الصفحة الرئيسية البحث البريد الالكتروني RSS
فلاشات إخبارية
 
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق طباعة الصفحة

اخبار متفرقة > التقرير الاقتصادي لبنك عودة عن الفصل الثاني 2013: تراجع المبيعات العقارية 8.1 % أكثرها في بيروت





الوفاء : 15-8-2013 
 

أظهر التقرير الاقتصادي لبنك عودة عن النصف الأول من العام 2013 وجود تفاوت بين المؤشرات السلبية والايجابية. فقد سجلت السلبيات في تراجع وجمود قطاع البناء حيث تراجعت المساحات المرخصة أكثر من 12 في المئة. كذلك تراجعت قيمة المبيعات العقارية 8.1 في المئة مقارنة مع السنة الماضية وكانت حصة بيروت الأكبر حيث تراجعت 25.1 في المئة وتراجعت المبيعات للأجانب حوالي 8.6 في المئة. كذلك الحركة السياحية التي ضربت رقماً قياسياً في التراجع بفعل الظروف القائمة في المنطقة والداخل واظهرت الحركة السياحية علامات ضعف منذ بداية العام، حيث بلغ عدد السياح مستواه الأدنى. واشار التقرير إلى تضخم بنسبة 3.7 في المئة نتيجة تراجع حركة الاستهلاك.
القطاع المصرفي سجل نمواً معتدلاً واستطاع المحافظة على ماليته المتينة حيث زادت الودائع 6.3 مليارات دولار، في حين تراجعت التسليفات بشكل ملحوظ. بالنسبة للقروض الصناعية المكفولة من مؤسسة كفالات فقد تراجعت حوالي 33.8 في المئة. 
انتاج الكهرباء تراجع ايضاً حوالي 4.9 في المئة. 
اداء الاسواق المالية كان ضعيفاً بتراجع 3.4 في المئة عن العام 2012. أما أداء المالية العامة فقد شكل انعكاساً للأوضاع المحلية والإقليمية والاجواء غير المؤاتية مما أظهر بعض الاختلالات المتزايدة.
ففي حين استقر عجز الميزان التجاري عند مستويات العام 2012. سجل ميزان المدفوعات عجزاً فاق 382 مليون دولار. على الرغم من زيادة التدفقات المالية الوافدة حوالي 5.3 في المئة مقارنة مع العام 2012 نتيجة تراجع المستوردات والتحسن الجزئي للصادرات الزراعية لاسيما إلى سوريا. 
وما جاء في التقرير:

شهد الاقتصاد اللبناني اشتداداً في وتيرة تباطؤه في الفصل الثاني من العام 2013، كما تشير إليه معظم مؤشرات الاقتصاد الحقيقي التي أظهرت مزيداً من الوهن في ظل التلبّد الإقليمي والتداعيات المحلية. إن الواردات، التي تشكل مرآة للطلب الإجمالي وتمثل زهاء 50٪ من الناتج المحلي الإجمالي، بقيت في النصف الأول من العام 2013 على مستوى الفترة المماثلة من العام الماضي، مما يعني جموداً في الإنفاق الخاص. فالاستهلاك الخاص، ورغم الدعم المتأتي من الإنفاق الإضافي من قبل اللاجئين السوريين، بدأ يظهر بعض علامات التباطؤ. أما الاستثمار الخاص فيبقى الأكثر تأثراً، لاسيما مع استمرار تأجيل القرارات الاستثمارية الكبرى في ظل حالة الترقب والتريث السائدة في أوساط المستثمرين بشكل عام. 
في ظل هذا التباطؤ السائد في النشاط العام، شهدت مؤشرات القطاع الحقيقي تفاوتاً في الأداء خلال النصف الأول من العام الحالي. ففي جانب النسب السلبية، نذكر التراجع في كل من عدد رخص البناء الممنوحة حديثاً بنسبة 16.2%، وقيمة المبيعات العقارية بنسبة 8.2%، وإنتاج الكهرباء بنسبة 4.9%، وعدد السياح بنسبة 12.6% وسرعة دوران النقد بنسبة 6.1%. أما في الجانب الأكثر إيجابية، نذكر الارتفاع في حجم البضائع في مرفأ بيروت بنسبة 17.4%، وعدد المسافرين عبر مطار بيروت بنسبة 8.7% وحجم الصادرات بنسبة 6.5%. عليه، وفي ظل وجود بعض العوامل الاحتوائية، يبدو أن تباطؤ الاقتصاد الوطني لم يؤدِ إلى ركود اقتصادي أو إلى معدلات نمو سلبية في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بشكل عام. 
في هذا السياق، انحسر التضخم نسبياً بتسجيله نسبة قدرها 3.7% بين حزيران 2012 وحزيران 2013 وفق الأرقام الصادرة عن مؤسسة البحوث والاستشارات. ويشير توزع فئات مؤشر أسعار الاستهلاك إلى أن فئات السلع الضرورية الأساسية هي الحافز الأساسي لنسبة التضخم بشكل عام، مع ارتفاع الأسعار في فئات مثل المواد الغذائية والمشروبات والتعليم والرعاية الصحية، في حين أن السلع الاستهلاكية المعمرة والسلع الوسطية الأخرى قد سجلت تراجعاً نسبياً في الأسعار. في الواقع، إن الاقتصاد اللبناني يشهد مزيداً من الانسياب في الطلب الاستهلاكي من الكماليات إلى الأساسيات، مع تراجع الواردات من سلع الرفاهية بنسبة 13% وارتفاع الواردات من السلع الاستهلاكية العادية بنسبة 2٪ في النصف الأول من العام في سياق تراجع تدفق السياح وارتفاع أعداد اللاجئين السوريين. 
وعلى غرار السنوات الفائتة، ظل الاقتصاد النقدي منفصلاً عن الاقتصاد الحقيقي، مع تسجيل الأموال الوافدة ارتفاعاً بنسبة 5.3% في النصف الأول من العام 2013 بالمقارنة مع الفترة المماثلة من العام 2012. وفي سياق الانخفاض في العجز التجاري والزيادة في الأموال الوافدة، سجل عجز ميزان المدفوعات تحسناً من 1,021 مليون دولار في النصف الأول من العام 2012 إلى 382 مليون دولار خلال الفترة المماثلة من العام الحالي. هذا التحسن النسبي في عجز ميزان المدفوعات ترافق مع ارتفاع مستمر في الاحتياطيات الخارجية لدى مصرف لبنان والتي سجلت مستويات قياسية جديدة، ما عزز قدرة مصرف لبنان في الحفاظ على استدامة استقرار سوق القطع بشكل عام.
في موازاة ذلك، سجل نشاط القطاع المصرفي نمواً معتدلاً في الأداء مع الحفاظ على وضعيته المالية المتينة. فنمت الودائع المصرفية بمقدار 6.3 مليار دولار في الفترة الممتدة بين كانون الأول 2012 وحزيران 2013 (4.2 مليار دولار خلال الفترة المماثلة من العام الماضي)، مدفوعاً بشكل خاص بنمو الودائع بالعملات الأجنبية وبودائع غير المقيمين. ومع تجاوز نمو الودائع بالعملات الأجنبية ذلك المحقق بالليرة اللبنانية، سُجلت زيادة طفيفة في نسبة دولرة الودائع لتصل إلى 65.7٪ في حزيران 2013 مقابل 64.8٪ في كانون الأول 2012. وفي ظل التباطؤ الحاصل في الاقتصاد المحلي، فقدت حركة التسليف للقطاع الخاص شيئاً من زخمهاً، بحيث ناهز نمو التسليفات في النصف الأول من العام الحالي نسبة 59٪ فقط من إجمالي النمو المحقق خلال الفترة المماثلة من العام الماضي. 
أما على صعيد الأسواق المالية، فقد كان الأداء ضعيفاً نسبياً في النصف الأول من العام. إذ تراجع المؤشر العام لأسعار الأسهم المدرجة في بورصة بيروت بنسبة 4.3% في الفترة الممتدة بين كانون الأول 2012 وحزيران 2013، ما أدى إلى تسجيل نسب تقييم متدنية إنما جاذبة، مع بلوغ متوسط السعر إلى المردود 7.7 مرات ومتوسط السعر إلى القيمة الدفترية 1.05 مرات. هذا وفي ظل سوق تفتقر إلى السيولة والفعالية بشكل متزايد، تراجع حجم التداول في الأسهم اللبنانية بنسبة 42% في النصف الأول من العام 2013، بحيث بلغ حجم التداول السنوي إلى الرسملة السوقية مستوىً متدنياً بمقدار 2.7%. أما على صعيد سوق السندات، فإن ارتفاع منسوب الحذر في السوق أدى إلى اتساعٍ في هوامش مقايضة المخاطر الائتمانية من فئة الخمس سنوات بمقدار 39 نقطة أساس خلال النصف الأول من العام لتصل إلى 489 نقطة أساس في نهاية حزيران 2013. 
وفي ما يلي تحليل مفصل لتطورات القطاع الحقيقي والقطاع الخارجي والقطاعين العام والمالي في حين تتطرّق الملاحظات الختامية إلى تقييم التباين القائم بين المخاطر الاقتصادية والمخاطر المالية في لبنان.

1- القطاع الاقتصادي الحقيقي: 
الزراعة والصناعة

واصلت التطورات الإقليمية التأثير على نشاط القطاعين الأول والثاني كما على قطاعات اقتصادية أخرى. وفي الوقت الذي ساهم النقص الذي أصاب بعض المنتجات في الأسواق الإقليمية في زيادة الصادرات اللبنانية، ظلّت الواردات بطيئة بسبب طلب محلّي أضعف وميل محدود الى الاستثمار.
ففي النصف الأول من العام 2013، نمت الصادرات الزراعية بنسبة 34,4% بعدما كانت قد انخفضت بنسبة 4,1% في النصف الأول من العام 2012. وبلغت قيمة هذه الصادرات 102,6 مليون دولار في النصف الأول من العام 2013، وكانت حصة السوق السورية منها 19%، علماً أن الصادرات الزراعية الى سورية زادت بنسبة 9,6% استناداً الى مقارنة متوسّطها الشهري للأشهر الخمسة الأولى من العام 2013 بالمتوسط الشهري للفترة ذاتها من العام 2012. وتُعزى هذه الزيادة بشكل خاص الى كون المنتجات اللبنانية تقوم بالتعويض عن النقص الحاصل في السوق السورية، والناجم عن هبوط الإنتاج المحلّي بشدّة، لاسيّما في القطاع الزراعي. 
أما في القطاع الصناعي، فقد حافظ الميزان التجاري الصناعي تقريباً على مستواه المسجّل في النصف الأول من العام 2012، إذ تراجع عجزه من 7,9 مليارات دولار في النصف الأول من العام 2012 الى 7,5 مليارات دولار في النصف الأول من العام 2013. وانخفضت الواردات الصناعية بنسبة 2,3% لتبلغ قيمتها 9,7 مليارات دولار في النصف الأول من العام .2013

  2 - البناء: استمرار التباطؤ إنما دون الوقوع 
في أزمة قطاعية

استمرّ التباطؤ مسيطراً على القطاع العقاري حيث لا يزال المتعاملون في السوق يعتمدون سياسية الترقب والتريّث في ظلّ التلبد المتزايد في الأجواء المحلية والإقليمية. فأرقام المبيعات العقارية تعبّر عن مرحلة من الثبات بعد سنوات من النشاط القوي، حيث لا يزال الطلب على الشقق السكنية في لبنان يترّكز حالياً على المساكن الأصغر حجماً نسبياً ذات الأسعار المؤاتية والمساكن المتواجدة خارج العاصمة بيروت. من جهة أخرى، ساهم تدفّق النازحين السوريّين في تنشيط سوق الإيجارات، فكان أن عوّض الطلب المتأتّي من هؤلاء جزئياً عن انخفاض الطلب السياحي على الشقق المفروشة وغرف الفنادق ذات الفئات المتوسطة. ولم يترافق تباطؤ السوق العقاري مع تصحيح مماثل على مستوى الأسعار، فظلّت هذه الأخيرة ثابتة منذ نهاية العام 2012، مع بعض الميل الى التفاوض على حسومات موسميّة. 
إن أداء السوق العقارية في النصف الأول من العام 2013 يؤكّد استمرار التباطؤ الملاحَظ منذ مطلع العام 2011. فعدد المبيعات العقارية انخفض بنسبة 7,1% ليبلغ 31,943 عملية في النصف الأول من العام 2013. في الوقت ذاته، حافظ عدد عمليات البيع العقارية للأجانب على منحاه التراجعي إذ انخفض بنسبة 8,6% مقارنةً مع قاعدة ضعيفة في النصف الأول من العام 2012.

3 - التجارة والخدمات: أداء القطاع الثالث 
في دائرة التباطؤ

يشتدّ تأثّر قطاع التجارة والخدمات بالمناخ المحلي والإقليمي كما يعكسه تقلّص نشاط بعض مكوّنات هذا القطاع والنمو الأبطأ لبعضها الآخر. فالواقع أن المناعة النسبية التي أظهرها القطاع الثالث واصلت تراجعها في النصف الأول من العام 2013 في ظلّ أوضاع معاكسة في البلدان المجاورة أضيفت اليها عدة أحداث متقطّعة على الساحة المحليّة. 
في المقابل، أظهر القطاع السياحي علامات ضعف متواصلة منذ بداية السنة. فعدد السيّاح بلغ مستواه الأدنى منذ الفترة ذاتها من العام 2008 مسجّلاً 623,864 سائحاً في النصف الأول من العام 2013، أي بانخفاضٍ نسبتُه 12,6% قياساً على الفترة ذاتها من العام 2012. ويعزى ذلك بشكل خاص الى تراجع حركة السيّاح الوافدين من البلدان العربية (-23,2% على أساس سنوي)، والذين ما زالت تثنيهم صعوبات السفر براً ونصائح حكوماتهم بعدم المجيء الى لبنان. لقد انعكس تباطؤ النشاط السياحي والنقل الجوي على أداء القطاع الفندقي والمشتريات المعفاة من الضريبة على القيمة المضافة.

-القطاع الخارجي: نشاط واهن 
عرضة لانعكاسات التطورات الإقليمية

انعكست إشارات النمو الاقتصادي البطيء على أداء القطاع الخارجي اللبناني في النصف الأول من العام 2013. في الواقع، إن تأثير النشاط شبه الراكد والمترافق مع الضغوط الإقليمية الراهنة قد أرخى بثقله على حجم التجارة الخارجية الذي ظلّ شبه مستقرّ على أساس سنوي، إذ ارتفع بنسبة 0,4% ليصل الى 13,1 مليار دولار في النصف الأول من العام 2013، نتيجة تراجع الواردات والتحسّن الطفيف للصادرات.
ففي الوقت الذي زادت التدفقات المالية الوافدة بنسبة 5,3% على أساس سنوي، ظلّ ميزان المدفوعات يسجّل رصيداً سلبياً، بلغت قيمته 382 مليون دولار في النصف الأول من العام 2013، مقابل عجز بقيمة 1,021 مليون دولار في النصف الأول من العام 2012. ويعود هذا التحسّن النسبي الى نمو التدفقات المالية الوافدة والى تقلّص العجز التجاري.

-القطاع العام: المالية العامة 
تحت وطأة البيئة المضطربة

لقد جاء أداء المالية العامة انعكاساً للأوضاع الإقليمية والسياسية غير المؤاتية التي عاشتها البلاد. فالمالية العامة لا تزال تعكس الاختلالات المتزايدة التي تفاقمت في ظلّ ضغوط اقتصادية وأمنية أشدّ تأثيراً على أوضاع المالية العامة. فالمالية العامة، التي لا تزال تشكل عنصر الهشاشة الأبرز بالنسبة الى الاقتصاد اللبناني، سجّلت في الفصل الأول من العام 2013 عجزاً بقيمة 782,6 مليون دولار (حسب آخر الأرقام المتوافرة)، أي بزيادة نسبتها 17,0% مقارنة مع الفصل الأول من العام 2012. كذلك، سجّل الرصيد الأولي، لدى استثناء خدمة الدين، عجزاً لم نشهده منذ سنوات عدّة، بلغت قيمته 4,8 ملايين دولار في الفصل الأول من العام 2013.

4 - القطاع المالي: الوضع النقدي

اتّسمت الأوضاع النقدية في النصف الأول من العام 2013 بنمو معتدل للكتلة النقدية بالليرة، وبنمو كبير لمحفظة شهادات الإيداع بالليرة المحمولة من المصارف التجارية، وباكتتابات أقلّ في سندات الخزينة اللبنانية بالليرة المحمولة من القطاع المصرفي. 
ففي هذا السياق، زادت موجودات مصرف لبنان الخارجية بقيمة 1,4 مليار دولار بحيث بلغت 37,2 مليار دولار أميركي في حزيران 2013، ما يوازي 82,4% من الكتلة النقدية بالليرة و20,3 شهراً من الاستيراد، وما يعكس قدرة المصرف المركزي البارزة على الدفاع عن القيمة الإسمية لسعر صرف العملة الوطنية وعلى تلبية أيّ طلب محتمل على النقد الأجنبي في حال تعرّض السوق لأيّة ضغوط طارئة.

- النشاط المصرفي: نمو معتدل للنشاط 
في ظل مكانة مالية سليمة

حقّق النشاط المصرفي اللبناني أداءً مُرضياً في النصف الأول من العام 2013، إذ تبيّن مؤشرات نشاطه أنه سجّل نمواً معتدلاً وسط ظروف تشغيلية صعبة اتّسمت بتباطؤ النمو الإقتصادي في ظلّ تجاذبات سياسية وأمنية متواصلة في لبنان والبلدان المجاورة. وقد نما النشاط المصرفي، الذي يُقاس بالموجودات المجمّعة للمصارف العاملة في لبنان، بنسبة 4,0% في النصف الأول من العام 2013 بحيث وصلت هذه الموجودات الى 157,9 مليار دولار في حزيران 2013. 
إن ودائع الزبائن، التي تؤمّن القسم الأكبر من موارد المصارف كونها تشكّل 83% من مجموع الموجودات، لا تزال المحرّك الأساسي لنمو القطاع. وقد سجّلت هذه الودائع نمواً مُرضياً بنسبة 5,0% في النصف الأول من السنة الجارية لتصل قيمتها الى 131,3 مليار دولار في حزيران 2013. ثم أن حجم الودائع الإضافية، والبالغ 6,3 مليارات دولار، جاء أكبر نسبياً من نمو الودائع في الفترة ذاتها من العام 2012، ما يعكس قدرة المصارف اللبنانية على اجتذاب أموال المقيمين وغير المقيمين حتى في الأوقات العصيبة.

- البورصة وسوق السندات

سلكت أسواق الرساميل اللبنانية منحىً تراجعياً في النصف الأول من العام 2013، بحيث عرفت سوق سندات اليوروبوندز انخفاضات في الأسعار، كما سجّلت البورصة تراجعا في أسعار الأسهم، على الرغم من نسب التقييم المغرية نوعاً ما وسط قلق من الأوضاع السياسية والأمنية المحليّة ومخاوف من انعكاسات الإضطرابات في سوريا على الساحة الداخليّة.
في هذا السياق، بقي نشاط بورصة بيروت ضعيفاً في النصف الأول من العام 2013 بحيث لم تتعدّ القيمة الإجمالية لعمليات التداول في البورصة 133 مليون دولار في النصف الأول من العام 2013 مقابل 229 مليون دولار في الفترة ذاتها من العام 2012. وعليه، بلغت نسبة حجم التداول السنوي إلى الرسملة السوقية 2,7% في النصف الأول من العام 2013 مقابل 4,7% في الفترة ذاتها من العام 2012 (مقابل متوسط إقليمي قدره 40% ومتوسط عالمي يقارب الـ 200%)، ما يظهر ركود المناخ الاستثماري الذي يسود نشاط بورصة بيروت.

الخلاصة: تفاوت في طبيعة المخاطر 
على الساحة المحلية

في ظل تردي الأوضاع السياسية في لبنان والمتأثرة بتداعيات الاضطرابات الإقليمية الراهنة، تتبادر إلى أذهان المحللين والمراقبين تساؤلات مستمرة فيما يتعلق بآفاق مختلف أنواع المخاطر وعلى رأسها المخاطر الاقتصادية والمخاطر المالية وإلى أي مدى تترابط هذه الأخيرة في ما بينها في بلد يتسم بخصائص غير نمطية مثل لبنان.
بشكل عام، في حين أن المخاطر الاقتصادية العامة تعبّر عن المخاطر الكامنة في الدورة الاقتصادية ومناخ الأعمال في ظل التقلبات في البيئة السياسية والأوضاع الماكرو اقتصادية العامة في البلاد، فإن المخاطر المالية من ناحية أخرى لها مفهوم مختلف، إذ أنها تتجلّى بشكل خاص بالمخاطر المرتبطة بقدرة الدولة والقطاع المالي على الوفاء بالتزاماتهم المالية بالكامل وفي الوقت المحدد، أو في الخطر المتمثل بتراجع قيمة سعر الصرف الاسمي للعملة الوطنية. ورغم أن المخاطر الاقتصادية والمخاطر المالية غالباً ما تكون مترابطة الطابع بالمطلق، إلا أن هنالك حالات تتفاوت فيها هاتين الفئتين من المخاطر بشكل لافت. وهذا ما ينطبق حالياً على الواقع اللبناني حيث أن التردي الملحوظ على صعيد مخاطر البلاد العامة خلال العامين الماضيين كان له تأثيراً محدوداً على المخاطر المالية والنقدية حتى يومنا هذا. 
فعلى صعيد المخاطر النقدية، إن سوق القطع تبدو مستقرة في ظل الإدارة المتأنية لمصرف لبنان. وفيما لم تُسجل عروضاً ملحوظة لليرة اللبنانية في سوق القطع رغم الظروف السياسية المعاكسة، يبقى مصرف لبنان جاهزاً للدفاع عن هامش تدخله في ظل مخزونه الوافر من الاحتياطيات الأجنبية. فالموجودات الخارجية لدى مصرف لبنان بلغت مستوىً قياسياً جديداً ناهز 37 مليار دولار، ما يشكل نسبة 85٪ من الكتلة النقدية بالليرة بمفهومها الواسع. يجدر الذكر أنه في ذروة التحويلات من الوفورات بالليرة اللبنانية إلى وفورات بالعملات الأجنبية خلال فترات التأزم الحديثة في لبنان (وبالتحديد بين عامي 2005 و2006)، لم تتعدَّ نسبة التحويلات 30٪ من الكتلة النقدية بالليرة. هذه المقارنة تدلّ على مدى صلابة وضعية مصرف لبنان الحالية في الدفاع عن استقرار سعر الصرف. 
أما على صعيد مخاطر المديونية، فإن خطر عدم سداد الدين العام لا يزال محدوداً جداً، مما يؤدي إلى تباين متزايد بين مخاطر البلد أو المخاطر الاقتصادية العامة من ناحية والمخاطر المالية السيادية من ناحية أخرى. إن الاستقرار الراهن في وضعية لبنان من حيث المخاطر الائتمانية السيادية يعزى إلى عاملين رئيسيين. أولاً، إن المالية العامة والتي، على الرغم من هشاشتها، ليست أضعف بكثير مما كانت عليه قبيل اندلاع الاضطرابات الإقليمية. فرغم ارتفاع العجز المالي العام في الأشهر الأخيرة، إلا أنه لا يزال متماشياً مع المعدلات المسجلة تاريخياً. إضافةً إلى ذلك، فقد تراجع عبء المديونية نسبياً في السنوات الأخيرة، بحيث تناهز نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي حوالي 140% في الوقت الراهن، مقابل نسبة 182% في منتصف العقد المنصرم. ثانياً، لا يزال القطاع المصرفي اللبناني مستعداً وقادراً في آن على تمويل المديونية العامة. فالمصارف المحلية، والتي أصبح حجم موجوداتها يقارب 3.5 مرات الناتج المحلي الإجمالي للبنان و2.5 مرات إجمالي دينه العام، تشكل الحجر الأساس في استدامة المديونية في لبنان. وقد تعززت قدرة المصارف على مواصلة تمويل القطاع العام من خلال استمرار تدفق الودائع المصرفية وارتفاع الاحتياطيات النقدية لديها. لذا وطالما أن القطاع المصرفي لا يزال منيعاً في وجه الاضطرابات السياسية الراهنة، هناك أسباب موجبة كافية للتوقع بأن آفاق الديون السيادية في لبنان سوف تبقى مستقرة في المدى المنظور. 
من هنا يجدر تقييم المخاطر المصرفية بمفهومها الواسع والتي تقابلها باستمرار عوامل احتوائية في لبنان متمثلة بمستويات عالية من السيولة في ظل وضعية مالية متينة. فنسبة السيولة الأولية بالعملات الأجنبية إلى الودائع بالعملات الأجنبية تبلغ حالياً مستوىً مرتفعاً قدره 45%، ما يمثل عامل حماية متين تجاه أي سيناريو لخروج رساميل من البلاد. يجدر التذكير هنا إلى أنه في أسوأ فترات التأزم الداخلي، لم يتجاوز تراجع قاعدة الودائع نسبة 4٪ كحد أقصى. وهذا يظهر بالتحليل النسبي أهمية السيولة الأولية المرتفعة لدى المصارف اللبنانية في الوقت الراهن. وأبعد من السيولة المؤاتية، لا يزال القطاع المصرفي اللبناني يتمتع بملاءة قوية بنسبة 13%، ونوعية موجودات جيدة مع نسبة تسليفات مشكوك بتحصيلها لا تتعدى 3.3٪ من إجمالي التسليفات، وربحية ملائمة مع مردود على متوسط الموجودات بنسبة 1.1% ومردود على متوسط الأموال الخاصة بنسبة 12.6%. وفي ظل وضعية مالية متينة كهذه، يستمر النشاط المصرفي في النمو بما يعادل نسبة 8٪ سنوياً خلال النصف الأول من العام 2013، وهو نمو سليم على الرغم من الظروف السياسية والأمنية الشائكة في البلاد. 
أخيراً، وفي حين يجدر دائماً عدم الاستهتار بالمخاطر القائمة لاسيما المخاطر الماكرو اقتصادية في ظل بيئة متلبّدة الأجواء، فإن مناعة النظام المالي اللبناني تجاه صدمات سابقة يجعل من الصعب تصوّر أي نوع من الأحداث قد يقوّض كل من الثقة المصرفية واستدامة المديونية العامة واستقرار سعر الصرف. ورغم أن من الممكن بالمطلق أن تظهر نقطة انعطاف تسوء فيها الأوضاع المحلية سياسياً واقتصادياً بما فيه الكفاية لتتفاقم بموازاتها الضغوط المالية بشكل عام، إلا أنه يصعب في الواقع استشراف إمكانية تجسّد سيناريو كهذا، علماً أن الحقبات التاريخية السابقة تشير إلى أننا لسنا بوارد بلوغ هكذا منعطف في المستقبل المنظور.

الصفحة الرئيسية
تعريف بالاتحاد
الجمهورية الاسلامية في ايران
المخيم النقابي المقاوم 2013
معرض الصور
ركن المزارعين
موقف الاسبوع
متون نقابية
بيانات
دراسات وابحاث
ارشيف
اخبار متفرقة
مراسيم -قوانين - قرارات
انتخابات نقابية
مقالات صحفية مختارة
صدى النقابات
اخبار عربية ودولية
اتحادات صديقة
تونس
الجزائر
السودان
سوريا
العراق
سجل الزوار معرض الصور
القائمة البريدية البحث
الرئيسة RSS
 
Developed by Hadeel.net