غياب نقابي عن مواكبة تحرك عمّال الكهرباء
كامل صالح السفير 21-9-2013
لم تكن المطالب الستة لعمّال وعاملات غبّ الطلب (المياومين) في «مؤسسة كهرباء لبنان» التي أعلنوا عنها مجددا أمام معملي الذوق والجية الحراريين أمس، سوى مطالب أقل ما يقال فيها، إنها من ضمن المسائل الحقوقية البديهية التي يجب أن يتمتع بها أيّ عامل، إنما يشاء بعض المعنيين، جعلها من «سابع المستحيلات» كما يقول مياوم معتصم لــ«السفير». ففي ظل غياب التضامن الفاضح للاتحادات النقابية، التي شاء بعض قيادييها البقاء في الغرف المكيفة، نقل المياومون والمياومات البالغ عددهم حوالي 470 عاملا، اعتصامهم المفتوح احتجاجا على عدم دفع رواتبهم منذ شهرين، واستبدالهم بعمّال وافدين، من مبنى المؤسسة المركزي، لساعات إلى أمام الذوق والجية، رافعين العديد من اللافتات، منها ما كتب عليها: «الشغل علينا والأجر لغيرنا.. نرفض بدعة المتعهد»، مطالبين إدارة «مؤسسة كهرباء لبنان» بالآتي: «أولا - دفع راتب شهر آب، وذلك كبدل عن أداء عملنا في هذا الشهر لمصلحة مؤسسة كهرباء لبنان. والالتزام بدفع الرواتب بشكل منتظم في نهاية كل شهر. ثانيا - التزام المؤسسة التأمين على كل العمّال، خصوصا العاملين في المعامل ومحطات التحويل. ولن تمر علينا خديعة وضع التأمين لشهرين من قبل أحد المتعهدين لاسكاتنا. ثالثا - تأمين الوقاية والسلامة في أماكن العمل، ذلك لأننا غير ملزمين وفقا لقانون العمل، تطبيق أوامر رب العمل في حال كان ذلك يعرضنا للخطر. رابعا - اصدار مذكرة دوام واضحة للعمّال كافة، بحيث لا نبقى خاضعين لأهواء ومزاجية بعض المديرين، على أن يتطابق الدوام مع دوام موظفي المؤسسة. خامسا - نرفض توقيع عقود عمل مع أي شركة متعهدة، كونها ليست سوى حلول آنية. كما أن هذه الشركات لم تلتزم يوما تنفيذ أحكام قانون العمل اللبناني. سادسا - ادخالنا في المؤسسة كأجراء أو مستخدمين، أو عبر مشروع تعاقد مع المؤسسة لمدة أقلها خمس سنوات».
خطوات تصعيدية متلاحقة
ويكشف أعضاء في لجنة المياومين لـ«السفير» أن «اعتصامنا المفتوح الذي انطلق يوم الأربعاء الماضي، سيشهد خطوات تصعيدية متلاحقة، إذ ثمة اتصالات ومشاورات بين مندوبي العمّال في مراكز المؤسسة في المناطق ومعامل الإنتاج ومحطات التحويل الرئيسية، لتحديد سلسلة من التحركات مطلع الأسبوع المقبل، في حال لم يصر إلى البدء بمعالجة ملفنا خلال الأيام القليلة المقبلة». وإذ يؤكدون أن جميع هذه الخطوات، ستبقى ضمن الأطر السلمية والحضارية، من دون اقفال أبواب أو قطع طرقات واحراق إطارات، يشيرون إلى أن من التحركات التصعيدية المحتملة: «اعتصام متنقل أمام الوزارات المعنية، خصوصا وزارتي المال والطاقة، وأمام معامل الانتاج، ونقل الاعتصام المركزي إلى قاعة صالة الزبائن في مبنى المؤسسة في بيروت، وصولا إلى الإضراب عن الطعام». وتقول مياومة لـ«السفير»: «منذ انتهاء عقدنا مع المتعهد السابق، ونحن من دون أجور وضمان وتأمين»، مضيفة «حتى الآن لم نسجل أولادنا في المدارس.. لم يعد في مقدورنا حتى التنقل، كما لم يعد أحد يقبل أن يسلفنا أموالا.. ماذا نفعل غير اطلاق الصرخات ليسمعنا المعنيون؟». وفي ما يبدو ثمة اجماع من قبل المعتصمين على رفض العودة إلى التعاقد مع متعهدين، يؤكد عدد منهم لـ«السفير»: «رب عملنا هو مؤسسة كهرباء لبنان فقط لا غير، فهي التي كانت مسؤولة عنّا وعن انتاجيتنا ومراقبة أدائنا وتوزيع مهامنا منذ أكثر من 15 سنة، ولم يكن المتعهدون سوى أرباب عمل في الظاهر».
مساعٍ واقتراحات
في سياق متصل، وعلى خط المساعي المبذولة لإيجاد حل لموضوع المياومين، علمت «السفير» أن مديرين في المؤسسة قدموا بعض الاقتراحات لمجلس الإدارة، انطلاقا من حاجة المؤسسة الماسة لهؤلاء العمّال، ومن هذه الاقتراحات: - تعاقد إدارة المؤسسة مباشرة مع المياومين لخمس سنوات قابلة للتجديد، مما يحافظ على سير العمل في المؤسسة والمعامل ومحطات التحويل الرئيسية، وفي الوقت نفسه، يطمئن العمّال على وضعهم ومستقبلهم. - أو أن تسدد الإدارة رواتب المياومين من صندوق المؤسسة، ريثما تتم الموافقات الرسمية اللازمة على التعاقد مع المتعهد. وفي سياق متصل، تؤكد مصادر «مؤسسة كهرباء لبنان» لـ«السفير» أنه «لا نية لدى المؤسسة في إحلال عمّال وافدين بدلا من المياومين»، موضحة أن «كل ما في الأمر، أنه جرت الاستعانة ببعض العمّال لتسيير عمل الانتاج، كي لا يتفاقم التقنين على المواطنين». وتوضح المصادر مجددا أن «إدارة المؤسسة ما زالت تنتظر موافقة وزارة المال على عقد صفقة بالتراضي مع المتعهد السابق، بعد موافقة مجلس إدارة المؤسسة ووزارة الطاقة»، مشيرة إلى أن الصفقة تتضمن التعاقد مع المتعهد حتى آخر السنة، ريثما يتم إطلاق استدراج عروض جديدة وفقا لدفتر الشروط يراعي جميع حقوق العمّال التي نصّ عليها قانون العمل».
وصلة فيطرون ـ حالات
من جهة ثانية، أعلنت «مؤسسة كهرباء لبنان» في بيان أمس، «أنه، وفيما كانت الشركة المتعهدة تحاول صباح يوم الأربعاء الواقع فيه 18/9/2013 استكمال الأشغال على خط التوتر العالي بكفيا - فيطرون - حالات 66 ك.ف.، وتحديدا إعادة إنشاء العمودين 39 و40 اللذين تم إسقاطهما من قبل مجهولين في نيسان 2012، تجمع أصحاب العقار مع بعض الأهالي أمام مدخل العقار، ومنعوا المتعهد من الدخول لاستكمال العمل، علما أن العقار مستملك بموجب المرسوم رقم 12740 تاريخ 1/8/1998». أضاف البيان: «يذكر أن هذه الممارسات تتكرر منذ أكثر من عام في كل مرة يحاول فيها المتعهد إنجاز العمودين المذكورين اللذين تعرضا لسلسلة أعمال تخريبية كان آخرها في تموز الفائت حيث جرى تكسيرهما». ولفت الانتباه إلى «أن هذه الممارسات تؤخر استكمال وصلة فيطرون - حالات التي تكتسب أهمية كبيرة لجهة تحسين التوتر أو «الفولتاج» في قرى وبلدات جرد كسروان والوسط ومناطق واسعة في المتن، حيث تساهم هذه العرقلة في حرمان أبناء هذه المناطق وسكانها من تغذية أكثر استقرارا بالتيار الكهربائي». كامل صالح مستخدمو المؤسسة: مكتسباتنا خط أحمر
أوضحت «نقابة عمّال ومستخدمي مؤسسة كهرباء لبنان»، في بيان أمس، أنه «أمام الواقع الأليم الذي تمر به منطقتنا العربية وانعكاسه على اقتصاد لبنان، والتزاما منا كنقابة بالظروف الاقتصادية الصعبة التي تعتري البلاد، وحرصا على سلامة البلد واستمرارية المؤسسة القيام بواجبها تجاه المواطنين بتأمين التيار الكهربائي لجميع المناطق اللبنانية، لم تقدم النقابة على أي خطوة ناقصة»، مضيفة «إلا أنه وبعد مرور ما يقارب التسعة أشهر على تصديق موازنة العام 2013 والطلب من مؤسسة كهرباء لبنان النظر بالبنود التي طالها حسم وزارة المال، ووزارة الطاقة والمياه وخصوصا المتعلقة بالعمل والمستخدمين بحيث لم يعد هناك أموال كافية لتغطية هذه البنود، توقف دفع ما هو متوجب للعمّال والمستخدمين». وإذ وضعت النقابة «الجميع أمام مسؤولياتهم، لأن حق العمال والمستخدمين ومكتسباتهم خط أحمر لا يمكن السكوت عليه أو القبول به أو التغاضي عنه تحت اي ذريعة»، أكدت أنها «تلقت وعدا قاطعا من قبل وزير الطاقة والمياه ومستشاريه وبالتنسيق مع وزارة المال، بتأمين المبالغ اللازمة من احتياط البنود المحسومة في الموازنة بعد تقديم التبريرات اللازمة من قبل إدارة المؤسسة»، آملة «الاسراع ببت هذا الموضوع قبل فوات الأوان». وأشارت النقابة إلى أنه «في ما يختص بعمّال غب الطلب (شركة ترايكوم سابقا) وانعكاسه على عمل المؤسسة وعمال غب الطلب على حد سواء، فلا يسعها إلا أن تدعم مطلب هؤلاء العمّال في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة وبدء العام الدراسي»، آملة من المسؤولين والقيمين على هذا الملف إيجاد الحلول السريعة والمناسبة لهؤلاء العمّال رأفة بهم وبالمؤسسة، وحفاظا على استمرارية عمل المرفق العام». وتمنت النقابة في ختام بيانها، «عدم احراجها فإخراجها أمام كل ما تعانيه وما تتعرض له مؤسسة كهرباء لبنان من ضغوطات، وتحميلها مسؤولية ما آلت إليه أوضاع البلاد الاقتصادية، وعدم تحمل المسؤولين مسؤولياتهم بوضع الاليات اللازمة من قوانين ومراسيم لتعود المؤسسة كما كانت عليه سابقا»، مؤكدة أنه «لا معامل الانتاج، ولا الشبكات، ولا المحطات، ولا عديد العمّال...، قادرة على مواكبة التطور المنتظر، نظرا لعدم ملء المراكز الشاغرة في المؤسسة في ظل النقص الحاصل بعديدها، وإعادة النظر بالتعرفة وغيرها من الاجراءات التي يجب اتخاذها لإعادة هذا المرفق وغيره من المرافق العامة، ليلعب الدور الذي وجد لأجله»، معتبرة أن «ما يعانيه المواطن من دفع أكثر من فاتورة الكهرباء، وتأمين الخدمة بالسرعة الممكنة يجعله يكفر بكل الاجراءات التي اتخذت لتفعيل المؤسسة، لأنها لم تف بالغرض المطلوب».
|