لم يخرج الدخان الأبيض من لجنة متابعة ملف تعديل قانون تثبيت العمّال المياومين وجباة الاكراء في ملاك «مؤسسة كهرباء لبنان»، بعد 54 يوماً على فكّ العمّال اعتصامهم الذي دام 94 يوما. وفيما كان العمّال ينتظرون إرسال التعديلات على القانون إلى مجلس النواب، برز عنصر مفاجئ على الملف قبل 4 أيام، بعدما استدعى «ب.ب»، و«ب. ف« إلى التحقيق على خلفية الإشكال الذي وقع مع مديرة الشؤون المالية في المؤسسة منى عيسى خلال أيام الاعتصام. وفي هذا السياق، تبدي مصادر «لجنة المتابعة للعمال المياومين والجباة» استياءها من الموضوع، مؤكدة أن «العمّال وعدوا قبل الاعلان عن فكّ اعتصامهم، من الجهات السياسية التي رعت الاتفاق، ومن الاتحاد العمالي العام، بايقاف الملاحقات القانونية في حق من شارك في الاعتصام. لكن يتضح لنا يوماً بعد يوم، أننا تعرضنا لخدعة كبيرة؛ فلا التعديلات على القانون أنجزت، بعدما وعدنا بأن ترسل إلى مجلس النواب، بعد أسبوعين من فكّ الاعتصام، ولا الاستنابات القضائية رفعت، ولا نعلم ماذا يخبئون لنا في الغد». وكانت اللجنة المؤلفة من «وزير العمل والاتحاد العمّالي العام وممثلين عن القوى السياسية»، قد وعدت بانجاز التعديلات اللازمة على القانون قريباً، وآخرها ما صرح به أكثر من مصدر في اللجنة المعنية لـ«السفير» بأن التعديلات في صيغتها النهائية، «ستعلن مطلع هذا الأسبوع». لكن يبدو أن الملف علق بـ«قطبة مخفية» أو «الخلاف على روح القانون»، وفق ما تؤكد مصادر مواكبة للملف لـ«السفير»، وذلك «بعد عقد جلسات غير مثمرة بين الأطراف السياسية المعنية بالملف مباشرة»، مشيرة إلى أن «وزير العمل سليم جريصاتي وضع التعديلات اللازمة، ولجنة المتابعة للعمّال المياومين والجباة، وضعت ملاحظاتها على التعديلات، لكن لم يخرج شيء إلى العلن حتى الساعة». وتضيف «الآراء لا تزال متباينة حول التعديلات على مواد القانون، على الرغم من انجاز جريصاتي لها، وفق الصيغة القانونية اللازمة، وارسالها إلى الجهات المعنية». وتحذّر المصادر من «لعبة شدّ الحبال التي تمارسها الجهات السياسية المعنية بالملف، التي تكاد تعيد كل شيء إلى المربع الأول»، كاشفة أن «هناك من يضع العراقيل أمام كل خطوة، لأنه يريد تغيير كل القانون، ووضع نص آخر جديد». وتسأل في هذا الاطار: «إذا كان رئيس مجلس النواب نبيه بري راضيا على التعديلات التي وضعت كما قيل، ووزير الطاقة والمياه جبران باسيل راضيا، وجريصاتي راضيا.. فلماذا لم تظهر إلى العلن حتى الآن؟»، مضيفة «إلى متى سيبقى الملف خاضعا للجدال والنقاش والبحث؟». وتخلص «هل المقصود ابقاء الوضع على ما هو عليه، حتى الانتخابات النيابية المقبلة؟».
طليس: الصياغة النهائية بعد 48 ساعة
لكن، وأمام هذه الهواجس والمخاوف التي تجتاح العاملين، يطمئن عضو «لجنة متابعة ملف المياومين» بسام طليس أن «الصيغة النهائية للتعديلات على بنود القانون شارفت على نهايتها، وقد لوحظت في الصياغة ملاحظات المياومين كافة»، مؤكدا لـ«السفير» أنه «خلال 48 ساعة ستنجز التعديلات كافة تمهيدا لعرضها على مجلس النواب، لكن بعد معالجة احدى النقاط التي لا تزال عالقة، وهي بسـيطة». ويشــير إلى أن «مســار المباحثات بين الأطـراف المعنية ايجــابي وليس سلبياً». في المقابل، تؤكد مصادر «لجنة المتابعة للعمّال المياومين والجباة» لـ«السفير» أن «اللجنة من جهتها قدمت ملاحظاتها كافة، على تعديلات القانون وهي لا تزال تصرّ عليها، وهي بايجاز: أولا: عدم شطب عبارة: ملء الشواغر في المديريات كافة بما فيها مديريتا التوزيع، مع وضع جدول واضح وشفّاف بعدد الشواغر. ثانيا: عدم استثناء أي فئة من المباراة المحصورة، خصوصا الفئة الثالثة. ثالثا: عدم حصرية وضع لوائح بأسماء من يحقّ لهم الترشح للمشاركة في المباراة المحصورة، بلجنة من قبل مؤسسة كهرباء لبنان. رابعا: أن يراعى في الامتحانات احتساب سنوات الكفاءة والخبرة. خامساً: احتساب تعويض نهاية الخدمة للناجحين في المباراة، وفق قانون العمل، أي كل سنة عمل تحسب سنة عمل فعلية، بدلا من: احتساب كل ثلاث سنوات خدمة فعلية قبل التثبيت، بمثابة سنة خدمة، على أن ينصّ القانون على تحديد مصدر التمويل لدفع التعويضات. سادسا: التعويض للعمّال كبار السن، والذين لا يحقّ لهم الترشح للمباراة وللراسبين، بمبلغ مالي يقيهم الحاجة والعوز». وبعدما تلفت الانتباه إلى أنها «لم تتلق ردّا على هذه الملاحظات التي قدمتها منذ أسابيع، كما أنها لم تبلغ بأي شيء من قبل الجهات المعنية»، تؤكد أنها «ستدعو قريبا إلى عقد اجتماع آخر مع مندوبي المناطق للتباحث مجدداً في موضوع التعديلات على قانون التثبيت، وتعاطي بعــض شركات مقــدمي الخــدمات (sp) غير الإنساني مع العمّال الذيـن وقعوا عقود عمل معـها».
مصير 425 عاملا لا يزال معلقاً
وفي سياق مواز، تشير مصادر اللجنة إلى أن «العمّال قبل فك اعتصامهم، وعدوا جميعاً بالحفاظ على ديمومة عملهم، والغاء فترة التجربة (ثلاثة أشهر)، وقد طبق هذا الوعد على الذين وقعوا عقودا مع شركات مقدمي الخدمات، لكن فوجئنا بأن المياومين الذي يعملون لصالح مؤسسة كهرباء لبنان وعددهم حوالي 425 عاملا لم يطبق عليهم ذلك، إذ نص عقد العمل مع الشركة التي رست عليها المناقصة بعد أكثر من شهرين من المماطلة، على الفترة نفسها. ولم يقتصر الأمر على هذه النقطة فحسب، بل هؤلاء العمّال لم يقبضوا رواتبهم منذ شهرين». ويتضمن نص التعاقد مع الشركة، على «مراقبة مؤسسة كهرباء لبنان دوام العمّال وإنتاجيتهم، كما يحق لها اجراء التبديلات والتعيينات اللازمتين، وذلك مقابل أن تدفع الشركة مبلغ 38 ألف ليرة يوميا لحاملي شهادة الثانوية وما فوق، و33 ألفا لما دون، يضاف إليها ثمانية آلاف يوميا للنقل. ويستفيد العمال من صندوق الضمان الاجتماعي، والاستشفاء والفرص السنوية». لكن، وفق المصادر «مضى حوالي شهرين ولم يستفد العمّال من شيء»، مضيفة «كذلك لم نعرف إذا الراتب سيكون يومياً أو شهرياً أي تحسب العطل الأسبوعية ضمنه، فضلا عن ذلك، ينتهي العقد بعد سنة من تاريخه، فكيف سنستفيد من راتب الفرصة السنوية؟ وهل بعد انتهاء العقد يمكننا العودة إلى العمل لصالح المؤسسة أم نعتبر خارج العمل، وتاليا لا يمكننا المشاركة في الامتحانات المحصورة التي ينصّ عليها قانون تثبيتنا؟». وأمام هذه الأسئلة وغيرها، تطالب لجنة المياومين «الجهات المعنية من وزارة عمل وهيئات رقابية واتحاد عمالي عام إلى التدقيق في نص العقد بين مؤسسة كهرباء لبنان والشركة الجديدة، وتعديل ما يلزم عليه، قبل أن يخسر هؤلاء العمّال عملهم مستقبلاً، بعد التوقيع عليه».