أعاد رئيس مجلس إدارة مستشفى رفيق الحريري الجامعي الدكتور وسيم الوزان وصول المستشفى الى موضع شكوى الى الانقسام العمودي في البلد والى الشح في المسألة المالية، وقد أكد الموظفون على هذه الاسباب، لكنهم، وفق لجانهم يشيرون الى اكثر مما اشار اليه الوزان. فقد اعلن العاملون الدائمون (عددهم 550) والميامون عددهم 450) الى ما هو ادهى، ما دفعهم الى الإضراب اكثر من مرة، معظمها بسبب حجب رواتبهم عنهم، لكن هذه المرة يضربون، اضافة الى المطالبة بلقمة عيشهم، دفاعاً عن هذا الصرح الصحي وحفاظاً على المستشفى، ما ادى الى التوقف عن العمل الى وقف العمليات الجراحية والاعتصام في اماكن العمل، وتقديم الخدمات الضرورية للمرضى الموجودين. يعاني المستشفى منذ سنتين من عدم وجود تكييف، وغياب آلات تكرير المياه، فلجأت الادارة الى شراء مياه الشرب يومياً، على الرغم من ارتفاع الأعباء عليها. اما مشكلة المازوت مزمنة منذ انشاء المستشفى والتي بلغت كلفتها المتوجبة اكثر من ملياري ليرة، وفق ما تشير لجنة العاملين. هذا اضافة الى النقص الفاضح في عدد الممرضين والممرضات، بحيث تناقص عددهم من 250 الى 130 ممرضاً وممرضة نتيجة هجرة كوادرها الى امكنة اخرى او الى الخارج. لم توضع خطة لتأمين الحد الأدنى من المستلزمات الطبية والأدوية، وبسبب الضغط على المستشفى من كل ناحية بات عاجزاً عن تقدير المعدل الشهري لاستهلاكه. الى ذلك انعدمت الثقة بين الادارة والموردين، اذ ان الشح المالي دفع بعضهم للتوقف عن إمداد المستشفى بالمستلزمات المطلوبة، باستثناء من استمر بعلاقته مع الادارة التي تتحمل هذه المسؤولية على عاتقها، علماً ان آخر موازنة تمت المصادقة عليها من قبل وزارة الصحة كانت للعام 2007 . نتج عن كل ذلك ارتفاع منسوب الاهتراء بوضع المستشفى الذي باتت معداته وآلاته الطبية من دون صيانة أو تحديث، مع ان التحديث هو ضروري باعتبار أن المستشفى هو جامعي، ويقترح العاملون اعادة تأهيل كل الأقسام، خصوصاً العمليات والطوارئ، تأمين مساعدات وهبات من قبل أي صندوق لتخفيف الأعباء وللمساهمة في استمرارية هذا المستشفى الذي بات على شفير الإقفال. والانكى من كل ذلك عدم دفع الرواتب التي زادت مبالغها بعد الزيادات الاخيرة الى مليارين و300 مليون ليرة، بعدما كانت ملياراً و700 مليون ليرة. والمشكلة الأكبر هي عدم رصد ميزانية للمستشفى، بحيث تتم تغذيته بإحالات، للهروب من المسؤولية وتجهيل المسؤول. لذلك توقف العاملون في المستشفى امس تحت شعارات ومطالب اقل ما يقال فيها انها بديهية، وهي: «كفى اللعب بمصير الموظفين والمرضى، اذا كان هناك تجاذب بين الإدارة والوزارة فما ذنب الموظفين الذين لم يعد بمقدورهم تحمل الاعباء المعيشية: الاقساط المدرسية والبنوك واعباء النقل التي لا ترحم»، ويشيرون الى الوعود «بخطط انقاذية وجذرية ولكننا لم نر شيئاً، نحن لا نريد اقوالا بل نريد افعالا، نريد الانقاذ اليوم قبل الغد»، من هنا ناشدوا رئيس الجمهورية «وضع يده على هذا الملف لانه حامي الدستور». في هذا السياق برفض رئيس مجلس الادارة وسيم الوزان الانجرار الى التجاذبات السياسية، ولا يريد ، وفق ما قال لـ «السفير» توجيه اتهامات عشوائية، او يتعامل بغوغائية، وكل ما يرد الى المستشفى وما يقوم به المستشفى مراقب من قبل الهيئات الصحية. ويبدي تفاؤله بمستقبل المؤسسة من خلال الرسالة التي تؤديها. «واذا حاولنا إلقاء نظرة على أعمال المستشفى والمهمات التي ألقيت على عاتقه، يضيف الوزان، لا يمكن ان ننسى ما قام به في أحلك الظروف، أكان في حرب تموز العام 2006 ام عندما حدثت كارثة الطائرة الاثيوبية، او خلال انتشار مرض «انفلونزا الطيور» وغيرها وكيف كان المستشفى يعمل يومها 24 على 24 ساعة، هذا فضلاً عن استقبال أكثر من مليون حالة مرضية منذ افتتاحه. خصوصاً أننا لم نحصل على مساهمات تشغيلية وتتعرض فواتيرنا لحسوم وعلينا بموجب الأصول أن نتحمل قيمة 10 في المئة على فاتورة مريض وزارة الصحة، فضلاً عن التأخير في الحصول على مستحقاتنا أو على سلف الخزينة». ويلقي مسؤولية تدهور الوضع في المستشفى، بعدما بلغت مراتب عالية في خدمة المرضى، الى وضع البلد والأجواء التي تصاحب وتؤثر على كل مناحي الحياة، ما يعني أن الإدارة ليست مسؤولة عما وصلت اليه المستشفى من تراجع. وبكمل الوزان حديثه لـ «السفير» عن الوضع المالي لمناسبة إعلان اضراب العاملين، فيؤكد على أنه في شهر ايلول الفائت تقرر عشرة مليارات ليرة للمستشفى وجهة صرفها محددة بناء على تعليمات الوزير، خلال الاجتماع معه، على ان تكون الرواتب جاهزة اول كل شهر، وعندما نطلب المبلغ اليوم بعد شهرين نرى ان وجهة الصرف قد تغيرت، لكن بالرغم من ذلك يعمل المستشفى ويلتزم تقديم الخدمة الطبية غير آبه بالوضع المالي الصعب، معتمدين على تجاوب وتضحيات الموظفين والعمال والأطباء والموردين. وقد أكد الوزان ضرورة استمرار المستشفى داعياً إلى تطويره، لكونه مستشفى مرجعياً للبنان، واعتبر أن الكل يعلم ما هي قيمة هذا المستشفى، خصوصاً في الأوقات الصعبة التي كان جاهزاً فيها لكن الانقسام العمودي القائم في البلد فاقم الخلل في المستشفى من جميع النواحي.