١١ تموز ٢٠٢٥ 
لا يذكر مزارعو البقاع أنهم عاشوا أزمة كارثية، كالتي يعيشونها اليوم، مع بداية حصد موسم البطاطا، الذي يُعتبر السلعة الزراعية الأوسع انتشاراً في المنطقة. هو «الموسم الأسوأ في تاريخ زراعة البطاطا»، يؤكد رئيس الاتحاد الوطني للفلاحين اللبنانيين، إبراهيم الترشيشي، الذي يشير إلى أن «كوارث إقفال أبواب التصدير وارتفاع الكلف الإنتاجية والتقلبات المناخية والعوامل المناخية السلبية تجمّع بعضها مع بعض، في شكل غير مسبوق». ويلفت إلى أنه «منذ ستين عاماً لم تتضرر حقول البطاطا كما اليوم»، إذ بلغت الخسائر ما يقارب 35% من الإنتاج الموسمي، مع العلم أنه كان مقدّراً أن يزيد الإنتاج عن 250 ألف طن، ولكن تراجع كميات الري والأمراض الزراعية سيؤديان إلى انخفاض الكميات المُنتجة، التي قد تصل إلى حدود 150 ألف طن، في الحد الأقصى. وبحسب الترشيشي، فإن 15% من مزارعي البطاطا في البقاع أتلفوا إنتاجهم، و50% منهم لم يستطيعوا الرّي بما هو مطلوب. أمّا الباقي، فهم من استطاعوا ري أراضيهم، ولكن بكلفة مرتفعة تراوح ما بين 7% و30%. الطامة الكبرى، وفق تعبير الترشيشي، أن كل هذا التراجع في الإنتاج، وبدلاً من أن ينعكس ارتفاعاً في الأسعار، حصل العكس تماماً. فسعر المبيع للكيلو الواحد لا يتجاوز 20 ألف ليرة، في حين أن الكلفة الحالية تزيد عن 35 ألف ليرة، والسبب انعدام التصدير، الذي لا يزال دون 10 آلاف طن، مع العلم أن الرقم الطبيعي في مثل هذا التوقيت، يجب أن يتجاوز 40 ألف طن، والسبب ارتفاع الكلفة في لبنان وانخفاضها في دول الجوار، وتحديداً سوريا. حتى التصدير البحري ارتفعت كلفته من جراء الأعمال العسكرية، فتكلفة شحن وعاء زراعي إلى جبل علي في الإمارات يُقدّر بـ 5500 دولار في البحر، ويتطلّب وصوله قرابة الشهر، في حين يُصدّر التاجر السوري شاحنته عبر البر، وبتكلفة أقل من 4000 دولار، وتصل في غضون سبعة أيام. لم يقتصر ارتفاع الكلفة على الري الذي تضاعفت أساساً كلفته، بسبب شحّ الأمطار، ولكن أتت ضريبة الدولارين على كل صفيحة مازوت لتزيد من خسائر المزارعين. إضافةً إلى ذلك، فإن أكثر من 50% من الآبار الجوفية جفّت مياهها بشكل كامل، والباقي انخفض مستوى مياهه بشكل كبير. والكلام يؤكده رئيس نقابة مزارعي البطاطا في البقاع، كابي فرج، الذي يشير إلى أن «كلفة الري المرتفعة دفعت بعشرات مزارعي البطاطا إلى التخلي عن أجزاء من حقول البطاطا، لتوفير مياه كافية لبقية المساحة المزروعة، والتخفيف من خسائرهم التي تكبّدوها في التحضير والزرع والبذار والأدوية». ما بين العام الماضي والعام الحالي تكبّد المزارعون كلفة عشر ساعات ري في كل عدّان ري، وفق ما يطلق عليه المزارعون. وهذا الارتفاع سببه، بحسب فرج، انخفاض مستوى المياه. ففي العام الماضي كانت تكلفة ري دونم بطاطا 100دولار بدل سعر ثماني تنكات مازوت. أما اليوم، فالكلفة ارتفعت 150 دولاراً، لتصبح 250 دولاراً، والسبب الحاجة إلى استهلاك 20 تنكة مازوت. هذا الفارق سببه «انخفاض مستوى المياه واضطرار المزارعين إلى زيادة أعماق آبارهم الارتوازية». والمزارعون اعتادوا تشغيل مولّداتهم، وسحب المياه من الآبار، وتجميعها في البرك، ومقابل كل ثماني ساعات من سحب المياه، كانوا يروون حقلهم بمعدّل عشر ساعات. أما اليوم للوصول إلى هذا التوقيت من الري، فإنه يتطلّب 20 ساعة من سحب المياه لتعبئة البركة نفسها. ما يشكو منه الترشيشي وفرج يؤكّده رئيس نقابة تجار الخُضر والفواكه في البقاع - سوق قب إلياس، عمر حاطوم، الذي يشير إلى تراجع كميات الخُضر والفواكه، عدا القدرة الشرائية للزبائن، الذين يطلبون الاستدانة. حتى عدد الزبائن انخفض، وفقاً لحاطوم، الذي يشير إلى تراجع في مبيع الفواكه وبعض أصناف الخُضر، لافتاً إلى أن الزبائن يكتفون بالضروريات. المصدر : صحيفة الاخبار |