(وماذا عن القطاع العام) حضرة السيدة ندى الناشف، المدير الإقليمي للدول العربية ـ منظمة العمل الدولية بيروت. تحية طيبة وبعد، يتقدّم الاتحاد العمالي العام، الأكثر تمثيلاً للعمال في لبنان، بإهداء التحية لمنظمة العمل الدولية ولدورها الرائد في تطوير الحوار الاجتماعي على مدى العالم العربي، جئنا من خلال ها الكتاب، نحيطكم علما بالشكوى المقدّمة من الاتحاد العمالي العام في لبنان ضد الحكومة اللبنانيةـ وزارة العمل. ما تقرؤونه أيها العمال في مقدمة هذا النص الممتلئ لياقة وتأدبا، هو شكوى ضد وزير العمل "السابق"، شربل نحاس؛ هذا المشاكس، السمسار المتآمر، والمتهاون بحقوق العمال وأجورهم وبدلات نقلهم ومنحهم المدرسية وتعويضات نهاية حياتهم..، والمتهالك على أعتاب الهيئات الاقتصادية لسلبكم لقمة عيشكم خدمة لأهوائه الرأسمالية المتوحشة!؟. أيها العمال، مَن منكم حقيقة تراوده الظنون والشكوك، حول نوايا وأداء الوزير السابق، الذي وإن "كنا" وكنتم تعترضون على بعض عناده الزائد، وأن المرحلة بحاجة إلى نفس طويل، وديناميكية عالية، لتحقيق بعض ما يحلم به العمال خاصة واللبنانيون عامة، لكن لا نستطيع إلا أن نشهد بنزاهته وكفاءته وخلوص نواياه، وكنا قد استبشرنا معكم بمشروعه الإصلاحي، الذي يحتاج إلى وقت وصبر وتأسيس وتثقيف وتوعية وتدريب، وكان بالامكان أن تنجح التجربة لو رتّب أولوياته. وبالعودة إلى نص الشكوى المقدمة من الهيئات الاقتصادية النقابية، هي لا تريد الوزير السابق، بل تريد مطلق وزير أو مسؤول تراوده نوايا الإصلاح والتصويب. أما التلاعب بالألفاظ والمصطلحات وتدوير القوانين واستعارة معايير العمل الدولية، لا يعني أبداً أن الشكوى صحيحة، ولا يعني أن منظمة العمل الدولية هي الجهة الصالحة للحكم بين الأطراف المتنازعة. وفي ذلك، نلفت أن هذه المنظمة الرائدة في تطوير الحوار الاجتماعي على مدى العالم العربي(حسب ما ورد في الشكوى)، هي نفسها التي ترعى حاليا عبر الاتحاد الدولي للنقابات( اللوبي الأقوى في المنظمة) على تأسيس المنتدى النقابي العربي الديمقراطي، في مواجهة الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب، مستفيدين من التغيرات التي تعم العالم العربي، لإحداث شرخ أكبر بين العمال ونقاباتهم، فهل يجعل منها ذلك حكما نزيها؟!. أما ما يتعلق بالقوانين اللبنانية، فأين الانتهاك والتفريط بالحقوق المكتسبة؟ إذا كان الوزير السابق قد تقدّم بمشروع إصلاحي للأجر وبدل النقل والمنح المدرسية، يجعل من الأجر حقاً ثابتا خاضعا لمؤشر السوق، وليس منّة مزاجية من هذا المسؤول أو ذاك، وبدلات النقل والمنح طبقاً لمفهوم العمل اللائق في الأجر اللائق، ينبغي أن تكون في صلب الراتب وتعويضات نهاية الخدمة، أين الخطأ القانوني في ذلك،؟ وأين التضارب مع العمل اللائق ومعايير العمل الدولية؟ هل يتحقق ذلك أم لا ؟ مسألة أخرى، لا ينبغي أن يجعلنا العجز عنها مفرطين بها، منقلبين عليها، وإن لم تعجبنا ملامح الوزير. امّا المشاورة الثلاثية والمفاوضة الجماعية، متى حضرت سابقاً حتى تغيب اليوم، مع تأكيدنا أن هذا الوزير نفسه فتح الباب واسعاً للمشاورة والمفاوضة لحساب العمال وليس على حسابهم،لكن كما هي العادة دائماً ، المال والاقتصاد أقوى من النقابات والعمال لأسباب باتت معروفة للقاصي والداني.
وما ورد في نص الشكوى حول الحريات النقابية، فهذا يحتاج إلى نقاش طويل وعميق جداً، ولكن بالمناسبة هل هذا رأي كل القوى الموجودة في الاتحاد العمالي؟، وهل هذا رأي المجلس التنفيذي فعلاً؟، هل اجتمع المجلس التنفيذي وناقش الشكوى؟، وكانت هذه نتيجته!. إن تعريف وتحديد الأجور، يأتي طرحها في السياق مهزلة، يجب الالتفات إليه والتمعن به، خصوصاً إذا عرفنا أن التعريف المعمول به في لبنان، يخالف أبسط الحقوق الإنسانية والاجتماعية، ويخالف مضمون وجوهر العمل اللائق، على فرض وجوده في لبنان والوطن العربي. أن سحب الشكوى ، قرار تلقائي وفضيلة عبرة ، لمن ترك ما حصل في محطته التي اليها وصل ، وعسى أن يكون في أول مجلس تنفيذي يعقد اعادة وصل لما انفصل ! فالاتحاد العمالي العام ، وخطابه النقابي العمالي، ارقى من أن يتعثر بما يضر ولا يفيد، فلدى المحبين والمريدين الكثير الكثير مما يجب عمله في الساحة المطلبية والعلاقاتية المحلية والعربية والدولية في هيئة المكتب وفي المجلس التنفيذي ، ودائما بما يخدم سمعة الاتحاد وهيبته ودوره. سؤال ملّح يفرض نفسه، في حالة الانشغال النقابي بما لا يجوز الانشغال به ، هل انتهى النضال النقابي، عند أعتاب الزيادة المتصحرة في القطاع الخاص ، وماذا عن حقوق موظفي القطاع العام وزيادة أجورهم، ومن مهام من مسؤولية المطالبة بهذا الحق المشروع، خصوصاً بعدما لمسنا بالصوت والصورة انكفاء نقابي مطلبي عن هذا الحق ، ولعل المطلوب من هذا القطاع أن يستعين بالهيئات الاقتصادية المتعددة الأذرع لتحقيق مطلبه، كما حقّقت هذه الجهة نفسها مطلب موظفي وعمال القطاع الخاص بقوة المال والسلطة.