كلمة رئيس الاتحاد خلال ورشة عمل لليونيسيف ومنظمة العمل الدولية الوفاء : 25-7-2018 كلمة رئيس الاتحاد العمالي العام في لبنان الدكتور بشارة الأسمر عن إصلاح التعليم والتدريب التقني والمهني من منظور النقابات العمالية ودورها خلال ورشة عمل لإطلاق الإطار الاستراتيجي الوطني للتعليم والتدريب التقني والمهني التي نظمتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة – اليونيسيف بالتعاون مع منظمة العمل الدولية – المكتب الإقليمي للدول العربية. بيروت – السوديكو – مبنى سما بيروت – 24/7/2018 بدايةً يتوجه الاتحاد العمالي العام في لبنان بالشكر لمنظمة اليونيسيف ومنظمة العمل الدولية – المكتب الإقليمي للدول العربية – بيروت على تنظيم هذه الورشة الهامة والتي تقع في صلب اهتمامات الاتحاد العمالي العام ومنظمات أصحاب العمل والصناعيون منهم بوجهٍ خاص والذي يجمع بينهم مع ممثلي الدولة المركز الوطني للتدريب المهني والتقني منذ تأسيسه. إنّ اهتمام الاتحاد العمالي العام بهذا الموضوع ينطلق من الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية التي يلامسها التعليم والتدريب المهني والتقني فضلاً عن دوره في مواجهة أزمة البطالة المستفلحة وكذلك سياسات الأجور وعلاقتها بالعمل اللائق. يربط البعض بين التعليم والتدريب المهني والتقني والتعليم بوجهٍ عام ومخرجاته مع متطلبات سوق العمل وهو ربط صحيح من حيث المبدأ نظرياً. لكن تفحّص هذه المسألة عن قرب ينقل النقاش إلى مكانٍ آخر. المشكلة في الطلب وليس في العرض تشير الأرقام التي نشرها البنك الدولي للعام 2017 إلى أنه تمّ تأمين 3500 فرصة عمل في لبنان علماً أنّ الحاجة للتوظيف كانت لـ 34 ألف متخرج مؤهل لسوق العمل. إنّ الخلل البنيوي في الاقتصاد اللبناني يكمن في ارتكازه الى قطاع الخدمات الذي يشكّل 72% تقريباً من سوق العمل والباقي موزّع بين التجارة والصناعة والزراعة التي تبلغ حصتها حوالي 6% من هذا السوق. وفضلاً عن أنّ قطاع الخدمات هذا بات متخماً ويعاني عماله من مزاحمة أجنبية حادة ومن إقفال لعدد من مؤسساته وما ينتج عنه من صرف تعسفي أم لأسباب قاهرة فهو قطاع هش يتأثر بسرعة بأي حدث أمني أو سياسي وبالسياحة الخارجية أو الداخلية كما هو جارٍ حالياً مع انكفاء السياحة الخليجية والأجنبية عموماً. أمّا القطاع المصرفي والمالي المأزوم بدوره حيث تشهد بعض المصارف موجة صرف لعدد من موظفيها فهو قطاع محدود الطاقة الاستيعابية ويتّسع في أحسن الأحوال لبعض عشرات الألوف من العاملين. والقطاع الصناعي مهمل وكذلك القطاع الزراعي وهذان القطاعان وحدهما يؤمنان فرص عمل ثابتة ومستقرة وواسعة من شأنها استيعاب أكبر عدد من الوافدين سنوياً إلى سوق العمل. كما أنّ الزراعة وتنميتها تحدّ من الهجرة الداخلية من الأرياف إلى المدن ومن الأزمة السكنية التي تشهدها المدن. ومن المعلوم أنّ القروض المصرفية الأساسية يجوزها المضاربون العقاريون والشركات المالية وكبار التجار والمستوردين وهي في شح متزايد للصناعة والزراعة. فإلى أين يذهب حوالي 30 ألف وافد إلى سوق العمل سنوياً؟ أمّا إلى المهاجر إذا توافرت وإما إلى الانضمام لصفوف المعطلين عن العمل الذين يزداد عددهم نتيجة التدهور الاقتصادي الناتج عن الخلل البنيوي. وإذا كانت الدولة «ترتاح» لجنيها بضعة مليارات من الدولارات نتيجة تحويلات اللبنانيين العاملين في الخارج فإنها تتجاهل كونها تصدّر أفضل الكفاءات الشبابية لديها بعدما كلفوا أهاليهم جنى العمر لتعليمهم وتستورد في المقابل يد عاملة رخيصة بمئات الألوف من عاملات منزليات وعمال ورش وتنظيفات وخدمات أخرى فيختل الميزان بشكلٍ فادح. من جهةٍ أخرى يوجد في لبنان 300 معهد ومدرسة مهنية وتقنية 94 منها فقط تابعة للقطاع الرسمي والباقي للقطاع الخاص. وكلها تصدر شهادات بدون معايير محدّدة وهي غير مراقبة من الدولة ولا علاقة أو قيمة لشهاداتها في نظام وسياسات الأجور والتقديمات الاجتماعية. فضلاً عن كون هذه المعاهد والمدارس المهنية والتقنية موزّعة بشكل عشوائي جغرافياً ومهنياً ومفصولة عن سياق التوجه العلمي المنظّم والهادف. وهذا يعني أنّ التعليم المهني سائر باتجاه المزيد من الخصخصة ويشكّل باب استرزاق ومصدر ربح ليس إلاّ شأنه من ذلك شأن تفريخ المزيد من الجامعات الخاصة والمعاهد والكليات التي تنتجها الطوائف والمذاهب والتي بلغ عددها 35 جامعة خاصة و 9 معاهد وكليات و 3 معاهد جامعية للدراسات الدينية. فأي سياسة تربوية ينشأ شبابنا في ظلها؟ وأي خريجين منها؟ وأي عمل يجدونه في ظل هذه الفوضى العارمة؟ إنّ خصخصة التعليم العالي والمهني واعتباره مصدر ربح أو توظيفه طائفياً هو ما نواجهه اليوم وما يجب العمل على تصحيحه. دور العمال والاتحاد العمالي العام في التدريب المهني إننا نرى أنّ من حقّ الاتحاد العمالي العام التدخل في مختلف مراحل التدريب من وضع المناهج والبرامج إلى آليات حوار دائمة ومؤسسية إلى وجوب إنشاء مراكز تدريب دائمة في المؤسسات الصناعية الكبرى تؤمّن تطوير الكادر العامل وزيادة كفاءته ومواكبة للتطور التقني المتسارع بالإضافة إلى اتباع سياسة التدريب التحويلي للمرتقب صرفهم من العمل لأسباب قاهرة بحيث يؤمّن لهم هذا التدريب فرصة العمل بمهن أخرى مشابهة. إنّ شهادة التدريب يجب أن يوضع لها نظام خاص يتعلق بقيمة الشهادة ومردودها وأن يفسح لهذه الفئة من الشباب المزيد من الترقي الوظيفي من خلال التدريب المستمرّ لا أن يبقى على الأجر الذي دخل فيه إلى العمل بانتظار تصحيح الأجور مقابل غلاء المعيشة الذي يأتي أو يأتي إلاّ بعد نضالٍ مرير.
أخيراً، أجدّد شكري لمنظمي هذه الورشة وأرجو أن نخرج بتوصيات جديدة وجادة. وشكراً لكم جميعاً. الرئيس د. بشـارة الأسمـر |