اخبار متفرقة > «التنسيق» تفجّر غضَبها على طريق القصر: لـن نكـلّ
عماد الزغبي السفير 6-3-2013
رفضت «هيئة التنسيق النقابية» أن تحشر وسط السواتر الحديدية التي وضعتها القوى الأمنية، وأرادت مساحة من الحرية، بعدما نقل مكان اعتصامها من مفرق القصر الجمهوري، إلى مستديرة الصياد سابقاً. قبلت الهيئة بالتدابير الأمنية، ولم تشأ المواجهة، غير أن الجموع التي احتشدت بالآلاف ضغطت، مطالبة بمساحة أوسع، فرفعت السواتر وباتت الطريق الدولية بمجملها، صعوداً في اتجاه بعبدا، متنفساً عن الغضب الذي يعتري نفوس المتضررين من تأخر إحالة مشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب إلى مجلس النواب. في المقابل، علق المواطنون في سياراتهم لأكثر من ساعة. تجمّع أساتذة التعليم الرسمي والمهني والمعلمون في التعليم الأساسي، إلى جانب الموظفين، ومعهم مجموعات من الطلاب والأهالي، وأصواتهم ترتفع تارة، وتنخفض تارة أخرى، والحديث الأبرز المقابلة التلفزيونية الأخيرة لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وإعلانه رفضه «الخضوع لضغط الإضراب». ودلّ على غضب المشاركين في الاعتصام كثرة الصور التي تهاجم رئيس الحكومة، ومعه الهيئات الاقتصادية التي وصفت بأنها «لائحة العار»، ورفعت صور لوزير الزراعة حسين الحاج حسن، كتب عليها «بدنا الناس تنتخبنا»، فتدخل عدد من المعلمين وعملوا على سحبها. ورداً على استفسارات المعتصمين، رأى رئيس «رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي» حنا غريب، في موقف ميقاتي تراجعاً، وقال: «صحيح أنه شن هجوماً في الشكل، لكنًه تراجع في المضمون»، واعتبرها بادرة أولى. وشدد على أنه آن الأوان للانتهاء من ملف السلسلة، وأن تلتزم الحكومة بتاريخ محدد في الحادي والعشرين من الجاري، وناشد رئيس الجمهورية ميشال سليمان العمل على إنصاف الموظفين والمعلمين. لم يشف غليل المعتصمين، غياب حنا غريب عنهم، وإن كان حاضراً، ولم يعذروا صوته المبحوح، على الرغم من تنقلاته وسط الجموع البشرية يشد أزرهم، علّ الوقوف معهم، يعوضهم عدم إلقائه كلمة. وانتظر المئات منهم انتهاء الاعتصام والتظاهرة لأخذ صورة تذكارية إلى جانب القيادي والنقابي، الصامد، إلى جانب زملائه في هيئة التنسيق، وهم الذين هتفوا للهيئة ولغريب «علي صوتك يا حنا.. والباقي كلّو منا.. بركي بيسعموا الطرشان». وخاطبت معلمة غريب: «أنت كل يوم ضيفنا في المنزل وعلى نشرات الأخبار، أما اليوم فقد رأيناك مباشرة». ارتفعت أصوات المكبرات الصوتية الضخمة وسط حشود المعتصمين، غير أنها لم تكن كافية لإسماع الجميع، فاستعانت مجموعات من المعلمين والموظفين، بمكبرات الصوت الصغيرة التي رافقتهم في اعتصاماتهم، طوال خمسة عشر يوماً من عمر الإضراب المفتوح. لم يكن بالإمكان رصد جميع الهتافات التي أطلقت، غير أن جميعها ركز على مطلب واحد، وهو إحالة مشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب إلى مجلس النواب. عشرات الهتافات والأغاني والقصائد، ومنها «وينك وينك يا حكومة.. مأمورة بأمر التجار وأنت منهم محكومة»، و«لن نسمح لحيتان الاقتصاد ان يسلبونا حقوقنا». وحضر طلاب الثانويات من مختلف المناطق، وتميز طلاب ثانويتي «أنصار»، و«حسن كامل الصباح» في النبطية، و«مهنية حاصبيا الفنية» بحيويتهم، وهتفوا بأعلى صوتهم على وقع «الدربكة» مطالبين بالسلسلة لأساتذتهم.
دقيقة صمت على الحكومة
بعيد العاشرة بقليل، غصت الطريق المؤدية إلى مفرق القصر الجمهوري بآلاف المشاركين من مختلف المناطق، واستهل الاعتصام أمين لجنة الدراسات والإحصاءات في «رابطة التعليم الأساسي» عدنان برجي بالطلب من المشاركين بـ«دقيقة صمت وصلاة عن روح الغائب هذه الحكومة»، وأكد باسم الرابطة «الأكبر انتشاراً على الساحة اللبنانية، والأكثر حرماناً، والأقل راتباً والأكثر تغييباً عن الساحة، أن التعليم الأساسي لن يقف أو يتراجع حتى إقرار سلسلة الرتب والرواتب». وقال: «نعلنها صراحة إن من يملك قرار الامتحانات الرسمية، هم الأساتذة، ولن تجري هذه الامتحانات في موعدها في حزيران المقبل قبل إحالة السلسلة حتى ولو تأخرت الامتحانات إلى تشرين». وناشد الطالب خالد الكردي، باسم طلاب لبنان في المدارس الرسمية، الرئيس سليمان «أن يبحث في موضوع الامتحانات الرسمية مع وزير التربية وإيجاد حل لهذه المعضلة»، وتوجّه إلى الرئيس ميقاتي بالقول: «هل ضميرك مرتاح ونحن بين أربعة جدران في المنزل، حتى تفكر بحل للسلسلة، وستة أشهر لم تكن كافية للتفكير فيها». وذكّر الحكومة بأن الطلاب سينتخبون بعد أربع سنوات، و«لن يرحموا أو يتساهلوا مع كل من ساهم في رمينا في المنزل ولو يوماً واحداً، وسننزل إلى الشارع ونقف يداً بيد مع أساتذتنا حتى تحصيل حقوقهم». وتوجه رئيس «رابطة التعليم المهني» إيلي خليفة إلى سليمان قائلاً: «ننتظر منكم يا حامي الدستور والمؤسسات والحريات، قراراً شجاعاً بدعوة مجلس الوزراء إلى جلسة استثنائية طارئة للبت النهائي بمصادر التمويل للسلسلة وأخذ القرار بتحويلها». وقال أمين سر «رابطة أساتذة التعليم الثانوي» نزيه جباوي: «كفى وعوداً، لن نمّل ولن نكلّ حتى تحقيق المطالب، ومن هنا مدخل القصر الجمهوري مقر سيد البلاد ورئيسها، باسمكم جميعا نتوجه إليه أن يشملنا برعايته، ويقول كلمته الفصل في مجلس الوزراء اليوم قبل الغد لإحالة السلسلة». وحيا رئيس «رابطة موظفي الإدارة العامة» محمود حيدر المعتصمين وتوجه إلى مجلس الوزراء المنعقد والى سليمان بالقول: «فلتطرح السلسلة اليوم من خارج جدول الأعمال ويتخذ قرار واحد وصريح في شأن السلسلة وسنقابلكم بموقف إيجابي». وألقى كامل شيا كلمة «رابطة التعليم الأساسي» نيابة عن رئيسها محمود أيوب فقال: «جئنا اليوم صفا واحدا وكلمة واحدة تحت راية هيئة التنسيق، هذه الهيئة هي صاحبة القرار الوطني النقابي الحر التي أنتجت على مدى شهور ما عجزت عنه كل الهيئات النقابية، ونقول كفى لمن يتاجر بأرزاقنا وأعناقنا. كفى كذبا، ولن نغادر الشوارع والساحات حتى تحويل السلسلة». وقال عصام عزام باسم الأساتذة المتقاعدين إن «المعاش التقاعدي ليس منة من أحد، بل هو مشروع المحسومات التقاعدية والترقية التي اقتطعت من رواتب الموظفين طيلة فترة خدمتهم، لذا نرفض المشاريع المشبوهة». واختتمت الكلمات بقصيدة للشاعر عدنان أبو زيد من وحي المناسبة، ثم أعطيت شارة بدء المسيرة في اتجاه بعبدا ـ الفياضية - الجمهور بعدما أقفلت الطريق لجهة اليمين من مستديرة الصياد لتسمح للمعتصمين بالمرور. وسار الآلاف مسافة أكثر من 1500 متر صعوداً، على وقع «وينيك يا حكومة»، و«يا رئيس شعبك عايش حيص بيص.. بفضل ميقاتي..» و«شعبي يا شعبي أعلنها ثورة ضد الحكومة، وضد الوزراء يلي سرقوا حقك.. أعلنها ثورة ضد ميقاتي والهيئات»، ثم عادت المسيرة نزولاً في اتجاه مستديرة الصياد، على وقع «بدنا الجيش يهتف معنا»، لتختتم المسيرة من حيث بدأت، مع الدعوة للمشاركة في الاعتصام عند العاشرة صباح اليوم أمام وزارة الطاقة ـ طريق النهر. والتجمع العاشرة صباح اليوم عند مستديرة بعقلين والانطلاق بتظاهرة حاشدة إلى سرايا بيت الدين الحكومية. ودعت هيئة التنسيق جميع المعتصمين إلى اللقاء الثالثة والنصف بعد ظهر غد الخميس، في قاعة «قصر الأونيسكو» لـ«ترفعوا قبضاتكم وصوتكم مجددا، ولتقولوا إن عيد المعلم هذا العام هو عيد الغصة، عيد الألم، عيد الغضب على مسؤولين ينسون هموم شعبهم».
