وكالة انباء العمال العرب:بيروت:27-1-2014
"أكثر من 100 ألف طفل يقعون ضحايا عمل الأطفال والاتجار بهم في لبنان". هذا ما تنقله خطة العمل الوطنية التي أعدتها اللجنة الوطنية لمكافحة عمل الأطفال ومنظمة العمل الدولية، عن تقارير تفيد بأنّ «لبنان قد يكون من الدول التي تسجل النسبة الأعلى في العالم للأطفال العاملين بين 10 و17 عاماً ».تقول الخطة إنّ «عمل الأطفال قد تفاقم أخيراً على الأرجح مع نزوح أعداد كبيرة من السوريين إلى لبنان بسبب الأوضاع الأمنية في بلدهم». بل إنّ الدراسات تشير إلى أنّ الأطفال اللاجئين السوريين والفلسطينيين والمهاجرين وأطفال الشوارع معرضون بصفة خاصة لممارسات العمل الاستغلالية. ففي دراسة أجريت عام 2009 في مخيمات جنوب لبنان، تبين أنّ الأطفال الفلسطينيين يتعرضون للاستغلال من أصحاب العمل، ما يضاعف مخاطر العقاب الجسدي والإساءة الجنسية . إلا أنّ اللجوء ليس العامل الوحيد لاستمرار تزايد المشكلة، فالفقر، بحسب الخطة، هو أحد الأسباب الخطيرة لذلك، إذا علمنا أنّ «28.5 في المئة من السكان يعيشون تحت الحد الأعلى لخط الفقر (وهو 4 دولارات للفرد في اليوم)، و8 في المئة منهم يعيشون في فقر مدقع وتحت الحد الأدنى لخط الفقر (وهو 2.4 دولار للفرد في اليوم)، وهم غير قادرين على تلبية احتياجاتهم الأساسية»، بحسب تقرير الأهداف الإنمائية للألفية عام 2008 المتعلق بلبنان. كذلك فإنّ تقرير التنمية البشرية لعام 2008 ــ 2009 يشير إلى أنّ ما يقارب 300 ألف شخص في لبنان غير قادرين على تلبية احتياجاتهم الأساسية الغذائية وغير الغذائية . اللافت ما تلحظه الخطة لجهة أنّ النسبة تتأثر أيضاً بالمستوى التعليمي للأم، فترتفع نسبة عملهم حين ينخفض المستوى التعليمي، فتكون 3.5 في المئة عندما تكون الأم أمّية و0.4 في المئة عندما تكون الأم حائزة مستوى تعليمياً جامعياً . لكن ماذا يعمل هؤلاء الأطفال؟ في الواقع، وضعت وزارة العمل اللبنانية والجامعة الأميركية في بيروت، بدعم من منظمة العمل الدولية، قائمة بالأعمال الخطرة التي تبناها مجلس الوزراء في 2012 بالمرسوم الرقم 8987. القائمة أوردت عمل الأطفال في الشوارع على رأس لائحة الأعمال الأكثر خطورة، فيما تضمنت قطاعات عمل مثل ميكانيك السيارات، والنجارة، واللحام، وتعبئة اسطوانات الغاز وغيرها. كذلك فإنّ الأطفال العاملين يوجدون في مواقع صناعية تفتقر الى البنية التحتية الملائمة، ويستخدمون مواد متفجرة وقابلة للاشتعال ومواد ضارة أو خطرة في كثير من المصالح. داخل هذه الأماكن، هناك مستوى منخفض من الوعي بأهمية الوقاية والسلامة الصحية التي ينبغي اعتبارها من شروط العمل الأساسية . الأطفال يمضون في هذه المنشآت ساعات طويلة ويزاولون، بمعدلات دخل منخفضة، وظائف لا تناسب نموّهم البدني والعقلي ولا مستويات المهارات لديهم، مع ملاحظة أنّ معظم أماكن العمل غير مسجلة قانونياً ولا تخضع لإطار قانوني أو تفتيش . وترتبط أنواع أخرى من مخاطر العمل بصناعة مبيدات الحشرات والأسمدة التي تحتوي على مستويات مرتفعة من المواد الكيميائية التي تسبب الأمراض . القطاع الزراعي في مناطق عكار والهرمل وبعلبك «يستغل» الأطفال أيضاً. فالطفل في معظم الأسر يعمل مع عائلته، وخصوصاً في أثناء الحصاد وعند تجهيز الأرض للزراعة، لأنّه يوفر تكاليف اليد العاملة ويسهم في زيادة دخل الأسرة . هنا تنبه الخطة الوطنية إلى أنّ العمل الزراعي عمل موسمي، والغياب لفترات طويلة عن المدرسة يعوق التحصيل العلمي على المدى الطويل ويجعل الأطفال العاملين يتأخرون عن باقي زملائهم في الصف، وينتهي بهم الأمر إلى ترك المدرسة . تقرّ الخطة بأنّ البلاد لا تزال تفتقر إلى آليات مناسبة للمعالجة وإلى برامج وقاية كافية، علماً بأنّ لبنان صدّق على اتفاقية حقوق الطفل التي تنص في المادة 32 على الآتي: «تعترف الدول الاطراف بحق الطفل في حمايته من الاستغلال الاقتصادي ومن أداء أي عمل يرجح أن يكون خطيراً أو أن يمثل إعاقة لتعليم الطفل، أو أن يكون ضاراً بصحة الطفل أو بنموّه البدني، أو العقلي، أو الروحي، أو المعنوي، أو الاجتماعي». وتجدر الاشارة إلى أنّ الطفولة، وفقاً للقوانين اللبنانية، تنتهي ببلوغ سن الثامنة عشرة، وهي بهذا تتوافق مع المادة الأولى من الاتفاقية .إلى ذلك، صدّق لبنان عام 2003 على اتفاقية منظمة العمل الدولية الرقم 138 لعام 1973 والتي تنص على القضاء تدريجاً على عمل الأطفال. وهو صدّق أيضاً عام 2001 على اتفاقية المنظمة رقم 182 لعام 1999 التي تنص على القضاء الفوري على أسوأ أشكال عمل الأطفال
|