قرر مجلس الوزراء في جلسته امس تخصيص مساهمة مالية قيمتها 20 مليار ليرة لبنانية على مرحلتين لصالح مستشفى رفيق الحريري الحكومي الجامعي. لكن لم يعرف ما اذا كان هذا المبلغ سيضاف الى العشرة مليارات السابقة، ام ان العشرة هي من ضمن المبلغ المخصص، ولكن ايضا هل تكفي العشرين مليارا لإنقاذ المستشفى تحديثا واجورا للعمال، ومتى تصرف؟ قضية العاملين في «مستشفى رفيق الحريري الجامعي»، المعتصمين في باحته الداخلية، بدأت بالمطالبة برواتب الموظفين والعمال والعمال المياومين والاطباء وانتهت الى الاعتصام الدائم، وستأخذ منحى اخربعدما رفعت اسرة العاملين فيه شعار»الدفاع عن المستشفى وبقائـه»، لا احد يعلم الى اين ستصل في ظل تصعيد تحرك اسرة المستشفى، وما يمكن ان تتركه من تداعيات على عمل المستشفى، وعلى صحة المواطنين المرضى، وعلى استشفائهم ودوائهم، بعدما قررت ،ابتداء من غد الجمعة، اللجنة الطبية الرسمية رفض استقبال أي حالة مرضية جديدة، بل ستكتفي بمعالجة المرضى داخل المستشفى فقط. اللجنة الطبية الرسمية في المستشفى واسرة العاملين فيه، كرروا الاصرار على العمل على انقاذ «مستشفى رفيق الحريري الجامعي» وانتشاله من الوضع المزري الذي وصل اليه، بحيث باتت معداته لا تحاكي متطلبات الاستشفاء في وضعها الراهن، بعد ان مضى عليها حوالي سبع سنوات ولم تحدَث، وبعدما تناقصت الادوية، لا بل فقد معظمها، ولم يعد ما يحتاجه منها المريـض متـوفرا، الا اذا اشتراه من السـوق ودفـع ثمنه من جيـبه الخـاص، فيما انشئ المستشفى كمؤسسة للمستقبل. تحت شعار «انقاذ المستشفى» اعتصم العاملون فيه من الثامنة صباحا حتى الثانية عشرة ظهرا، وعقدت اللجان الثلاثة في المستشفى: «اللجنة الطبية، لجنة الأطباء المقيمين، ولجنة الموظفين» اجتماعا تباحثوا فيه بالخطوات التصعيدية، في ظل غياب تام من أي جهة مسؤولة، وقرروا متابعة الاصرارعلى استمرارية المستشفى، وتحقيق مطالبهم، التي تتمثل في: وضع ملف المستشفى من ضمن اولويات مجلس الوزراء وايجاد الحلول الملائمة واللازمة له ـ وضع خطة انقاذية تضمن ديمومة المستشفى وتحفظ حقوق موظفيه واطبائه وتسديد مستحقاتهم في موعدها وتسوية وضع المياومين بشكل نهائي،ـ ضمان امن وسلامة مرضى هذا الصرح من خلال تأمين الدواء وجميع اللوازم والمعدات الطبية بشكل دائم، ـ الحفاظ على مستوى الخدمات الطبية والعامة للمستشفى بما يتلاءم ورسـالته من خلال تأمين الموارد البشرية والمادية اللازمة،ـ اعتماد الكفاءة المهنية والاستناد الى انظمة المؤسسة في التوظيف والترفيع وتحديد الرواتب والأجور والأتعاب، وفي التعاملات الادارية كافة بشكل عام. في سياق التصعيد اتخذ العاملون خطوات عديدة منها: قرار اللجنة الطبية الرسمية ابتداء من غد الجمعة، رفض ادخال أي مريض جديد، الا في الحالات الطارئة القصوى، ويقتصر عمل الأطباء على معالجة المرضى الموجودين في المستشفى، لتصبح الاسرة فارغة بعدها. اكثر من ذلك، فقد قررت لجنة الأطباء ابلاغ اصحاب الأمراض المزمنة، او غسيل الكلى، بأنهم ابتداء من الأسبوع المقبل، لن يستطيعوا تلقي العلاج في «مستشفى رفيق الحريري الجامعي»، وعليهم التوجه الى وزارة الصحة، لتحويلهم الى مستشفيات اخرى لتلقى العلاج. أما في ظل الاهتمام بقضية الموظفين والمياومين والمستشفى بشكل كامل، فقد اتخذت اسرة العاملين في المستشفى قرارا بتصعيد التحرك، على ان يبدأ باعتصام دائم، ومن ثم الانتقال الى خطوات ذات منسوب أعلى. علمت «السفير» ان هذا التحرك يتطابق مع قرار الاطباء بعدم استقبل المرض، وقد يؤدي الى اقامة خيم أمام مدخل المستشفى، تعبيرا عن استنكارهم لإهمال المستشفى، على ان يؤلفوا لجنة للاتصالات بالمسؤولين من اجل التحرك ووضع خطة إنقاذية عبر لجنة متخصصة وليس عبر لجنة وزارية. واخيرا اتخذ قرار بالاعتصام امام مقر مجلس الوزراء. هذه القضية الصحية لم تكن ضمن اهتمامات المسؤولين، في وقت يتحدثون فيه عن تراجع السياحة في لبنان وعن الادوية المزورة وادخالها الى لبنان. أليست السياحة الاستشفائية والصحية مصدرا من مصادر الدخل الوطني؟ واذا توقف مستشفى رفيق الحريري عن العمل يتوقف التعليم الجامعي فيه، وتتوقف فيه الخدمات الطبية والاستشفائية، فكيف ستكون صورة لبنان الاستشفائية محليا وعربيا ودوليا؟ من يتحمل المسؤولية؟ عدنان حمدان