يزداد استهلاك الخضار والحشائش في شهر رمضان، خصوصاً المستعملة في تحضير صحن «الفتوش» أو صحن «التبولة»، وهما من الضروريات على المائدة الرمضانية. والأكثر ضرورة وحاجة مع الطقس الحار في شهر تموز، نظراً لاعتماد الصائم على مادة تساهم في طراوة المعدة بعد انقطاع عن الطعام والشراب يمتد لحوالي 16 ساعة في اليوم. وعلى الرغم من الأزمة المعيشية لدى ذوي الدخل المحدود، ومتوسطي الحال، يبقى هذان الصحنان سيدي المائدة الرمضانية للفئتين معاً، ما يدفع بعض التجار إلى رفع الأسعار تدريجياً، عشية بدء الصوم، في غياب الرقابة الفعلية من قبل المعنيين، بعد تفريغ قانون حماية المستهلك من مضمونه، وفق ما يقول رئيس «جمعية حماية المستهلك» الدكتور زهير برو لـ«السفير»، وبعدما تضاءلت فعالية مراقبي «مصلحة حماية المستهلك» في وزارة الاقتصاد والتجارة، اثر رفع عددهم من 35 مراقباً إلى 300 مراقب، يظهر ذلك من عدد محاضر المخالفات السنوية قبل رفع العدد وبعده.
الخيار يرتفع % 50 والبقدونس % 100
يشير أحد التجّار لـ«السفير» إلى أن الأسعار لجميع الحشائش والخضار، كانت أمس الأول على الشكل الآتي، أي قبل يوم واحد من بدء الصوم، لكنه لا يستطيع الجزم بأنها باقية على ما هي عليه: البندورة 1500 ليرة، بصل 750 ليرة، خيار 1500 ليرة (بارتفاع 500 ليرة وما نسبته 50 في المئة)، بطاطا 1000 ليرة، كانت أواخر الأسبوع الماضي 750 ليرة (أي انه ارتفع 250 ليرة، وبما نسبته أكثر من 33 في المئة)، الحامض 1500 ليرة، الخسّة 1500 ليرة (بارتفاع 500 ليرة وما نسبته 50 في المئة)، بقدونس وبقلة 500 ليرة لكل باقة (بارتفاع أكثر من 100 في المئة)، زعتر أخضر 750 ليرة، فجل 500 ليرة، فليفلة 2000 ليرة (بارتفاع 1000 ليرة وما نسبته 100 في المئة)، كزبرة 500 ليرة.
8000 ليرة كيلو الصدر
أما بالنسبة إلى اللحوم فقد ارتفعت أسعار الفروج إلى 8000 ليرة لكيلو الصدر، وأكثر من 4000 ليرة لكيلو الفخاذ، ومثله للجوانح. فيما ارتفع سعر بعض الفواكه مثل البرتقال للعصير بحيث كان الأسبوع الماضي يباع ما بين 8000 و10000 ليرة للصندوق، أصبح أكثر من 12 ألف ليرة. ومن خلال جولة لـ«جمعية حماية المستهلك» على الأسواق، يؤكد برو ارتفاع الأسعار، ويقدر نسبة ارتفاع أسعار الحشائش والخضار بما بين 50 و100 في المئة، إلا انه بعد جولة ثانية منذ ثلاثة أيام، يقول إن الأسعار عادت إلى التراجع، معيدا ذلك إلى بدء مواسم بعض الخضار الصيفية مثل البندورة والخيار الشمسي، على الرغم من أن استهلاك النازحين السوريين الموجودين في لبنان، هو عنصر إضافي للتجّار لرفع أسعارهم، لكنه يتوقع ارتفاعاً من جديد مع دخول شهر الصوم.
من دون حسيب أو رقيب
وفيما يعاني مزارعو الخضار من انحسار التصدير بسبب الأحداث الأمنية في سوريا، يلجأ التجّار إلى وضع الأسعار بما يعظِم أرباحهم، من دون حسيب أو رقيب، وهنا يقول برو إنه عندما كان لدى «مصلحة حماية المستهلك» في وزارة الاقتصاد حوالي 35 مراقباً، بلغ عدد محاضر المخالفات ما بين 120 و140 سنوياً، ولما أصبح عددهم حوالي 300 ارتفع فقط عدد المحاضر ما بين 150 و300 محضر فقط. وذلك في ظل فلتان الأسعار. وعلى ذكر «مصلحة حماية المستهلك» فقد أصدر وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال نقولا نحاس، بلاغاً حمل الرقم 1/1 /أت، موجه إلى جميع المؤسسات والمحال التجارية والتعاونيات الاستهلاكية والسوبرماركت، يشدد فيه بمناسبة شهر رمضان، على «ضرورة استقرار الأسعار في الأسواق، وعدم استغلال تلك المناسبة من قبل أي من التجّار والمؤسسات التجارية»، داعياً إلى «وجوب إعلان أسعار بيع المواد والسلع، لا سيما أصناف الخضار والفاكهة، وأجور الخدمات من أي نوع كانت، بالعملة اللبنانية بصورة جلية واضحة مع ذكر اسم كل صنف وفاقاً للمصطلحات التجارية، وذكر الكمية المقابلة للسعر المعلن بالنسبة لعدد القطع أو الوزن أو الحجم حسب تحديدات قانون القياس الرسمي». ويؤكد أن «أي تلاعب أو زيادة على أسعار البيع أو عدم اعلان الأسعار يشكل مخالفة للقوانين، والأنظمة النافذة لا سيما قانون حماية المستهلك رقم 659 /2005، ويعرض المخالف للملاحقة الجزائية أمام القضاء المختص».
إفراغ القانون من مضمونه
وإذ يلفت برو الانتباه إلى عدم «جدوى الاعتماد على القانون المذكور أعلاه»، بسبب ما يعتبره «إفراغا لمضمونه»، يؤكد رئيس «مصلحة حماية اللمستهلك» مدير عام وزارة الاقتصاد بالإنابة، فؤاد فليفل لـ«السفير»، أن «المصلحة ستتشدد في المراقبة، استنادا إلى لوائح الأسعار لـ64 سلعة الموثقة يومياً، والتي لا يستطيع التاجر تجاوزها»، مضيفاً «وإذا شعر المواطن بأي تلاعب، فالوزارة تتلقى الشكاوى على الخط الساخن 1739، للتحرك لدى علمها بأي مخالفة».
«الزراعة» تعرف الكلفة
ويوضح فليفل أن «الأسعار تؤخذ من وزارة الزراعة، التي تعرف الكلفة الفعلية لأي منتج، خصوصاً أن الاعتماد على الإنتاج الخارجي بات ضئيلا جداً بعدما أقفلت طريق الاستيراد من الأردن عبر سوريا. وبالتالي أصبحنا على علم بأسعار الانتاج المحلي». في سياق متصل، دعت جمعية «إنماء طرابلس والميناء» في بيان بعد اجتماع لها برئاسة روبير الفرد حبيب إلى أن «يكون هذا الشهر مناسبة للتمسك بخيار الدولة ومؤسساتها والعمل الجدي لضمان السلم الأهلي والعيش المشترك»، مشددة على «ضرورة تذليل العقبات وبذل الجهود الحقيقية لولادة الحكومة لا سيما ان أمامها استحقاقات كثيرة أهمها الوضع المعيشي المتردي الذي يرزح تحته المواطن، خصوصاً في هذا الشهر الفضيل، حيث الغلاء الفاحش والوضع الاقتصادي على شفير الهاوية»، متمنية على «مصلحة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد تكثيف المراقبة على الأسعار والمواد الغذائية والتشدد بملاحقة المخالفين». وهنأت «اللبنانيين عموماً والمسلمين خصوصاً بحلول شهر رمضان المبارك». وتمنت أن «يكون هذا الشهر مناسبة للم الشمل وعودة الأمن والاستقرار لوطننا....».