إضراب لنقابة المستخدمين اليوم رفضاً لإقفال الأبواب
كامل صالح السفير 2-8-2013
بات في حكم المؤكد أن المماطلة في معالجة ملف عمّال المتعهد وجباة الاكراء (المياومين) في «مؤسسة كهرباء لبنان»، والتي انفجرت منذ ثلاث سنوات، لن تقتصر تداعياتها على إشعال مياوم النار في نفسه، أو إضراب مفتوح، أو إقفال بوابة وإحراق إطار في الشارع العام كما حصل مجددا أمس، بل الأزمة متجهة نحو المزيد من ردود الأفعال القاسية، نتيجة الظلم المتراكم في حق 2500 عامل فقدوا الثقة بجميع المسؤولين المعنيين بملفهم. فأولى «المؤامرات» التي بدأت تطفو على السطح فاقعةً، هي جعل المياومين مجموعتين: - الأولى تضم حوالي 470 مياوماً تابعين لـ«شركة ترايكوم» المتعاقدة مع «مؤسسة كهرباء لبنان»، لكن بعدما انتهى عقدها أمس الأول، أصبحوا تابعين لمتعهد جديد هو: «الشركة المتحدة للصناعة والتجارة والمقاولات»، وبسبب تأخر التعاقد معها الذي كان يفترض أن يتم قبل شهرين على الأقل من انتهاء العقد، لم تتمكن الشركة من وضع آلات لضبط الدوام بعدما سحبت ترايكوم آلاتها، وذلك في انتظار موافقة وزارتي الطاقة والمياه والمالية على العقد الجديد. - الثانية: تضم حوالي ألفي مياوم، وقعوا عقودا مع «شركات مقدمي الخدمات» الثلاث (sp)، بناء على الاتفاق السياسي الذي تم التوصل إليه لفكّ الاعتصام التاريخي العام الماضي، على أساس السير في العديد من البنود وأبرزها: العمل على إقرار قانون تثبيت المياومين وجباة الاكراء في ملاك المؤسسة، وفق مباراة محصورة. إذاً، وفق مصادر العمّال المياومين، «المشكلة المستجدة لا تقتصر على مذكرة إدارية حول آلات ضبط الدوام التابعة للمؤسسة، لاحتساب ساعات دوام العمّال، إنما المشكلة في حقيقتها، هي انعدام الثقة، وارتفاع منسوب الريبة من أيّ إجراء يتخذ، خوفا من شرذمة المياومين، وتفريغ قانون التثبيت المنتظر من مضمونه، بعد أن يصار إلى ملء الشواغر في المؤسسة من خارج سياق الاتفاق السياسي».
آلة ضبط الدوام.. وتوجهان
نتيجة هذا الوضع، برز توجهان لدى المياومين؛ فأمين سر «المياومين في المؤسسة» جاد الرمح الذي يتكلم باسم العمّال الذين كانوا تابعين لـ«ترايكوم»، واليوم لـ«الشركة المتحدة»، يوضح لـ«السفير» أن «ما حدث أمس من قبل إدارة المؤسسة، إجراء عادي لضبط دوام المياومين عبر الآلات نفسها المعتمدة لموظفي المؤسسة الثابتين، وذلك ريثما يتمكن المتعهد الجديد من وضع آلاته الخاصة»، مشيرا إلى أن «البرنامج المتبع سيبقى هو نفسه، وعبر الإدارة نفسها، إنما المتغير هنا هو آلة ضبط الدوام فقط». ويذكّر بأن «الأمر نفسه حدث في السنة الماضية عند التعاقد مع شركة ترايكوم، إذ كان العمّال يوقعون على ساعات الدوام، وبعد الموافقة رسمياً على المتعهد، تمّ تسوية الموضوع عبر عقد مصالحة، وقبضنا رواتب تلك الفترة، بعد خمسة أشهر من بدء العقد». وبعد أن يستنكر منع «مجموعة صغيرة» ممن وقعوا عقود عمل مع «شركات مقدمي الخدمات» أمس، الموظفين والمياومين من دخول المؤسسة بعد إقفال الأبواب، يعتبر أن «ما حدث يؤكد مرة أخرى أن هذه المجموعة تقوم بتحركات غير مدروسة، وتفتعل ملفات غير صحيحة، فضلا عن بعض التصرفات غير اللائقة التي تضرّ بسمعة جميع المياومين».
لانتخاب لجنة جديدة
ويسأل الرمح: «كيف تهيأ لهذه المجموعة، أن ضبط دوامنا عبر آلات دوام المؤسسة، هو بداية لتثبيتنا في ملاك المؤسسة؟»، مشيرا إلى أن «هناك حوالي 40 مياوما في معمل الذوق يضبط دوامهم عبر آلات دوام الموظفين الثابتين، والأمر نفسه يحدث مع المياومين في العديد من الوزارات، ولم يتم تثبيتهم، كما لم تقم القيامة ضد هذا الموضوع، فما الهدف من افتعال مشكلة لا أساس لها من الصحة اليوم؟». وإذ يدعو «هذه المجموعة» للاهتمام «بوضع عمال شركات مقدمي الخدمات، خصوصا ما يتعلق منها بعمال الصيانة، واعتماد مندوبين للضمان، وإجراءات السلامة والوقاية، ومعالجة الفروقات الكبيرة بين رواتب العمّال»، يطالب بـ«عقد جمعية عمومية للمياومين والجباة كافة، لانتخاب لجنة جديدة للعمّال».
الخوف من الشرذمة
في المقابل، يعتبر مصدر من المياومين ممن أقفلوا أبواب المؤسسة، أن تحركهم الاحتجاجي أمس، «يندرج ضمن رفضهم للخطة القديمة المعتمدة من قبل وزير الطاقة والمياه لشرذمة المياومين، وصولا إلى تثبيت 400 مياوم منهم في ملاك المؤسسة، ورمي بقية العمّال البالغ عددهم حوالي ألفين خارجا». ويوضح لـ«السفير» أن «احتجاج أمس، ليس ضد تثبيت زملائهم عمّال ترايكوم، أو تحويلهم إلى أجراء مؤقتين، إنما هو تعبير عن خوفنا من أن تكون هناك مؤامرة ضدهم وضدنا، عبر تقسيمنا»، مؤكدا أن «الاحتجاج هو للتأكيد أن المياومين يد واحدة، وعدم قبولنا بتجزئة الحل». ويفيد بأن «التحرك بدأ في بيروت والمناطق، عندما علمنا بمذكرة إدارية لاحتساب دوام عمّال ترايكوم، وهم جزء من المياومين، عبر آلات دوام الموظفين الثابتين، أي تلقائيا يتم اعتمادهم كأجراء مؤقتين، وبعد مضي 300 يوم عمل، يصبحون عمّالا ثابتين، وتضم كل خدماتهم السابقة». ويرى أن «هذه الخطة المشبوهة، تهدف لملء الشواغر في المؤسسة، ما يعني أن قانون تثبيتنا المنتظر سيصبح فارغا من مضمونه». ويؤكد أن «المياومين جميعاً، رضوا بالاتفاق السياسي العام الماضي، غصباً عنهم، وبناء عليه وقعوا عقود عمل مع شركات مقدمي الخدمات، في انتظار صدور قانون تثبيتهم»، لكن «منذ ذاك الوقت إلى اليوم، والأمور تزداد سوءا، وبنود الاتفاق لم تستكمل، فلا الجباة قبضوا رواتبهم عن أيام الاعتصام التاريخي، ولا الاستنابات القضائية رفعت بحق بعض الزملاء».
3 اقتراحات لفتح الأبواب
في هذا الإطار، علمت «السفير» أن «المياومين المحتجين لن يسمحوا بفتح أبواب المؤسسة، إلا وفق الآتي: 1- أن يضع المتعهد الجديد أي «الشركة المتعهدة»، آلات لضبط الدوام خاصة به. 2- أو أن تعتمد آلات ضبط الدوام الخاصة بموظفي المؤسسة الثابتين من قبل المياومين كافة، وليس من قبل عمّال الشركة المتحدة فقط، باعتبار أن هذه الشركة المتعهدة لا تختلف طبيعة عملها وتعاقدها مع المؤسسة، عن شركات مقدمي الخدمات الثلاث. 3- التريث في تطبيق المذكرة الإدارية الصادرة عن «مؤسسة كهرباء لبنان» في هذا الخصوص، أو اعتبارها في حكم الملغاة».
توضيح المؤسسة
أمام الوضع المستجد، أوضحت «مؤسسة كهرباء لبنان»، في بيان أنه، «تعقيبا على التحرك الذي يقوم به بعض عمّال غب الطلب السابقين من إقفال لمداخل المؤسسة احتجاجاً، كما يدعون، على اقتراح المراقبة العامة في المؤسسة الموافق عليه من قبل المدير العام بالطلب إلى 470 مياوما تسجيل حضورهم على الآلات الخاصة بالمؤسسة كأجراء مؤقتين»، فـ«إن ما سبق ذكره عار كليا من الصحة». وأشارت إلى «ما يتعلق بالعمّال المذكورين، فإن العقد الموقع بشأنهم مع المتعهد شركة ترايكوم تحت اسم «يد عاملة داعمة للمؤسسة» انتهى أمس (أمس الأول)، وبالتالي عمدت الشركة إلى استرجاع آلات ضبط الدوام التابعة لها»، مضيفة انه «في انتظار موافقة وزارتي الطاقة والمياه والمالية على العقد مع المتعهد الجديد الشركة المتحدة للصناعة والتجارة والمقاولات، وافق المدير العام على اقتراح المراقبة العامة باعتماد آلات ضبط الدوام التابعة للمؤسسة لاحتساب ساعات الدوام «لليد العاملة الداعمة»، كما هو وارد في نص الاقتراح، ريثما يستقدم المتعهد الجديد الآلات الخاصة به لضبط الدوام». وأكدت أنه «تم اتخاذ الإجراء المذكور حفاظاً على حسن سير العمل والانضباط داخل المؤسسة وعلى المال العام، بحيث لا يقبض أي عامل أجره من دون أن يحضر إلى المؤسسة ويقوم بالمهام المطلوبة منه».
تلويح بالاضراب المفتوح
رفضاً للوضع القائم، دعت «نقابة عمّال مؤسسة كهرباء لبنان ومستخدميها» أمس، «جميع العماّل والمستخدمين للإضراب والتوقف عن العمل وعدم الحضور إلى كل مديريات المؤسسة ودوائرها على جميع الأراضي اللبنانية اليوم الجمعة، باستثناء العاملين في الاستثمار في معامل الإنتاج وفي محطات التحويل الرئيسية»، محذرة أنه «في حال عدم فك الأغلال عن بوابات المؤسسة في مهلة أقصاها صباح غد السبت، ستضطر النقابة إلى عقد جلسة استثنائية صباح اليوم نفسه لاتخاذ خطوات تصعيدية وصولا إلى الإضراب المفتوح». وإذ أكدت مجددا أنها «كانت ولا تزال وستبقى مع أي مطلب عمالي محق وعلى الأراضي اللبنانية كافة، فكيف إذا كان لعمّال يعملون لمصلحة مؤسسة كهرباء لبنان»، استغربت «إقفال البوابات وإحراق الدواليب ومنع العمال والمستخدمين من مزاولة عملهم بين الحين والآخر». وبعدما أكدت «أحقية التدبير الذي اتخذته إدارة المؤسسة عبر رئيس مجلس الإدارة - المدير العام كمال حايك، والمتعلق باستخدام آلات ضبط الدوام لتوفير الانتظام العام في المؤسسة»، ناشدت جميع المعنيين والمسؤولين «اتخاذ التدابير اللازمة لحفظ الأمن على مداخل المؤسسة لضمان الدخول والخروج للعمّال والمستخدمين، حفاظا على كراماتهم»، محذّرة «من تكرار ما حصل سابقا ويحصل حاليا، لأنه لم يعد مقبولا أن يبقى عمال المؤسسة ومستخدموها وكراماتهم مكسر عصا». كامل صالح
|