كسر الموظفون حاجز الخوف في «يوم الموظف والأستاذ والمتقاعد والأجير وكل مستفيد من سلسلة الرتب والرواتب»، في اليوم الثاني من الإضراب المفتوح الذي دعت إليه «هيئة التنسيق النقابية» للمطالبة بإحالة مشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب إلى مجلس النواب، والذي تزامن مع تنفيذ تسعة اعتصامات مركزية في المناطق، في سرايا طرابلس، زحلة، بعبدا، صيدا، النبطية، بعلبك، الهرمل، راشيا، وجبيل. وفي بيروت نظّم اعتصام أمام مبنى الضريبة على القيمة المضافة (TVA). وتمكن الموظفون إلى جانب زملائهم في التعليم الرسمي من تعطيل عدد كبير من الإدارات الرسمية، من بينها وزارات: المالية، العمل، التربية، الشؤون الاجتماعية، الزراعة، الاقتصاد، الطاقة، الصناعة، والأشغال.. وباشر الموظفون تشكيل لجان الإضراب في الوزارات التي يعملون فيها، على غرار ما حصل أمس في مبنى الـ TVA ولم يكتف الموظفون بدعم من هيئة التنسيق، بل عمدوا إلى قطع الطريق الرئيسة على مستديرة العدلية وساروا في تظاهرة مندّدة بعدم إحالة السلسلة إلى مجلس النواب. تأجيل الامتحانات اتخذت هيئة التنسيق جميع الإجراءات الضرورية لاستمرار الإضراب لفترة طويلة من خلال تشكيل لجان الإضراب، في الإدارات الرسمية للسهر على حسن تطبيق الإضراب المفتوح، على أن تكون الخطوات التصعيدية مدروسة وبعيداً عن الارتجال، بحيث «تؤلم» أينما تكون، كما فعلت أمس من خلال تعطيل العمل في مبنى الضريبة على القيمة المضافة، والذي يُدخل إلى خزينة الدولة بين أربعة وخمسة مليارات ليرة يومياً من الضرائب المفروضة على المكلفين. ومن بين الخطوات المقررة لليومين المقبلين، تنفيذ إضراب واعتصام اليوم أمام وزارة التربية والتعليم العالي عند العاشرة صباحاً وغدا الجمعة أمام وزارة الزراعة، على أن يكون الاعتصام في كل يوم أمام وزارة ومؤسسة عامة، ويترافق ذلك مع اعتصامات أمام 27 سرايا في المناطق. وإلى جانب هذه الخطوات، برز موقف لافت لرئيس «رابطة اساتذة التعليم الثانوي الرسمي» حنا غريب، أكد فيه تأجيل مواعيد الامتحانات الرسمية بعدد أيام الإضراب المفتوح. اعتصام نظّمت هيئة التنسيق أمس، اعتصاما حاشداً أمام مبنى الـTVA في منطقة العدلية، وفقاً لمسلسل الاعتصامات التي تنفذها الهيئة احتجاجاً على عدم إحالة السلسلة، ورفعت في مكان الاعتصام لافتات كتب على بعضها: «الهيئات البلطجية هي من تسرق مال الدولة»، «تمويل السلسلة هو بداية الإصلاح»، «للسياسيين طوائفهم وللموظفين دولتهم»، «الدولة لأبنائها لا لتجارها»، «الحكم قرار ومن لا قرار له فليستقل». واستهل الاعتصام بكلمة لنائب رئيس «رابطة موظفي الإدارة العامة» وليد الشعار قال فيها «إن هذه الحكومة لا تفهم إلا بلغة الإضراب المفتوح، وإن ما يسمى الهيئات الاقتصادية يسرقون البلد وينهبونه، ويرشون الموظفين حتى يسيروا معاملاتهم». وحيا نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض «المعلمين الأبطال في المدارس الخاصة الذين اضطر بعضهم أمس الأول تحت التهديد إلى العودة إلى التدريس، وأضربوا أمس في مدارسهم، وأقول لهم: السلسلة وغلاء المعيشة حق لكم، لا أحد يعطيكم إياه إلا إذا أخذتموه بأيديكم». وذكر بالقوانين التي تحمي المعلمين، وتوجه إلى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والوزراء بالقول: «أن تصل الأمور بالرئيس ميقاتي إلى القول أنّه بين اليونان أو يضربوا شهرين أو ثلاثة أشهر، فليضربوا، هذا كلام غير مسؤول، فهل هؤلاء المسؤولون حريصون على أموال الدولة ووارداتها؟ إن ما يحصل في مرفأ بيروت يتحمل مسؤوليته وزير المال محمد الصفدي». وأعاد التذكير بما قاله الصفدي عن تعطل آلات الفحص في المرفأ، داعياً النيابة العامة المالية إلى التحرك والنزول إلى المرفأ. ورأى أن «أكثر من مليارين إلى ثلاثة مليارات دولار تذهب من خزينة الدولة، وهي قادرة على تمويل ثلاث سلاسل». وتوجه إلى الوزراء بالقول: «فليكن وزير واحد صادقاً مع نفسه ويضرب يديه على الطاولة، ويقول يا دولة الرئيس ميقاتي ما تفعلونه مع هيئة التنسيق عيب..». وقال رئيس «رابطة اساتذة التعليم المهني والتقني» إيلي خليفة: «سنكون أمام كل الوزارات، لأننا لا نزال نلاحظ التكاذب في ما يتعلق بالسلسلة. وفي اجتماعنا مع رئيس الحكومة، قال أحد الوزراء أن لا تعديل في الأرقام، بينما يقول رئيس الحكومة إن هناك تعديلاً، لذلك نريد أن نعرف الحقيقة، وإذا كانت هناك سلسلة رتب ورواتب أم لا». وتوجه حنا غريب بتحية الى «المعتصمين على كل الأراضي اللبنانية»، وقال: «هذه هي هيئة التنسيق، هذا هو الشعب اللبناني، هذا ثلث الشعب ينتفض على حكومة جائرة». وأضاف: «نحن اليوم في بيروت، في قلب الـTVA، المكان الذي يمول الشعب اللبناني من جيوبه وجوعه، فوائد الدين العام تذهب إلى من يسمون أنفسهم هيئات اقتصادية، وهم ليسوا أكثر من ممولين للضرائب العقارية والمالية على حساب دم الشعب. اليوم نقول لهم أوقفنا الـTVA، معركتنا مفتوحة، وليس هناك TVA ما لم تفرجوا عن السلسلة. فليكن كباش بيننا، نحن لا مانع لدينا. هذه أول رسالة من وزارة المال نبدأ بها الإضراب الشامل طيلة الدوام الرسمي». وتوجه غريب إلى الأهالي والطلاب، وقال: «من يتحمل مسؤولية الإضراب المفتوح وضرره هو الحكومة مجتمعة، ونحن من جهتنا لن نسمح للمسؤولين بأن يضيعوا أي يوم إضراب وتعطيل على تلاميذنا، ولن يذهب التلامذة الى الامتحانات إلا وتكون برامجهم قد انتهت». وأكد رئيس «رابطة موظفي الإدارة العامة» محمود حيدر أن «المارد الإداري، الذي انتفض، سيكمل مسيرته ليقاتل من أجل أداء نظيف خال من الفساد والمفسدين». وشدد محمود عطوي باسم لجنة العاملين في «الجامعة اللبنانية»، على «تأييد العاملين في الجامعة للتحرك الذي تقوم به هيئة التنسيق». وبعد انتهاء الكلمات، عقدت جمعية عمومية لهيئة التنسيق داخل مبنى الـTVA، شكلت خلالها لجنة الإضراب في وزارة المال برئاسة وليد الشعار، الذي أكد أن التجمع والإضراب ليسا تحديا لوزير المال أو المدير العام، إنما للمطالب بحقنا. ثم انطلق المعتصمون في مسيرة لمئات الأمتار تم خلالها قطع مستديرة العدلية في اتجاه جسر الفيات لمدة نصف ساعة، بمواكبة من قوى الأمن الداخلي، تخللتها هتافات طالبت بتحويل السلسلة، ورفض التخويف والتهويل، ثم عادوا إلى مبنى الـTVA .
... ويعـم المنـاطـق
عمّت الاعتصامات السرايا الحكومية في مختلف المحافظات بدعوة من «هيئة التنسيق النقابية»، وتزامنت مع إقفال تام للمدارس الرسمية والمهنية، وإقفال جزئي للإدارات الرسمية، والمدارس الخاصة. ونفذ موظفو الإدارات العامة في بعبدا اعتصاماً رمزياً أمام سرايا بعبدا الحكومي. وبعد لقاء مع محافظ جبل لبنان بالوكالة انطوان سليمان قال عضو هيئة التنسيق كامل شيا: «كل يوم سنكون أمام وزارة ومؤسسة عامة حتى يحافظوا على وعودهم وعهودهم». وألقيت كلمات لعضو «رابطة التعليم الثانوي» جوزف هيدموس، وعضو «رابطة التعليم الأساسي» انطوان كرباج، أكدا فيها «أن مسيرتنا انطلقت ومعركتنا بدأت». وفي الباحة الخارجية لسرايا صيدا الحكومي (محمد صالح) نفذ اعتصام حاشد، وألقيت كلمات طالبت بـ«الاسراع في إحالة السلسلة»، وضُمنت تهديدا باستمرار الإضراب المفتوح حتى تحقيق هذا المطلب، مع تلويح باتخاذ خطوات تصعيدية. وتحدّث باسم هيئة التنسيق حيدر خليفة وعضو «رابطة التعليم الأساسي» حسّان صالح، وعن «نقابة المعلمين» أسامة الأرناؤوط وعن «رابطة التعليم الثانوي» رباب قدوح، ومندوب «رابطة موظفي الإدارة العامّة» ديب هاشم، وشدّدت الكلمات على التصدي لسياسة الاهمال الحكومية. ونفذ المئات اعتصاماً رمزياً أمام سرايا النبطية الحكومي («السفير») رفعوا خلاله لافتات حملت عبارات: «كفاكم إذلالاً واحتقاراً للشعب ولقمة عيشه»، «لن نعيش مأزق العقل السياسي اللبـــناني»، وغيرها من الشعارات. وألقيت كلمات باســـم روابط الثانوي في الجنوب، والمتقاعدين الثـــانويين وهيئة التنسيق والتعليم الأساسي في الجنوب. وعمد المعتصمون إلى قطع الشارع الرئيس أمام السرايا فترة من الوقت. ونفذ اعتصام حاشد أمام سرايا راشيا الحكومية (شوقي الحاج) تلبية لدعوة هيئة التنسيق، حضره قائمقام راشيا نبيل المصري، مأمور نفوس راشيا محمد القادري، رئيس مكتب راشيا في التعليم الأساسي سميح أبو غوش ونقابيون ومندوبو روابط. وألقيت كلمات للنقابيين إبراهيم أيوب، وصالح نجم، ومدير مدرسة البيرة أحمد عواضة. ورفعت في التظاهرة لافتات كتب عليها: «حكومة حلوة وكذابة»، و«يسرقون ويهربون ويزورون وأمام مطالب الموظفين الكادحين يغصون». وشهد مدخل سرايا زحلة (سامر الحسيني) تجمعاً لأكثر من 500 أستاذ وموظف، أطلقوا خلاله هتافات بإقرار السلسلة، منها «هاتوا السلسلة وحاجة بالجيبة تخبوها، عيب كتير ما تقروها هيدا حقنا وتعبنا». وألقيت كلمات تحدثت عن الحقوق المهدورة وعن السلسلة المطلوب تحويلها. وشارك ممثلو الهيئات التعليمية وموظفو القطاع العام والبلديات في الاعتصام أمام سرايا بعلبك («السفير»)، وتحدث حمود الموسوي باسم رابطة الأساسي وبديع أبودية باسم رابطة «التعليم المهني» وطالبا بوقف الارتهان لضغوط الهيئات الاقتصادية. وتم التوافق على تفعيل لجان الإضراب لتوقيف الدراسة في القطاع الخاص عبر إقامة حواجز محبة بين السابعة والتاسعة صباحاً، لمنع تحرك باصات المدارس الخاصة. ونفذ موظفو القطاع العام في منطقتي الهرمل والبقاع الشمالي («السفير») اعتصاما أمام سرايا الهرمل الحكومي، وأكدت الكلمات أن التشويش على الإضراب لن يجدي الحكومة نفعاً. وانتهى الاعتصام أمام سرايا طرابلس (عمر إبراهيم) مثلما بدأ، بهدوء، بالرغم من محاولات البعض حرفه عن مساره المطلبي بإطلاق شعارات سياسية ضد الحكومة ورئيسها. وفي سرايا جبيل حضر الموظفون إلى عملهم ولم يلتزم أحد بالإضراب، بينما التزمت المدارس الرسمية به.