بعدما فشلت إدارة شركة «سبينيس» في التأثير على بعض المعنيين في الترخيص لنقابة العمال والمستخدمين في الشركة، لجأت الى اساليب اخرى ملتوية، بهدف ثني هؤلاء العمال عن السير في تأسيس النقابة، عبر صاحب المبنى الذي تشغله الشركة في ضبية، ودعوة العمال والمستخدمين الى الانتساب، تمهيداً لإجراء انتخابات مجلس لها، وذلك بعد حملة تضامنية كبيرة من قبل الحركة النقابية ومنظمة العمل الدولية وبعض المنظمات الاهلية. فقد جرى اعتداء على امين سر الهيئة التأسيسية للنقابة مخيبر حبشي، خلال الليل ما ادى الى دخوله المستشفى اللبناني الكندي، ومعاينة الطبيب الشرعي له، ونيله إجازة لمدة اسبوع بسبب الكدمات التي تعرض لها جراء الاعتداء من قبل مرافقي صاحب المبنى وليم طوق وأحدهما سائقه. علماً ان طوق لا تربطه أي علاقة بالشركة وفق ما يقول عمال «سبينيس» سوى امتلاك المبنى. يروي المعتدى عليه حبشي لـ«السفير» انه قبل الاعتداء، تعرض لعدة تهديدات، بأن يغادر المنطقة الى فرع آخر للشركة، لأنه غير مرغوب به في فرع ضبية، فما عليه الا الانسحاب من النقابة او ترك العمل. فبادر المهددين بأن قرار نقله يعود الى الادارة. طلب اجازة سنوية من الادارة ريثما تتم عملية النقل، قابلتها الادارة ببرودة وعدم اكتراث، علماً انه قدم تقريراً مفصلا بالتهديدات والخوف من تعرضه للخطر. ابلغ حبشي المحامي نزار صاغية بالاعتداء، فتقدم بدعوى امام المدعي العام طالباً افلام كاميرات المراقبة لإثبات واقعة الاعتداء والاستماع للأشخاص المعتدين. ومن جهته يروي المحامي صاغية الواقعة، بالقول «الشبيحة يعتدون ضرباً على نقابة عمال سبينس ليلاً، القوة في مواجهة الحق، خلال شهر أيلول، صدر قرار بمنح الترخيص لنقابة عمال سبينس بعد مخاض شاق، تخلله كمٌّ كبير من التصرفات البوليسية .. وقد أوحي اذ ذاك للرأي العام أن النقابة قد وصلت بجهود المبادرين اليها الى بر الأمان بحماية القضاء. ولكن الحقيقة هي خلاف ذلك تماما: فمنذ ذلك الحين، تعاظمت الضغوط على أعضاء الهيئة التأسيسية للضغط عليهم للاستقالة بهدف تجريد النقابة من مقومات الحياة، فتم الاستفراد بهم واحداً واحداً وذلك لمنعهم من عقد جلسة انتخاب أعضاء النقابة. فتم اصدار تدابير تمييزية عدة ضد عدد منهم (نقل من فرع الى فرع مع تخفيض رتبة). وقد رضخ البعض وصمد الآخر مجازفاً بخسارة عمله». يتابع صاغيه: «في الأيام الأخيرة، بلغت هذه الضغوط قمتها بعدما تبينت شركة سبينس فشل اجراءات الترهيب والترغيب في ثني آخر المقاومين عن الاستقالة من النقابة: وهكذا، تلقى نهار الأحد مخيبر حبشي تهديداً من قبل سائق وليم طوق (وهو نجل النائب السابق جبران طوق وحافظ مصالح الشركة) مفاده أن عليه أن يسوي وضعه لدى هذا الأخير من خلال الاستقالة من النقابة تحت طائلة التعرض للضرب المباشر. تقدم مخيبر بشكوى للمسؤولة عن شؤون الموظفين في سبينس ضبيه، لكنها بقيت من دون مفعول. وفي الساعة الحادية عشرة والربع ليلاً، هاجم «الشبيحة» (ومنهم سائق وليم طوق ومرافق جبران طوق) مخيبر حبشي وانهالوا عليه باللكمات فتم نقله الى المستشفى اللبناني الكندي في منطقة حرش ثابت. هناك، أدلى حبشي بإفادته الأولية واتخذ فيها صفة الادّعاء الشخصي ضد وليم طوق ومرافقيه. من خلال اللجوء الى العنف المباشر، ويبدو وليم طوق وكأنه استباح وسائل القوة المباشرة بعدما عصي عن قهر ارادة حبشي ورفاقه في التمسك بحقوقهم. انها القوة المجردة في مواجهة الحق. بهذا المعنى، انفتح البارحة ليلا فصل جديد من معركة نقابة سبينس. الرأي العام مطالب طبعاً بالمشاركة فيها».
النقابة: وقف مفاعيل الصرف
وأصدرت الهيئة التاسيسية لنقابة العاملين في سبينس لبنان بياناً اوضحت فيه الاسباب التي ادت الى الاعتداء، وهي: أنه «حصل اكمالا لمساعي الشركة ودعما لها بضرب نقابة عمال سبينس وإكراه أعمدتها على الاستقالة منها أو من الشركة أو ترهيبهم لحصر أعمالهم فيها؛ بدليل أن التهديد رمى أساسا الى انتزاع استقالة المعتدى عليه من النقابة؛ إن هذا الهجوم حصل في أماكن عمل الشركة وعلى مرأى من رجال الأمن الخاص فيها من دون أي تدخل من طرفهم، وتاليا تكون الشركة متورطة لامتناعها عن القيام بأي عمل لحماية أجرائها في أماكن عملهم فيما هم يُضرَبون على مرأى منها؛ وأن هذا الهجوم، مثله مثل سائر تصرفات الشركة، منذ بدأ الحراك العمالي، من صرف ونقل وتدابير انتقامية وتمييزية وإرهاب وتخويف، لا يمكن وضعه في خانة «التجاوزات» أو التعسف الذي قد يرتكبه رب العمل في حدود ادارة مؤسسته، انما بات عملا ترهيبياً ينتـــهك كرامة الأجراء ويستـــبيح حقوقهـــم وحرياتهم الأساسية مما يجعله جرماً جزائياً محققاً وفق المادة 329 عقوبات، ويوجب التعامل معه على هذا الأساس. وبعدما استنكر البيان الاعتداء حذر الشركة من» التمادي بالضغوطات البوليسية الارهابية، طالبين ممن هم في مواقع المسؤولية القيام بما يأتي: مطالبة وزير العمل بإبطال مفاعيل الصرف بحق ميلاد بركات وسمير طوق؛ وطالبت النيابة العامة بملاحقة المعتدين وسوقهم الى العدالة لوضع حد لهذه التصرفات السلطوية من ادارة الشركة أو من زعامات محلية وهي اشبه ما تكون بتصرفات من القرون الوسطى. كما تطالب مجمل النقابات المهنية (وعلى رأسها نقابات المحامين والأطباء والمهندسين) والنقابات والاتحادات العمالية دعم نقابتنا الناشئة بما لديهم من وسائل تضامن وتمكين بهدف إعادة إحياء الحراك النقابي في لبنان». ودعت «القوى السياسية لاعلان دعمها وتضامنها لإثبات تعهداتها في دعم الحريات العامة، وجميع العاملات والعمال الانتساب الى النقابة والمشاركة في جميع الأعمال الهادفة الى ضمان حرية العمل النقابي وحق العمال في تأسيس نقاباتهم المستقلة كخير رد على هذا الاعتداء».
غصن واتحاد الطباعة يستنكران الاعتداء
واعتبر رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن ان التعدي على حبشي هو تعد على الحريات النقابية التي يصونها القانون اللبناني والاعراف الدولية، لذلك نستنكر هذا الاعتداء، وندعو عمال ومستخدمي شركة «سبينيس» الى لقاء في مقر الاتحــاد العـــمالي العام وعقد مؤتمر صحافي لفضح هذه الاعتداءات والممارسات بحــق العمال ولا سيما النقــابيين منهم، ونعــلن تضامننا الكامل معهم. واستنكر»اتحاد النقابات العمالية للطباعة والإعلام الاعتداء الغاشم على النقابي مخيبر أحد أعضاء الهيئة التأسيسية لنقابة عمال سبينس في لبنان، وطالب المسؤولين بملاحقة المعتدين والمحرضين وإحالتهم إلى القضاء فوراً، واعتبر ذلك تعدياً سافراً على الحريات النقابية والشخصية».