اخبار متفرقة > النحالون: تغيرات الطقس تخفض الإنتاج من 80 إلى 4 أطنان
عسل المتن الأعلى مورد أساسي في مواجهة الأزمة الاقتصادية
انور عقل ضو . السفير 19-2-2013
غالباً ما يجاهر نحالو المتن الأعلى بجودة إنتاجهم من العسل، نظراً لوفرة المراعي وتنوّع الغطاء النباتي من أعالي جبل الكنيسة نزولاً إلى وادي لامرتين، وهم يمثلون واحداً من أهم القطاعات الانتاجية في هذه المنطقة، إذ يتعدى إنتاج قفرانهم في المواسم المؤاتية مناخاً ووفرة غذاء في المراعي الـ 80 طناً في السنة، حسب آخر إحصائية لـ «الجمعية التعاونية لمربي النحل في المتن الاعلى»، وهذا يؤكد أهمية هذا القطاع لكونه يمثل موردَ رزقٍ أساسياً لعدد كبير من المواطنين، فضلاً عن انه يعتبر رافدا اقتصاديا مهما لمواطنين يعتمدون تربية النحل لزيادة مداخيلهم، في مواجهة الضائقة الاقتصادية. إلا أن قطاع تربية النحل غالباً ما يتعرّض لنكسات وكوارث من أمراض وعدم القدرة على تصريف الانتاج، تضاف إليها الحرائق التي تأتي على المراعي وتحرم النحل من الغذاء، فضلا عن التوسع العمراني وتراجع المساحات الخضراء. لكن الموسم الماضي جاء ماحلاً ليس بسبب هذه المشكلات فحسب، وإنما بسبب التغير المناخي الذي أفضى إلى طقس متطرف لجهة انحباس المطر منذ بداية الربيع، ما أدى إلى جفاف ويباس الازهار ما حرم النحل مصادر غذائه، وأدى الى تراجع الانتاج من ثمانين طناً إلى ما بين 3 و4 أطنان. ندرة العسل ومشكلاتها ربما لم تواجه النحالين مشكلات كبيرة لجهة تصريف الانتاج، إلا لعدد قليل منهم، ولكن ندرة العسل تسببت بمشكلات اقتصادية واجتماعية يعيش النحالون تبعاتها وهم بالكاد يؤمنون موجبات تربية النحل من قفران وأدوية وشمع وغيرها من مستلزمات لا بد من توفيرها لتأمين انتاجية مقبولة، ويقول سمير مرداس إن «الانتاج كان معدوماً، فمن نحو 200 كلغ معدل انتاج سنوي (قطفت) أقل من 30 كلغ؛ وهذا حال جميع النحالين». وإذ أشار إلى أن سعر «كيلو العسل البلدي يتراوح بين 20 و25 دولاراً»، لفت مرداس إلى أن «خسارة موسم تترتب عليه مشكلات نعجز عن مواجهتها من دون حضور الدولة المفترض أن تكون حاضنة للقطاع الزراعي». النحل وانحباس الأمطار رئيس «الجمعية التعاونية لمربي النحل في المتن الاعلى» الباحث في مجال النباتات والازهار الرحيقية عبدالناصر المصري، أشار إلى أن «عدد النحالين المنتسبين الى الجمعية هو 250 نحالاً يتوزعون بين محترف ومبتدئ، وبين من يعتمدون تربية النحل كهواية او لتأمين مردود مادي إضافي من موظفين وغيرهم»، وقال: «نسبة غير المنتسبين ليست قليلة فهي بحدود 30 في المئة لأن هؤلاء لديهم أعداد قليلة من القفران وجلهم من الهواة، والنسبة الاكبر منتسبون الى الجمعية». ولفت المصري إلى أن «إنتاج العسل يبقى مرتبطاً بعامل الخبرة لجهة نقل القفران حسب المناطق التي يتوافر فيها الزهر، فضلاً عن أمور تقنية منها تأصيل الملكات وتجديدها كل سنة أو سنتين ومعالجة الامراض ومكافحتها». أضاف المصري: «كان الموسم ضعيفاً العام الماضي بسبب انحباس الامطار منذ اواخر آذار 2012، ما أدى الى فقدان الغذاء الرئيسي والكافي للنحل بحيث ضمرت الازهار وتعرضت للجفاف ومن ثم لليباس، وانعكس ذلك علينا موسماً ضعيفاً، فضلا عن ضعف في خلايا النحل لا سيما عند النحالين المبتدئين ممن ليس لديهم خبرة واسعة في هذا المجال، في ما يتعلق بنقل القفران والتدخل عبر التغذية في الوقت المناسب بعد قطاف الكمية المتوفرة من العسل، ورصد المراعي وهذا يتطلب الخبرة في معرفة أنواع وأوقات تفتح الازهار». وأشار إلى أن «مشكلة ضعف الخلية تكون ناجمة عن انخفاض أعداد العاملات، وهذا سببه عدم توفر المصدر الغذائي، ما يساهم في تراجع أعداد العاملات التي هي اساس القفير». وقال: «في جولة احصائية نظمتها الجمعية وشملت 40 نحالا كعينة عشوائية تبين لنا ان 60 في المئة من النحالين تناقصت أعداد قفرانهم في مقارنة مع العام 2011 بسبب المناخ والطقس». وعزا سبب تراجع كميات الانتاج وأعداد القفران إلى «عامل المناخ بالدرجة الاولى، تضاف إليه مجموعة من العوامل، منها آفة (الفاروا)، واستخدام المزارعين للمبيدات الحشرية ولمبيدات الاعشاب التي تقضي على النحل وتؤثر في الغطاء النباتي»، لافتاً إلى أن «نسبة كبيرة من النحالين غير محترفين ولا تتوفر لديهم الخبرة في الاعتناء بالقفران ومواجهة التبدلات المناخية من خلال نقل القفران بحثاً عن المراعي حسب الارتفاعات من الساحل الى الجبل. وهناك امور تقنية اهمها تغيير الملكات كل سنة او سنتين». مرض «التعفن الأميركي» واستعرض المصري أمراضاً تصيب النحل من بينها «مرض التعفن الاميركي»، لافتا إلى أنه «من الامراض الخطيرة ويمكن أن يبقى تحت السيطرة تبعاً لمستوى معرفة النحال به لجهة تشخيص المرض واتخاذ بعض الإجراءات الوقائية لحصره». وقال: «كجمعية أعددنا دراسة تؤكد أنه لا تتجاوز الخسائر الناجمة عن مرض التعفن الـ 2 او 3 في المئة اذا احسن النحال التعاطي مع هذا المرض بالاستناد إلى دراسة ميدانية وعلمية قمت بها على مدى 14 سنة». وإذ أشار إلى أن «الإنتاج كان متراجعاً كثيراً»، لفت المصري إلى أن «تراجع سوق العسل بسبب عدم وجود الخليجيين، بحيث تراجع التسويق بنسبة 75 في المئة ما بين 2010 و 2012 بسبب تراجع الانتاج من جهة وعدم وجود الخليجيين الذين يساهمون خلال تواجدهم صيفاً في استهلاك كميات كبيرة من العسل». وإذ عرض لتحسن «أداء وزارة الزراعة مع وجود الوزير الحالي الذي كسر الروتين المعروف وظل على تماس مباشر مع المزارعين»، نوّه الى ان «الوزير حسين الحاج حسن رصد لجمعيتنا 10 ملايين ليرة لمشروع تقدمنا به وهو عبارة عن مصنع للشمع للجمعية في «مركز المتن الريفي الحرجي» في قرنايل وهو عائد لجمعيتنا وجمعية A.F.D.C البيئية». خطة جدية لمراحل الإنتاج وأشار إلى أن «ابرز مطالبنا تتمثل في إقرار خطة حقيقية وجدية تلحظ كل مراحل الانتاج في عملية تنموية في مجال تربية النحل من الانتاج الى التسويق»، لافتاً إلى أنه «لا يمكننا مواجهة شركات الترويج والدعاية للعسل الاجنبي، والى عدم امكانية مراقبة نوعية العسل الموجود في السوق، ما يتيح دخول انواع رديئة وبأسعار مضاربة». إنشاء شركة تسويق ومن جهته، طالب سامي أبو سعيد «الدولة أن تساعدنا لإنشاء شركة تسويق وطنية ضمن مواصفات عالمية»، لافتاً إلى أن «العسل اللبناني من اجود انواع العسل نتيجة العدد الكبير من الازهار ومصادر الرحيق». وقال أبو سعيد: «صحيح خسرنا موسماً وتكبدنا خسائر، لكن لا يمكن إلا أن نعامل القفران ونؤصل الملكات استعداداً لموسم نتمنى ان يكون وفيراً يساعدنا على تجاوز خسائر العام الماضي». وطالب «بضرورة تخصيص صندوق لدعم النحالين في مواسم ماحلة»، مستغرباً «عدم اهتمام الدولة لا سيما الهيئة العليا للاغاثة التي لم تطرق بابنا للوقوف على معاناتنا». وتمنى أن «توفد وزارة الزراعة وفداً فنياً لمعاينة الواقع على الارض، وتوفير سبل دعم هذا القطاع لما يمثل من أهمية كرافد مهم للاقتصاد الوطني».