اخبار متفرقة > ترايكوم» تبدع في تمزيق جراح المياومين في كهرباء لبنان
مذكرة دوام العمل لـ470 عاملاً تصدر آخر الشهر بمفعول رجعي!
مياومو كهرباء لبنان يعانون مجدداً (هيثم الموسوي) يبدو أن «المكتوب ليس منه مهروب». مياومو مؤسسة كهرباء لبنان يقعون في مصيبة تلو أخرى. بعضهم انتقل إلى الشركات الأربع التي سُمّيت مقدمي الخدمات، وبعضهم لا يزال يعمل ضمن شركة «ترايكوم». هذه الشركة توظّف اليوم 470 عاملاً وتحاول حرمانهم من حقوقهم بتغطية من وزارة العمل محمد وهبة إعلان منذ نحو سنة، افترش مياومو كهرباء لبنان باحات مؤسسة كهرباء لبنان والشوارع المحطية بها، مطالبين بالحفاظ على ديمومة عملهم في المؤسسة التي ذهبت في اتجاه تنفيذ مشروع «مقدمي الخدمات» الذي يخصخص أعمال المؤسسة. يومها كانت هذه الأعمال «شبه مخصخصة» إذ كانت تنفذ بواسطة متعهدين يؤدون الوظائف المطلوبة منهم بواسطة عمال لم يتغيّروا كثيراً رغم التغييرات التي طالت بعض المتعهدين وبينهم شركة «ترايكوم» التي كانت تلتزم بعض الأعمال وتوظّف نحو 400 عامل لتنفيذها. ومشروع مقدمي الخدمات كان يهدف إلى تلزيم كل أعمال التركيب والتوزيع والصيانة والتحصيل والجباية التي تقع ضمن نطاق مديريتين: مديرية التوزيع في بيروت وجبل لبنان، ومديرية التوزيع في المناطق. وبالتالي، لزّمت كل الأعمال والأشغال التي تقع خارج نطاق هذين التوزيعين، إلى شركة «ترايكوم». طيلة فترة الاعتصام، حاول مياومو المتعهدين النضال من أجل تحصيل حدّ أدنى من حقوقهم كعمال... فانتهى الأمر إلى إجبار مقدمي الخدمات على ضمّ عدد من المياومين للعمل لديهم في تنفيذ الالتزامات مع مؤسسة كهرباء، فيما أجبرت شركة «ترايكوم» على توقيع عقود سنوية مع عمّالها تتضمن بعض الحقوق. وفي الواقع، إن المعركة التي خاضها المياومون لم تنجح في توفير كل عناصر الأمان لهم، لكنها وضعت الأصبع على جرح نازف ينطوي على نوع من أنواع «السخرة» التي استخدمت في لبنان لتفريغ المؤسسات وبيعها، أو خصخصتها. ففي مؤسسة كهرباء لبنان، كان عمال المتعهد عبارة عن «حصص» هذا الحزب أو تلك الجهة أو زعيم من الزعماء... كلهم كانوا يعملون ضمن النظام المسموح فيه الذي خطّته السلطة السياسية برموزها في قانون موازنة عام 2004 وتحديداً المادة 54 التي تمنع التوظيف في المؤسسة العامة واستثنت مصرف لبنان من هذا الأمر. لكن مشكلة مؤسسة كهرباء أعمق من ذلك، إذ كان الهدف تفريغها من الكوادر البشرية وتجريدها من كل خبراتها وصلاحياتها والتوقف عن الاستثمار في الإنتاج... إلى أن تتم البيعة الكاملة، وكانت التلزيمات للمتعهدين جزءا من نتائج هذا الوضع ليصبح عمال المتعهد في صلبه لاحقاً بكل بشاعته. فهؤلاء لم يتقاضوا أي تعويضات، ولا على الساعات الإضافية، ولا على الإجازات المرضية، ولا أي نوع من البدلات حتى أن بدل النقل لم يحصلوا عليه، وطبعاً لم يكن مصرّحاً عنهم للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وهذا يعني أن ليس لديهم تعويض عائلي ولا تعويض نهاية خدمة. ضمن هذا الواقع، وجد مياومو «ترايكوم» أنفسهم بلا أي حصانة اجتماعية، وشعروا بالهشاشة وبالغبن فقبلوا بالحدّ الأدنى الذي جرى التوافق عليه بين المياومين والزعامات السياسية ووزارة الطاقة وشركات مقدمي الخدمات، أي العقود السنوية بينهم وبين الشركة. لكن إدارة الشركة التي يملكها شربل متى ولينا متى، حاولت التلاعب بالعقود وإدخال نصوص تجرّدهم من بعض الحقوق، على ما يشير بعض العمّال، إلا أن مخططاتها باءت بالفشل فجرى تضمين العقود ما ينص على إعطاء إجازات مرضية وإجازات أمومة وسداد بدل الأعياد الرسمية... لكن الشركة أصرّت على عدم دفع قسم كبير من هذه الحقوق، ما دفع الموظفين إلى رفع شكوى إلى وزارة العمل. تعهد وزير العمل سليم جريصاتي لهؤلاء الموظفين بأن ينهي هذا الملف بشكل يعطيهم حقوقهم، وبحسب محاضر التفتيش التي أجراها مفتشو وزارة العمل في المؤسسة، فإن لينا متى تعهدت كممثلة عن الإدارة، بأن تدفع بدل عطلتي عيد الاستقلال وعيد العمال، وتبيّن للتفتيش أن هذه المؤسسة لم يكن لديها نظام داخلي رغم أن قانون العمل يلزمها بأن يكون لديها نظام داخلي يتضمن 8 أيام عطلاً رسمية بالحدّ الأدنى وتكون جميعها مدفوعة الأجر... ثم تعهدت متى بأن تسدد للموظفين الإجازات المرضية لكنها تتذرع اليوم بأنها تدرس التقارير الطبية رغم كونها تعود إلى شهر آذار! يندرج كل هذا الوضع في إطار العلاقة الوظيفية المتدهورة بين الشركة وموظفيها الذين كانوا مياومين وأصبحوا موظفين بعقود، وهذا النوع من العلاقة غالباً ما يكون قابلاً للأخذ والردّ ولتعنّت صاحب العمل ورفضه سداد مبالغ إضافية وسعيه الدائم لدفع مبالغ قليلة وزيادة أرباحه، إلا أن المفاجأة تكمن في أن وزارة العمل «وضعت الملف في درج المدير العام عبد الله رزوق» يقول أحد الموظفين. لا أحد يعلم سبب وقف الشكاوى في هذا الدرج وما هو الثمن الذي دفع في هذا الإطار «رغم أننا وضعنا أملنا في الوزير جريصاتي الذي وعدنا بإحقاق حقوقنا». ويشير هؤلاء الموظفون إلى أنهم يعملون 9 ساعات يومياً بلا ساعة راحة، ويعملون بالحدّ الأقصى المنصوص عليه قانوناً أي 48 ساعة يومياً، «والأنكى من ذلك كله أن الشركة الملتزمة تصدر مذكرة حضور دوام في آخر الشهر عن الشهر الذي سبق... أي مذكرة دوام بمفعول رجعي، وبالتالي فإن الحسم من الرواتب بسبب التأخير عن دوام العمل يعتمد على التنبؤ ويبدأ الاحتساب بعد صدور المذكرة بشهر سابق، وهذه بدعة لم نشهد مثلها بعد. وهذه المذكرة تعلق على جدران مؤسسة كهرباء لبنان».