اخبار متفرقة > «السفير» تحاور القطاعات الاقتصادية والنقابات .....«الاتحاد العمّالي العام»: ضبط الشارع حسب الحاجة
جانب من لقاء»السفير» مع وفد الاتحاد العمالي العام برئاسة غصن
عدنان حمدان
اختارت «السفير» أن يكون دخولها سنتها الأربعين مناسبة لاستعراض الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، ومدى تأثرها بالأجواء السياسية المعقّدة، لا سيما في ظل التداعيات الخطيرة للتحولات الجارية في المنطقة من حولنا، والتي تتّشح بالدماء في حالاتٍ كثيرة. وهكذا نظّمت سلسلة من المحاورات المفتوحة مع الهيئات الاقتصادية والمؤسسات التجارية والقطاعات النقابية، لنعرف أين يقف لبنان الآن؟ وما يتهدّده من مخاطر؟ تلامس هذه الحوارات موقـــــع الدولة والقطاع العام من التحـــــولات الجارية أو المتوقعة، كذلك موقع القطاع الخاص بمؤسساته وهيئاته المختلفة. وتنوّه «السفير» بأنّ هذه المؤسسات جميعاً قد لبّت الدعوة إلى الحوار، وطرحت مشكلاتها وهمومها وموقف الدولة منها، بصراحةٍ مطلقة، مقدّمةً مقترحاتها الممهدة للخروج من المناخ المأزوم، والتقدم بالاقتصاد مع معالجة مشكلات القطاعات المختلفة. ولسوف تنشر «السفير» خلاصات هذه المناقشات تباعاً، لعلها تفيد في اكتشاف طريق الحل، خصوصاً أنها تتزامن في الفترة الفاصلة بين حكومتين وربما بين نهجين في ممارسة السلطة في زمن الاضطراب. هنا، عرض لوقائع الندوة الحوارية مع «الاتحاد العمّالي العام» ممثلا برئيسه غسان غصن، ونائبه حسن فقيه، والأمين العام سعد الدين حميدي صقر، وعضو هيئة المكتب علي ياسين، ورئيس التكتل النقابي المستقل جورج علم. يستهل غصن اللقاء بالعودة إلى «تأثير الفتن وما سببته من شرذمة في المجتمع اللبناني، ما انسحب سلباً على الحركات النقابية عموماً والعمّالية خصوصا». وقد طالت الشرذمة «الأحزاب ونقابات المهن الحرة والتركيبة الاجتماعية والسياسية، بدءاً من المجتمع الصغير في القرية وصولاً إلى مستوى أعلى وهو المجلس النيابي». وفي نظرة بانورامية، يرى الاتحاد نفسه اليوم «كحركة نقابية أفضل بكثير مما يشهده المجتمع عبر تركيبته السياسية والاجتماعية، لا سيما بعد الطائف، بسبب تغير الوضع الاجتماعي، من مجتمع نضالي إلى مجتمع رازح تحت مشيئة الزعيم الذي يؤمن له فرصة التعليم والعمل والطبابة والوظيفة، كونه «كارت» وساطة. بات الانتماء فردياً أكثر منه جماعياً». قبل الطائف وما بعده يعتبر غصن أنّ «التركيبة السياسية ما بعد الطائف تختلف عما قبله، بتنا نعيش الوضع الأسوأ، حيث لم نتوصل إلى نظام يؤسس لمجتمع بل نظام قبلي، يكرّس الطائفية والانتماء الطائفي والمذهبي والعونة الطائفية. هذه هي الصورة المأساوية لمجتمعنا، وهذا ما أصاب الحركة النقابية بعدما اندثر اليسار بمفهومه الفكري الإيديولوجي، وبمفهومه الحزبي كحركة نقابية مستقلة تحمل قضايا مطلبية اجتماعية، وقد غابت العدالة الاجتماعية». ويشير إلى أن «هذا المشهد السلبي انعكس على الحركة العمّالية والنقابية، وأظهر مشهدا واسعا لحركة ضيقة القنوات، بحيث إذا كان هناك 25 ألف عامل يطالبون بالرغيف فقد باتوا ألفاً أو أقل، ونادراً ما تعنيهم قضاياهم الملحة، إلا إذا كانت من أجل مصلحة فردية». لذلك يرى غصن، «فقط، تحركات محدودة أهدافها معروفة، إذ ان إمكانية جمع أصحاب المصلحة المشتركة أكبر من القدرة على جمع أصحاب المصلحة الأوسع». وعن أسباب ضعف الاتحاد، يقول غصن: «عندما يدعو الاتحاد إلى تحرك ما، كالاعتصام الذي نفذ سابقاً أمام مبنى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، اعتراضا على تحميل الصندوق أعباء زيادة التعرفة الطبية والاستشفائية، من دون تأمين واردات لها عبر رفع الاشتراكات، لم يحشد 200 مضمون أو عامل. ومن أسباب ذلك غياب المحفز، لأنّ العامل لا يتحرّك بدافع ذاتي، إضافة إلى الحاجة لتنظيم حقيقي للتحركات»، معتبراً أن «الناس اليوم تسير خلف شعارات التغيير غير الحقيقية أو وفق محرك حزبي بدوافع سياسية»، مؤكدا أن «هذه التحركات النقابية وراءها قوى سياسية تدعمها وتعززها، لكن ما نسعى إليه هو إيجاد مسافة بين المصالح السياسية والحركة النقابية، لكن يمكن القول إن كل الموجودين في الاتحاد لهم ممثلوهم في الحكومة، وبالتالي هم موجودون في الشارع، ويتم ضبط الشارع حسب الحاجة». «يبدأ بأمر وينتهي بآخر» وفي إشارة إلى تحرك المعلمين والأساتذة، يضيف غصن: «عندما يكون المطلب خاصا، أو يهمّ قطاعاً معيناً، لا يمكن لأحد أن يقف ضده أو أن يمنع التظاهر لأجل مطلبه لأنه مطلبٌ حق. أما أي تحرّك للاتحاد، فتسبقه حالة ارتباك في الحكومة، وتبدأ الضغوط لضبط الإيقاع من خلال التواصل مع أعضاء الاتحاد وليس مع القيادة، وتسبقه تحذيرات حتى لا يذهب الموضوع إلى محل في غير مكانه، تماماً كما حصل في 7 أيار 2008 حيث بدأ بأمر وانتهى بآخر». ويستعيد هنا ما حدث في العام 1998 حين أُسقطت حكومة الرئيس عمر كرامي، مشيرا إلى أن «الحركة المطلبية للاتحاد لها طابع شمولي واسع يقف إلى جانبها ويدعمها أصحاب المصلحة بتأمين الحقوق، لكن قد يكون لأطراف أخرى مصالح وعناوين أخرى، وبالتالي ضبط إيقاع الاتحاد مطلوب من كل السياسيين ويمارَس». وفي ما يخص تسييس الحركة النقابية، وتبعية الاتحاد، يلفت غصن الانتباه إلى أن «أعضاء الاتحاد يمثلون الأحزاب اللبنانية كافة من دون استثناء، وهم ينقلون مطالبهم إلى السياسيين، للحصول على تأييدها ودعمها. وبالتالي الاتحاد لا يخرج من أي معركة مطلبية بانتصار معنوي بل بنتيجة حقيقيّة، وإن كانت هذه الأخيرة لا تلبي كل الطموح». ويذكر أن «الاتحاد طالب بتصحيح الأجور في الـ2007 حين كان الحد الأدنى للأجور 300 ألف ليرة، فبدأ التحرك في عهد حكومة الرئيس فؤاد السنيورة وسط انقسامٍ حاد في البلد، وما لبثت الضغوط التي مارسناها، أن أدت إلى تصحيح الأجور بمقدار 200 ألف ليرة مقطوعة في جلسة 5 أيار». يضيف: وبرغم ذلك، اعتبر الاتحاد ذلك غير كافٍ، فاستكملنا المعركة في 2012 وتم تصحيح الأجور ثانيةً، حتى أصبح الحد الأدنى 675 ألف ليرة، واعتبرنا ذلك خطوة إلى الأمام وليس إنجازاً». «لا نتحمل مسؤولية التعقيدات» ويتوسع في هذا الإطار قائلا: «كما حققنا اتفاقا رضائيا بين أصحاب العمل والعمال حول بدل النقل برعاية الدولة، فجاء الوزير شربل نحاس وخلق إشكالية بين المستأجر والمالك وإشكاليات في مسائل أخرى أبرزها مسألة بدل النقل، أراد الاتحاد الحصول على بدل نقل وبدل تعليم، عرقلهما نحاس حتى صار بدل النقل مقونناً، والقصة نفسها في منحة التعليم المفترض أن يصدرا بمرسوم. وبالتالي فالتعقيدات لا يتحمل مسؤوليتها الاتحاد». ويوضح في هذا الجانب أن «هناك غالبية من المؤسسات الخاصة دفعت بدل نقل ومنح تعليم لأجرائها برغم أنّ مؤسسات كبرى لم يدفع بعضها التعويض العائلي». في المقابل، يطرح الاتحاد اليوم، «مشروع التغطية الصحية الشاملة لمن يبلغون السن القانونية، بسبب عدم إقرار نظام التقاعد والحماية الاجتماعية نتيجة الكباش السياسي». ويؤكد غصن أن «الاتحاد يصرّ على موضوع تصحيح الأجور الدوري عبر لجنة المؤشر»، كاشفا أنه «لمس تجاوباً من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ومن الرئيس المكلف تمام سلام في هذا الإطار». «الحجر الكبير» و«التلوث الطائفي» ينطلق غصن من «فلسفة مفادها: قيام الاتحاد بخطوات ثابتة تحقق للناس مكسباً، خير من أن نحمل حجراً كبيراً من دون جدوى»، معتبرا أن «الاتحاد هو المكان الأقل تلوّثاً بالطائفية برغم أنّه من ضمن تركيبة هذا المجتمع الملوث». ويرى أن «التحركات تجري على إيقاع المجتمع، وليس على إيقاع مطالبها، ودورنا قرع الجرس حتّى يسمعه الناس»، مؤكدا مجدداً أن «لوثة الطائفية لم تطل الاتحاد بشكل مؤثر أو بارز، لكنّ الناس هم المتأثرون من خلال ردود أفعالهم، لأن طبيعة اللبناني مسيّسة ومطيّفة، وتميل إلى الاستجابة لمن يعتقد أنه ملاذه، أي الزعيم الطائفي». «لا نعيش في جزيرة منفصلة» أمّا جورج علم فيرى أن «الاتحاد جزء من البلد، وما يحصل ينعكس طبيعياً عليه»، مضيفاً «نحن لا نعيش في جزيرة منفصلة. وليس هناك قداسة وطوباوية داخل الاتحاد، بل هناك خلافات في وجهات النظر، والخطأ هو إظهار هذه الخلافات إلى الخارج». ويقول: «في العام 1993 ساهمت كل الأطراف في التدخل في الشؤون النقابية في محاولة منها لضرب الحركة النقابية وإضعافها، تمهيداً لتطويعها، خصوصا من قبل أطراف في السلطة الحاكمة، ما أدى إلى تفريغ الحركة النقابية لجعلها غير قادرة على إمكانية المواجهة»، مشيرا إلى أنّ «كل الأحزاب تريد تحقيق مصالحها الخاصة من خلال الحركة النقابية، ومن خلال أشخاص فيها يلتزمون قراراتها السياسية». وإذ يلفت علم الانتباه إلى أنّ «هيئة التنسيق النقابية تعاني من الأزمة نفسها»، يقول: «أعضاء الاتحاد ليسوا أولادا حتى يتأثروا بالانقسامات التي حصلت نتيجة الخلافات، لكن هناك انقساماً عمودياً خطيراً ما يفترض فينا كنقابيين أن نكون أكثر حصانة ووعياً لمصالح الناس، فرغيف الخبز ليس شيعياً ولا أرثوذكسيا، والجائع هو نفسه في طرابلس والبقاع»، مشيرا إلى أن «معظم من تسلم السلطة من حكومات متعاقبة بعد الطائف، هم من أصحاب رؤوس المال، ومن كل الأطياف السياسية والطائفية، وبالتالي المعركة حصلت على حساب نضالات العمّال فزاد الانهيار الاقتصادي والفقر». الفقراء من 28 % إلى 32 % هنا يتدخل غصن مقدماً بعض الإحصائيات، فيشير إلى أنّه في 2012، كان 28 في المئة من اللبنانيين يرزحون تحت الخط الأدنى للفقر أي ان دخلهم اليومي لم يتعد الدولارين، اليوم 32 في المئة يعيشون عند الخط الأعلى للفقر، ونسبة البطالة بين الشباب خريجي الجامعات، حسب تقارير «البنك الدولي» و«منظمة العمل الدولية»، 34 في المئة، معتبرا أن «الحديث عن 2 في المئة نسبة نمو، نسبة فضفاضة، لأن في الواقع، النمو المتوقع أقل من 0.8 في المئة». «سقوط الاتحاد السوفياتي» في هذا الإطار، يرى فقيه أن هناك انهيارا عالميا بدأ مع الشركات العابرة للقارات والوصفات العالمية. وبعد سقوط الاتحاد السوفياتي وتخلي الدول الأوروبية عن دولة الرعاية الاجتماعية، مشيرا إلى أن شركتي «الكوكاكولا» و«نوكيا» تنتجان أكثر من نفط السعودية. وطرحت الوصفات الجديدة مثل الخصخصة. ومما حققه الاتحاد، يقول فقيه: «عندما فاوضنا في المرة الأخيرة في مسألة تصحيح الأجور، وقعنا بين مطرقة أصحاب العمل الذين كانوا يرفضون الزيادة، وسندان وزير العمل الذيٍ يريد إعادة العهد الستاليني وفق رؤيته الشمولية، وعندما جرى الاتفاق مع نحاس على 868 ألف ليرة للحد الأدنى، قال إنه يستطيع إعطاء الحد الأدنى عبر ضم بدل النقل إلى الأجر نفسه، وبدأ معركة مع مجلس شورى الدولة بالمراسلة، وردّ المجلس القرارات التي اتخذها، لأنّ بدل النقل ليس من أصل الأجر لارتباط ذلك بالإجازات السنوية، وإجازات الحمل والولادة عند النساء». ويلحظ فقيه أن «من إنجازات الاتحاد ربط الأجور بالتضخم بعد صراع مرير مع الرئيس السنيورة الذي كان يريد أن يربط الأجور بالنمو، وقد رفضنا ذلك، فأين يحصل هذا النمو؟ هل في الأرياف والقطاع الزراعي والمناطق المحرومة حيث لا طرقات ولا مدارس ولا بنية تحتية؟». وفي تناوله قضية «هيئة التنسيق النقابية»، يحمّل فقيه المسؤولية إلى «الدولة التي كان عليها أن تعطي الموظفين غلاء المعيشة والدرجات»، مؤكدا أن «هذا المطلب محق بدلاً من أن تدفعهم إلى الشارع». ويشير إلى أن «20 في المئة من الطلاب اللبنانيين في المدرسة الرسمية، وبالتالي نجد بعضها فارغا، وفي بعضها الآخر نجد أستاذا لكل 6 تلاميذ، هذا في حين اننا نرى أولاد المعلمين في المدارس الرسمية في مدارس خاصة عبر منح، لذلك كيف يثق الناس بالمدارس الرسمية؟». يدخل علم على خط النقاش، ليشير إلى أن «بدلات النقل التي لم تدخل في صلب الراتب، حتى لا يدفع أصحاب العمل اشتراكات للضمان الاجتماعي». ويتدخل غصن مشيراً إلى الوعود التي قطعت حول النقل المشترك، وتعزيز المدرسة الرسمية، وهذه الاتفاقات كانت ظرفية صدرت بمراسيم خارجة عن القانون. «الموضوع الأساس هو الشرذمة» من جهته، يعتبر حميدي صقر أنّ «الموضوع الأساس هو الشرذمة الحاصلة في الاتحاد»، مضيفاً «كنا ننادي دائما، وما زلنا، بضرورة إنجاز قانون عمل حديث يتلاءم مع ظروف العمل العصرية». ويوضح أن «الاتحاد عندما شارك في لجنة تحديث قانون العمل، كانت توضع عراقيل كي لا يصل القانون إلى مجلس النواب»، مشيرا إلى أن «الاتحاد وسائر الحركة النقابية كانت تطالب بتنظيم الهيكلية النقابية، وتطبيق اتفاقية رقم 87 التي تتعلق بحرية التنظيم النقابي». ويعلن صقر رفضه «تفتيت العمل النقابي وشرذمته، كما هو حاصل حاليا في مصر، حيث هناك 4 اتحادات يعجز الوزير عن ضبطها، كذلك في تونس وفي بلدان أخرى التي تمارس الديموقراطية والحرية اليوم، فبفضل المتعهدين في البلدان العربية، تم خرق الحركة النقابية فيها». وبعدما يؤكد أنه «لو لم يكن لدينا من يشجع ويدفع ويعطي المغريات لما تعثر وتعرقل عملنا النقابي»، يشير إلى أنه «خلال 30 سنة من الحرب اللبنانية، بقيت الحركة النقابية في لبنان واحدة، وهي من رفع شعار وحدة الأرض والشعب والمؤسسات». صقر وغصن وعلم وبعدما يكرر صقر تحذيره «من هجمة خارجية على مستوى العالم العربي، من قبل متعهدين لتنفيذ مشروع الشرذمة»، يرى غصن أنّ «ما يجري عربياً تحت عنوان كبير هو الاستقلال والحرية والعدالة، نلمس فيه مشروع تشتيت المجتمع، ولا سيما العمّال». ويقول غصن: «في لبنان السلطات محصورة بثلاثة رؤساء، والتشتيت ذاهب في اتجاه خلق مشاكل جديدة تحت عنوان التعددية»، موضحا أن «اتفاقية 87 تدعو لحرية تشكيل الحركات النقابية وتفعيلها، وكانت أول مرة دخلت أو أدخلت 4 اتحادات إلى الاتحاد، عندما كان ميشال ساسين وزيرا للعمل». هنا يعيد علم أسباب خلق اتحادات جديدة إلى إقامة التوازن بين اليمين واليسار. ويرى أنّ هذا التوازن قد اختل بعد وزير العمل عبدالله الأمين. ويشدد أن «هذا الوضع يجب أن يعاد تصحيحه عبر التعاطي الإيجابي داخل الحركة النقابية وعدم إلغاء الآخر». ويستعيد صقر «أكبر إضراب في العالم العربي، في العام 1956 وتوقفت بموجبه حركة النقل في البحر والجو، ونفذه اتحاد يضم نقابات العالم العربي برئاسة حسن جمام»، معتبرا أن ذلك «كان الملاذ الأخير للحركة النقابية على مستوى العربي. أما اليوم فالاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب، يواجه هجمة لاستبداله باتحاد آخر يكون أداةً تحت عنوان شرق أوسط جديد»، موضحا أن «الاتحاد العمّالي له دور في الحفاظ على اتحاد العمّال العرب، الذي يؤدي دوراً قومياً مهماً للحفاظ على دوره». ويرى صقر أن «المؤامرة أكبر منا ونواجه هجمة حقيقية، ونحاول أن نحمي أنفسنا». الدور خارج البرنامج المطلبي يركّز ياسين على دور الاتحاد خارج البرنامج المطلبي، مشيراً إلى دوره النقابي العربي والدولي في موضوع الصراع العربي ـ الإسرائيلي. ويلفت الانتباه إلى أن جزءاً من معاناة الحركة النقابية، مستمر منذ ثلاث سنوات حتى اليوم، كما كان هناك محطة في 2005، وما بعدها من صراع سياسي وطائفي. وإذ يسأل «أين كانت الأحزاب وأين أصبحت؟»، يقول: «لدينا حوالي 300 ألف عامل منتسب إلى الاتحاد، وعلينا أن نرى عدد المشاركين في الانتخابات، لأنه لا يمكن فصل هذا الجو عن النقابيين وثقافتهم». ويرى أن «الحركة النقابية، ولا سيما العمّالية، تقاس فعاليتها بفعالية المنتسبين ونظرتهم إليها. ولا ننسى تأثير العولمة والثقافة السائدة التي تمنع إنشاء نقابات»، مشيرا إلى أن «نسبة المنتسبين إلى الاتحاد من المستخدمين تتقلص، بسبب نمط تتبعه شركات أنشئت حديثاً، يمنع الانتساب للنقابات». «الضمان لم يطوّر نفسه» ويورد فقيه «الكثير من الملاحظات على الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الذي لم يطوّر نفسه»، مضيفا «لدينا مطلب تاريخي منذ العام 2000 حول حقوق عمال البناء والبلديات وغيرهم، لأنّ عمّال بلدية بيروت حرموا وجميع عمّال البلديات من الضمان». ويبرز «ضرورة زيادة فاعلية الاتحاد كمؤسسة، وتحسين أداء الأفراد، لا سيما الشباب منهم»، لكنه يستدرك قائلا: «هناك جزء لا نستطيع التغيير فيه، وهو التدخل الخارجي الذي يترجم عبر الانقسام الداخلي». وفي السياق نفسه، يشدد غصن على «أهمية الوحدة المطلبية»، معتبرا أن «الخيارات السياسية داخل الاتحاد محسومة على المستوى المطلبي والشعبي، وهو مؤمن عبر الحوار الاجتماعي وليس الصراع طبقياً». ويرى أنه «ليس المطلوب منا كاتحاد أن نتحدث عن استرداد الأملاك البحرية وتوزيعها على الفقراء، هذه مطالب لا أحد ينفذها، هذا موقف استعراضي». «من يقود الحركة النقابية؟» ويعتبر غصن أن «الخلاف هو حول من يقود الحركة النقابية؛ فهناك فريق حل مكان آخر وهناك فريق لم يعد يملك القوة التمثيلية والواقعية، وفي المؤسسات برزت قوى أخرى، من دون نسيان إفرازات الحرب التي أنتجت قوى سياسية جديدة على مستوى اليمين واليسار والمستوى الطائفي»، مشيرا إلى أن «ما يسعى إليه الاتحاد هو توسيع دائرة المشاركين حتى لا يشعر أحدٌ بالغبن، وذلك عبر توسيع قاعدة قيادته». وهنا يشير علم إلى «سهولة كبيرة في توحيد الحركة النقابية، وأول شرط لتحقيقها هو الاعتراف بالآخر مع علاّته، والشرط الثاني وجود الدولة وهذه إشكالية أساسية، إذ نحتاج إلى دولة». ويخلص للقول: «الأمكنة تتسع للجميع، إذا كان هناك رغبة حقيقية في توحيد الحركات النقابية». ويوافق ياسين على ما طرحه علم، موضحاً «ليس هناك انقسام كبير في الحركة النقابية، والبعض ينسحب رسمياً للضغط على الاتحاد... نحن نعمل سوياً، وليس هناك شرذمة كبيرة»، منتقداً «النقابيين المستزلمين الذين يخضعون للمغريات».