اخبار متفرقة > المضمونون في المهبّ مجدداً .........حكومة أصحاب العمل ترفض تسوية المستشفيات مع الضمان
ا يتكرّر المشهد في صندوق الضمان. صراع بين هيئات أصحاب العمل والعمال. الجولة الأخيرة ربحها أصحاب العمل بالتواطؤ مع مجلس الوزراء، الذي أعاد إلى الضمان ملف زيادة التعرفات وآلية تمويلها، التي تحمّل أصحاب العمل الكلفة عبر زيادة الاشتراكات كتب محمد وهبة في جريدة الاخبار بتاريخ 24-8-2012 لدى هيئات أصحاب العمل نفوذٌ كبير في مجلس الوزراء. صوتها هناك يطغى على أي صوت آخر. فباستطاعتها أن تفرض على الحكومة مجتمعة أيّ قرار تريده. هذه الهيئات تمكنّت، أخيراً، من «إقناع» مجلس الوزراء برفض مشروع مرسوم محال عليها من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، بهدف «زيادة سقف الراتب الخاضع للاشتراكات، في فرع الضمان الصحي، من 1.5 مليون ليرة إلى 2.5 مليون ليرة». تؤمّن هذه الزيادة نحو 102 مليار ليرة، وهي مخصّصة لتمويل كلفة زيادة التعرفات الاستشفائية المقدّرة بنحو 127 مليار ليرة، بعد أن تموّل الدولة مبلغ 32 مليار ليرة، لكن فريق رئيس الحكومة نجيب، بوصفه من أبرز أصحاب العمل، يعتقد أن رفع السقف إلى مليوني ليرة أمرٌ كافٍ لتمويل كلفة التعرفات الاستشفائية، لا بل إن هذا السقف يفيض عنه 17 مليار ليرة سنوياً! تبدأ قصّة مشروع مرسوم رفع سقف الراتب الخاضع للاشتراكات في 24 أيار 2012. يومها أقرّ مجلس إدارة الضمان الاجتماعي زيادة التعرفات الاستشفائية وتمويلها من خلال زيادة سقف الراتب من 1.5 مليون ليرة إلى 2.5 مليون ليرة. (يقسم الضمان الرواتب المصرّح عنها لديه إلى أكثر من شطر، فيخضع الرواتب حتى مبلغ 1.5 مليون ليرة إلى رسم اشتراك، أما باقي الشطور، فهي لا تخضع لهذا الرسم). استند قرار مجلس الضمان إلى الدراسة الاكتوارية التي أعدتها إدارة الصندوق، والتي تظهر أن زيادة التعرفات الاستشفائية، وفق قرارات مجلس الوزراء، تكلّف صندوق ضمان المرض والأمومة نحو 127 مليار ليرة. أيضاً تشير الدراسة، إلى أن الدولة تدفع 25% من كلفة الاستشفاء، أي ما يوازي 32 مليار ليرة، وبالتالي فإن المبلغ الباقي سداده هو 94 مليار ليرة، إضافة إلى مال الاحتياط القانوني. تضع الدراسة عدد من السيناريوات لتمويل زيادة التعرفات الاستشفائية، فتشير إلى أن زيادة سقف الراتب الخاضع للاشتراك إلى 2.5 مليون ليرة هو الحلّ الأفضل لكونه يوفّر نحو 102 مليار ليرة. لكن هذا الحلّ لا يعالج مشكلة التوازن المالي في صندوق ضمان المرض والأمومة، وخصوصاً أن العجز المتراكم في هذا الصندوق بلغ في نهاية عام 2011 نحو 438 مليار ليرة. لذلك، تشير الدراسة الاكتوارية إلى أن إيجاد حلّ متكامل للتوازن المالي في الصندوق، يفترض زيادة معدّل الاشتراكات بالحدّ الأدنى نقطة مئوية واحدة للتخلص من العجز خلال 4 سنوات. على أي حال، جاء إقرار مجلس إدارة الضمان الاجتماعي زيادة سقف الراتب الخاضع للاشتراكات إلى 2.5 مليون ليرة بعد جولة مفاوضات قادها وزير العمل سليم جريصاتي مع ممثلي هيئات كل من أصحاب العمل والعمال، وبالاستناد إلى أرقام الدراسة المذكورة. غير أن قرار مجلس الضمان لا ينجم عنه سوى «مشروع مرسوم»، وهذا الأخير يحتاج إلى إصداره بقرار يتخذ في مجلس الوزراء. هكذا أحال مجلس الضمان، المشروع المقرّ، على سلطة الوصاية في الأول من شهر حزيران، من أجل رفعه إلى مجلس الوزراء... لكن المشروع نام في أدراج رئاسة الحكومة فترة طويلة قبل أن يُطرح أخيراً على جدول أعمال جلساتها. النقاش الذي دار هناك يُظهر حجم النفوذ الذي يتمتع به أصحاب العمل لدى مجلس الوزراء. فاجأ وزير الاقتصاد والتجارة نقولا نحاس، الوزراء، مشيراً إلى أن اقتراح الضمان لا يحقق الغاية المطلوبة، وموضحاً أن لديه دراسة اكتوارية تشير إلى أن رفع سقف الراتب الخاضع للاشتراك إلى مليوني ليرة بدلاً من 2.5 مليون ليرة حل مناسب لتمويل زيادة التعرفات الاستشفائية، جازماً بأن دراساته تتتحدث عن فائض بقيمة 17 مليار ليرة. لا أحد يعلم من أين جاءت دراسة نحاس، لكن بما أن غالبية الوزراء لديهم «جهل» واسع بالأرقام والدراسات والقوانين، أقرّ المجلس إعادة المشروع إلى الضمان والاستفسار منه، خلال 10 أيام، عما «إذا كانت زيادة السقف حتى مليوني ليرة تكفي لتمويل زيادة التعرفات» على ما يقول أحد الوزراء. لم يسأل أيّ منهم عن قانون الضمان الذي يفرض، في مادته الـ66، التوازن المالي بين الواردات والنفقات. بعد أيام تبلّغت وزارة العمل رسمياً بقرار مجلس الوزراء ثم أرسلت نسخة منه إلى مجلس إدارة الضمان. الاخير عقد أمس جلسة، لكنه لم يعرض فيها رسالة جريصاتي رغم أنه ناقش مضمونها في ضوء موقف نقابة أصحاب المستشفيات الخاصة، التي أعلنت أنها لن تستقبل مرضى الضمان ابتداءً من1 أيلول، لأن الضمان لم يزد التعرفات الاستشفائية. تأتي هذه التهديدات لمرضى الضمان «رغم أن الموضوع خرج من الضمان الاجتماعي وبات بيد مجلس الوزراء» على ما يقول المدير العام للصندوق محمد كركي. ويشير المدير العام إلى أن الحل الذي اصدره الضمان في 24 ايار كان الأفضل، لكنه أمر تطلب 3 سنوات من النقاش والمفاوضات، وبالتالي فإن «إعادة المشروع إلى مجلس الضمان يُخشى أن تظهر معه اقتراحات تعيد الموضوع إلى نقطة البداية». ويلفت كركي إلى أن الحلّ المقترح يطاول 33% من الأجراء فقط، أي الأجراء الذين تفوق رواتبهم مبلغ 2.5 مليون ليرة، علماً بأن هذا الأمر لن يطاول مؤسسات كثيرة سوى الكبرى منها، التي لديها موظفون برواتب مرتفعة جداً، مثل المصارف وشركات التأمين والشركات العقارية وغيرها. في المقابل، لم يجرؤ مجلس الضمان في جلسته أمس على توزيع رسالة جريصاتي. وأوضح أعضاء في المجلس أنها سحبت «حتى إشعار آخر»، ثم وافق المجلس على إعادة تأكيد قرار هيئة المكتب الذي يشير إلى أن كل مستشفى يمتنع عن استقبال مرضى الضمان سيفسخ العقد معه. لكن الضمان أثبت مراراً أنه فاشل وعاجز عن حماية المضمونين. فعلى سبيل المثال، امتنعت المستشفيات، في المرّة السابقة، عن استقبال المرضى لفترة تجاوزت 10 أيام من دون أن تطاول أيّ منها أيّ عقوبة، لا بل إن هذه المستشفيات حصلت على حماية خاصة من وزير العمل سليم جريصاتي، الذي أعلن يومها بكل وضوح أنه لن تتخذ أي إجراءات بحق أي مستشفى. ________________________________________ 830 مليار ليرة هي مجمل المبالغ التي تدين بها الدولة اللبنانية لمصلحة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. وهذه المبالغ المتراكمة منذ سنوات، ناتجة من متوجبات الدولة عن فاتورة الاستشفاء بمعدل 25%، ورسوم اشتراكات عن موظفيها ________________________________________ من هم المتضررون؟ يعتقد أعضاء في مجلس الضمان أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي (الصورة) من أكبر أصحاب العمل في لبنان، إلى جانب عدد من الوزراء أيضاً، وبالتالي فإن لدى هذا الطرف في الحكومة قدرة كبيرة على التصدي لأي اقتراح يدرسه مجلس الوزراء، وإسقاطه تدريجاً أو بالضربة القاضية. والدليل أن مجلس الوزراء أعاد مشروع مرسوم رفع السقف الخاضع للاشتراكات إلى 2.5 مليون ليرة، والمبني على دراسة اكتوارية أعدتها إدارة الضمان، مستنداً بقراره إلى رأي الوزير نقولا نحاس فقط! اقتصاد العدد ١٧٩٠ الجمعة ٢٤ آب