العراق فرصة جديدة للمستثمر اللبناني
باسكال صوما السفير 11-1-2014
لا يخفى على أحد الصعوبات التي يعيشها الاستثمار في لبنان، في ظلٍّ وضعٍ اقتصاديّ متراجع ومؤشرات لا تبشّر بأي خير. إلاّ أنّ اللافت للانتباه وسط الافلاسات والاقفالات المتتالية لمؤسسات وشركات، توجّه العديد من المستثمرين اللبنانيين إلى العراق، ما يشكّل فرصةً ذهبية في أكثر من مجال عمل، مقابل استمرار تدفّق عراقيين إلى لبنان للاستثمار أو السكن، أو البحث عن مكانٍ أكثر هدوءًا. أمس، في «ندوة هيئات الاستثمار في العراق: نحو إطار إداريّ محفّز للاستثمارات» التي تنظّمها «الهيئة الوطنية العليا للاستثمار في العراق»، و«المجموعة الدولية القابضة»، أجمعت الكلمات على أن العراق مكان محفّز للاستثمار في مجالات عديدة ومتنوّعة. يرى وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية محمد فنيش لـ«السفير» أنه «لا يمكن إخفاء تأثّر الاستثمارات سلباً بالوضع السياسي والأمني في لبنان، لناحية المؤشرات الاقتصادية والقطاع العقاري وغيرهما، إذ إنّ الاستثمار يحتاج إلى بيئة مناسبة واستقرارٍ سياسيّ حتى يطمئنّ المستثمر». وتابع: «نحن نعمل على مشاريع لتحفيز الاستثمار، بعضها أقر والبعض الآخر يحتاج إلى قرار وزاري، والى وزراء مهتمين»، ثمّ استدرك قائلاً: «لكن شئنا أم أبينا الاقتصاد بات ضحية الانقسام السياسي الذي تلحق به أمراض خطيرة». القطاع العقاري وفي الندوة التي حضرها السفير العراقي رعد الألوسي، أوضح وزير الإعلام وليد الداعوق في جلسة العمل الأولى عن قوانين الاستثمار وتحفيز الشركات في القطاع العقاري والتجربة اللبنانيّة في هذا المجال، أن «سوق العقارات يمثل حجما استثماريا لا يستهان به، يقدر بين 7 و10 مليارات دولار، مستحوذاً على نحو ربع الناتج المحلي الإجمالي». وأفاد بأن عدد المعاملات العقارية بحسب إحصاءات المديرية العامة للشؤون العقارية، شهد انخفاضا 5.4 في المئة إلى 61.9 ألف معاملة خلال الأشهر الـ11 الأولى من العام 2013، وتلـــــك النسبة ليست كبيرة، مقارنةً مع الظروف التي مررنا بها. وبذلك وصل إجمالي قيمة المعاملات 7.83 مليـــــارات دولار، ولحظ زيادة 4.6 في المئة للفترة ذاتها، بما يؤشر إلى مــــــدى قـــــوة وصلابة هذا القطاع الحيوي». معوّقات التنمية أمّا وزير الصناعة فريج صابونجيان الذي تناول معوّقات التنمية وطرق المعالجة في آخر جلسات العمل، فأوضح ان «الوزارة تهدف هذا العام إلى تنظيم زيارة لوفد من الصناعيين اللبنانيين إلى العراق لمعرفة حاجات السوق العراقي، ودراسة إمكانات زيادة التبادل، واحتمالات إقامة المشاريع المشتركة». وأشار إلى أن «الوزارة أصدرت أكثر من 150 ترخيصاً لمؤسسات صناعية جديدة في العام الماضي، واستورد الصناعيون آلات ومعدّات صناعية بـ264 مليون دولار في العام 2013، بزيادة 25 مليون دولار عن العام 2012». وزارة التنمية الإدارية أما فنيش الذي قدّم قراءةً في تجربة الإصلاح الإداري وتحديث التنمية الإدارية لإنجاح مشاريع الاستثمار، فألقى الضوء على المشكلات التي تؤّثر سلبا على استقطاب الاستثمار، بدءاً من افتقار الإدارات العامة إلى التخطيط، مروراً بعدم تقديم الخدمات للمواطنين بسهولة وغياب الإطار التنظيمي الحديث لإدارة الموارد البشرية وعدم تطبيق الرقابة والمساءلة والمحاسبة بطريقة فعالة، وصولاً إلى افتقار وحدات المعلوماتيّة المحدّثة إلى العنصر البشري وعدم توفّر البناء الإداري الملائم والدعم الكافي لعمليات الإصلاح والتطوير». وإذ لفت فنيش الانتباه إلى «إعداد إستراتيجية للتنمية الإدارية تتلخص في إقامة إدارة عامة حديثة وعصرية تطبق سياسات وتوجهات الحكومة بكفاءة عالية»، شدد على أهمية «برنامج الحكومة الالكترونية التي يمكن أن تكون إحدى الركائز الأساسية لتشجيع الاستثمار عبر تأمين شباك موحد للاستثمار وإدارة الأعمال، وتبسيط الإجراءات الإدارية للمستثمرين والشركات والحد من عدد المستندات المطلوبة للاستثمار، وتحديد الفترة لأخذ القرار وإعلام المستثمر». أرقام مشجّعة وفي افتتاح الندوة، اشاررئيس مجلس إدارة «المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات في لبنان» (ايدال) نبيل عيتاني إلى أن لبنان احتل خلال السنوات العشر الماضية، مراتب متقدمة بين الدول العربية بالنسبة إلى تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة، التي بلغت في العام 2012 نحو 3.78 مليارات دولار، وفقا لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، بزيادة 8.5 في المئة عن مستويات العام 2011، ما يجعل لبنان أحد أكبر المتلقين للاستثمار الأجنبي المباشر في المنطقة، ليحتل المرتبة الثالثة بعد الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية. وتابع عيتاني: سجل المجموع التراكمي للاستثمار الأجنبي المباشر للعام 2012 رقما قياسيا، نسبته 128 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وبلغت نسبة حجم الاستثمارات إلى حجم الناتج المحلي في العام 2012، 8.7 في المئة، وهي الأعلى بين دول الشرق الأوسط». أما رئيس «إدارة المجموعة الدولية القابضة» عباس فواز فرأى أن «العراق مكان مشجع للاستثمار في قطاعات إنتاجية كثيرة ومتنوعة، وتتوافر فيه العناصر المطلوبة لإنجاح أي مشروع استثماري مهما كان نوعه وحجمه». وطالب «الحكومة العراقية بتطوير قوانين الاستثمار وتفعيل آليات العمل وتسهيل الإجراءات الإدارية «. بدوره أوضح مستشار «الهيئة الوطنية للاستثمار للشؤون القانونية» سامي الأعرجي ممثلا بعدنان الرمح، أن «احد اهتمامات وأولويات الهيئة الوطنية للاستثمار هو العناية بمواردنا البشرية، حيث أقمنا اتصالات مكثفة بمؤسسات دولية متطورة للاستفادة من تجاربها في تطوير مناهج التدريب في مجال الاستثمار وتطوير الأفكار، وإقامة دورات تأهيلية ودراسات متقدمة في جوانب متعددة لتوسيع آفاق الكادر الوظيفي في هذا القطاع الحيوي، التي تساعدنا في إعادة البناء والإعمار». باسكال صوما
|