١٦ أيار ٢٠٢٥ في زمنٍ تلوح فيه ارهاصات التضييق على العمل النقابي اللبناني وحريته باجتهادات قانونية مكشوفة الاهداف الخاص منها والسلطوي للتمويل المنفعي والتقييد السلطوي ، يصرّ اتحاد الوفاء لنقابات العمال على أن يظل صوتًا حرًا ، ويدًا ممدودة للناس لا للسلطة، وسندًا حقيقيًا للنقابيين وللعمال في معاركهم اليومية من أجل حركة نقابية حرة ولقمة عيش كريمة. ونحن نرى ان الاهتمام بالاولويات الوطنية التي تحمي الوطن من الاستتباع للخارج واستمرار الانخراط في المشروع الوطني المقاوم وملاحقة حق العمال والموظفين باعادة اعمار ما هدمه العدوان الى جانب الدفاع عن الحريات النقابية ورفض التضييق على منظماتنا النقابية ، وملاحقة الحقوق المهدورة للعمال بمختلف شرائحهم، إن بأجورهم وبالتقديمات والملحقات ، وإن بفرص عملهم وواجب الحكومة بالانفاق الاستثماري لخلق فرص عمل مطلوبة لسوق الانتاج اللبناني ، هي اولويات لا شك تشغل المتصدين للدفاع عن مصالح العمال ولا يعود لديهم الوقت الذي يشغلونه باستقبالات وفتح علاقات لم يحن اوانها وهم بالغنى عنها لو انهم تبصروا قليلا ، وبالتبصر أيضا نعفي الحركة النقابية اللبنانية من ركوب موجات الانكسار العربي وامتطاء منابره النقابية . من جهة اخرة نحن نرى انه مع كل موجة انهيار اقتصادي أو صدمة معيشية في لبنان ، تطفو على السطح أصوات يعرف عمال لبنان ولاءاتها والضرع الذي يمدها باسباب الحياة من خلال بياناتها المسرحية ، والتي تأتي في التوقيت المشبوه، بلغة تُحاكي الخطاب الدبلوماسي أكثر مما تعكس معاناة الكادحين. منابر لا تتعب من تسويق مواقفها أمام السفارات، لكنها تغيب عندما يفرض الحصار على لبنان ، أو يُصرف العامل من عمله، أو تُقفل أبواب المعامل. في المقابل، كان اتحاد الوفاء لنقابات العمال، حاضنًا للقضايا الحقيقية، ميدانياً لا خطابياً. ومن خلال جولات تفقدية واستطلاعية شملت مختلف المناطق والقطاعات الإنتاجية، قام بها نقابيو المناطق ورؤساء النقابات واتحادات النقابات، بنهج عملي له قواعده وقائم على المتابعة اليومية لقضايا العمال، بعيدًا عن الضجيج المصطنع والمزايدات. أما في المشهد اللبناني، فالأزمات تتوالى والمعالجات غائبة. لجنة المؤشر تُعيد إنتاج أرقامٍ لا تسمن ولا تغني من جوع، وأداؤها أقرب إلى تبرير الانهيار منه إلى محاولة كبحه. في المقابل، لا تزال الهيئات الاقتصادية تنظر إلى العمال كأرقام قابلة للتقليص، لا كركائز وطنية يجب حمايتها. الدولة، من جهتها، تتقاعس في واجبها الأخلاقي والوطني في إعادة إعمار المناطق المتضررة جراء العدوان الإسرائيلي، كما تُهمل دورها في حماية الأمن الاجتماعي والمعيشي، مكتفية بالحد الأدنى من الحضور، إن وُجد. وفي المشهد العربي، لا يزال طيف زيارة الرئيس الأميركي ترامب مخيّمًا، حين خرج من عواصم العرب محمّلًا بتريليونات الدولارات، في مشهد يعكس عمق التبعية السياسية والاقتصادية. أموال لو وُجهت لدعم التنمية، ولحماية أسواق العمل، لكانت غيّرت وجه المنطقة. لكن واقع التبعية جعل من هذه الثروات وقودًا للحروب الأمريكية، لا أداة خلاص لشعوبنا. أما في المشهد العالمي، فإن التحية الكبرى تذهب إلى كل من وقف سدًا منيعًا في وجه شحنات الأسلحة المتجهة نحو الكيان الصهيوني، وإلى النقابات الحرة التي ما زالت ترى في فلسطين معيارًا للحرية والعدالة. نخصّ بالتحية الاتحاد العام لنقابات عمال النرويج (LO) الذي اتخذ موقفًا شجاعًا بفرض مقاطعة شاملة للكيان الصهيوني، في خطوة تعبّر عن التزام حقيقي بالقيم الإنسانية والمبادئ العمالية الأصيلة. كل التحية والتقدير للمقاومة الإسلامية في لبنان، التي تشكّل الحصن الحامي للسيادة والكرامة، ولكل المدافعين عن غزة الذين يسطّرون بصمودهم صفحات العز في وجه آلة الحرب الصهيونية. |