المثبّتون» يخلون المؤسسة.. والإدارة تلتزم «القانون»!
كامل صالح السفير 15-11-2013
لم يكن المشهد في مقر «مؤسسة كهرباء لبنان» ومحيطها أمس، بعيداً عن مشهد البلد نفسه، الذي ينتهج المسؤولون فيه «الفلسفة الضبابية»، وعدم حسم الأمور، وجعل المحسوبيات شعارًا ومسلكًا يُحتذيان، فضلا عن «التعمق» في إرساء مبدأ الفوضى. لم يكن ما حدث أمس، ليحدث مجددًا، لو أنصفت الدولة العامل والموظف والمياوم، ووضعت الشخص المناسب في المكان المناسب. لم يكن الذي حدث قد حدث في العودة إلى إقفال أبواب المؤسسة وإشعال الإطارات، لو أن الدولة سلكت منذ البداية مسلكًا واضحًا وشفافًا مع العمّال، فلا تغدق عليهم الوعود المعسولة، ليجدوا أنفسهم بعد مرور شهرين وأكثر، أنهم بلا راتب، وبعضهم لم يعد قادراً على دفع بدل النقل. الأمان الوظيفي أمس، يمكن القول فيه، إن مشهد إقفال الأبواب يتكرر للمرة العاشرة وأكثر في أقل من سنتين، والمطالب التي يرفعها المياومون والمياومات هي نفسها: نريد رواتبنا في مواعيد محددة، ومستحقاتنا التي ينصّ عليها قانون العمل، من إجازات إدارية، وأعياد، ووسائل الوقاية، وتعديل دفتر الشروط ليصير العقد شهريًّا بدلا من أن يكون يوميًّا... أي المطلوب أن يشعروا بالأمان الوظيفي، ريثما يقرّ «نواب الأمة» قانون تثبيتهم في ملاك المؤسسة وفق المباراة المحصورة. لكن، وعلى هامش اعتصام المياومين أمس، طلبت «نقابة عمّال ومستخدمي مؤسسة كهرباء لبنان»، في خطوة مفاجئة، «من جميع عمّال ومستخدمي ملاك المؤسسة مغادرة المبنى المركزي لحين تؤمن الأجهزة الأمنية وإدارة المؤسسة الدخول والخروج وحفظ كرامات مستخدميها»، وذلك بدلا من مساندتها العمّال المياومين لتحقيق مطالبهم. لن يقتصر القرار الذي اتخذته النقابة، على يوم واحد، بل يوضح رئيس النقابة شربل صالح لـ«السفير»، أن «الموظفين المثبتين سيعودون إلى بيوتهم، في كل مرة يمنعون فيها من إدخال سياراتهم عبر مدخل العمّال والمستخدمين، أي المدخل البحري». ويفيد بأن «النقابة دخلت في وساطة مع الإدارة لمعالجة الموضوع، وقد طلب المدير العام كمال الحايك نهار الاثنين من المياومين، امهاله 48 ساعة، وقد بدأت بوادر المعالجة تظهر مع تسديد الرواتب، وإذ نفاجأ بالتصعيد، وإقفال أبواب المؤسسة في وجه سيارات الموظفين، بينما بقيت بوابة الإدارة والمدراء مفتوحة». ويؤكد صالح أن «النقابة منذ البداية مع المياومين ومطالبهم المشروعة، وتساندهم للحصول عليها، ومع اعتصامهم وإضرابهم، لكن لا أن يتم ذلك على حساب عدم تمكن الموظفين من الدخول إلى المبنى». بيان الإدارة في الوقت نفسه، سارعت إدارة «مؤسسة كهرباء لبنان» إلى إصدار بيان، دعت فيه «القوى الأمنية إلى توفير الأمن على مداخل المبنى المركزي وداخله، وتأمين دخول موظفي الملاك وخروجهم، والمحافظة على محتويات المبنى من تجهيزات وملفات إدارية»، وإذ استنكرت إقفال عمّال غب الطلب (المياومين) المداخل، أكدت أن «الإدارة لطالما أبدت تفهمها لمطالب هؤلاء العمّال، وعملت على تحقيق الكثير منها خلال السنوات الماضية، وهي على استعداد لتحقيق المزيد، وفق ما ينصّ عليه قانون العمل وما تفرضه وزارة العمل». قرارات ضبابية أمام هذا الوضع، يبدي «مندوبو عمّال غب الطلب التابعون لشركة ترايكوم» عبر «السفير»، استنكارهم للقرار الذي اتخذته النقابة بإخلاء المبنى، ويقولون: «لو أن النقابة حسمت قرارها منذ البداية، ولم تبقَ مواقفها ضبابية منذ العام 1992 حتى اليوم، لما كنّا نحن اليوم خارج المؤسسة، نشحذ لقمة عيشنا، ويُتاجر فينا كالعبيد». ويسألون: «النقابة تعلم بتفاصيل وضعنا من الألف إلى الياء، وما لم تقبله على نفسها، كيف تريدنا أن نقبله على أنفسنا؟». في العودة إلى اعتصام المياومين، بدا لافتا للانتباه، تضامن عمّال إحدى «شركات مقدمي الخدمات» مع عمّال شركة «ترايكوم» المتعهدة، وقد أكدوا وقوفهم إلى جانب حقوقهم، مطالبين «المسؤولين بوضع حد لهذه المشكلة، ووضع عقد للمتعهد يساعد العمّال على الحصول على رواتبهم شهريًّا». في المقابل، يفيد مندوبون في لجنة المياومين «السفير» بأن «الاعتصام الذي بدأ يوم الخميس الماضي، مستمر، وهو إلى تصعيد، إذا لم نقبض كل مستحقاتنا من المتعهد، وهي: كامل راتب شهر تشرين الثاني من دون حسم 25 في المئة لتسديد السلفة، ما تبقى من شهر أيلول، 21 يوماً إجازات سنوية، 6 أيام أعياد، ومعدات الوقاية والسلامة»، مؤكدين أن «المياومين ليسوا في وارد القبول بالوعود المعسولة، والمطلوب ترجمة هذه الوعود عبر نصوص رسمية واضحة وشفافة». يكشف مياومون لـ«السفير» أن «نهار الجمعة، إذا لم تنفذ مطالبنا المحقة، سنعتصم في الطابق الثاني عشر، حيث ستقدم عروض المناقصة الجديدة للمتعهدين، إذ لن نقبل بأي عقد من دون ملاحظة التعديلات الجديدة، وأهمها: نقل العقد من يومي إلى شهري». يشار إلى أن «لجنة عمّال ترايكوم» أصدرت بيانا أمس، أوضحت فيه أنه «في ضوء الوعود التي تلقتها منذ يوم الجمعة الماضي، بحلّ كل المطالب المحقة العالقة مع المؤسسة والشركة، في ما يختص بصفقة عقود يد عاملة داعمة للمؤسسة للعام المقبل، والإجازات الإدارية، ودفع ما هو مستحق للعمّال منذ شهر أيلول حتى تاريخه، إلا أنها فوجئت بوضع عراقيل من قبل معظم المديريات، ظناً منها أن اللجنة وعمّالها قد يصيبهم اليأس والخوف». ودعت «جميع العمّال إلى التوقف عن العمل، ووقف أعمال الصيانة والتصليحات، وجميع المعاملات لحين البت النهائي بكل المطالب، مع الدعوة لإقفال مداخل المؤسسة، والإبقاء على بوابتي 2E و1R مفتوحتين أمام الموظفين في المرحلة الأولى. وفي حال عدم التجاوب وعدم إقرار مطالبنا المحقة، وقبض كل مستحقاتنا حتى تاريخه، سيصار لإقفالها نهائياً وإبقاء الاجتماعات مفتوحة».
|