اخبار متفرقة > قطاعات اقتصادية تؤكد تبنّيها موقف «الهيئات» من استقالة الحكومة
المؤشرات إلى مزيد من الانحدار والخوف مقيم حتى آخر 2012
عدنان حمدان : السفير 23-10-2012
تركت التطورات الأمنية التي شهدتها البلاد، والمتمثلة في اغتيال اللواء وسام الحسن، تداعياتها السلبية على الاقتصاد الوطني عموماً، وقطاعاته المالية والسياحية والاجتماعية الاقتصادية. ونتيجة هذا الوضع الاقتصادي الجامد والمتراجعة كل مؤشراته، تحركت «الهيئات الاقتصادية» رافضة الأعباء المالية والاجتماعية التي سيرتبها تمويل «سلسلة الرتب والرواتب»، باعتبار أن الوضع الاقتصادي لا يستطيع تحمل الأعباء المالية التي ستفرضها الحكومة عبر زيادة الضرائب. وقد جاءت جريمة اغتيال الحسن، وما رافقها من أضرار جسيمة في الأبنية المجاورة لمكان الانفجار، واهتزاز الوضع الأمني، وتهديد الاستقرار، وما نتج عنه من تداعيات اقتصادية، كل ذلك رفع منسوب الخوف لدى «الهيئات الاقتصادية» على استثماراتها، وعلى وضع البلد ككل من المستقبل القريب والبعيد. ازاء كل ذلك، وأمام ارتفاع منسوب الخوف بعد جريمة الاغتيال وتفلّت الوضع الأمني، عقدت «الهيئات» اجتماعا طارئا واستثنائيا، للتداول بالوضع المستجد الناتج من التفجير الإرهابي، و«أجمعت على توجيه نداء إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان بقبول استقالة الحكومة الحالية التي عجزت عن توفير الأمن والاستقرار، وهما سبب وجودها في الأساس، وذلك بعد أن أخفقت على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي...». لم يصدر في تاريخ الهيئات قرار مثل هكذا قرار، ما ترك بعض المواقف، منها رفض الدخول علنا في المعمعة السياسية، ومنها المؤيد، نظرا لحاجة الاستقرار الاقتصادي إلى مناخ استثماري آمن. وباعتبار أن رؤساء القطاعات الاقتصادية التي تتشكل منها الهيئات، فمن الطبيعي أن ينعكس الانقسام السياسي عليها، وهي من ضمن نسيج المجتمع اللبناني.
شقير: القطاعات الاقتصادية خائفة
في هذه الأجواء، يبدي رئيس «اتحاد الغرف اللبنانية»، رئيس «غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان» محمد شقير عبر «السفير» قلقه من الوضع الأمني المتفاقم، مشيرا إلى حالة الخوف التي تعيشها القطاعات الاقتصادية، ويشبه «منظر الهروب من الفنادق بعد جريمة الاغتيال، المنظر عندما شنت إسرائيل عدوانها على لبنان في العام 2006». لكنه يرى أن الفارق بين المشهدين هو «الوضع الاقتصادي إنه أسوأ مما كان في العام 2006، إذ لجأت أكبر ثلاثة فنادق إلى صرف 330 موظفا قبل الانفجار، مما أدخلنا في الخط الأحمر»، لافتا الانتباه إلى أن «القطاع السياحي يتراجع بشكل انحداري سريع، ويتراجع أكثر فأكثر». وبما خصّ البيان الصادر باسم «الهيئات»، يؤكد شقير «نحن لا نتدخل في السياسة، لكن الحكومة لم تؤمن الاستقرار والأمن، لذلك كانت الدعوة إلى عقد طاولة حوار اقتصادي، إذا أمكن لإنقاذ ما تبقى من الاقتصاد والمؤسسات الاقتصادية». ويضيف «العالم خائفون، الطرقات خالية، الخيم منصوبة، والمؤسسات التجارية وغير التجارية لا زبائن تؤمّها، وموظفوها لم يستطيعوا الوصول إلى أعمالهم، هذا عدا عن عشرات المؤسسات في كل القطاعات مقفلة». ويقول: «إن المصارف بعد حرب تموز قامت بجدولة ديون المؤسسات المتضررة من العدوان، أما اليوم فتجري جدولة لكل القطاعات التي تتخلف عن الدفع، لأنها لا تملك الأموال لسداد ديونها، ومنها مؤسسات كبيرة جدا». ويختم شقير حديثه بالقول: «بعد كل ذلك، وفي ظل الأوضاع التي يعيشها البلد، هل تستطيع أن تتحدث عن سلسلة رتب ورواتب، وتفرض ضرائب على اقتصاد يحتضر، يتطلب وضعه إنقاذا وليس أي شيء آخر».
شمّاس: المسار انحداري
وإذ يؤكد رئيس «جمعية تجار بيروت» نقولا شماس حضور اجتماع «الهيئات» وموافقته على مضمون بيانه، يقول مجدداً لـ«السفير»: «متضامنون متكافلون مع مضمون البيان، مع التوضيح أن الهيئات طالبت بقبول استقالة الحكومة بعد أن كان رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي وضعها بتصرف رئيس الجمهورية»، موضحاً أن «الهيئات طالبت رئيس الحكومة بالاستقالة بعدما أخذت علماً برغبته المعلنة عبر وسائل الإعلام، فاقتضى إصدار البيان والتمني على الرئيس سليمان بقبولها تفاديا لوقوع البلد في حال من الفراغ، وهذا ما قد يؤذي الاقتصاد الوطني، فبني الموقف على مبادرة رئيس الحكومة المعلنة، ولم يتم تعديلها فيما بعد. من هنا المطالبة بحكومة انقاذ وطني للملمة الوضع على المستويات كافة، وإعادة ثقة الداخل والخارج بدولة لبنان وباقتصاده». أما النسبة لتداعيات ما حصل على الاقتصاد الوطني، لاسيما على القطاع التجاري، يرى شماس أن «ما حصل هو حلقة جديدة في سلسلة طويلة تهدف إلى تدمير المؤسسات الرسمية، وتخريب الاقتصاد الوطني وتيئيس المواطنين». ويذكّر أنه «خلال العام 2012 تلقى الاقتصاد الوطني ثلاث ضربات قاسمة في منتصف أيار (أحداث الشمال)، منتصف آب (ما سمي آب الأسود)، ومنتصف تشرين الأول، مع الحدث الجلل المتمثل بجريمة اغتيال اللواء وسام الحسن. وأن الضربات الموجعة تتوالى فصولا وتتسارع وتيرة وتزداد وطأة على النسيج اللبناني. ويأتي توقيتها لإيقاع القدر الأكبر من الضرر على الاقتصاد ولاحراق المواسم التجارية تباعاً». ويلحظ أنه «بعد فقدان فصل الصيف وعيد الفطر ها نحن نخسر عيد الأضحى الذي كنا نعول عليه للتعويض الجزئي على الخسائر المتراكمة منذ بداية السنة. فثمة من يستكثر علينا حتى هذا اليسر القليل. والعيّنة غير مطمئنة لما تبقى من العام 2012، علماً أن الفصل الرابع هو الأهم على الاطلاق في الروزنامة التجارية، من ناحية المبيعات». ويخلص شماس للقول: «إن القطاع التجاري في حال من الضياع واليأس لأن المسار الانحداري بات يبدو بلا نهاية».
بيار الأشقر: أقلّه استقالة وزير
في المقابل، يرفض رئيس «اتحاد النقابات السياحية في لبنان» بيار الأشقر، «ادخال نقابة أصحب الفنادق في القضايا السياسية»، لكنه يرى أن «الحكومة تتحمل مسؤولية ما جرى، وعليها تحمل مسؤولية ذلك». ويقول: «لم يعد أحد يعرف ما هو المفيد للبلد، فأي بلد محترم يتكلم عن الحرية، وتحصل فيه جريمة كالتي حصلت، يستقيل أحد وزرائها، أو رئيس الحكومة نفسه، لكن هل يعتبرون أن تلك الجريمة بسيطة؟ رب أحد يقول إن الضحية انتحر والمسألة بسيطة، لم يعد هناك أخلاقية سياسية، لا شك ان المطالبة باستقالة الحكومة تأتي من الجميع، وبالتأكيد في ظل الانقسام العمودي ففي داخل الحكومة أعضاء كان بودهم الاستقالة، كل الاتهام موجه إلى المجرم المعروف. وبعدما لامس رئيس الجمهورية بكلامه في مديرية قوى الامن الداخلي الكثير من القضايا المهمة التي تشير الى المتهم، لو كان المرء معاقا يعرف هذا المتهم المشار اليه من قبل الرئيس سليمان، إلا ان مشكلتنا أن الاصطفافات ليست مبنية على وقائع وتحليلات». ويسأل الأشقر «بعد الذي حصل في البلد هل نتحدث عن قطاع السياحة، فالبلد مضروب اقتصاده وقطاعه المالي، إضافة إلى ذلك ضرب البلد أخلاقيا؟ إذا بقي الوضع على ما هو عليه سندعو العاملين لدينا، أقله في المؤسسات الخاصة بي، ونخيرهم بين الصرف من العمل أو العمل عشرين يوما، والتعطيل عشرة أيام، ونقيّم الوضع تباعا، ونرجو ألا نصل إلى الإقفال، كما حصل في عدد من المؤسسات».