مقالات صحفية مختارة > لا نحتاج عاصفة: نسمة تكفي لكشف المستور!
نسمة تكفي لكشف المستور!
عدنان الحاج السفير 8-1-2013
لا يحتاج لبنان لعاصفة كبيرة أو غير مسبوقة لكشف المستور حول التقصير الحاصل على مستوى إدارات الدولة ووزاراتها، وكان يكفي البلد المكشوف أمنياً وسياسياً نسمة صيفية بسيطة لتكشف الغبار عن الإهمال والتلهي بالمصالح الشخصية والخدمات الخاصة وهدر المال العام. ليس الكلام محصوراً بأضرار الطبيعة فقط، والأضرار التي أصابت القطاعات الزراعية والنقل والحركة التجارية والاقتصادية والعطلة التربوية القسرية، بل الأمر يتعلق فجأة بتبادل المسؤوليات والتداخل بين البلديات ووزارة الأشغال والبلديات ووزارة الطاقة ودقة المشاريع المنفذة من المياه إلى شبكات الطرق ومعامل الكهرباء وخطوط التوتر المتوسط والعالي ومعامل الإنتاج التي تصيبها الأعطال والضغوط في موسمين متتاليين في «رحلة الشتاء والصيف» من كل عام، وهذا أمر معتاد نتيجة الطلب الشديد والبرد والعواصف والحرارة الزائدة. كل ذلك بات مفهوماً ومعروفاً لدى المواطنين، إلا موضوع الطوفان مع أول هطول للأمطار بين الوزارات والإدارات المعنية التي صرفت كل موازناتها السنوية وجزء من موازنات السنوات المقبلة من دون تحسّن يُذكَر على مستوى شبكات الطرق وخدمات المياه الملوثة صيفاً شتاء، والكهرباء التي تفوق ساعات تقنينها ساعات التغذية على مدار العام وفي العديد من المناطق مع كل ذلك والأعباء الإضافية التي يتحمّلها المواطن لتأمين الخدمات الأساسية تأتيك فواتير الخدمات البلدية والرسوم الخاصة بالكناسة والحراسة بينما العاصفة تكنس ما تبقى لدى العائلة من قدرة على الإنفاق نتيجة ترميم الأضرار ولملمة البقايا بما سببه طوفان الأنهر وفيضانات الطرقات من المياه. الأنكى من ذلك أن معظم هذه المياه الذاهبة هدراً لا تشفع للمواطن بالحد من فاتورة مياهه الثلاثية الرؤوس فاتورة مياه الشرب وفاتورة مياه الطبخ وأخرى فاتورة الدولة، وكلها تدفع نقداً وعداً من دون استحقاقات مسبقة. أما مياه الأمطار فيدفع المواطن فاتورة كلفة الأضرار إضافة إلى الفواتير الاخرى. وكأن المواطن كان ينقصه فاتورة الأضرار، سواء دفعها مباشرة نتيجة الضرر المنزلي أو الضرر في التنقلات أو تعطيل المصالح أو العطلة الطويلة في العذابات على الطرقات أما بفعل الفيضانات وأما بسبب الازدحام نتيجة إهمال أماكن تصريف المياه منعاً للازدحام. ما يثير الاستغراب أيضاً أنه لا توجد مسؤوليات محددة على كل جهة، فهناك حفريات على مدار السنة للهاتف والكهرباء ثم المجاري ومصالح المياه ثم التزفيت مرات عدة أو الترقيع للطرقات، والحفر المنتشرة وكأنها مربوطة بعجلات السيارات وليست على الطرقات. وما يغيظ أيضاً أن كل وزراء الخدمات يطلون مع كل مناسبة ليعددوا الإنجازات ويمننون الناس بأنهم أنجزوا خدمة إضافية من الهاتف إلى الكهرباء إلى الطرقات والنقل المشترك، وهكذا تستمر الإصلاحات والإنجازات بالإعلام وبمبالغ بمئات المليارات من الليرات ومع أول هزة بسيطة يظهر حجم الانكشاف الذي لا يحتاج إلى عاصفة كبيرة أو هزة ضخمة بل إلى نسمة ربيع أو صيف تكشف المستور وحجم المال المهدور. وحقوق المواطن المقهور صيفاً شتاء فقط وما عليه سوى التحمل المادي والمعنوي مراعاة لانتمائه الطائفي أو السياسي أو المذهبي. في الخلاصة أن كل الأمور مقبولة وقابلة للتحمّل باستثناء موضوع الكهرباء في موجة البرد وارتفاع أسعار المحروقات وغياب البدائل، حيث يصادف إضراب الموظفين والعمال في مؤسسة كهرباء لبنان مع أيام العاصفة وتراكم الأعطال مما سيزيد ساعات القطع في كل المناطق ويضاعفها في المناطق الجبلية الأكثر حاجة للتيار الكهربائي بفعل تقطع أوصال العديد من الشبكات والخطوط من الجية إلى الذوق مروراً بالجبل والشمال والجنوب. السؤال هل هناك احتياطات رسمية لتلافي النقص في المحروقات ووسائل التدفئة في حال طال انقطاع الطرقات إلى جانب تراجع تغذية الكهرباء. كلفة العاصفة الاقتصادية كبيرة على المواطن وحده من عذاب الطرقات إلى جحيم العتمة وأعباء الكلفة المالية في سنة انتخابية يتحضر لها المسؤولون في الحكومة وخارجها للفوز على حساب افتداء الخلافات السياسية بالمال العام.