في سنوات الحرب إلى العودة إليها مجدداً، كما جذبت مزارعين آخرين لا يملكون تراخيص لمزاولتها، ما حمل المسؤولين في وزارة المال وإدارة الريجي على تحديد سقف إنتاج التبغ في الجنوب بخمسة ملايين وأربعمئة ألف كيلواغرام سنوياً، قبل عودة هذه الزراعة للتراجع خلال السنوات الماضية، إذ يستفيد منها في الجنوب حالياً نحو 15 ألف عائلة من أصل 16500 ألف عائلة كانت تعتاش منها عندما كانت في أوجها، بينها نحو ثلاثة آلاف عائلة في منطقة النبطية، التي تنتج ما مجموعه مليون كيلوغرام من التبغ سنوياً، وتعتبر بلدة عدشيت من أكبر القرى المنتجة للتبغ فيها، إذ يبلغ إنتاجها ما يربو على مئتي ألف كيلوغرام، وتليها بلدة زوطر الغربية بإنتاجها الذي يقارب مئة ألف كيلوغرام أي ما نسبته ثلاثين في المئة من زراعة التبغ في المنطقة المذكورة، في حين يستفيد من هذه الزراعة إضافة إلى زراعة التنباك أكثر من عشرة آلاف عائلة في منطقتي البقاع والشمال. ويتمنى رئيس اتحاد نقابات مزارعي التبغ في لبنان حسن فقيه، الذي يولي هذه الزراعة اهتماماً خاصاً، توزيع رخص زراعية جديدة على صغار المزارعين الجنوبيين لدعم صمودهم في قراهم وبلداتهم، ومساعدتهم على حل مشكلاتهم الحياتية والمعيشية الصعبة التي يعانونها، لا سيما سكان المناطق الحدودية الذين ليس أمامهم سوى زراعة التبغ. ويطالب بزيادة سعر كيلوغرام التبغ الواحد ليصل إلى 15 ألف ليرة كسعر وسطي، ليتناسب مع المؤشرات الرسمية لغلاء المعيشة التي سجلت خلال الحقبة الأخيرة، إضافة للتعويض على المزارعين الذين أحرقت محاصيلهم إبان العدوان الاسرائيلي في حرب تموز في العام 2006. وجدد فقيه مطالبته المسؤولين في الدولة والحكومة بإدخال المزارعين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي فعلاً لا قولاً، والذي وعدوهم به منذ سنوات عديدة، معرباً عن أسفه لبقاء هذا الوعد حبراً على ورق إلى يومنا هذا، لا سيما أن هذا الأمر درس في ادارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي التي بدورها أحالته على مجلس الوزراء منذ العام 2000 وما يزال في أدراجها منذ ذلك الحين. ولفت إلى المساحات الكبيرة من الأراضي الزراعية التي لا تزال مزروعة بالألغام، لا سيما في المناطق التي كانت تفصل بين ما كان يسمى بالشريط الحدودي المحتل والأراضي المحررة، إضافة للأراضي التي قصفتها قوات الاحتلال الاسرائيلي بالقنابل العنقودية خلال عدوان تموز في العام 2006 وحرمان أصحابها من استثمارها حتى الآن، متمنياً على المسؤولين المعنيين والجيش والقوات الدولية والمؤسسات والمنظمات التي تعنى بإزالة الألغام والقنابل العنقودية في الجنوب المسارعة إلى تنظيف هذه الأراضي من المتفجرات، لإفساح المجال لإعادة زراعتها من قبل أصحابها، علمــاً بأن معظــم الشهداء والجرحى الذين أصيبوا بالقنابل العنقودية كانوا من المزارعين والرعاة والعمال في هذه المناطق. بدورهم، يناشد المزارعون المسؤولين المعنيين في وزارة المال وإدارة الريجي العمل على رفع أسعار محصول التبغ بما يتناسب مع أكلاف زراعته المرتفعة دوماً، بما يؤدي إلى تكبدهم خسائر فادحة، خصوصاً أن هذه الزراعة كانت الدافع الأول لصمود الجنوبيين في أرضهم إبان الاحتلال الاسرائيلي وما تزال العمود الفقري بالنسبة اليهم. ويرى المزارع حسن أيوب أن مزارعي التبغ لا يقدمون على هذه الزراعة حباً بها، بل لأنها الزراعة الوحيدة التي يسهل تسويقها، لا سيما بعد سياسة الدعم التي اعتمدتها الدولة في شرائها للمحصول منذ سنوات عدّة، مطالباً الرؤساء الثلاثة والمسؤولين في وزارة المالية وإدارة الريجي بمواصلة دعم هذه الزراعة باعتبارها الخيار المتبقي للمزارعين الجنوبيين. ويطالب المزارع حسن اسماعيل المسؤولين المعنيين بالعمل على إدخال مزارعي التبغ في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لكي يضمنوا عائلاتهم على الصعيدين الصحي والاجتماعي، وبإنشاء بنك لتسليف المزارعين ومدّهم بالقروض الميسرة، ورفع سقف إنتاج الدونم الواحد من التبغ، وإعطاء رخص جديدة لهم، ومساعتهم بالأسمدة والمبيدات والأدوية الزراعية.