اخبار متفرقة > غـريب: ليـس أمــامنــا إلا متـابعــة المعـركـة
«مفهوم السلسلة وضعه فؤاد شهاب مرناً وجعله السنيورة قاسياً كالعصا»
عماد الزغبي السفير 12-12-2012
«لا خيار أمامي سوى مواصلة النضال، ولن أستسلم للضغوط مهما اشتدت، وسأبقى أقاتل مع الشباب في هيئة التنسيق النقابية، للوصول إلى حقنا»، يشدد رئيس «رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي» حنا غريب على موقفه هذا، رافضاً كل الاصطفافات السياسية التي تحاول ضرب وحدة هيئة التنسيق، لدفعها إلى التراجع عن مطلبها بسلسلة رتب ورواتب، من دون تقسيط، ومن دون ضرائب، والتي سبق وأقرّتها الحكومة قبل أكثر من ثلاثة أشهر. وعلى الرغم من قرب موعد الاستحقاق النقابي المتمثل في انتخاب هيئة إدارية جديدة في رابطة الاساتذة، إلا أن جهد غريب ينصبّ على موضوع السلسلة، مؤكداً السير قدماً في ملف السلسلة حتى النهاية، ومذكراً بالإضراب والتظاهرة المركزية التي تنطلق اليوم بدعوة من هيئة التنسيق من البربير إلى السرايا الحكومية. ويرفض غريب الخروج مهزوماً، «سأبقى على صهوة حصاني الأبيض، ولن أذهب مهزوماً، بعد 35 عاماً من النضال في صفوف المعلمين». وأكد أن لا خيار أمامه سوى متابعة النضال. وعن الانتخابات المرتقبة للرابطة، لفت إلى أن الهم الأساس هو السلسلة، والانتخابات مرتبطة بها. ونبّه إلى أن كل المساعي الجارية حالياً تهدف إلى تحويل هيئة التنسيق بعدما أصبحت رقماً صعباً، إلى ما يشبه «الاتحاد العمالي العام» بيد السياسيين، وأن كل الأطراف تريد السير بجنازتها، أو تريدها أن تصبح أشبه بقيادة غسان غصن، مؤكداً أن هذا لن يحصل أبداً. وأكد غريب في حديث مع «السفير» عن ماضي السلسلة وحاضر الاتصالات، أن هيئة التنسيق ستأتي بالسلسلة، و«سنبقى نناضل من أجلها، والمعركة كبيرة، والأساتذة لن يتراجعوا عن مطلبهم حتى لو تبدلت القيادة». وأوضح أن هيئة التنسيق اتخذت قراراً بوقف الإضرابات، مرحلياً، حفاظاً على مصلحة الطلاب، وقررت «تنفيذ تحرك مستمر ومتعدد الأشكال وتعطيل القطاع العام مواكبة لكل جلسة من جلسات مجلس الوزراء مع تنفيذ اعتصامات وتظاهرات خلالها في العاصمة والمناطق».
قصة نضال
أستهل غريب حديثه ل«السفير» بالإشارة إلى أن ملف سلسلة الرتب والرواتب مطروح منذ العام 1996، و«الهجمة على كل شيء اسمه دولة رعاية اجتماعية، وموظفين، ومن بينها فلسفة الرواتب، علماً أن الرئيس فؤاد شهاب، أتى بمفهوم الدولة التي نعرفها وتم تركيب سلاسل رتب ورواتب ووضع معايير للفئات الوظيفية والتراتبية، والترفيع والدرجات، والمعاشات التقاعدية، وهي جميعها ثوابت، وكان الموظف والمعلم والأستاذ مرتاحاً، يقبض راتبه، ونهاية خدمته مضمونة، وعندما أتى الرئيس رفيق الحريري ومعه فؤاد السنيورة في العام 1996، ضاعت كل المكتسبات، ودخلنا بفيلم التعويضات، ونهاية الخدمة». ولفت إلى أن مفهوم السلسلة لين ومرن، أما السنيورة فجعله قاسياً كالعصا، وألغى في العام 1998 جميع التعويضات، التي كانت تحل مشاكل الموظفين، وتم دمجها في صلب الراتب، وكرت السبحة، وبعدما كان الفارق بين راتب الأستاذ الثانوي والنائب درجة واحدة، باتت الآن 250 درجة على مقياس ريختر. وأصبح الفارق بين أستاذ التعليم الثانوي والأستاذ الجامعي في عهد الحكومة الحالية 52 درجة. وبالنتيجة طارت جميع المكاسب التي ناضلت من أجلها رابطة أساتذة التعليم الثانوي والمعارك التي خاضتها واستعادت بموجبها الستين في المئة التي انتزعتها في أيام وزير التربية السابق حسن منيمنة في العام 2010. وأشار إلى أنه مع ضياع المكتسبات، بات الأستاذ يعمل مجاناً، جراء خسارته التعويض الوظيفي، والاختصاص، وزيادة العمل، وبدلاً من أن تتحرك الدرجات مع أي زيادة لغلاء المعيشة، مع ارتفاع الحد الأدنى للرواتب والأجور، بقيت كما هي. وكان من يخدم أربعين عاماً يصل إلى آخر سلم الدرجات، وأصبح الآن من يعمل أربعين عاماً لا يصل إلى منتصف السلم. وقال: «ضربوا التعويضات، وانقضوا على الدرجات منذ 13 سنة، ويريدون الآن تقسيط السلسلة على خمس سنوات». وتابع: «ضربت كل المرتكزات والتعويضات المتحركة وأصبحت الدرجات بلا قيمة، بعدما كانت السلسلة مثل آلة الأكورديون». وسأل: هل يعقل أن تبدأ السلسلة ب640 ألف ليرة للمعلم في مرحلة التعليم الأساسي، وأي راتب هذا الذي يؤمن حاجات إنسان؟ بينما الحد الأدنى للرواتب هو 675 ألف ليرة! هناك إهانة للمعلم، ناهيك بالحقوق الضائعة للمعلمين في المدارس الخاصة التي لم تدفع بعد غلاء المعيشة للمعلمين فيها.
تاريخ نضالي
أكد غريب أنه أمام هذا الواقع، لم يقبل التعليم الثانوي وقتها (العام 1996)، و«انفجر» بوجه المسؤولين، فكانت النتيجة أن باعنا رئيس الرابطة الأسبق فؤاد صعب، وطار من تعويض نهاية خدمة الأستاذ 15 في المئة، وبعدما وصل الدكتور أحمد سنجقدار بالتحالف مع «حركة أمل» و«حزب الوطنيين الأحرار»، تم الإمساك بالرابطة، ومنذ العام 1998 وحتى الآن كانت التحالفات تتم بميزان القوى الأساسية. وتاريخ العمل النقابي منذ ذلك الوقت مشرف، وقرارها مستقل. وقال: «تمكنا من استرجاع الستين في المئة»، مستدركاً بالقول إن «عصبيات روابط الأساتذة والمعلمين أشبه بعصبيات العشائر، تشد كل رابطة من أجل حماية مصالح معلميها، وتجري مقارنات مع باقي الروابط». تابع: «بعد حصول القضاة وأساتذة الجامعة على ما نسبته مئة في المئة على الرواتب، واسترجاع أساتذة التعليم الثانوي الستين في المئة، تدنت رواتب الموظفين قياساً لما حصل، فتدخل رئيس مجلس الخدمة المدنية د. خالد قباني، واقترح على لجنة الإدارة والعدل النيابية إصدار توصية لمجلس الوزراء بوضع سلسلة رواتب موحدة، وبالفعل تبنى مجلس الوزراء هذه التوصية، لتبدأ معها مسيرة ضرب درجات قطاع التعليم الثانوي». وأشار إلى أن رابطة الأساتذة انتظرت إلى ما بعد صدور سلسلة أساتذة «الجامعة اللبنانية»، لتعلن بداية تحركها في الثامن من آذار الماضي، بعدما بات الفارق بين راتب الجامعي والثانوي 52 درجة، أي أن الثانوي يحتاج إلى 104 سنوات للوصول إلى راتب الجامعي، بعدما كان الفارق ست درجات فقط. وأوضح أنه من حق الأستاذ الجامعي أن يحصل على ما حصل عليه، جراء زيادة ساعات العمل، والنظام الجديد، وفارق الشهادات، لكن ليس هذا الفارق الكبير. وقال: «دخلت رابطة الثانوي في الإضراب، تحت عنوان موقع الأستاذ الثانوي، مقارنة براتب الأستاذ الجامعي، فكانت النتيجة عشر درجات ونصف الدرجة». وأوضح أن الرابطة مضطرة إلى المقارنة مع رواتب باقي القطاعات، فلو كانت زيادة غلاء معيشة لنالها الجميع، ولم يتبدل شيء.
تحرك موظفي الإدارة
أثنى غريب على تحرك موظفي الإدارة، وقال: «قبل إقرار سلسلة الرتب والرواتب، جلست الرابطة مع رابطة متخرجي معهد الإدارة والتدريب، قبل أن تتحول إلى رابطة موظفي الدولة، وتم الاتفاق على ترتيب الدرجات، بموافقة مجلس الخدمة المدنية، وعندما دخل وزير المال إلى المستشفى، تم التلاعب بالدرجات في ليلة واحدة، وبات الفارق بين درجة الثانوي والموظف ثلاثين ألف ليرة، ما انعكس على المعلمين، وكان القصد ضرب القطاعين بعضهما ببعض، جراء هذا الفارق». وأكد أن السلسلة أقرت في مجلس الوزراء، في السادس من أيلول الماضي، ولا يمكن التراجع عنها، لكن البحث لدى الحكومة ينصبّ على أي سلسلة ستحول إلى مجلس النواب. وشدد على أن هيئة التنسيق لن توافق على التقسيط لأنه مخالف للاتفاق مع اللجنة الوزارية، ونطالب بإصدارها بصفة المعجل، ومن دون ضرائب. وعاد بالذاكرة إلى مسار الاتفاق على السلسلة مع اللجنة الوزارية المصغرة التي كلفها مجلس الوزراء، وضمت ممثلين عن مكونات قوى الثامن من آذار في الحكومة، وتألفت من الوزراء: محمد فنيش (حزب الله)، علي حسن خليل (أمل)، غازي العريضي (الحزب التقدمي الاشتراكي)، وسليم جريصاتي (التيار الوطني الحر)، إضافة إلى حسان دياب ممثلاً رئيس الحكومة نجيب ميقاتي. وقال: «طرح موضوع تجزئة السلسلة على ثلاث سنوات، فرفض الطرح، ثم التقسيط على خمس سنوات، ورفض أيضاً، وتم الاتفاق على السلسلة غير مقسطة ومن دون ضرائب على المواطنين من أصحاب الدخل المحدود، وإلا فلن يرحمنا المواطن، وسنتهم بأننا السبب في رفع الضرائب عليه، وتم الاتفاق على ذلك». ولفت إلى أن مطلب «هيئة التنسيق النقابية»، تصحيح سلسلة الرواتب، عمره 13 عاماً، وهم يطرحون التقسيط على خمس سنوات، وإذا احتسبنا غلاء المعيشة التي دفعت وتبلغ نسبتها ثلاثين في المئة من قيمة الراتب، يتبقى ما نسبته أربعين في المئة، وعملية تقسيط هذا المبلغ تعني شيكاً من دون رصيد، وحجزاً للحركة المطلبية على مدى سنوات التقسيط. وأشار إلى أن من ركّب السلسلة هدف إلى ضرب الفئتين الرابعة والخامسة، علماً أن من يتحرك الآن ميدانياً هم من هاتين الفئتين. وتم الاتفاق مع رئيس «رابطة متخرجي معهد الإدارة والتدريب» د. محمود حيدر على إدخال هاتين الفئتين في الرابطة، فتم تعديل النظام الداخلي للرابطة، إلا أن مجلس الخدمة المدنية رفض ذلك، وتم تغيير اسم الرابطة بعد موافقة وزير الداخلية مروان شربل لتصبح «رابطة موظفي الدولة».
تمويل السلسلة
أوضح غريب أنه ليس من مهمات هيئة التنسيق البحث عن مصادر تمويل للسلسلة، «لكن الهيئة دلت على مصادر الهدر في المرفأ والمطار والأملاك البحرية وغيرها، والهيئات الاقتصادية هي التي سرقت أموالنا بعد التضخم الذي افتعلته جراء الاحتكارات والوكالات الحصرية، إضافة إلى أن أربعين في المئة من موازنة الدولة تذهب محاصصة بين القوى السياسية». وسأل: هل تقبل الهيئات الاقتصادية بوضع ضرائب على أرباحها؟ علما أن الموظف يدفع ضريبة تصاعدية تصل إلى 16 في المئة. وإذا اقترحنا تعديل النظام الضريبي على الأرباح العقارية، يرفضون ذلك، لأنهم يجنون الملايين منها، وهم يعيشون على الريوع المصرفية، ومن أموال المهاجرين، ويرفضون رفع الضريبة من خمسة إلى سبعة في المئة. وقال: «أبلغنا وزير المال أن جهاز الكشف في المرفأ، معطل وتم إصلاحه مرتين، ومن ثم توقف العمل به، وأن ضبط المرفأ يؤمن مصادر تمويل السلسلة، لكن الأمر يحتاج إلى قرار سياسي». وأكد غريب أن هيئة التنسيق متماسكة وستبقى كذلك، وهي لذلك قوية، ولا خيار أمامها إلا متابعة المعركة للحصول على السلسلة، على الرغم من الاصطفافات الحادة ضد السلسلة من قبل جميع القوى السياسية، إلا أننا في الهيئة نتبع نهج المقاومة وبنفس طويل، وسنبقى «نضرب على اللحام حتى يفك».