اخبار متفرقة > عكار: 204 تعاونيات عاجزة عن معالجة مشاكل المزارعين!
غياب روح التعاون و«الشخصنة» والفساد تضرب القطاع
نجلة حمود السفير 18-12-2012
لم ترتق التعاونيات الزراعية في محافظة عكار يوماً إلى المستوى المطلوب، فعلى الرغم من وجود 204 تعاونيات مرخّصة، إلا أن غالبيتها يسيطر عليها طابع «الشخصانية»، وتفوح من غالبيتها رائحة الفساد والهدر المالي. هذا الوضع لم يشجع المزارعين على الانضواء ضمن هذه التعاونيات الموزعة على مختلف مناطق المحافظة (القيطع، الجومة، الدريب، السهل)، وتشمل مختلف القطاعات الانتاجية من الزيتون، والفاكهة، والنحل، والأسماك، مما يحول دون تمكن هؤلاء المزارعين من الاستفادة من مساعدات وزارة الزراعة التي أعلنت مراراً عن استعدادها تمويل ودعم أي مشروع يقدم عبر التعاونيات، ويعود بالمنفعة على العدد الأكبر من المزارعين. ويمكن القول إن مزارعي عكار بقوا ولسنوات طويلة من دون أي إرشاد أو توجيه من قبل المؤسسات الرسمية والتعاونيات الزراعية التي بقيت عاجزة عن تأمين حلول للمشاكل المتعددة في عكار. ويوضح مزارعون متابعون للملف لـ«السفير» أن من أبرز المشاكل هي: «العجز عن المساهمة في خفض تكاليف الانتاج المرتفعة، والحصول على القروض الميسرة، وتحسين الانتاج الزراعي، وخفض التكاليف التسويقية، فضلاً عن غياب الاستعانة بمهندسين متخصّصين لحل المشاكل وتوعية المزارعين على الاستخدام الصحيح للأدوية والمبيدات الزراعية، وشراء المعدات الزراعية».
«لا مبالغ من 10 سنوات»
وإذ يبرز رئيس «لجنة المراقبة في التعاونية الزراعية» في عكار العتيقة، ورئيس «اتحاد النحالين في الشمال» محمد الخطيب «أهمية العمل التعاوني في دعم المزارعين»، يشير في الوقت نفسه، إلى «أن التعاونيات تعمل وفق الإمكانيات المتوفرة لديها، إذ ينقصها الدعم المادي اللازم لكي تتمكن من إنشاء مشاريع من شأنها التخفيف عن كاهل المزارع الذي ما زال لغاية اليوم يعتمد على خبرته الفطرية في الزراعة». ويقول الخطيب لـ«السفير»: «إن التعاونيات الزراعية لم تقبض أي مبلغ مالي من وزارة الزراعة منذ عشر سنوات، وهي تعتمد على تمويلها الخاص»، مؤكداً «أن بعض التعاونيات تمكّنت من القيام بإنجازات مهمة أحدثت نقلة نوعية في حياة المزارعين، وعلى سبيل المثال توفير برّاد للخضار والفاكهة في بلدة بزبينا بمساهمة تعاونية منطقة الجومة، الذي يقدم خدمات لكل المزارعين بأسعار مخفضة».
«مكافحة حشرة الفيرواز»
أما بالنسبة لقطاع النحل فيوضح أن «الاتحاد تمكّن بالتنسيق مع الجمعيات، من نقل مربي النحل من موقع الى آخر، بالرغم من كل الصعوبات التي تواجهنا وتحديداً بالنسبة لمكافحة حشرة الفيرواز». ويفيد بأن «الاتحاد يملك مكنة لتذويب الشمع وتعقيمه، ومعمل لإعادة تصنيع الشمع من جديد. كما أنشأ بالتعاون مع الحكومة الإيطالية ووزارة الزراعة، مصنعاً حديثاً لطباعة الشمع، ويعمل وبدعم من الوزارة، على تجهيز معمل لتحضير عجينة الكاندي، لتغذية النحل خلال فصل الشتاء، وذلك بكلفة 20 مليون ليرة، حيث قدمت لنا الوزارة مبلغ 15 مليوناً». المطلب الأهم... ضمان اجتماعي وصحي ويبقى أن «أهم مطلب من مطالب التعاونيات الزراعية، تأمين الضمانات الاجتماعية والصحية للمزارعين»، وفق رئيس «تعاونية مزارعي الزيتون في قبعيت» أحمد عثمان، الذي يشير أيضاً إلى ضرورة «تفعيل دور المديرية العامة للتعاونيات كي تتمكن من أداء الدور المطلوب منها»، مؤكداً «أن التعاونيات لا يمكنها النهوض من دون دعم مباشر من وزارة الزراعة، خصوصاً أن المزارعين يعانون من أوضاع اقتصادية صعبة للغاية، ولا يمكنهم تمويل مشاريع كبيرة».
شخصنة... وغياب روح التعاون
ويلحظ رئيس «مصلحة الشؤون الاقتصادية والمراقبة» في المديرية العامة للتعاونيات في وزارة الزراعة المهندس محمد أبو شقرا وجود «شخصنة في العمل التعاوني، وغياب روح التعاون حتى ضمن التعاونية الواحدة، وهو ما ينعكس سلباً على مجمل القطاع الزراعي»، لافتاً الانتباه إلى «أنه وعلى الرغم من وجود 204 جمعيات تعاونية في عكـــار، إلا أن 74 تعاونية فقط بارزة على الســـاحة، وتقوم ببعض الأدوار المطـــلوبة»، مشـــدداً على «أن التعـاونية الزراعية لا تعـــود بالمنفعة، ولا يحق لأحد من غير المنتسبين إليها الاستـــفادة من خدماتها، أي أن عـــملها مصلحة شخصية فردية لأعضـــاء التعاونية حـــصراً، كما لا يحق لوزارة الـــزراعة التدخــل في شـؤونها الداخلية».
ملياران و850 مليون ليرة للدعم
ويؤكد أبو شقرا أن «وزارة الزراعة خصصت مبلغ مليارين و850 مليون ليرة لدعم التعاونيات الزراعية، وأخذت عكار حصة الأسد من هذا المبلغ، حيث تمّ صرف 530 مليون ليرة لدعـــم التعاونيات، إذ إن التعاونيات لم تحصل على أي مبلـــغ مالي من قبل الوزارة منذ ما يزيد عــــن عـــشر سنوات»، مشيراً الى أن الوزير حسين الحـــاج حسن دعا مراراً إلى تقديم طـــلبات لمشاريع لكي يتم تمويلها، حيث تمّ قبول جميع الطلبات المستوفاة الشروط المطلوبة». ويعدّد أسباب ضعف العمل التعاوني منها: «الفساد والهدر المالي، إذ يسيطر مجموعة من الأفراد على مقدرات الجمعية وصرفها في غير مكانها، وهو ما حال دون تمكن التعاونيات من الاستفادة من الدعم الذي كان يقدّم لها من المنظمات الدولية في السنوات الماضية، وتــردّنا العديد من الشكاوى في هذا الخصوص، ما دفـــع الــوزير إلى اتخاذ إجراءات من شأنها منع تمويل أي جمعية الا بعد علم وموافقة الوزارة». أما رئيس مصلحة الزراعة في عكار المهندس محمد طالب فيوضح أن «المصلحة تدعو دائماً المزارعين إلى الانضواء ضمن تعاونيات، لكي يتمكّنوا من الاستفادة من تقديمات الوزارة وخدماتها»، معلناً «أن المصلحة ستنظم لقاء برعاية الحاج حسن، مع المزارعين في منطقة الجومة في الخامس عشر من الشهر الحالي تحت عنوان: تفعيل العمل التعاوني».