١٨ ك١ ٢٠٢٥ 
يرحّب اللقاء الوطني للعاملين في القطاع العام بصدور مرسوم تعيين أعضاء مجالس العمل التحكيمية في مختلف المحافظات اللبنانية، ويعتبره خطوة مؤسِّسة طال انتظارها، تفتح الباب أمام إعادة انتظام واحدة من أهم الأدوات الدستورية والقانونية لحماية علاقات العمل، وتعزيز الثقة بين الدولة والعاملين، وترسيخ مفهوم العدالة المتخصّصة. إنّ هذا المرسوم، بما يحمله من دلالة مؤسساتية، يشكّل نقطة انتقال من مرحلة التعطيل إلى مرحلة المسؤولية التنفيذية، حيث يصبح المعيار الحقيقي هو سرعة التفعيل، وجودة الأداء، وقدرة المجالس على الاستجابة الفعّالة للنزاعات المتراكمة، ضمن أطر زمنية واضحة ومعلنة. ويؤكّد اللقاء أنّ إعادة تشغيل مجالس العمل التحكيمية لا تمثّل فقط استجابة لمطالب عمالية مشروعة، بل تشكّل استثمارًا مباشرًا في الاستقرار الاجتماعي والإنتاجي، إذ إنّ انتظام الفصل في النزاعات يخفّف التوتر في بيئات العمل، ويحدّ من الصرف التعسفي، ويعزّز الالتزام بقانون العمل اللبناني، بما ينعكس إيجابًا على العامل وصاحب العمل والاقتصاد الوطني معًا. وانطلاقًا من موقعه كشريك وطني حريص، يضع اللقاء الوطني للعاملين في القطاع العام مجموعة من المبادئ العملية التي يرى فيها عناصر نجاح هذا المسار: أولًا: الانتقال السريع من التعيين إلى التشغيل، عبر وضع روزنامة تنفيذية واضحة لانطلاق عمل مجالس العمل التحكيمية، مع إعلان جهوزيتها الإدارية واللوجستية للرأي العام. ثانيًا: التعامل مع الشكاوى العالقة باعتبارها أولوية وطنية، من خلال آلية تلقائية لإعادة تفعيل الملفات المقدّمة سابقًا، بما يحفظ حق المتقاضين، ويختصر الوقت، ويعيد الثقة بمسار العدالة. ثالثًا: اعتماد معايير أداء قابلة للقياس، تشمل عدد القضايا المفصول بها، ومدّة البتّ في النزاعات، ونسب التنفيذ، بما يسمح بالتقييم الموضوعي والتحسين المستمر. رابعًا: تأمين الموارد البشرية المتخصّصة والدعم الإداري المستدام، بما يضمن استقلالية المجالس وفاعليتها، بعيدًا عن أي ضغط أو تعطيل غير مباشر. خامسًا: تعزيز التنسيق بين مجالس العمل التحكيمية وسائر الجهات المعنية بقضايا العمل، ولا سيّما التفتيش العمالي والضمان الاجتماعي، بما يرسّخ مقاربة متكاملة لحماية الحقوق. سادسًا: فتح قنوات تواصل مؤسسية مع المنظمات النقابية وروابط العاملين، تتيح تبادل الملاحظات، وتراكم الخبرات، وتطوير الأداء، ضمن إطار تشاركي بنّاء. ويؤكّد اللقاء أنّ دوره في هذه المرحلة هو دور المتابع والمقيّم، انطلاقًا من إيمانه بأنّ نجاح هذه المجالس يصبّ في مصلحة الدولة كما العاملين، وأنّ الرقابة الإيجابية القائمة على المعايير والمؤشرات هي الضمانة الحقيقية لاستدامة أي إصلاح. كما يجدّد اللقاء الوطني للعاملين في القطاع العام التزامه دعم كل خطوة عملية تؤدّي إلى تعزيز العدالة العمالية، ويعلن استعداده للتعاون مع الجهات الرسمية المختصّة، والمشاركة في أي مسار تشاوري أو تقويمي يهدف إلى تطوير عمل مجالس العمل التحكيمية وتحصينها. ويختم اللقاء بالتأكيد أنّ هذه المرحلة تشكّل فرصة حقيقية لإعادة بناء الثقة بين الدولة والعاملين، شرط أن تُدار بروح الجدية والاستمرارية، وأن يُنظر إلى العدالة العمالية لا كملف ظرفي، بل كسياسة عامة ثابتة، تخضع للمتابعة والمحاسبة الإيجابية، وتُقاس بنتائجها على أرض الواقع. فالعدالة التي تُدار بشفافية تُقوّي الدولة، والشراكة القائمة على المسؤولية تُنتج الاستقرار، والمحاسبة الهادئة هي الطريق الأقصر إلى الإصلاح. |