اخبار متفرقة > غسان غصن يرهن الأمور باستجابة الحكومة للمطالب
وعربيد لأفكار قابلة للتنفيذ
مريم بلعة : اللواء 11-2-2013
بدت طلائع الحوار الإقتصادي والإجتماعي، على رغم غياب الهيئة العامة للمجلس الإقتصادي والإجتماعي الذي ينادي به الجميع كساحة لهذا الحوار، الضوء الخافت في عتمة الأزمات السياسية والأمنية المتتالية على الساحتين اللبنانية والإقليمية، والتي ترخي بظلالها على الواقعين الإقتصادي والإجتماعي في لبنان. علماً ان بعض الاتحادات والنقابات العمالية بدأت تعدّ العدّة للإضرابات العامة وغيرها، وأبرزها تحرك قطاع النقل البري في 28 شباط الجاري، يسبقه تحرك هيئة التنسيق النقابية في 19 منه.
من هنا السؤال «هل سيكون هذا الحوار النافذة المتينة لسحب فتيل التحركات القطاعية والعمالية الضاغطة من الشارع، أم سيصل إلى حائط مسدود؟».
عربيد
رئيس الجمعية اللبنانية لتراخيص الإمتياز «فرانشايز» شارل عربيد أبدى كل تفاؤل بالحوار الحكومي الإقتصادي والإجتماعي، والذي باشر به رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي في السراي مع كل من الهيئات الإقتصادية والإتحاد العمالي العام. وقال في حديث إلى «الشرق»: «عُقد اللقاء الأول مع دولة الرئيس الذي أراده حواراً إقتصادياً بدأه مع أركان الهيئات وفق ورقة تقدّمت بها، تضمّنت مجموعة من الأفكار تتعلق بالامور العامة والسياسية، وأخرى بالقطاعات الإقتصادية والوضع الإقتصادي عموماً، وتشكّلت لجنة مشتركة من القطاعين العام والخاص التي أشارك في عضويتها، لمتابعة الأمور قطاعياً. كذلك يلتقي الرئيس ميقاتي وفد الإتحاد العمالي العام ليوسّع مروحة التواصل. هذا الأمر جيد ونأمل أن يحقق النتائج المرجوة وأن نخرج بأفكار قابلة للتنفيذ، إذ هناك أمور خارجة عن إرادتنا لا نستطيع تنفيذها ولا حتى الحكومة نظراً إلى الوضع الإقتصادي العام في البلد».
واعتبر انه «انطلاقاً من التجربة الحاصلة في الحوار الإقتصادي قد يتوجب التوجّه إلى مرحلة أخرى وهي تعزيز العمل مع الحكومة على إيجاد مساحة دائمة للحوار وقد تكون هذه المساحة المجلس الإقتصادي والإجتماعي الذي لا يزال معطلاً إلى اليوم. بالطبع سنبقى ننادي ونضغط حتى تعيين الهيئة العامة للمجلس وانطلاق المجلس الإقتصادي والإجتماعي ليصبح المكان الطبيعي والقانوني والميثاقي لهذا النوع من الحوارات».
وعما إذا كان ذلك يعني أن لا طريق مسدوداً مع الحكومة بعد اليوم، قال عربيد: «لم يكن هناك طريق مسدود مع الحكومة يوماً، ولا رفض لمبدأ الحوار. فالهيئات الإقتصادية حريصة على الإقتصاد، كان هناك بعض الخلط بين السياسة والإقتصاد لكننا تخطينا تلك المرحلة انطلاقاً من مبدأ أن ننصرف نحن الى الإهتمام بالشؤون الإقتصادية المعنيين بها مباشرة، ونتمكن من التوصل الى نتائج مفيدة للإقتصاد، عندها يكون الجميع فائزين. أما القراءة في السياسة فهي موضوع آخر».
ورداً على سؤال عن إعلان رئيس الإتحاد العمالي العام غسان غصن تجاوب الرئيس ميقاتي مع مسألة تصحيح الاجور سنوياً، قال عربيد: «هذا مطلب الإتحاد العمالي العام، وكنا تحدثنا في الموضوع وأعلنا أننا نفضّل بألا يأتي تصحيح الأجور دائماً بتراكم كبير بما يشكّل عبئاً على المؤسسات الخاصة. بل يجب البحث في مبدأ الأمور، إذ هناك موضوع الأرقام وغيرها، وستجتمع لجنة المؤشر قريباً لهذه الغاية. لكن يجب التنبّه الى أن زيادة الأجور يجب أن تكون مدروسة وأن يكون الإقتصاد قادراً على استيعابها. وأعتقد أن التعاون مع الإتحاد العمالي موجود ومتواصل، كل من موقعه. لنوفر لهذه التجربة حظوظ النجاح ونرى إلى أين سنصل، مع تأكيدنا على ضرورة إجراء الحوار في المجلس الإقتصادي والإجتماعي».
غصن
من جهته نقل غصن تجاوب الرئيس ميقاتي مع ورقة مطالب وفد الاتحاد العمالي العام الذي زاره الأسبوع الفائت، حيث «تلمّس لديه الجدية في تحقيق مطالب الاتحاد»، وقال لـ»الشرق»: «بالطبع لمسنا التجاوب التام مع المطالب المطروحة ضمن ورقة الاتحاد العمالي العام وبرنامج الاولويات التي وضعناها وخصوصاً الموضوع المتعلق بالتغطية الصحية للمضمونين بعد بلوغ سنّ التقاعد وهو المرحلة الاولى من نظام التقاعد والحماية الاجتماعية».
وعما إذا تلقى وفد الإتحاد وعداً حكومياً في هذا الاطار، قال: «ليس الموضوع مسألة وعد بقدر ما هو وضع آلية لإعداد النظام وتنفيذه، من هنا كلّف وزير العمل الإعداد للمشروع علماً أنه يرأس لجنة الحوار المستدام كما انه الوزير الوصي على الضمان الاجتماعي. وكان هناك تواصل مع وزير العمل الذي بدوره رحّب باستكمال الموضوع في إطار اجتماعات متلاحقة لإطلاق المشروع».
ولفت غصن الى «النقطة الأخرى البارزة الواردة ضمن جملة مطالب الاتحاد التي عُرضت في اجتماع السراي، وهي موضوع الأجور وفقاً لدورية تصحيحها وفق ما تم الإتفاق عليه مع رئيس الحكومة خلال المفاوضات التي جرت في هذا الشأن، كي لا تتراكم نسب التضخم فضلاً عن انها تشكّل عبئاً اجتماعياً كبيراً انطلاقاً من انعدام القدرة الشرائية والإتجاه نحو خط الفقر، وعبئاً اقتصادياً من حيث حجم التضخم المتراكم سنة تلو الاخرى والذي يؤدي بالتالي الى الإنكماش، وفي الوقت ذاته ارتفاع كلفته على الحكومة فنصل الى ما وصلنا اليه في موضوع سلسلة الرتب والرواتب التي لو عولجت سنوياً لما عانينا اليوم من عجز الحكومة عن تأمين مصادر لتمويلها، خصوصاً اننا نرفض الضرائب التي ستطال في النهاية المستفيدين من السلسلة. واقترحنا مراراً تمويلها من خلال فرض الضرائب على الارباح الريعية والمصرفية واعتماد الضريبة المباشرة والتصاعدية التي تُفرض على المقتدرين وأرباحهم، إضافة إلى مكافحة الفساد والرشاوى وصولاً الى الحدّ من هدر المال العام».
وعن تحفظ بعض أركان الهيئات الاقتصادية عن تصحيح الأجور سنوياً، قال: «البعض منها يريد تشغيل الناس بالسخرة، ويعتبر نفسه فوق الدولة، وغير معني بما يلتزم به رئيس الحكومة، وبالتالي نعتبر تصريحات بعضهم غير مسؤولة وخصوصاً عندما ينبع من ذاتية وتفرّد وإعلان حال العصيان على الدولة. من هنا الحكومة تلعب دور الضابط الاقتصادي والاجتماعي، فهل المطلوب ان تعالج الحكومة الازمة الاقتصادية دون الاجتماعية؟ أو إذا عالجتها نرفض آلية المعالجة؟».
وعما سيلي لقاء السراي، وهل من لقاءات دورية مقبلة مع الرئيس ميقاتي، قال غصن: «الجدية تستوجب متابعة هذا البحث وصولاً الى ترجمة الاولويات التي طرحها الاتحاد العمالي العام، وخصوصاً موضوعي استكمال نظام التقاعد والحماية الاجتماعية وتنفيذ المرحلة الاولى منها وهي التغطية الصحية للمضمونين، وتصحيح الاجور الذي يستوجب تحديده وفقاً لنِسب التضخم المعروفة، وهو رقم إذا عالجناه سنة تلو الأخرى وخصوصاً بنقاشات هادفة في لجنة المؤشر، نستطيع تأمين استقرار معيشي من جهة، وضبط الاسعار من جهة اخرى، وخصوصاً ان في صلب عمل اللجنة مراقبة تقلبات الاسعار وأسباب ارتفاعها، وذلك بالتنسيق بين وزارة العمل والوزارات الاخرى للحدّ من موجة الغلاء وفلتان الاسعار وضبط الإنفاق».
وعن إضراب قطاع النقل البري المقرر في 28 من الجاري، قال غصن: «الدعوة جاءت بناءً على خطة التحرك التي وضعها الاتحاد العمالي العام مطلع هذا العام، ودعونا كل الإتحادات القطاعية والمهنية والعمالية الى القيام بسلسلة تحركات كل في الموضوع الذي يئنّ منه ويطلق الصرخة في شأنه، شبيهة بصرخة السائقين العموميين من ارتفاع اسعار المحروقات وغضّ الحكومة الطرف عن اتفاق سابق ودعوات الإتحاد العمالي العام الدائمة الى وضع سقف لأسعار المحروقات. وكذلك تحرك اتحاد عمال البلديات الذي وضع خطة تحرك خصوصاً ان مشروع سلسلة الرتب والرواتب يستثنيهم كما تصحيح الاجور. وكذلك الامر بالنسبة الى المصالح المستقلة والمؤسسات العامة».
وختم: «كل الإستعدادات الجارية مرهونة بمدى استجابة الحكومة لتلك المطالب، فبقدر ما تكون متقدمة في معالجة القضية الاجتماعية، يكون الوضع إيجابياً وإلا فالإتحاد العمالي عبر كل قطاعاته، سيتجه نحو التصعيد».