اخبار متفرقة > «جنرال إلكتريك» تعرض على ميقاتي 500 ميغاوات بكلفة 480 مليون دولار خلال 8 أشهر
سمسرات الكهرباء تهدّد الحكومة بالاهتزاز ... واللبنانيين بالعتمة الوفاء – 24-3-2012 كتبت السفير في عددها الصادر بتاريخ السسبت 24-3-2012 كأن هذا البلد الصغير لا تكفيه أزماته الكبرى والصغرى، ليجد نفسه أسير طبقة سياسية، لا تتحصن، حتى في «زمن الزلازل»، بالحد الأدنى من المسؤولية الوطنية والأخلاقية، إزاء شعب أعطى الكثير وأنجز ما لم ينجزه شعب آخر من قبله، ولكنه كان يكافأ دائما بجدار الفساد يزنّر كل عناوينه وملفاته، أكلا وشرباً وهواء وتربة وبحرا.. والأهم سياسة واقتصادا. انقطعت الرئاسات عن الناس. جل همها اقتناص وظيفة أو موقع أو صوت أو مقعد أو الفوز بصفقة. وهكذا، من دون سابق إنذار، وبعدما اعتقد البعض أنه بتمرير المحكمة تمويلا وبروتوكولا، يمكن تمرير الوقت اللبناني الفاصل عن موعد الانتخابات المقبلة، وجد اللبنانيون أن أهل سلطتهم، يبحرون في اتجاه آخر. فها هي جولة جديدة من الاشتباك السياسي بين أهل الأكثرية ترسم الكثير من علامات الاستفهام حول سر انتكاسة شهر العسل الذي لطالما حكم العلاقة بين رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي منذ نيلها الثقة في تموز 2011 حتى الآن. لماذا هذه الانتكاسة المفاجئة وما هي حدودها وأبعادها، وماذا يوجد تحت «البير وغطاه» على حد تعبير ميقاتي في معرض رده على بري، عبر «السفير» أمس؟ انه ملف الكهرباء الذي جعل التشققات تبلغ حدا غير مسبوق، ليس بين أهل أكثرية الصدفة السياسية، بل بين أهل «البيت الوسطي» أنفسهم. وبينما كان ينتظر أن تتخذ الحكومة قرارا في موضوع استئجار البواخر الكهربائية، تلقى الرئيس ميقاتي مؤخرا عرضاً من شركة «جنرال الكتريك» الأميركية بتركيب مجموعات إنتاج جديدة في معملي الذوق والجية بطاقة إنتاجية تؤمن 500 ميغاوات وبكلفة 480 مليون دولار، وهي كلفة البواخر واستئجارها لمدة ثلاث سنوات، ولكن بفارق أن البواخر تؤمن حوالي 240 ميغاوات حسب دفاتر شروطها. أما تركيب المجموعات، فيحتاج الى حوالي ثمانية أشهر، أي بزيادة أربعة أشهر عن الموعد المقدر لوصول البواخر، علما أن ميقاتي يشكك في هذا الأمر أيضا، حسب الأوساط المقربة منه. وقالت مصادر وزارية لـ«السفير»، إن رئيس الحكومة سيرفع تقريرا جديدا إلى مجلس الوزراء يرفض فيه «خيار البواخر» ويتبنى حلا يعتبره «جذريا» لمشكلة الكهرباء، مبديا تمسكه بقناعته «أن الشعب اللبناني يتفهم مصلحته ومصلحة الخزينة من خلال انتظار ثمانية أشهر (بدل خمسة أشهر للبواخر) لتركيب المجموعات الجديدة التي ستكون ملكاً للدولة، بدلاً من البواخر المستأجرة لمدة ثلاث أو خمس سنوات». ورد أحد أعضاء اللجنة الوزارية المكلفة بموضوع البواخر على ميقاتي بالقول لـ«السفير» إنه «كان على رئيس الحكومة واللجنة الاكتفاء بالنظر إلى نتائج العروض المطروحة في قضية استئجار البواخر وإبداء الملاحظات بالموافقة أو الرفض، ورفع الأمر إلى مجلس الوزراء، على اعتبار أن مهمة اللجنة ليست معالجة أزمة الكهرباء بل البت بالخطوات التي تؤمن تحسين الطاقة، لكنه بدل ذلك، أقدم على تطيير اللجنة، والخشية كل الخشية أن يكون ذلك مقدمة لاهتزاز البنيان الحكومي كله». ويجيب المقربون من ميقاتي أنه يحتفظ بأسبابه التي حملته على اتخاذ قرار إنهاء صلاحية اللجنة، على قاعدة انه يملك في جعبته ما هو أفضل وما يحقق وفرا اكبر للخزينة. وإذا كان هناك في الحكومة من يلتقي مع ميقاتي بوضع علامات استفهام حول سمسرات وأرقام مالية لهذا الفريق أو ذاك، فإن الرأي يختلف لدى المكونات الرئيسية في الحكومة، وتحديدا فريق الثامن من آذار الذي طرح علامات استفهام حول التراجع المفاجئ لرئيس الحكومة عن هذا الموضوع، خاصة أن مجلس الوزراء كان قد اتخذ قرارا بوجوده، وهو، كما يقول الوزراء أنفسهم، «شدد على تشكيل اللجنة الوزارية التي انعقدت برئاسته، وساهم جديا في كل ما توصلت إليه وهو شخصيا طلب الاستشاري الأجنبي... وكان له ما أراد». «الكرة في ملعب ميقاتي»، كما يقول وزير بارز، إذ ليس مفهوما ما أقدم عليه، وثمة من يقول «اذا كان لديه حل للكهرباء أفضل، فلماذا احتفظ به في جعبته طوال هذه الفترة، وإن كان الأمر حديثا، فمتى تبلور، ومن أين نزل؟ علما أن أعضاء اللجنة الوزارية كانوا متجاوبين الى أبعد مدى مع طروحاته». ان السؤال المطروح، يضيف الوزير نفسه، «لماذا الإصرار على عدم إنجاح الحكومة، ولماذا الأداء بهذه الطريقة، فمجلس الوزراء اتخذ قرارا واللجنة الوزارية درست تفصيليا موضوع البواخر، بحسب الوجهة التي ارادها ميقاتي، فهل هكذا تدار الدولة؟ قناعتنا أن ثمة قطباً مخفية لا قطبة واحدة وراء هذا التصرف الميقاتي». وإذا كان موضوع البواخر سيشكل شرارة اشتباك حكومي وسياسي قريب، فإن وزيرا بارزا في الحكومة لم يستبعد «أن يؤسس لحراك شعبي (في الشارع) بدأ الحديث عنه منذ الآن للمطالبة بحلول سريعة للكهرباء، خاصة أن موضوع البواخر قد اصبح في حكم المعطل، وفي ظل هذا التعطيل ورداءة المعامل الموجودة، فإن الصيف المقبل ينذر بمزيد من الظلام». وسارعت أوساط ميقاتي للرد بالقول «إن التهويل بعملية توقف المعامل وخاصة الجية والذوق غير واقعي، لأن هذه المعامل تخضع لعمليات صيانة شبه دورية». تجدر الاشارة إلى أن لبنان يحتاج إلى نحو 2450 إلى 2500 ميغاوات، يؤمن منها حالياً حوالى 1500 إلى 1650 ميغاوات، بما فيها الكمية المستجرة من سوريا والبالغة حالياً حوالي 80 ميغاوات، وهو أمر كان قد توقف لفترة بسبب التطورات الأمنية في سوريا (راجع عدنان الحاج ص2). في موازاة ذلك، أطلق وزير العدل شكيب قرطباوي صرخة عبر «السفير» أنه مهما كانت الأسباب والذرائع والمبررات «حذار ان نصل إلى الخامس من حزيران 2012 من دون تعيين الجسم القضائي، لأن عدم التعيين يقطع رأس القضاء، وأنا لن اقبل أن يكون رأس القضاء مقطوعا». الجدير ذكره، في هذا السياق، أن أعضاء مجلس القضاء الموجودين حاليا ستنتهي ولاية سبعة منهم في الخامس من حزيران 2012، كما اقتربت مدة مدعي عام التمييز القاضي سعيد ميرزا من الانتهاء في نيسان المقبل، وبالتالي لا يبقى سوى عضو واحد في مجلس القضاء. بدوره، أعلن وزير التنمية الإدارية محمد فنيش جهوزية وزارته، بعد صدور مرسوم «هيئة إدارة قطاع البترول» في الجريدة الرسمية، للبدء في آلية تعيين أعضاء الهيئة، وقال لـ«السفير»: «أنا مستعد لمراسلة وزارة الطاقة والمياه، يوم الاثنين حول صيغة الإعلان الذي سيتم نشره في الصحف اللبنانية حول الشروط التي يفترض توافرها بالراغبين في تولي هذه الوظيفة وكيفية تقديم الطلبات والمستندات المطلوبة».