اخبار متفرقة > مؤسسات تواجه حالات إقفال لزيادة الأكلاف والركود الاقتصادي......... البنزين إلى ارتفاع جديد اليوم.. والاستهلاك اليومي يتراجع 20%
كتب كامل صالح في جريدة السفير بتاريخ 11-4-2012 بدا لافتاً للانتباه سكوت المواطن أمام ارتفاع أسعار المحروقات المتواصل منذ أواخر العام الماضي، وكأن السياسة التي اتبعتها الحكومة وبعض وزرائها تمكنت من إحباطه، فمن جهة تبخر، ما يسمى، تصحيحاً للأجور قبل صدوره، ومن جهة أخرى، وضعت «وزارة الطاقة والمياه» المواطن أمام حلين: توقيعها على جدول تركيب أسعار المشتقات النفطية مهما بلغت نسبة الغلاء، أو إدخال البلد في أزمة محروقات. وشاهد المواطن هذا السيناريو لأسبوعين متتاليين أخيراً. وفيما يترقب أن يوقّع وزير الطاقة والمياه جبران باسيل على جدول «تحديد سعر مبيع المحروقات السائلة» في موعده اليوم، علمت «السفير» أن جدول الأسعار سيسجل ارتفاعاً جديداً على سعر مبيع صفيحة البنزين يبلغ حوالي 600 ليرة، مما يعني أن سعر صفيحة «98 أوكتان» تصبح 39 ألفا و700 ليرة، و«95 أوكتان» 39 ألف ليرة، بزيادة سبعة آلاف و500 ليرة لكل منهما في 16 أسبوعا، بعد ارتفاعهما الجديد. وإذ تتكرر تأكيدات المعنيين في «القطاعات النفطية» أن «سعر برميل النفط العالمي يتحكم بتحديد أسعار مبيع المحروقات محليا»، يطرح المتابعون السؤال القديم الجديد: وماذا عن الرسوم والضرائب التي تفرضها الحكومة على الصفيحة؟ وأين هي الخطط البديلة التي تضبط إيقاع تأثير ارتفاع الأسعار أسبوعياً على المستهلك والنقل والقطاعات الإنتاجية؟.
«القطاع الخاص منهك ومستنزف»
وفيما تبقى هذه الأسئلة معلقة برسم المعنيين، يرى الخبير الاقتصادي إيلي يشوعي أنه «لا يمكن فصل مدى التأثير السلبي لارتفاع أسعار المشتقات النفطية على القطاعات الإنتاجية والمستهلك اللبناني من دون ربطها بمسائل أخرى تتعلق بسياسات الحكومات المتعاقبة وكيفية مقاربتها لهذا الملف، منبهاً عبر «السفير» إلى أن الوضع لم يعد يحتمل، فالقطاع الخاص منهك ومستنزف ولا حيل له، وأي أكلاف إضافية ستتسبب بتوقفه عن النمو السيئ أساسا»، موضحا أن «المؤسسة في لبنان مرهقة لانعدام الحماية الرسمية لاستمرار عملها، وأمام الرسوم الجمركية المرتفعة، وهي في الأساس مرهقة نتيجة الركود الاقتصادي المتواصل، ومن أبرز أسبابه التركيز على الضرائب غير المباشرة خصوصا الضريبة على القيمة المضافة TVA التي تؤثر على مبيعات الشركات ذات الربحية المحدودة». وعلى الرغم من تحذير يشوعي المتكرر من إقفال المزيد من المؤسسات والشركات نتيجة ارتفاع أكلاف الإنتاج والمحروقات من ضمنها، يلحظ في المقابل «أن الدولة أو «البقرة الحلوب» نشّفوها»، على حد تعبيره، «من هنا نحن أمام معادلتين: الدولة خربانة والقطاع الخاص المنتج كذلك الأمر، فكيف تساعد كل جهة الأخرى!». ويخلص للقول: «لا يوجد دولة في لبنان.. لا موازنة لا خزانة فيها أموال.. الديون حوالي 60 مليار دولار، واقتصاد البلد لا يدار في شكل محفز لينمو.. فلنتوقع الأسوأ».
استهلاك البنزين إلى مزيد من التراجع
ونتيجة الغلاء المطرد، تتضارب المعلومات حول حجم تراجع استهلاك البنزين اليومي في السوق اللبناني، فبعدما بلغ استهلاك لبنان في سنة 2011 من مادة البنزين، حوالي مليون و550 ألف طن، تؤكد مصادر احدى الشركات المستوردة للنفط لـ«السفير» أن الاستهلاك تراجع من أربعة ملايين ليتر إلى ثلاثة ملايين و500 ألف ليتر في اليوم الواحد، أما نقيب «أصحاب محطات المحروقات» سامي البراكس فيقول لـ«السفير»: «إن الاستهلاك تراجع من حوالي خمسة ملايين إلى أربعة ملايين ليتر يوميا، أي بلغت نسبة تراجع الاستهلاك حوالي 20 في المئة، وهي إلى مزيد من التراجع في ظل ارتفاع سعر صفيحة البنزين». وينتظر «العاملون في القطاعات النفطية» هذا الأسبوع، رد «وزارة الطاقة والمياه» على المذكرات التي قدمت أخيرا، والمتضمنة الأكلاف الجديدة على شراء المشتقات النفطية ونقلها وبيعها بعد زيادة الأجور والضريبة على القيمة المضافة لارتفاع الأسعار أسبوعيا. ويلمح البراكس إلى أن «القطاعات كانت بانتظار انتهاء الأعياد لمواصلة اتصالاتها، ولإعطاء مهلة للوزارة لبحث المذكرات المرفوعة». في المقابل، وبعد دعوة «نقابات النقل البري» للإضراب والتظاهر في 19 نيسان الجاري، احتجاجا على ارتفاع صفيحتي البنزين والمازوت، ترتفع حدّة التململ في القطاعات الإنتاجية أمام غلاء المشتقات النفطية من دون طرح رسمي لتهدئة الأسعار.
نقل القمح يرتفع 20%
وفي ظل التراجع المستمر في حجم القدرة الشرائية عند المواطنين، يوضح نقيب «تجّار مال القبان» أرسلان سنو لـ«السفير» أن «غلاء المحروقات يؤثر على حركة النقل من المرفأ إلى المطاحن في مرحلة أولى، ومنها إلى الأفران ومراكز التوزيع في مرحلة ثانية»، مشيرا إلى أن «تسعيرة نقل طن القمح من المرفأ إلى المطحنة ارتفعت 20 في المئة، إذ كانت خمسة دولارات وأصبحت ستة دولارات للطن حاليا، نتيجة غلاء المحروقات والمعيشة»، مضيفا أن «هذا السعر يختلف من منطقة إلى أخرى، خصوصا للمطاحن البعيدة عن المرفأ. والأمر نفسه على نقل طن الطحين إلى الأفران الذي يتراوح بين عشرة و15 ألف ليرة». أما كلفة المحروقات في تصنيع الطحين، فيوضح أرسلان أن «نسبتها تبلغ 10 في المئة»، وفق دراسة حديثة عن الكلفة مقدمة إلى «وزارة الاقتصاد والتجارة»، لافتا الانتباه إلى أن «الكلفة الإجمالية لتصنيع طن واحد من الطحين تتراوح بين 75 و80 دولارا».
المواد الأولية في الزراعة
ولا تبتعد معاناة القطاع الزراعي عن هذه المعادلة مع وجود مسافات شاسعة بين مكان الإنتاج ومراكز التوزيع، مما يؤثر على الكلفة، ويفيد رئيس «جمعية المزارعين» أنطوان الحويك «السفير» أن «غلاء أسعار المحروقات يؤثر على ضخ المياه للري، ونقل المواسم من أرضها إلى المستهلك في المناطق وخارج لبنان، فضلا عما تصرفه الجرّارات الزراعية من وقود، والارتفاع التلقائي في المواد الأولية التي تصنع من المشتقات النفطية كالبلاستيك والنايلون والعبوات الحافظة على أنواعها». وإذ يبقى «القطاع الزراعي الأقل ضررا مقابل قطاعات أخرى تعتمد أساسا على الطاقة في عملها كالمصانع والمعامل والمؤسسات السياحية، وما يترتب عليها من زيادة في أكلاف التشغيل»، يرى الحويك «أن تأثير غلاء المحروقات على الكلفة يختلف من إنتاج إلى آخر، وكل زراعة لها حساباتها»، ويضرب مثلا أن «السائق يحتاج حاليا، حوالي صفيحتي بنزين لينقل حمولة واحدة من انتاجه في البقاع الشمالي إلى بيروت، أي حوالي 75 ألف ليرة بعدما كانت حوالي 66 ألف ليرة أواخر العام الماضي، وذلك من دون احتساب زيادة الأكلاف الأخرى».