علت الهتافات المناهضة للحكومة في وسط العاصمة، وأمام وزارتي الاقتصاد والاتصالات، و«جمعية المصارف»، على أن يكون الصوت مدوياً أكثر في يوم «الزحف نحو السرايا» الذي حددته «هيئة التنسيق النقابية» اليوم، انطلاقا من البربير، في غياب أي أمل بمعالجة سريعة للمطلب النقابي بتحويل مشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب إلى مجلس النواب، كما تم الاتفاق عليه مع الحكومة، بعدما أعلن وزير المال محمد الصفدي، إثر لقاء مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، أن السلسلة لن تطرح على طاولة مجلس الوزراء اليوم، وتأكيده إعادة النظر ببعض الأرقام. وفي موازاة ذلك، لم يأتِ حراك هيئة التنسيق في اتجاه عدد من الوزراء بأي جديد، أو ببارقة حل قريب، يمكن أن يبصر النور، ما دفع الهيئة إلى تعبئة جماهيرها استعدادا للتظاهرة المركزية اليوم في بيروت. وجاء تحرك وفد الهيئة في اتجاه مقار وزارية عدة، وعقد لقاءات مع الوزراء من بينهم وزير التنمية الإدارية محمد فنيش، وزير الطاقة والمياه جبران باسيل ووزير الصحة العامة علي حسن خليل، وكانت النتيجة ضبابية، في ظل تأكيد أن مصادر تمويل السلسلة قد اكتملت، وأحقية المطالب المرفوعة، إلا أن قرار إحالتها الى مجلس النواب لم يتخذ بعد. وكشفت مصادر الهيئة لـ«السفير» أن دعوة رئيس «اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة» محمد شقير للجلوس مع الهيئات الاقتصادية، جاءت في غير وقتها، خصوصاً أن الدعوة مع الهيئات غير صالحة كونها ليست رب عمل المعلمين والموظفين، والمسؤولية تقع على الحكومة، وبالتالي تعتبر الهيئات طرفاً في الأزمة وليس في الحل.
أمام «الاقتصاد»
بكّر الموظفون والأساتذة والمعلمون في الحضور إلى وسط بيروت، في ظل تدابير أمنية مشددة اتخذتها القوى الأمنية من قوى أمن داخلي وجيش، ودعا محمود ذبيان، في بداية الاعتصام، باسم موظفي وزارة الاقتصاد، إلى تحديث الإدارة ووضع البرامج الإصلاحية لأن «الوضع لا يستقيم إلا بتحسين الظروف المعيشية للموظفين تجنباً للفساد الإداري». وأكد حسين ديب عن التعليم الابتدائي ضرورة إحالة السلسلة، لما لها من انعكاسات إيجابية على الوضع المعيشي لموظفي القطاع العام. وألقى كلمة موظفي الإدارة العامة محمد قدوح، وقال: «البارحة طلب وزير الداخلية من أحد العمداء منع الموظفين في وزارة الداخلية (مروان شربل) من المشاركة في تظاهرة أمس (أمس الأول) مهدداً بإعادتهم بالقوة، وسمعوا منه كلاما نابياً». نقول للوزير شربل إن «حق هؤلاء الموظفين من مسؤوليته وهو معني بحقهم، ولن نخرج من الشارع قبل إحالة السلسلة». واعتبر رئيس «رابطة التعليم الثانوي» حنا غريب أن «الاعتصام هو مقدمة للزحف إلى بيروت غداً (اليوم)، وستنفذ هيئة التنسيق تظاهرة مركزية من أمام ساحة البربير زحفاً إلى السرايا الحكومية». وتوجه إلى الأهل والطلاب و«كل من تعز عليه كرامته» بالقول: «انصروا هيئة التنسيق، من أجلكم تحركت، من أجل عزة هذا الوطن ووحدته ضد السماسرة والتجار والفاسدين الذين سرقوا لقمة عيشنا». وتوجه إلى الرئيس ميقاتي بالقول: «احزم أمرك، تارة هناك تمويل وتارة لا تمويل، المشكلة عندك، إذا كنت غير قادر على تنفيذ الاتفاق فأنت مسؤول عن تنفيذه وإلا فلماذا وقّعته. اخرج إلى الرأي العام واعتذر له لأنك وقّعت اتفاقاً وأقررت السلسلة، وقل لشعبك إنك عاجز عن التنفيذ. أنت المشكلة لأنك تطيع الهيئات الاقتصادية». وانتقد نقيب المعلمين نعمة محفوض، الذي حُمل على الأكتاف، كلام بعض الوزراء أن المتقاعدين يعيشون بذخاً وأعمارهم طويلة. وقال: «هذا ليس مجلس وزراء يمثل الشعب. المطلوب من ميقاتي، أن يضع السلسلة على جدول أعمال مجلس الوزراء، لأن غداً (اليوم) سيكون يوم الزحف من بعلبك وحلبا ورميش والشوف وجبل لبنان وبيروت والبقاع، معلمو المدارس الخاصة أصبحوا أحراراً ولن نترك الشارع إلا بعد إحالة السلسلة». في إشارة إلى مشاركة المدارس الكاثوليكية في الإضراب. ودعا جورج نهرا باسم التعليم المهني «القوى المعارضة والمؤيدة للحكومة إلى مواكبة هذا التحرك الشريف والتدخل من أجل الشعب»، مشيراً إلى «أن الإضراب ليس هدفنا بل وسيلة لتمتين الهدف».
.. نحو وزارة الاتصالات
على وقع الهتافات الرافضة لتقسيط السلسلة، والمطالبة بإحالتها إلى مجلس النواب، انطلقت مسيرة هيئة التنسيق نحو مبنى «جمعية مصارف لبنان»، مروراً بمسجد محمد الأمين، بعدما شكل أساتذة التعليم المهني والتقني سلسلة بشرية، بلباسهم الموحد وقبعاتهم، من أجل تنظيم المسيرة. وأمام الجمعية أطلقت الهتافات ضد من تمثل، «ها هي.. شبيحة وحرامية.. والحكومة الحرامية»، لتتابع بعدها المسير نحو وزارة الاتصالات، لتتوقف أمام بلدية بيروت، حيث خرج الموظفون إلى الشرفات لتحية المتظاهرين، وكان الرد: «يلي واقف على البلكون إنزل شعبك هون». وأمام أحد المحال التجارية صدرت دعوات إلى المقاطعة، ولدى وصول المسيرة أمام وزارة الاتصالات في شارع المصارف، استقبلهم موظفو الوزارة بالترحاب: «أهلا وسهلا بالثوار أنتم الشعب الأحرار». وألقى غسان ناصر باسم موظفي الاتصالات كلمة أكد فيها الموافقة على سياسة هيئة التنسيق ومواقفها، وحق التحرك النقابي. ورد غريب بتحية مماثلة، مؤكداً أن لا قيمة للقوانين إذا لم تكن في خدمة موظفيها. وكرر دعوته إلى الزحف اليوم نحو السرايا الحكومية. وبعد الاعتصام انتهت المسيرة حضارية وسلمية.
مواقف
أعلنت الهيئة التنفيذية لـ«رابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية» التضامن مع هيئة التنسيق، والإضراب العام في جميع كليات الجامعة ومعاهدها، يوم غد الخميس، ودعت أساتذة الجامعة إلى المشاركة الكثيفة في تحركات هيئة التنسيق المحددة لهذا اليوم. وأعلنت لجنة التنسيق والمتابعة للعاملين والمتعاقدين والأجراء في «المركز التربوي للبحوث والإنماء» تأييدها مطالب هيئة التنسيق، وعبرت في بيان لها عن المعاناة التي يعيشها العاملون في المؤسسة على مختلف المستويات، برواتب وأجور متدنية، وتعويض صرف بعد بلوغ السن القانونية لا يغني ولا يسمن، وحرمان من الضمان الصحي الذي يحتاج إليه كل إنسان في خريف العمر. ودعت «حركة اليسار الديموقراطي» كل اليساريين والديموقراطيين واللبنانيين إلى أي فئة انتموا، أن يشاركوا اليوم في التظاهرة التي تنطلق من البربير باتجاه السرايا الحكومية، كي «يعود الحق إلى أصحابه، ولوقف سياسة الكذب المستمرّة، وسياسة إفقار الشعب، لمصالح بعض النافذين الحاكمين». عماد الزغبي