لم يختلف اليوم الثاني لإضراب «هيئة التنسيق النقابية» عن اليوم الأول لجهة نجاحه وتعميمه على مختلف الأراضي اللبنانية، مع التزام كامل من الموظفين، والأساتذة والمعلمين في التعليم الرسمي، مع تسجيل خروق في المدارس الخاصة، التي مارست بعض إداراتها ضغوطا كبيرة على معلميها، لمنعهم من التعبير عن حقهم بالإضراب. وحمل اليوم الثاني من إضراب هيئة التنسيق، من أجل إحالة مشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب إلى مجلس النواب، زخما لافتا لدى موظفي الإدارة العامة، الذين اعتصموا أمام إداراتهم. وكان بارزا ما تعرض له موظفو وزارة الشؤون الاجتماعية من تهديدات، وضغوط مورست عليهم لمنعهم من الإضراب، بعدما مزقت ليلا الشعارات واللافتات التي رفعها الموظفون، على مداخل الوزارة، للمطالبة بالسلسلة. واستغرب الموظفون القمع الذي تعرضوا من محسوبين على وزير الشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور، واعتبروها سابقة لم تحصل في أي إدارة. وحفل اليوم الثاني من الاعتصام المركزي أمام مقر «الضريبة على القيمة المضافة» في منطقة العدلية، أكثر من رسالة في اتجاه المسؤولين في الحكومة، وانتقد رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي حنا غريب صم الآذان عن سماع صوت المعتصمين، وقال: «قادرون على سحب القطن من آذانكم لتصموا صوتنا». وردا على قول وزير العمل سليم جريصاتي ان هيئة التنسيق تحارب «طواحين الهواء»، توجه غريب عبر «السفير» إلى جريصاتي بالقول: «لا نحارب طواحين الهواء، لأننا نحترمكم، ولا نعتبركم طواحين هواء، وما زلنا نراهن على مصداقيتكم في الالتزام بتعهداتكم لإحالة السلسلة، فأين هي مصداقيتكم في هذا المجال، أنتم وسائر الوزراء في اللجنتين الموسعة والمصغرة، وما اتفقنا عليه». وقررت هيئة التنسيق عقد اجتماع لها مطلع الاسبوع المقبل لمناقشة وإقرار التوصيات التي رفعتها الهيئات خلال الاعتصامات المشتركة وفي مقدمها تنفيذ تظاهرات واعتصامات وصولاً للإضراب الشامل وشل القطاع العام. الاعتصام المركزي وكان قد نفذ أمس اعتصام مركزي، أمام مقر «الضريبة على القيمة المضافة»، حمل خلالها المعتصمون لافتات تدعو الحكومة الى الإسراع في إحالة سلسلة الرتب والرواتب، ومطالبة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بالإيفاء بوعده في تحسين أوضاع الموظفين، ورفض أي شكل من أشكال التقسيط أو التأجيل للسلسلة. استهل الاعتصام بكلمة لعضو هيئة التنسيق محمد قاسم الذي قال: «إن الإضراب أثبت أن الموظفين والمعلمين يد واحدة متماسكة وأنهم مستمرون لتحقيق إحالة السلسلة حتى إقرارها في المجلس النيابي»، محملا الحكومة المسؤولية المباشرة عن هذا التأخير وعن الإضراب والاعتصام. واتهم نائب رابطة أساتذة التعليم الأساس كامل شيا الحكومة «باحتراف سياسة المماطلة والتسويف»، مؤكدا أن «الموظفين لن يملوا ولن ييأسوا ولن يتراجعوا عن حقهم في الدفاع عن لقمة العيش المقدسة، لان هذه السلطة لديها جوع لا يرحم امتد الى خبز الفقراء والضعفاء». وأشار رئيس «رابطة موظفي الإدارة العامة» محمود حيدر الى «أن الموظفين عبروا عن وجعهم وليقولوا ان رواتبهم لم تعد تكفيهم عدة أيام في الشهر ولمطالبة الحكومة بالكف عن تأجيل إحالة السلسلة وهي التي تمثل الحد الأدنى المطلوب من أجل منع الفقر عن الموظفين، وتشكل مقدمة لإصلاح إداري شامل»، معتبرا «أن إقرار السلسلة يشكل مصلحة لجميع المواطنين، بما في ذلك الهيئات الاقتصادية»، مهددا «بالذهاب الى مزيد من الخطوات التصعيدية وصولا الى الإضراب الشامل في حال عدم إحالة السلسلة». وألقى انطوان مدور كلمة «نقابة المعلمين» وقال: «إن السلسلة لا تكسر ميزانية الدولة بل ما يؤدي الى ذلك الأمر هو السرقات والاختلاسات ومد اليد الى المال العام»، معتبرا أن «لبنان ليس فقيرا بل مسروق»، متهماً الدولة بإقفال المدارس وليس الاساتذة، داعيا «أهالي التلامذة الى الوقوف الى جانب المعلمين»، واعدا «بالتعويض عن الطلاب إذا حصل المعلمون على حقوقهم». وشدد غريب على «الوحدة المطلقة بين جميع الهيئات المشاركة في الإضراب حتى تحقيق الهدف بانتزاع السلسلة بمشروع معجل من دون تقسيط مع تعديل في الدرجات وإنصاف المتقاعدين والمتعاقدين والأجراء ومن دون فرض ضرائب على الفقراء وذوي الدخل المحدود»، مشددا على «أن التحركات لن تتوقف حتى تحقيق مطالب موظفي الدولة»، مؤكدا أن «لا دولة من دون موظفيها». وقال: «لقد تحول شعار شل القطاع العام الى فصل عملي ملموس تحقق من خلال وحدة الموظفين والهيئات، وان هيئة التنسيق أثبتت قدرتها على شل القطاع العام، وان يومي الإضراب يشكلان بداية الى شل هذا القطاع شلاً شاملاً ومفتوحاً باتجاه التصعيد». ودعا غريب الحكومة الى «عدم المراهنة على يأس هيئة التنسيق التي ستستمر في ملاحقة الحكومة حتى تحقيق كامل الأهداف». اعتصامات ولليوم الثاني على التوالي، اعتصم موظفو الإدارة العامة والمعلمون في المدارس الرسمية والخاصة في باحة السرايا الحكومية في بعبدا، كما نفذ اعتصام حاشد لموظفي هيئة التفتيش المركزي. ولبى موظفو وزارة الزراعة في الإدارة المركزية وفي المحافظات الدعوة للإضراب والاعتصام. وأوصت لجنة المندوبين في الوزارة هيئة التنسيق بإعلان الإضراب المفتوح حتى تحقيق جميع حقوقنا ومطالبنا. ونفذ الموظفون والمتعاقدون والأجراء في وزارة الاعلام اعتصاما أمام مقر الوزارة في محلة الحمرا. .. وفي المناطق واصل المعلمون في المدارس الرسمية والموظفون في القطاع العام في مدينة صور («السفير») إضرابهم أمس. ونفذ عدد منهم وقفة احتجاجية أمام سرايا صور الحكومية. وأكد عضو هيئة التنسيق النقابية حسان صالح أهمية تضامن الجسم النقابي، داعيا الحكومة الى وقف المماطلة وإنصاف أصحاب الحقوق. ولبّى العشرات من موظفي القطاع العام والخاص في بنت جبيل («السفير»)، نداء هيئة التنسيق، فشاركوا في الاعتصام المقرّر أمام سرايا بنت جبيل الحكومية، وكان اللافت مشاركة قائمقام بنت جبيل وموظفي السرايا الحكومية وأساتذة التعليم الــثانوي والابتدائي والمهني الرسمي الى جانب أســاتذة من المدارس الخاصة، إضافة الى عدد من تجّار المنطقة وصناعييها. وفي صيدا («السفير») نظم اعتصام في باحة سرايا صيدا الحكومية. وألقى ممثلو قطاعات هيئة التنسيق كلمات ركزت على استمرار التحرك حتى إقرار السلسلة. وفي قضاءي راشيا والبقاع الغربي («السفير»)، نُفذ لليوم الثاني إضراب واعتصام أمام السرايا الحكومية، وأغلقت جميع المؤسسات التربوية الرسمية أبوابها التزاما بقرارات هيئة التنسيق، وألقيت كلمات هددت بالتصعيد وصولا الى شل القطاع العام. ونظم أساتذة التعليم الرسمي والخاص في جبيل اعتصاماً، لليوم الثاني على التوالي، أمام السرايا في وسط المدينة، حضره رئيس البلدية زياد الحوط الذي أعرب عن تأييده مطالب الأساتذة. وفي عكار («السفير») تواصلت اعتصامات المعلمين والأساتذة والموظفين في القطاع العام، أمام سرايا حلبا الحكومية، رافعين اللافتات الداعية الى تحويل السلسلة الى مجلس النواب. ونفذ الموظفون في الإدارات العامة في طرابلس والشمال اعتصاما أمام سرايا طرابلس، تلبية لدعوة هيئة التنسيق لمطالبة الحكومة بإحالة السلسلة. وانضم إلى المعتصمين حشد من المتقاعدين والمتعاقدين وأساتذة في القطاعين الرسمي والخاص. وألقت ملوك محرز كلمة هيئة التنسيق. موقف»الخاصة» أكد أمين سر «اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة» فرنسوا حبيقة أن متابعة الدروس كانت مؤمنة بصورة شبه شاملة يومي 27 و28 الجاري، إلا في بعض المدارس و«لأسباب لن نسمح لأنفسنا بأن نتكلم عنها احتراماً لوحدة الأسرة التربوية». وأعلن رفض الاتحاد أخذ التلامذة رهائن واستعمالهم ورقة ضغط للوصول إلى أمور مطلبية مهما كانت محقة، وأكد أن أبواب المدارس ستبقى مفتوحة لتستقبل المعلمين والتلامذة الآتين إليها بملء حريتهم. وكرر الدعوة لجميع المعلمين، ونقابة المعلمين، إلى التشاور مع الإدارات والأهالي لتعزيز الحوار الهادئ والمستند الى ركائز علمية ومنطقية للوصول إلى مخارج للأزمة القائمة للحفاظ على حقوق المؤسسات والمعلمين والأهل والتلامذة.